كانت تلك فانتازيا سوداء عندما خرج النائب الكويتى "محمد الجبري" فى مؤتمر صحفى قبل أسبوعين، كاشفاً عن مخاطبته وزارات الإعلام والأوقاف والداخلية لمنع إقامة أمسية مخصصة للنساء فقط –لعدم الاختلاط- عن «مولانا الرومى» ، و«باقى الخزعبلات» و«الأفكار المنحرفة»، بحسب قوله، التى لا يرضاها المجتمع الكويتي، وهو ما دفع تجمع التحالف الوطنى الديموقراطى دفاعاً عن حرية الرأى لعقد الندوة بعد أيام قليلة لمناقشة الأمر، الذى لا يكشف إلا عن مخاوف لا أساس لها، فضلاً عن أن البعض لم يستوعب بعد توافر "الإنترنت"، ولم يبذل جهداً للتعرف على ما تركه سابقون بروح نقدية واعية. يتم هذا فى حين أن للرومى حضورا كبيرا على "الإنترنت"، متجاوزاً حواجز الحدود واللغة والعرق والنوع، حيث يمكن العثور على مئات التسجيلات لموسيقى السماع وآلاف الصور، فضلاً عن مئات –بل آلاف- الكتب والدراسات والمقالات بكل اللغات. ومما يلفت النظر ذلك الإقبال من أجيال شابة، وهو ما تضاعف فى العقد الأخير بفضل "الفيسبوك"، وذلك فى صفحات بالعربية –وبغيرها- يصعب حصرها لمبدعين وباحثين بجهد فردى أو جماعي، وأغلبهم من مصر وسوريا والمغرب، ومنهم صفحة خالد الحلاج للباحث المصرى "خالد محمد عبده"، ومدونة "أنوار" للباحثة المغربية "عائشة محمد"، وصفحات "اللا محتجب"، و"حضرت مولانا"، و"دروس حضرت مولانا"، و"عشق"، و"شمس". من جهة أخرى، أصدرت المطابع كتابات وترجمات لا حصر لها للمثنوى بالفارسيَة أقدمها ما قام به "كمال الدِين حسين بن حسن الخوارزميّ الكبرويّ"، فضلاً عن شروح بالتركيَّة، وكذلك الفرنسية، التى صدرت بها فى باريس ترجمة كاملة فى عام 1990 عن الفارسية قامت بها عاشقة مولانا المدفونة إلى جواره "إيفا مييروفيتش" بالتعاون مع "جمشيد مورتازاني". ويظل أهم من تناول الرومى وكتب عنه المستشرق الإنجليزى "رينولد ألين نيكلسون" (1868م - 1945م)، والألمانية «آن مارى شيمل» (1922- 2003) عميدة المستشرقين الألمان، ومن أحدث كتبها المترجمة للعربية "الشمس المنتصرة"، للسورى محمد عيسى العاكوب. ويحظى المثنوى بشهرة واسعة فى الولاياتالمتحدة، وخاصة بعد ترجمة "كولمان باركس" لأشعار مولانا التى ينظر لها بعض المتصوفة الغربيين باعتبارها جزءًا من علاجات روحية. وفى العربية تم تقديم ترجمات عديدة له، ومن أهمّها: شرح يوسف بن أحمد المولويّ، فى 1872، وترجمات العراقى "عبد العزيز الجوهري"، والمصريون د.عبد الوهاب عزّام فى 1946، ود.عبد السلام كفافى فى 1966، ود.إبراهيم الدسوقى شتا، فى القاهرة فى التسعينيات. وما زالت العديد من الجامعات العربية تتناول أعمال مولانا بالدراسة والبحث، ولعل أحدثها هو بحث لنيل الدكتوراه عن مولانا "الرومي" وتلميذه "محمد إقبال"، للباحث المصرى "خالد عبده" المتيم بعالم مولانا، وغيره كثر.