ورقة هذا الأسبوع صفراء ولكنها مثيرة وإنسانية فى الوقت نفسه، وتخص شخصية عظيمة لعبت دوراً مهما فى التاريخ المصرى وهو « مارييت باشا»، والوثيقة موجهة الى ناظر المالية وتقول : « مارييت بك ورد له خبر أن ولده عيان ( مريض ) جداً وقد عزم على التوجه لزيارته بالوابور وكونه مطلوبا له مبلغ باقى حساب مصاريف أجراها بإكسبوزيسيون ( معرض ) باريس كما تحرر لسعادتكم عن ذلك من مجلس النظار ، فالمرجو من عنايتكم صدور أمركم بصرف شئ من المطلوب ولو النصف لفك مضايقة ومساعدته على السفر لنظر ولده كما ذكر إنما غاية الرجاء أن يكون الصرف قريباً . وجاء الرد بالموافقة من نظارة المالية أسفل الخطاب قائلاً : « حيث إن كافة المأمورين ( المسئولين) الذين كانوا بالأكسبوزيسيون صار إعطاءهم مصاريف انتقال يومى 45 فرنكا بخلاف الماهية فالأمل محاسبة « مارييت بك » عن مصاريف الإنتقال بإعتبار 50 فرنك بخلاف الماهية حيث كان المأمور العمومى للإكسبوزيسيون . ويقول الأثرى أحمد عبد الفتاح إن هذه الوثيقة توضح أن « مارييت باشا « الذى كان المسئول عن إعداد الجناح المصرى فى المعرض العالمى بباريس عام 1878 يرغب فى الحصول على باقى مستحقاته المالية عن المعرض ليتمكن من زيارة ابنه المريض. وأوجوست فردينان فرانسوا مارييت ( 1821 —1881 ) لمن لا يعرفه كما يقول عبد الفتاح هو مؤسس المتحف المصري في القاهرة وأحد أوائل علماء المصريات وكان له الفضل الكبير في الحفاظ على آثار مصر .. وقد جاء الى مصر موفداً من قبل الحكومة الفرنسية للبحث عن بعض الآثار والمخطوطات ، فعكف على التنقيب عن آثار سقارة، وكشف عن (السرابيوم)، وكان يعمل دون أن تكون له صلة رسمية بالحكومة المصرية ، وقد نقل إلى فرنسا كثيراً مما عثر علية من الآثار ، وفى عام 1858 جعله سعيد باشا والى مصر مأموراً لأعمال العاديات ( الآثار ) بفضل معاونة « فردينان ديلسبس « صديق سعيد باشا الحميم، وقد بذل مارييت جهوداً ضخمة في التنقيب عن الآثار ونقلها إلى مخازن أعدت لها ببولاق. وبعدها لقى تشجيعاً كبيرا من الخديو إسماعيل الذى أمره بإصلاح مخازن بولاق وتوسيعها، وافتتحها في حفلة رسميه يوم 18 أكتوبر 1863، وهو صاحب نص أوبرا « عايدة» التى لحنها فيردى بمناسبة احتفالات إفتتاح قناة السويس ، وقد ظلت دار الآثار في تقدم مستمر بفضل مثابرة مارييت ومؤازرة إسماعيل ، حتى توفي مارييت بك سنة 1881 وبعدها نقل المتحف إلى الجيزة سنة 1891، ثم إلى مكانة الحالي بالتحرير سنة 1902، وقد دفن جثمان مارييت باشا في ناووس بمدخل المتحف المصري تكريما له على ما قدمه لمصر .