من الشعب فئات اختصها الدستور بكفالة التمثيل المناسب لها فى مجلس النواب وأناط بالمشرع القانونى تحديد فعاليات تطبيق هذه القاعدة. أولئك هم المرأة والشباب والمسيحيون وذوو الاحتياجات الخاصة، فضلاً عن العمال والفلاحين الذين بدأ بهم هذا التوجه منذ عهد عبد الناصر الذى خصص لهم نسبة خمسين فى المائة من مقاعد المجلس النيابى مع التعجيل بدفعهم إلى المعترك السياسى معلناً أن أهمية هذه الفئة . على الرغم من أن هذه التجربة أسىء استعمالها ليتسع نطاقها إلى طبقات أخرى فى المجتمع لأنها ظلت بغير تعريف قاطع مانع لمدلول العامل والفلاح، إلا أن الواقع أنها حققت أمرين غاية فى الأهمية. أولهما أنها أطلقت الوعى السياسى والاجتماعى لدى العمال والفلاحين، فاتجهوا إلى تكوين نقابات وجمعيات تنادى بمتطلباتهم وتُعلى صوتهم فى المشاركة برأيهم فى الكثير من التصرفات الاقتصادية بل والسياسية حتى التزمت الدولة بأخذها بعين الاعتبار دون إهدار أو إقصاء. وثانيهما أن هذا التوجه أصبح مبدأ دستورياً تنادى به مقتضيات واقعنا المعاصر طالما أن مجتمعنا مازال ينطوى على فئات أخرى لم تأخذ حقها فى التمثيل فى الحياة السياسية ولم تقو بعد على منازلة العصبيات والحزبيات فى انتخابات عامة على الرغم مما ثبت لدينا عن دورها الوطنى المشرق الذى أكد أن كفالة مشاركتها أصبحت ضرورة لا يسوغ إهدارها، وأن هذا الواقع يوجب إفساح المجال لها للمساهمة فى إعادة بناء مصرنا الحديثة كما نادت بها ثورتنا المجيدة ومازالت. فأما عن العمال والفلاحين فقد حرص الدستور على كفالة دخولهم المجلس النيابى بخطوة انتقالية تتيح لهم المشاركة فى وضع الأسس الأولى للديمقراطية اللازمة لبناء مصر الحديثة. والمرأة بما لها من احترام واجب لمكانتها إلى جانب دورها المهم فى بناء المجتمع والمشاركة الفعلية بل والأساسية فى الكفاح المشرف الذى أشاد به الجميع. كما كفل الدستور حقوق الشباب فى التمثيل المناسب فى المجلس النيابى باعتبارهم مستقبل هذا الوطن ولوعيهم الناهض المتحمس للمشاركة فى دفع مسيرته. مفاد ما تقدم أن الدستور فى حرصه على تحقيق التوازن الاجتماعى بمشاركة تلك الفئات لأهميتها فى مناقشة أمور الدولة وتقنين تشريعاتها، وإن كفل لتلك الفئات نسبة محددة فى الوحدات المحلية، إلا أنه لحكمة صائبة توخاها، عهد إلى المشرع القانونى تحديد الوسائل التى تكفل تمثيلها فى المجلس النيابى تمثيلاً مناسباً حتى يتسنى إبقاء التناسب متماشياً مع تطورات ظروف الحال دون حاجة إلى تدخل دستوري. ثمة آراء متعددة لدى الرموز السياسية فى البلاد حول نظام الانتخاب العام من حيث المبدأ. فمن قائل بأن النظام الفردى هو الأفضل ، وقائل بأن القائمة هى الأكثر ملاءمة لظروف المجتمع الحالية ، بينما اتجه آخرون إلى وجوب الجمع بين النظامين إما بالنصف فى رأى البعض، أو بالثلث للقائمة والثلثين للفردى فى رأى آخرين. وفى هدى تلك الآراء يقودنا التأمل عن كيفية كفالة التمثيل المناسب لهذه الفئات فى المجلس النيابى ، إلى أنه طالما أن هذه الفئات على أهميتها قد لا تقوى بعد على المنافسة فى الانتخابات العامة، فقد يتطلب ذلك من القانون المزمع إصداره تخصيص نسبة من مقاعد المجلس لهذه الفئات يُجرى الانتخاب لها من خلال القائمة ولتكن الثلث أو النصف من مقاعد المجلس النيابى، ويتم توزيعها بين هذه الفئات وحدها على النحو الذى يتلاءم مع الاعتبارات الواقعية لكل فئة، وترك النسبة الباقية (الثلثين أو النصف) من مقاعد المجلس للانتخاب الفردى العام رجوعاً إلى المعالم الأصلية للديمقراطية التى نسعى إليها بتوفيق من المولى عز وجل. لمزيد من مقالات المستشار: أحمد مهدي الديواني