مع اقرار المسودة النهائية للدستور الجديد 2013 ، تباينت ردود الفعل فى محيط الرأى العام ما بين الترحيب بأول دستور بعد ثورة 30 يونيو اثر مناقشات ومداولات طويلة داخل لجنة "الخمسين " وبين أصوات مطالبة باعادة النظر فى بعض المواد أو قبولها مؤقتا لحين انتخاب مجلس نواب جديد . موقع أخبار مصر استطلع رأى عدد من المتخصصين والسياسيين والمواطنين للوقوف على رأيهم فى نسب التصويت على مواد مسودة الدستور الجديد وما لديهم من ملاحظات ايجابية أو سلبية ..فماذا قالوا ؟ مسودة .. جيدة المستشار محمد الدكرورى نائب رئيس مجلس الدولة السابق قال لموقع أخبار مصر إن مسودة الدستور تم اعدادها جيدا وحظت فى أغلبها بنسب عالية من التصويت باستثناء التوافق على 4 مواد لم تنل نسبة ال75 % المطلوبة من أصوات الاعضاء لتمريرها، وهى المواد المتعلقة بالنظام الانتخابي، وإجراء الانتخابات النيابية والرئاسية، وتمثيل العمال والفلاحين والشباب والأقباط. وأضاف المستشار محمد الدكرورى أنه يرجح اجراء الانتخابات البرلمانية وفقا للنظام الفردى خلال المرحلة الانتقالية الراهنة لاختيار كفاءات مشهود لهم بالنشاط السياسى والميدانى المثمر فى دوائرهم ، وان كانت المادة المتعلقة بهذا الشأن تمت احالتها للمشرع لاختيار الأنسب وفقا للقانون حيث أقر أعضاء اللجنة المادة 229 بعد جلسة مغلقة حتى تمت الموافقة عليها ب` 43 صوتا من إجمالي الأعضاء وجاء نصها كالتالي: "تكون انتخابات مجلس النواب التالية لتاريخ العمل بالدستور وفقا لأحكام المادة 102 منه". وأشار الدكرورى الى وجود بعض الملاحظات البسيطة على عدد قليل من المواد منها مثلا المادة "84 " الخاصة بأن حق الرياضة مكفول للجميع وعلى مؤسسات الدولة اكتشاف الموهوبين، فرغم أنها مادة مهمة إلا أن مكانها ليس بالضرورة أن يكون بالدستور لأن هناك قانون ينظمها ولكن لا بأس بها . استفهام حول نظام الانتخاب أما المستشار سمير صادق نائب رئيس مجلس الدولة الاسبق ، فيرى أن نسب التصويت والآراء والمقترحات التى شهدتها المناقشات داخل لجنة الخمسين تعكس مدى التوافق على مجمل الدستور و أيا كانت التحفظات لن ننتج دستورا مكتملا بنسبة 100% ولكن لابد من صدروه بصورة توافقية لإنهاء حالة عدم الاستقرار وسط اجراءات أمنية تضمن انتخابات نزيهة ومنضبطة. وأوضح المستشار سمير صادق أنه لابد من التوقف عند مسألة نظام الانتخابات بالقائمة أم بالفردى لأن انتخاب الثلثين بالقائمة يمكن أن يهدد ببطلان وحل مجلس الشعب مثلما حدث من قبل وبالتالى لابد أن نتعلم من تجاربنا السابقة لضمان انتظام وسلامة الانتخابات خاصة أن أى خطأ يترتب عليه أخطاء اخرى . ولفت الى أنه بعد الغاء مجلس الشورى لابد من تفعيل دور المجالس القومية المتخصصة لتصبح بمثابة بيوت خبرة تعرض عليها القوانين قبيل اقرارها بما يتفق مع الدستور . وبالنسبة العمال والفلاحين، يتفق المستشار سمير صادق مع الغائها لأنها فقدت معناها بعدما أصبح المصطلح متغيرا وغيرمحدد ونسبتهم غير معلومة بدقة ومن ثم أجمعت المجالس المتخصصة على الغائها والاستعاضة عنها ببدائل اخرى مشيرا الى أنه يصعب تمثيل كل الفئات والتيارات خاصة أن هناك عددا كبيرا من الاحزاب الآن قد لاتستحق التمثيل . ونبه نائب مجلس الدولة الأسبق الى أن عد م نجاح المفاوضات حول تمثيل بعض الفئات مثل الأقباط ربما يرجع لخطأ فى طرح التساؤل مثل هل من حق الرئيس تعيين عدد معين من الأقباط؟ وانما كان يجب أن يكون التساؤل هل من حق نحو 15 مليون شخصا بالمجتمع أن يُمثلوا بصورة عادلة ؟. وهنا وافق 44 عضوا على المادة 244 وجاء نصها كالتالي "تعمل الدولة علي تمثيل الشباب والمسيحيين والأشخاص ذوي الاعاقة والمصريين بالخارج تمثيلا ملائما في أول مجلس للنواب ينتخب بعد إقرار هذا الدستور، وذلك علي النحو الذي يحدده القانون". وأوضح الدكتور صلاح حسب الله عضو لجنة الخمسين الاحتياطى، أن اقرار الدستور يمثل خطوة كبيرة لتنفيذ خريطة الطريق التى يحاول البعض عرقلتها وعلى المواطن أن يقرأه جيدا للاستفتاء عليه وفق ما يحقق له من حقوق وبالنسبة لنظام الاقتراع، فيحق للمشرع وفق الدستور تحديده بالقائمة أم بالفردى أم مختلط موضحا أن المادة الخاصة بتعيين وزير الدفاع بموافقة المجلس الاعلى للقوات المسلحة لمدة ثمانى سنوات ليست تحصينا لوزير الدفاع ولكن تحصينا للقوات المسلحة، مراعاة لما تمر به البلد من ظروف استثنائية، تستلزم الحفاظ على وحدة القوات المسلحة واستقلالها . ولفت حسب الله الى أن دستور 2012 كان يعطى لرئيس الجمهورية حق العفو الشامل بينما أعاد دستور 2013 هذا الحق الى مجلس الشعب . مصلحة الوطن فوق التحفظات ودعا د. طارق زيدان رئيس حزب الثورة المصرية الشعب الى التصويت بنعم على الدستور أيا كانت التحفظات تقديرا للظروف التى تمر بها البلاد وما يحيط بها من تهديدات داخلية وخارجية وبالتالى على القوى السياسية والثورية أن تعلى مصلحة الوطن فوق أى مصالح حزبية أو فئوية انطلاقا من تحمل المسئولية تجاه الوطن . وأضاف د. طارق زيدان أن الحزب سيبلور تصوره النهائى حول مواد مشروع دستور 2013 يوم الثلاثاء 3 ديسمبر لابداء ملاحظات جماعية على الديباجة وتمثيل الفئات المهمشة والنصوص الجدلية ومدى تحقيق أهداف الثورة . وأكد أهمية الاسراع فى اجراء انتخابات مجلس النواب لتكون هناك شرعية جديدة للدستور والنواب تبطل أى مزاعم سابقة بعدم شرعية النظام لافتا الى ضرورة الالتزام ببنود خريطة الطريق وعدم تغييرها بإجراء الانتخابات البرلمانية أولا خاصة أنه تم استفتاء الشعب عليها مشيرا الى امكانية اعادة النظر فى أى مواد جدلية من خلال مجلس النواب القادم . ويرى رئيس حزب الثورة أنه من الأفضل تأجيل نظام الانتخاب بالقائمة لمرحلة لاحقة تنضج فيها التجربة الديمقراطية ويصبح الشعب أكثر وعيا بمن يختارهم خاصة أن الانتماء الى حزب أو تيار سياسى لايكفى لانتخاب نائب يخدم ويمثل الدائرة وربما تفرز القائمة عناصر غير صالحة مما يهدد بحل المجلس القادم . المواطنة الكاملة للمرأة ولفتت نهاد أبو القمصان الناشطة بحقوق الانسان مديرة مركز قضايا المرأة المصرية الى أنه لأول مرة يتضمن الدستور نصا على المواطنة الكاملة للمرأة وحق أبنائها فى الجنسية دون أن تلتزم بالزواج من مصرى وهذا انصاف للمرأة رغم رفض "الكوتة" حيث تنص المادة (6): من الباب الأول :" الجنسية حق لمن يولد لأب مصرى أو لأم مصرية، والاعتراف القانونى به ومنحه أوراقاً رسمية تثبت بياناته الشخصية، حق يكفله القانون وينظمه. ويحدد القانون شروط اكتساب الجنسية. لكنها أشارت الى عدم الاهتمام بالتنويه عن الرائدات النسائيات فى ديباجة الدستور التى تتحدث عن زعماء الثورات الوطنية . وأضافت أن الدستور حرص على التأكيد على حرية الابداع والتنوع الثقافى ومنع كل صور العبودية والسخرة وأن التعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم، وقالت" ما لايدرك كله لا يترك كله ولا يجوز أن نتفاوض على كل شىء أو لاشىء ". وأشادت أبو القمصان بالمادة (92) التى تنص على أن :" الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلاً ولا انتقاصًا.ولا يجوز لأى قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها." والتى حظيت بموافقة 43 عضوا. الابداع .. مسئولية أما الناقد الفنى محمد كمال ، فرحب بالدستور الذى أكد على حرية الابداع وحماية الملكية الفكرية وتميزت مواده بالصياغة المحكمة الواضحة والجمل المحددة المفيدة موضحا أن لامبرر لمخاوف بعض المثقفين من جزء بالمادة " 67 "التى تنص على :" حرية الإبداع الفنى والأدبى مكفولة، وتلتزم الدولة بالنهوض بالفنون والآداب، ورعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم، وتوفير وسائل التشجيع اللازم لذلك. ولا يجوز رفع أو تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة العامة، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى ترتكب بسبب علانية المنتج الفنى أو الأدبى أو الفكرى، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو الطعن فى أعراض الأفراد، فيحدد القانون عقوباتها؟. وللمحكمة فى هذه الأحوال إلزام المحكوم عليه بتعويض جزائى للمضرور من الجريمة، إضافة إلى التعويضات الأصلية المستحقة له عما لحقه من أضرار منها، وذلك كله وفقاً للقانون". وأضاف أن تفسير المادة يعنى أنه لا ابلاغ عن ايقاف مادة فنية الا عن طريق النيابة العامة ولكن هناك حريات اللجنة ملتزمة بها وفق نصوص مواد سابقة مثل المادة 64 التى تنص على أن "حرية الاعتقاد مطلقة "والمادة 65 التى تكفل " حرية الفكر والرأى" ، والمادة66 الخاصة بحرية البحث العلمى وحماية ابتكارات المخترعين علاوةعلى الغاء عقوبة الحبس .. فلماذا القلق ؟. وأكد الناقد أنه لا يوجد ابداع مطلق إلا بفهم واع للتراث الشعبى واحساسا بالمسئولية المجتمعية والتزاما بالعقد الاجتماعى لحماية المقدسات والتراث . توافقات قانونية ..آمنة ويرى د. محمود عمرو الأستاذ بطب قصرالعينى أن الدستور جيدا جدا ومسألة احالة المواد التى لم تحظ بنسبة الموافقة المطلوبة الى المشرع بمثابة وسيلة للخروج الآمن من حالة الجدل الفقهى مثل احالة المادة 229 الى احكام المادة 102 منه. واوضح انه فيما يتعلق برفض كوتة الفئات المهمشة ، فهى منطقية وعادلة لانه من الصعب منح كل فئة وزنها الحقيقى بالمجتمع، فمثلا كيف نعطى المرأة نسبة ال50 % من البرلمان بما يعادل تمثيلها بالمجتمع تقريبا وبالتالى كان الحل هو التمثيل المناسب وتخصيص ربع مقاعد الوحدات المحلية مشيرا الى ان "الكوتة " مطبقة بالدول ذات الاعداد القليلة مثل سويسرا . وأشار الى تأكيد الدستور على استقلال الجامعات وحرية البحث العلمى داعيا الى الايجابية فى المشاركة السياسية والتصويت على الدستور فى مناخ تسوده الحكمة والانضباط وحسن التصرف لعبور المرحلة الانتقالية بسلام . وبغض النظر عن الآراء المتباينة ..تبقى الكلمة الفاصلة للمواطن فى صناديق الاستفتاء !