فتوى : تستلزم طبيعة عملي مداومة السفر متنقلا بين العديد من المحافظات بسيارة العمل وقد تصل مدة الرحلة في بعض الأحيان إلى أكثر من 6 ساعات متواصلة ولا يمكننا التوقف للراحة أو أداء الصلاة بسبب حالة الانفلات الأمني وخوفا من السطو المسلح علينا بالطرقات السريعة، وكثيرا ما تدركنا الصلاة في الطريق فهل يجوز أداء الصلاة على وقتها في أثناء السفر ونحن جلوس بالسيارة دون استقبال القبلة؟! يجيب الدكتور عبد الفتاح إدريس، أستاذ بقسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر، قائلا : إن التوجه إلي القبلة شرط لصحة الصلاة, ولذا فلا تصح صلاة فرض في وسيلة انتقال، وإن كان المصلي مستقبلاً القبلة إلا في أحوال أربع: أولها: التحام القتال مع العدو، في كل قتال جائز لا يمكن النزول فيه عن الراحلة، حيث يصلي الفرض عليها إيماء للقبلة إن أمكن. ثانيها: حالة الخوف من عدو إن نزل عن راحلته، فيصلي الفرض على ظهرها إيماء للقبلة إن أمكن، وإن لم يمكن صلى لغير القبلة, ثالثها: الراكب في الماء القليل الذي لا يُطيق النزول فيه أو خاف تلطخ ثيابه، وخاف خروج الوقت, رابعها: حالة مرض الراكب الذي لا يطيق النزول معه، فيؤدي الفريضة إيماء على الراحلة للقبلة بعد إيقافها، كما يؤديها على الأرض بالإيماء. ويري الشافعية أنه يجوز للمسافر سفراً مباحاً ولو قصيراً صلاةُ النافلة على الراحلة، ويومئ المتنفل لركوعه وسجوده، ويكون سجوده أخفض من ركوعه، ويشترط أن يبدأ الصلاة بالاتجاه إلى القبلة إن أمكنه, فإن كان الراكب في موضع واسع، لزمه التوجه إلى القبلة في جميع صلاته وإتمام الأركان كلها من ركوع وسجود، لتيسره عليه، وإن لم يسهل عليه ذلك، فلا يلزمه إلا التوجه للقبلة في تكبيرة إحرامه إن سهل عليه: بأن كانت وسيلة النقل واقفة وأمكنه الانحراف إلي جهة القبلة فيها من موضعه، فإن لم يمكنه الانحراف فيها أو كانت مقطورة لم يلزمه التوجه للقبلة, للمشقة واختلال أمر السير عليه. وأما ربان السفينة فلا يلزمه التوجه للقبلة لمشقة ذلك عليه, ويري الحنابلة أنه يجوز للمسافر الراكب، سفراً طويلاً أو قصيراً أن يتطوع في السفر على الراحلة إذا قصد جهة معينة، ويومئ لركوعه وسجوده، ويجعل السجود أخفض من الركوع. ويجوز أن يصلي المرء في وسيلة انتقاله أو عليها، لحديث ابن عمر: «رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يصلي على حمار، وهو متوجه إلى خيبر », وقبلة المصلي: حيث كانت وجهته، ولا يجوز انحرافه عن جهة سيره عند الإمكان إلا إلى القبلة، فإن فعل ذلك مغلوباً أو نائماً فهو على صلاته, وإن كان في مركب أو سفينة كبيرة يدور فيه كيفما شاء، ويتمكن من الصلاة إلى القبلة والإتيان بالركوع والسجود، فعليه استقبال القبلة في صلاته، ويسجد على ما هو عليه إن أمكن ذلك, وإن قدر على الاستقبال دون الركوع والسجود، استقبل القبلة وأومأ لركوعه وسجوده برأسه, وإن عجز عن الاستقبال سقط التوجه إلي القبلة بغير خلاف، ولو كان العذر نادراً: كمريض عجز عن استقبال القبلة، ومُقعَد عجز عمن يديره إليها, ومربوط إلي عمود أو سارية أو متدل من سقف أو نحوهم, وإن عجز عن الاستقبال في ابتداء صلاته، كراكب راحلة لا يستطيع التحكم فيها، أو كان في قطار أو طائرة, فليس عليه استقبال القبلة في شيء من الصلاة, لعدم تمكنه من استقبالها, ولا يلزم الملاح في سفينة الاتجاه إلى القبلة ولو في الفرض، لحاجته إلى تسيير السفينة .