البداية كانت في تسعينيات القرن الماضي حسبما يؤكد الخبراء الأمنيون مع ازدياد وتيرة العمليات الإرهابية واعتماد الجماعات الإرهابية المتطرفة في ذلك الوقت علي أسلوب الاغتيال في محاولة لكسر هيبة الدولة. ولأن المنفذ لمثل هذه العمليات الجبانة يتحول إلي فأر جبان يسعي جاهدا للهروب إلي جحرة مرة أخري, فإن الدراجات النارية دائما تعد الخيار الأمثل له ولأقرانه نظرا لقدرته علي المناورة بها والانطلاق سريعا في ظل الزحام المروري الذي تعاني منه العاصمة بل السير في أزقة وشوارع لن يكون في مقدور أحد اللحاق به فيها, لذا كان من المهم اللجوء إلي الخبراء عقب عملية اغتيال اللواء محمد السعيد مدير المكتب الفني لوزير الداخلية بنفس الأسلوب, وذلك بهدف استرجاع تاريخ أهم العمليات الدموية التي لعب دور البطل فيها مجموعة من الشباب المغيب ودراجة نارية تقودهم نحو مصير أسود. يؤكد د.ناجح إبراهيم المفكر الإسلامي والقيادي السابق بالجماعة الإسلامية أن مصر تعيش فوضي انتشار الدراجات النارية وأن أفضل طرق الاغتيال تتم بواسطة الدراجات النارية لأنها تظهر وتختفي بشكل مفاجئ وتتمتع بمرونة الحركة وتدخل إلي شوارع ضيقة وتنتقل من مكان لآخر ومن منطقة لأخري سريعا كما أن الدراجات النارية بعضها سرعاتها قد تفوق السيارة خاصة خلال الزحام. وأضاف أن العمليات في أغلبها تتم بأكثر من دراجة نارية, حيث يقوم الجناة بترك الدراجة المستخدمة في العملية واستخدام أخري علي بعد عدة شوارع في الهروب كنوع من التمويه هذا بجانب أن الجناة دائما ما يرافقهم فريق آخر للتغطية عليهم, كما أن الضحية في الأغلب ما يكون داخل سيارته وهو ما يجعله هدفا سهلا للجناة. أما عن أهم عمليات أو محاولات الاغتيال التي استهدفت عددا من المسئولين أو الضباط باستخدام الدراجات النارية, يقول إبراهيم إن العملية الأبرز هي عملية اغتيال د.رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب الأسبق عام1990 التي كانت تستهدف وزير الداخلية الأسبق اللواء عبد الحليم موسي ونفذت باستخدام3 دراجات نارية أمام فندق سميراميس وراح ضحيتها المحجوب وضابط الحراسة الخاص به المقدم عمرو الشربيني بالإضافة للسائق الخاص به, هذا بجانب محاولة اغتيال وزير الإعلام الأسبق صفوت الشريف أمام منزله بشارع الخليفة المأمون عام1993, حيث استخدم الجناة دراجات نارية في العملية, ومحاولة اغتيال اللواء حسن الألفي وزير الداخلية الأسبق عام1994 والتي تمت باستخدام دراجة نارية مفخخة وحادث الاعتداء علي كنيسة الوراق أخيرا. وحول أهم الطرق التي يجب علي الضباط إتباعها لتجنب مثل هذه الحوادث, يري إبراهيم أن ارتداء الضباط لملابسهم الرسمية هو أمر يجب تجنبه خلال الفترة المقبلة خاصة أن هذه الملابس تميزهم وتجعلهم هدفا سهلا لعمليات اغتيال عشوائية قد يلجأ إليها الإرهابيون مطالبا بتزويد قوات الشرطة بأحدث أنواع الدراجات النارية السريعة من اجل النجاح في ردع الإرهابيين. ومن ناحيته, أكد اللواء خالد مطاوع الخبير الأمني والاستراتيجي أن الدراجات النارية تعد أحد أنسب وسائل تنفيذ العمليات الإرهابية بشكل عام داخل المدن في رصد الأهداف ومتابعتها وتحديد مساراتها وخاصة الأهداف المتحركة لأنها الأنسب لمنفذ العملية نظرا لما توفره له من مرونة في الهروب باستخدام الطرق الضيقة أو حتي بالسير عكس الاتجاه أو علي الأرصفة للفرار سريعا من موقع الجريمة, هذا بالإضافة لسهولة التخلص منها في أقرب نقطة. وأشار مطاوع إلي أنه في الأغلب يكون هناك غطاء من عناصر سواء بدراجات نارية أو بسيارات لتأمين هروب العناصر المنفذة أو للتأكد من التخلص من الهدف, وأضاف أن انتشار هذه العمليات يعكس وجود عناصر مدربة بحرفية نظرا لأن القنص أو إطلاق النيران بالدراجات النارية يحتاج لتدريب علي اصطياد الأهداف المتحركة والقيام باستيقاف السيارة واغتيال الضحية وهو ما يشير إلي وجود عناصر إرهابية وافدة من الخارج لتنفيذ هذه العمليات, ويحذر مطاوع من قيام الجماعات الإرهابية مستقبلا مستخدمين الدراجات النارية التي يمكن أن تستخدم إما في القنص أو بالتفخيخ. وحذر مطاوع من انتشار عناصر الرصد الخاصة بهذه الجماعات الإرهابية في صورة متسولين وبائعين متجولين من أجل مراقبة تحركات قيادات الصف الثاني والثالث في أجهزة الأمن لمعرفة أماكن سكنهم وروتينهم اليومي لتنفيذ مثل هذه العمليات, كما أشار إلي أنه سبق وأن تم الحصول علي معلومات عن العديد من القيادات الأمنية خلال فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي وتغلغل مكتب الإرشاد في علاقات مع البعض داخل الشرطة للحصول علي معلومات عن العناصر المستهدفة وتحركاتها مستشهدا بعملية اغتيال الشهيد محمد مبروك, مشددا علي ضرورة زيادة الوجود الأمني في المحاور الرئيسية والشوارع الجانبية من خلال عمل أكمنة لملاحقة الدراجات النارية غير المرخصة ورفع كفاءة الأفراد المرافقين للقيادات الشرطية لمواجهة مثل هذه المحاولات. وفي السياق ذاته, أكد الخبير الأمني اللواء أحمد عبد الحليم أن الدراجات النارية هي الأسهل في التقدم للوصول للهدف والهروب سريعا مضيفا أن الازدحام المروري الانتشار الكبير للدراجات النارية يساعدهم في تنفيذ هذه العمليات لأن سابقا كان من السهل رصد الدراجات النارية وتعقبها واللحاق بها مطالبا بتقنين استيراد الدراجات النارية وملاحقة الدراجات غير المرخصة.