أبناء شعب مصر العظيم... ترسخت ذكرى 25 يناير فى الأذهان والضمير المصرى على مدى تاريخ طويل بدأ عندما قامت قوات الشرطة الباسلة بالدفاع على أرض القناة أمام المحتل البريطانى فكان يوما مجيداً فى تاريخ الشرطة وتاريخ الوطنية المصرية للدفاع عن استقلال البلاد وكرامتها ، وفى ذكرى هذا اليوم الخالد خرجت جموع الشعب فى يناير 2011 للتاكيد على الحرية من حكم الاستبداد لاتقل أهمية وخطورة عن التحرر من الاستعمار، فالاستقلال عن المحتل الأجنبى لا يكتمل إلا بعودة السلطة الكاملة إلى أبنائها. أراد الشعب، واستجابت إرادة الله لدعوات المصريين، وانحازت قواتنا المسلحة الباسلة لإرادة الشعب، فتكللت ثورة الخامس والعشرين من يناير بالنجاح. لقد أبهر شعب مصر العالم أجمع على مدار ثمانية عشر يوماً من أيام ثورة يناير، فانحنى الجميع إعجاباً بقدرة هذا الشعب على القيام بثورة سلمية منظمة، تضافرت فيها جهود المصريين، وانصهرت كل فئات الشعب فى بوتقة واحدة، يجمعها يقين راسخ بقدرتها على التغيير.. تحية إجلال وإكبار إلى أرواح شهداء مصر الأبرار.. شهداء ثورة الخامس والعشرين من يناير.. الذين بذلوا دماءهم الزكية من أجل رفعة وطنهم، وضحوا بأرواحهم لتعيش الأجيال القادمة حياة حرة كريمة. ولا يفوتنى أن أتوجه بالشكر والتقدير إلى مصابى الثورة، وأسر الشهداء، وأؤكد لهم أن رعايتهم واجب علينا، وأننا لن نتخلى عنهم، وأن مطالبهم تمثل أولوية لدى الحكومة نسعى لتلبيتها بكل ما لدينا من إمكانيات. ثلاثة أعوام انقضت وثورة يناير ماضية فى طريقها لتحقيق أهدافها.. بعد أن اكتسبت زخماً جديداً وقوة دافعة حققتها ثورة الثلاثين من يونيو وهى الثورة التى جاءت لتؤكد على مبادئ ثورة يناير، وتعلن تمسك الشعب بمكتسبات يناير وأنه لن يسمح لأى نظام حاكم أن يحيد عن تحقيق أهداف الثورة، أو أن يختطف البلاد لصالح جماعة أو فصيل. إن مصر الآن تعيش مرحلة انتقالية بالغة الأهمية، ونشكر الله العلى القدير أن وفقنا لإنجاز خطوة أساسية من عناصر خارطة المستقبل وهو دستور البلاد الذى أقره الشعب بأغلبية كاسحة، برهنت على حجم التأييد والمساندة التى تحظى بها خارطة المستقبل، كما مثلت شهادة جدارة بأن هذا الدستور هو دستور الشعب كله، وليس دستور فئة أو جماعة أو فصيل. وبهذه المناسبة أتوجه بتحية خاصة إلى نساء مصر الفضليات، واللاتى خرجن من كل ربوع مصر ، مدنها وقراها، حضرها وريفها، صعيدها ودلتاها ، فى مشهد حضارى أبهر العالم للتصويت على الدستور.. فضربن بذلك أروع الأمثلة فى الوعى والحس الوطنى، وهذا عهدنا بهن على مر التاريخ. إن المرحلة القادمة تتطلب منا جميعاً أن نتكاتف من أجل رفعة هذا الوطن، وأن نبذل الجهد والعرق حتى ننال ما نصبو إليه من رخاء لنا وللأجيال القادمة، فلا توجد أمة تقدمت بغير العمل والاجتهاد وتحمل المسئولية، فلا توجد دولة ارتقت إلى مراتب التقدم والتنمية بغير سواعد أبنائها، فقوتنا هي في أبنائنا وسواعدهم خاصة من الشباب الذين هم أغلى ما تملكه مصر، وهم رهاننا على المستقبل، فعلينا جميعاً مسئولية تاريخية لكى نضاعف العمل، وأن يتفانى كل منا فى إنجاز مسئولياته بجد واجتهاد وإتقان، وأن يراعى الله فى وطنه فلا يكلفه ما لا يطيق، وأن يسأل نفسه أولاً ماذا قدمتُ لوطنى قبل أن يطالب بمزايا جديدة. إن مصر وهي تنادي اليوم جميع أبنائها لتحمل مسئولياتهم، فإنها أحوج إليهم من أى وقت مضى، فالطريق شاق وطويل.. لكن شعاع الأمل موجود وقوة، وأبواب التنمية تنتظر من يطرقها بصبر وعزيمة وإخلاص.. ونحن واثقون من النجاح.. واثقون فى أن ما نقوم به الآن سيجعل حاضر المواطن المصرى أفضل من ماضيه، ومستقبله أفضل من حاضره.. أشكركم جميعاً، وأدعو الله أن يكلل جهودنا بالنجاح، إنه على ما يشاء قدير، وهو نعم المولى ونعم النصير.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.