تجددت الخلافات بين وزارة الأوقاف, والجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالسنة, بعد مرور أقل من شهر علي توقيع بروتوكول تعاون بين الجانبين يقضي بخضوع مساجد الجمعية الشرعية في جميع المحافظات إلي إشراف وزارة الأوقاف, وعدم السماح لأي من دعاة الجمعية بصعود منابر مساجدها إلا بتصريح مسبق من الوزارة. وأكدت وزارة الأوقاف, أن إدارة الجمعية لم تلتزم بما ورد في البروتوكول, ولم تخضع منابرها ومعاهدها الدعوية لإشراف أئمة الأوقاف الأزهريين, ولم تتخذ خطوات عملية تؤكد رغبتها الحقيقية في الالتزام بالخطة الدعوية لوزارة الأوقاف التي تعمل علي نشر ثقافة التسامح في مواجهة التشدد و تراعي المصلحة الوطنية في مواجهة دعاة الهدم والتخريب. مما يعد خرقا لما سبق الاتفاق عليه بين الجانبين بالتعاون معا لتجفيف منابع الإرهاب والفكر التكفيري والالتزام بالمنهج الدعوي المستنير. كما قررت وزارة الأوقاف ضم مساجد الجمعية التي سيطر عليها متشددون وتسهم في نشر التطرف ويعتلي منابرها دعاة غير متخصصين أو مؤهلين للدعوة. وطالبت الأوقاف الجمعية الشرعية الرئيسية بسرعة توفيق أوضاعها مع وزارة التضامن الاجتماعي وتنقية صفوفها من العناصر التي لا تزال تراهن علي عودة حكم أضر بالوطن ومصالحه العليا من أجل تحقيق مصالح خاصة استفاد منها بعض عناصرها بالفعل في ظل حكم الأهل والعشيرة. خطة مواجهة التشدد وحول دوافع القرار يقول الشيخ محمد عبد الرازق وكيل وزارة الأوقاف لشئون المساجد, إن الجمعية الشرعية وقعت بروتوكول تعاون دعويا مع وزارة الأوقاف, لكن الجمعية لم تفعل هذا البروتوكول فيما يخص المساجد, ولم تلتزم بالنصوص التي وردت به, كما أنها لم تقدم للوزارة أسماء الخطباء التابعين لها, حيث نص البروتوكول علي أن تلتزم الجمعية بالسياسة الدعوية للأوقاف في كون المساجد للعبادة والدعوة بعيدا عن أي أعمال سياسية حزبية, وفي حال ضم أي مسجد من مساجد الجمعية للأوقاف تكون الوزارة مسئولة عن الجوانب الدعوية, أما جوانب العمل الخيري فتكون إدارتها للجمعية في ضوء ما ينظمه القانون. وفي سياق متصل أكد الشيخ محمد عز الدين وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة أن الجمعية الشرعية لم تلتزم أيضا بنصوص بروتوكول التعاون مع الوزارة فيما يخص معاهد الدعاة التابعة للجمعية, رغم أن البروتوكول نص علي أن تقوم الجمعية بحصر علمائها من خريجي الأزهر وعرض بيانات هؤلاء العلماء علي لجنة الإشراف علي المعاهد بالأوقاف, وخلال أسبوعين ترد الوزارة بمن تمت الموافقة عليهم, وتختار الجمعية من بينهم رئيس لجنة المعاهد والعمداء, علي أن تفتح المعاهد والفصول بالجمعية بما يتفق مع القوة التدريسية لعدد الأساتذة الذين تمت الموافقة عليهم, وتلتزم الجمعية الشرعية بتدريس مناهج وكتب الأوقاف, ورغم هذا لم تلتزم الجمعية الشرعية بنصوص هذا البروتوكول. والجمعية الشرعية ترد وعلي الجانب الآخر, قال الدكتور محمد مختار المهدي, رئيس مجلس إدارة الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة وعضو هيئة كبار العلماء, إن الجمعية تخضع لوزارة التضامن الاجتماعي ولا تخضع لولاية وزارة الأوقاف, موضحا أن عدد فروع الجمعية في جميع المحافظات يبلغ1100 فرع, وهناك970 فرعا منها لم يتم الاعتراض عليها, وتبقي130 فرعا غالبيتها في محافظات: المنيا والشرقية و3 مساجد بالقاهرة و4 بالقليوبية, أي حوالي10% فقط من مساجد وفروع الجمعية الشرعية تم اختراقها من قبل المتشددين, ولم تكن تخضع لإشرافنا وجار تقنين أوضاعها بواسطة لجنة شكلتها وزارة التضامن الاجتماعي لهذا الغرض. وأضاف: أرسلنا إلي المسئولين في الدولة والجهات المختصة أسماء الدعاة والوعاظ في المعاهد والمساجد وغيرها من الفروع, ولم يصل إلينا اعتراض علي أحد منهم. ولم نرسل تلك الأسماء لوزارة الأوقاف لأنها ببساطة ليس لها ولاية علينا, ووفقا للقانون نخضع لإشراف وزارة التضامن الاجتماعي, فكيف نرسل لوزارة الأوقاف في حين أنها غير مخولة في شئون الجمعية الشرعية, ومن ثم فإننا أرسلنا إلي الجهة المنوط بها الإشراف علي الجمعية, والتي كونت بدورها لجنة من3 أفراد وأنا عضو بها لبحث كل حالة علي حدة وتنقية فروع الجمعية الشرعية ممن له انتماءات. كما أننا أرسلنا أسماء جميع الوعاظ إلي الجهات المسئولة, ونتعاون معها في أننا إذا رأينا أحدا من الوعاظ لديه انتماء لفصيل ما فإننا نبادر بتغييره علي الفور. وعلماء الأزهر يشيدون بالقرار من جانبهم أشاد عدد من علماء الأزهر بقرار وزارة الأوقاف ضم عدد كبير من مساجد الجمعية الشرعية والجمعيات الدينية, وشدد العلماء علي أن التضارب في الدعوة يمثل خطورة كبيرة علي الدعوة والدعاة, لأن المساجد التي لا تخضع لوزارة الأوقاف كان يقدم فيها خطاب دعوي يخالف منهج الأزهر الوسطي المعتدل, وأكد العلماء أن جميع الجمعيات الدينية التي لديها مساجد لابد أن تلتزم بالمنهج الدعوي لوزارة الأوقاف, لأن هذا حق أصيل للوزارة بصفتها مسئولة عن الدعوة وعن المساجد في مصر, وفي نفس الوقت طالبوا وزارة الأوقاف بضرورة تخصيص علماء أكفاء من أساتذة الأزهر للقيام بالدعوة في هذه المساجد. وقال الدكتور علوي أمين أستاذ الفقه بجامعة الأزهر, إن الخروج من هذه المشكلة يتمثل في أن تشرف الوزارة دعويا علي جميع المساجد, وأن يحدث تنسيق بين الجمعيات الدينية والوزارة, وأن يخضع الخطاب الدعوي في مساجد الجمعيات لإشراف الأوقاف, وذلك بهدف أن يكون الدعاة في هذه المساجد من أبناء الأزهر, لأن هؤلاء الدعاة الأجدر علي القيام بمهمة الدعوة, لأنهم يلتزمون بالوسطية والاعتدال ومنهج الأزهر الشريف, لأنه إذا كان الإمام في هذه المساجد من خريجي معاهد الدعاة, فلابد أن تكون هذه المعاهد تابعة للوزارة, والحل هنا أيضا يتمثل في أن تشرف الأوقاف علي جميع معاهد الدعاة التابعة للجمعيات. ومن جانبه قال الدكتور زكي عثمان, أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر, إنه إذا قامت الوزارة بدورها علي أكمل وجه, وفعلت الأصلح والأفضل في هذه المساجد فهذا أمر جيد جدا, وطالما أن الوزارة لديها خطة لتطوير الخطاب الدعوي في هذه المساجد, وأن يكون ذلك علي يد كبار علماء الأزهر, فهذا أمر يخدم الدعوة, لأنه لابد أن تكون الدعوة علي منهج الأزهر, حتي لا يحدث تضارب أو انحراف, لكن السؤال هنا, هل الوزارة لديها الموارد التي تمكنها من الإشراف علي هذه المساجد أم لا ؟, والمؤكد أن نجاح هذه التجربة يتوقف علي قدرة الوزارة علي إدارة هذه المساجد دعويا, وتكون هذه الإدارة بطريقة أفضل مما كانت عليه.