انزعج البعض من إعلان الدمية الشهيرة' أبلة فاهيتا', وانزعج البعض الآخر من هذا الانزعاج!! وربما المعرفة هي التي يمكنها أن تحد من انزعاج الطرفين,لأن في أحيان ارتبطت فكرة الدمية بتوصيل رسائل رمزية وغالبا هي لا تحمل معني خطيرا بقدر ما تحمل نقدا اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا مثل كل صور السخرية. ولما نعجب وقد اعتقد البعض سابقا أن شخصيتي' توم وجيري' في الكرتون هما رمزا للصراع العربي الإسرائيلي؟ وفي ذات الوقت يتحدث المحللون عن تحكم كبري الشركات العالمية ليس في الأسواق فحسب بل في الدول أيضا! ربما لأن هذا الحديث جاء علي لسان شخصيات إعلامية إرتبطت أسماؤها بالمبالغة في الأداء أو الأسلوب المتباسط في توصيل المعلومة أو التضخيم في الحدث, بحيث يبتعد عن الشكل الموضوعي والعلمي, فأثار ذلك استنكار أطياف مختلفة!. وبدا أن أي شخص سيتعاطف مع فكرة المؤامرة هذه المرة سيتعرض للإستهزاء! فحرص هؤلاء علي صورتهم واكتفوا بوصف' أبلة فاهيتا' بأنها شخصية سخيفة وأن كلامها غير مفهوم وفي المقابل دافع عنها بكل حماسة معجبوها منذ بدايتها في عام2010, وحاول من يقف في المنتصف أو من لا يعرفها تماما البحث في ماضيها لعله يفهم ما يجري وفي جميع الحالات انطلقت النكات علي النكات ولا سيما من لقطات لأفلام ذات البعد السياسي والثوري, وهناك من آثر تجاهل الموضوع تماما! ويمكننا القول إن هذا الكلام المعقد أو غير المفهوم يندرج تحت تصنيف أدبي إنجليزي وهو' نون سينس' أو' بلا معني'! وهو أسلوب عبثي للتعبير أيضا وموجود بصورة لافتة في الغرب. ولنعد بالذاكرة لثقافتنا وفن' الأراجوز' الشعبي الذي ازدهر في مصر في أواخر العصر المملوكي وكان وسيلة لتسلية الناس بجانب خيال الظل الذي عبر أيضا عن الأوضاع في مصر, ثم إنتقل لتركيا عن طريق العثمانيين.وتطرق له فيلما' الزوجة الثانية' و'الأراجوز' ليعكسا دهاء المصريين مهما كانت بيئتهم المتواضعة ووعيهم تجاه قضاياهم, وفي عصرنا الحديث مزج الفنان الكوميدي الراحل محمود شكوكو بين شخصية المونولوجيست والأراجوز وهو الفنان المصري الوحيد الذي صنع له دمي صغيرة علي شكله بالجلباب البلدي والطاقية المميزة التي كان يرتديها.وظهر برنامج شهير في عام1988 بعنوان' ليه جينيول ديه لانفو' والجينيول هي عرائس الماريونيت القديمة التي تعتمد علي التحريك بالخيوط وليس فقط إرتداؤها في الأيدي. وظهرت في ثوب جديد يتماشي مع الأخبار اليومية وأصبح لها ثقل لدي المجتمع الفرنسي, وهو كارياتير إعلامي وسياسي, حيث تشبه الدمي المسئولين السياسيين وشخصيات أخري مؤثرة عالميا, مثل شخصية' مسيو سيلفستر' التي ظهرت إبان حرب الخليج الأولي في عام1991, والمستلهمة من شخصية نجم العضلات سلفستر ستالوني الذي يمثل الإمبريالية الأمريكية!. وانتقلت فكرة البرنامج لدول كثيرة منها مصر تحت عنوان' اللي فات سات' بأداء صوتي من الموهوبين في التقليد لنجوم الفكاهة القدامي منهم عبد الفتاح القصري وماري منيب ونجيب الريحاني وعباس فارس والموسيقار محمد عبد الوهاب, من تأليف وسيناريو وحوار فداء الشندويلي ومن إخراج عادل مكين. وفي أحيان تكون الدمي المستخدمة بحجم الآدمي فيرتديها الممثل.ولا توجد أي دولة تمتلك تنوعا في الدمي أكثر من اليابان التي احتفظت بتقاليدها الفريدة في صناعة الدمي حتي الوقت الحاضر, كما إن أصل الدمي اليابانية قديم للغاية أي3000 سنة قبل الميلاد, ومعروف عن اليابانيين تدقيقهم لذا فالأمر تعدي مرحلة اللهو أو حتي الرمزية, فلن نصدق أن إحدي شركات السياحة تتعامل مع الدمي القطنية كزبائن حقيقيين ينبغي الاهتمام بهم بعناية!