تحليل - صفاء جمال الدين: أكد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء أن الرقم القياسي لأسعار السلع والخدمات سجل انخفاضا قدره0.4 % خلال شهر ديسمبر2011 مقارنة بشهر نوفمبر2011 كأساس لحساب التغيرات في هذه الأرقام القياسية. ولا يعني أن الرقم القياسي العام لإجمالي الجمهورية سجل انخفاضا قدره0.4% خلال شهر ديسمبر2011 مقارنة بشهر نوفمبر2011 أن معدل التضخم سجل انخفاضا بل هو في زيادة مستمرة, ولكن الانخفاض بمقدار0.4% من الزيادة في معدل التضخم الشهري خلال شهر نوفمبر2011 أي أن أسعار العديد من السلع والخدمات لم تنقص بل زادت خلال ديسمبر, ولكن بمعدل أقل من زيادتها في نوفمبر2011 وبمقدار طفيف قد لا تظهر آثاره الملموسة علي مستوي معيشة المستهلك خاصة أن الوزن النسبي لبعض السلع مثل الطماطم في مجموعة الخضراوات قد يؤثر صعودا وهبوطا بصورة ملموسة علي قسم الأطعمة والمشروبات دون أن يشعر المستهلك أن مستوي معيشته قد تغير لأن سعر الطماطم ضئيل وغير مؤثر في دخله في حين أن وزن الطماطم كبير ومؤثر في سلة الخضراوات التي يحسب علي أساسها الرقم القياسي والتضخم. أما التنبؤ بمعدل التضخم فإنه يصعب الوصول إليه فمثلا بمقارنة التغيير السنوي في المعدل في ديسمبر2011 بشهر ديسمبر2010 فقد سجل ارتفاعا بنسبة10.4% كما بلغ معدل التضخم في عام2007 نحو9.5 تسعة ونصف في المائة وفي عام2008 نحو18% ثمانية عشر في المائة وكل هذه الأرقام تشير إلي ارتفاعات في الأسعار أي أن معدل التضخم متذبذب من عام لآخر ومن شهر لآخر ومن ثم فإن أسعار السلع في تقلب مستمر, وقد لا ترتبط بالتغيرات في الأسعار العالمية, وقد تحدث أزمات عالمية مثل أزمة الغذاء العالمي في إحدي السنوات دون أن تؤثر علي الأسعار المحلية, وفي أحيان أخري يرتفع التضخم في بعض الأشهر لأسباب محلية مثلما رأينا أخيرا حين قفز سعر اسطوانات البوتاجاز أو عندما ارتفع سعر السجائر عدة مرات فتأثر معدل التضخم في الأشهر التي زادت فيها أسعار السجائر, وقد ترتفع أسعار بعض الأدوية وإن كانت لا تحدث بطفرات كبيرة والمهم هو أوزان السلع في الأقسام السلعية حيث حساب معدلات التضخم والأرقام القياسية. وقد يعتقد البعض أن هناك اختلافا بين البيانات التي يعلنها جهاز الاحصاء والبنك المركزي عن التضخم ويرجع ذلك إلي أن البنك المركزي يستخدم بيانات جهاز الإحصاء عن الأرقام القياسية والتضخم مع استبعاد نحو19 تسعة عشر سلعة بعضها سلع مدعمة وتموينية وبعضها محدد أسعاره إداريا مثل البنزين وبعضها متقلب ومتذبذب في أسعاره مثل الخضراوات والفواكه لأن هدف البنك المركزي هو إصدار السياسات النقدية من خلال حساب التضخم الحقيقي أو الفعلي. ويبقي السؤال الأخير هو كيف نسيطر علي معدلات التضخم وعلي الارتفاع المستمر في أسعار السلع والخدمات ويحدث ذلك من خلال سياسات نقدية مستقرة ومراقبة جادة من الوزارات المعنية للأسواق لمحاصرة جشع التجار ومحاربة الاحتكار وكذلك من خلال دور الغرف التجارية وجمعيات حماية المستهلك لتوعية المستهلكين وباقناع التجار بهوامش ربح مقبولة لا تؤدي إلي انفلات الأسعار.