أكد البطريرك غريغوريس الثالث بطريرك انطاكية وسائر المشرق والإسكندرية والقدس في حوار خاص ل الأهرام أن الإرهاب الذي تواجهه المنطقة لا يفرق بين مسلم ومسيحي, وإنما يهدف لتمزيق وحدة الشعوب وتقسيم المنطقة. وقال خلال زيارته مصر للاحتفال بأعياد الميلاد ان70 % من الشعب السوري يؤيد ويدعم الرئيس بشار الأسد في حربه ضد الإرهاب, وطالب الدول الغربية التي تدعم ما يحدث من إرهاب في سوريا ومصر والعراق وغيرها من الدول العربية أن تكف أيديها عن الدول العربية, وشدد علي أن المصريين جميعا في مركب واحد مسلميها وأقباطها الذين يمثلون جزءا غاليا ومهما من نسيجها الوطني. وطالب الأنظمة العربية بالبحث عن حلول موازية للحلول الأمنية في التعامل مع الإخوان الذي وصفهم بأنهم ضلوا الطريق, وأكد أنهم يسعون لتحويل مصر الي عراق جديد.. والي نص الحوار.. تحضرون للأحتفال بعيد الميلاد المجيد بمصر برغم أن مصركم بسوريا فلماذا؟ هناك تقليد قديم من البطاركة منذ200 عام بأن يقضوا عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة في القطر المصري, حيث يقوم البطريرك بزيارة رعاياه الكهنة بالكنيسة وايضا يزور المؤسسات الاجتماعية التابعة لها وذلك خلال فترة شهر يقوم بقضائها بمصر بصفة خاصة كل عام لأن شعب كنيسة الروم الكاثوليك منحدرون من عائلات أتت الي مصر لذلك علينا أن نتفقدهم خلال هذه الزيارة لمصر. كم يبلغ عدد الروم الكاثوليك في مصر؟ عدد الروم الكاثوليك في مصر7000 مواطن ولنا خدمات تفوق عددنا مثل المدارس التابعة لنا ويبلغ عددها7 مدارس ومستوصف طبي متطور بحلوان والكوربة بمصر الجديدة بالاضافة الي مراكز للتعليم الديني بالكنائس وايضا مراكز للخدمات الاجتماعية التربوية. ولماذا تقلص دور الشوام في مصر بعد أن كان لهم بصمة ومنهم اللواء نبيل غابا الذي شارك في حرب1973 وبشاره وسليم تكلا مؤسسا الأهرام وغيرهم في مجال الفن؟ تقلص دور الشوام بعد هجرتهم بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية والامنية وتأمين ممتلكاتهم منذ40 عاما ابان حكم عبدالناصر مما اضطرهم للهجرة من مصر ولكن هناك خدمات يقومون بتقديمها عن طريق المدارس التي تستقبل المسلمين والمسيحيين والمركز الكاثوليكي للسينما الذي يقيم مهرجانه كل عام. ما تطلعاتكم في عام2014 ؟ اتطلع في هذا العام الجديد أن يعود السلام الي سوريا, مصر, فلسطين ولدي أماني بالازدهار في الأوضاع الاجتماعية ولكن هناك حدث كبير في يناير2014 وهو عقد اجتماع مؤتمر جنيف2 الذي نأمل أن يكون ايجابيا لتوفير الأمن والآمان لسوريا, ولبنان, العراق, مصر الأردن وذلك يرتبط بنجاح هذا المؤتمر وأطالب كل دول أوروبا بتدعيم جنيف2 بدلا من تدعيم الإرهابيين بالسلاح. كيف تري الوضع في سوريا؟ الوضع في سوريا مأساوي جدا جدا ويكفي ذكر الأرقام الخيالية للضحايا التي تعطي صورة باهته لهذه الأزمة, حيث يبلغ عدد الضحايا120 ألف ضحية سورية سقطوا في أرض المعركة. فهناك9 ملايين سوري نازحين داخل وخارج سوريا, منهم مليون و200 ألف نازح سوري الي لبنانوالأردن وتركيا, والعراق ومصر لكن من ينزح الي الدول العربية يعود مرة أخري فعلي سبيل المثال عادت300 عائلة الي مدينة القيصر بحمص فوضعهم خارج سوريا يكون أكثر سوءا مما لو مكثوا بسوريا. بماذا تفسر صمود بشار الأسد حتي الآن رغم سقوط رؤساء أربع دول؟ أقول للدول الغربية التي تراهن علي سقوط بشار انه يجب ألا نحصر الأزمة لا في إنسان ولا في حزب ولا في نظام معين, وهذا يبرهن علي أن الأزمة في الواقع يكون سببها مؤامرة علي بلد وهذا يظهركم قصر نظر الغرب الي مأساة الإنسان العربي السوري واطرح عليهم سؤالا هل يجوز قتل120 ألف شخص سوري من أجل إسقاط شخص واحد أو من أجل سقوط نظام معين, هذا يشير إلي ضرورة أن تعيد أوروبا نظرتها لسوريا وايجاد الحلول المجدية والنافعة لهذه الأزمة, وهناك كثير من المحللين السياسيين والإعلام يقول إن صمود الأسد يعني ان هناك قبولا وتقديرا شعبيا له ولايزال حوالي60 %و 70 % يعتبرون الأسد المنقذ للبلاد والخروج من أزمتها هذا ليس رأي شخص. قيل إن المسيحيين يناصرون بشار الأسد فما حقيقة ذلك؟ المسيحيون مواطنون لهم الحق أن يناصروا من يريدون أو يعارضوا من يشاءون, فإذا ناصر المسلمون بشار سوف يقال لماذا يناصرون المسلمين؟ فهل يجب ان يكون المسيحي ضد النظام, نحن نترك لكل إنسان سوري الحرية وأنا لن الزم أحد بمناصرة بشار أو مهاجمته قبل أزمة سوريا هل كانت هناك قيود علي بناء الكنائس بها؟ لا بل العكس قبل أزمة سوريا كان هناك حرية لبناء الكنائس فالدولة عندما تجد تجمعا في منطقة سكنية جديدة كانت تقدم كهدية لهذا التجمع أرضا لبناء مسجد وكنيسة لتخدم هذا الشعب. هل أثرت أعمال العنف والإرهاب في سوريا علي العلاقات بين المسلمين والمسيحيين بسوريا؟ الشعب السوري نسيج واحد مسلم مسيحي ومسيحي درزي, ومسيحي شيعي, فالنسيج القومي للشعب السوري يظل متماسكا ومازال رغم الأزمة وهذا اعتبره كنزا,. فالخطر هو الفرق التكفيرية التي تأتي من خارج سوريا فالمنشآت إذا دمرت يمكن بناؤها مرة أخري أما العلاقات الإنسانية فلا يمكن إعادتها إذا حدث بها شرخ. ما هي آخر التطورات في حادثة خطف المطارنة وراهبات معلولة؟ المطرانيان واحد روم كاثوليك والآخر سريان ارثوذكس تم خطفهما منذ ابريل2013 وحتي الآن لا يوجد أي خبر واضح عن مصيرهما ثم تم خطف13 راهبة و4 فتيات يتيمات وما قيل عن سبب خطفهن هو حمايتهن ولست اعرف كيف يقال هذا, لكن هناك خطف مدنيين أيضا وذلك في مقابل دفع فدية فالخطف أصبح تجارة في سوريا, ولكن ليس هناك تواصل مع أحد من الخاطفين ولم يقم أحد منهم بالاتصال بنا أو طلب فدية للمطارنين أو الراهبات. لماذا تتردد جملة هناك تهجير لمسيحيي الشرق الأوسط؟ لا يوجد تهجير لمسيحي الشرق الأوسط, فمنذ نشوب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني1948 تتوالي الحروب والأزمات في المنطقة وبعد كل أزمة تأتي هجرة المسيحيين وكأنهم هم فقط الذين يهاجرون ولكن من جهة أخري نحن نشجع المسيحيين علي البقاء لما لهم من دور في مجتمعهم العربي كما كان لهم دور عبر التاريخ فعليهم أن يكتشفوا دورهم الآن للغد وعلي المسيحي دور تجاه أخيه المسلم. كيف تري ثورات الربيع العربي الآن؟ أري انها جاءت سلبية بها مشاكل وتحديات وأصبح هناك شباب ضحايا الحروب التي علي الساحة الآن, فهناك3 ملايين طفل اصيبوا بأمراض نفسية في سوريا نتيجة هذا الربيع, ولم يتبق من هذا الربيع سوي اسمه. وما هي حلول سلبيات الربيع العربي؟ يجب ان تقوم الدولة بإعادة بناء البشر لأن الربيع العربي لم يحقق ما كان يقصد منه مثل الديمقراطية والحرية والعدالة وحقوق المرأة والطفل, نجد لم يطرأ شيء جيد بعد الربيع علي الوطن العربي من هذه الشعارات التي طرحت في كل بلدان الثورات لذلك علينا أن نقوم بتكوين مجموعة فكر عربية من خلال عقد قمة عربية إسلامية مسيحية علي مستوي الدول العربية لتحقيق شعارات الثورات ونجعل منها شيئا ايجابيا لتضيء علي هذه الأحداث وتعطي نظرة إسلامية مسيحية لتحقيق الأحلام لمستقبل أفضل لهذه البلاد من خلال هذه القمة التي تنادي بهذه الشعارات التي وجدناها مجرد شعارات ووهم وخداع للجميع فعلينا تحقيقه جميعا. هل هناك دور لكنيسة الروم الكاثوليك في دعم العلاقات المصرية السورية الآن؟ صار هناك تحول في موقف مصر التي كانت لها دور كبير في أزمة سوريا وسوف تتطور هذه العلاقة بين مصر وسوريا, فمصر لها تأثير عربي إسلامي, وذلك إذا تضافرت جهود سوريا ومصر فسوف يعود ذلك علي العالم العربي, ونحن نصلي من أجل مصر وسوريا. هل أنتم قلقون علي شعب كنيستكم في مصر من عنف الإخوان؟ لم أقلق علي شعب كنيستي فما يحدث في مصر يحدث لكل المصريين وليس المسيحيين فقط, فالمصريون كلهم في مركب واحد, وادعو أن تهدأ الأمور في مصر. كيف تقرأ المشهد في مصر حاليا خاصة بعد حادث المنصورة؟ الوضع في مصر أصبح مقلقا للغاية واخشي أن تصبح مصر كالعراق, فكم الاعتداءات التي قاموا بها للكنائس أو المساجد أو غيره, يجعلنا نخشي أن تصبح أخلاق التفجير هي طريق التعامل, فحادث المنصورة كان له تأثير سلبي وترويعي لجسامة الحدث والمواد التي استعملت فيه مما سبب تخريبا لمدينة المنصورة كلها, ولكن يجب علينا أن نقابل هذا بأسلوب ايجابي مثل تقديم المحبة وقبول الآخر والتواصل مع هؤلاء الإخوان, وأتمني أن يرجعوا لعقولهم ونحن نقول لا نغلب الشر بالشر بل نغلب الشر بالخير. كيف تري ثورة30 يونيو خاصة بعد أن قام الغرب بمحاربتها ووصفها بالانقلاب؟ أري أنها ثورة أعادت مصر لوضعها الصحيح, وأقول للغرب يجب أن يكون لديكم نظرة احترام لرغبة أبناء مصر, وأقول لهم عليكم أولا حل قضية فلسطين واعدلوا فيها, ثم يمكنكم أن تعلموننا وتساعدونا في محاربة التكفير, أقول لهم اهدموا جدار الضفة, ثم ساعدونا في حل مشاكلنا, ارفضوا إعلان إسرائيل دولة يهودية, ويمكنكم أن تساعدونا في تطوير المجتمع الإسلامي, فأين الديمقراطية التي تتحدثون عنها؟ أقول لهم كفوا أيديكم عن بلادنا, نحن عشنا مجتمعا متعددا في احترام بعضنا البعض اعطونا السلام بدلا من السلاح. هل تشعر غبطتكم أن المسيحيين عامة مهمشون في مصر؟ نعم يوجد تهميش في مصر, ولكنه لا يعالج بأخذ كرسي هنا أو هناك, إنما يعالج بتنمية معني المواطنة لكل مواطن مصري مسيحي أو مسلم, وأن يكون الإنسان المناسب في المكان المناسب للعمل المناسب أيضا وليست قضية حسابية زيادة عدد أو نقصان عدد هذا الوطن لنا كلنا مسيحيين ومسلمين.