يتعرض جسم الانسان بصفة مستمرة بمواد ضارة يطلق عليها اسم الجذور الحرة أو المؤكسدات أو الكيميائيات المؤكسدة, وفي المقابل يوجد بالجسم كيميائيات مفيدة تسمي مضادات الأكسدة, وهناك مصدران لمضادات الأكسدة: الأول داخل أعضاء الجسم التي تحتوي علي العديد منها, والمصدر الثاني هو الغذاء الذي يحتوي علي مضادات عديدة ومتنوعة, وفي الحالات الطبيعية تعيش أنسجة الجسم في حالة توازن بين المؤكسدات ومضادات الأكسدة بحيث لا تطغي الأولي علي الثانية, أما إذا اختل هذا التوازن الطبيعي اختلالا يؤدي إلي ترجيح كفة المؤكسدات الضارة فإن هذا يؤدي إلي تلف في خلايا أعضاء الجسم من ثم إصابتها بالمرض, ويطلق علي هذا الخلل في التوازن الطبيعي اسم الكرب التأكسدي, وهو حالة تنشط فيها أكسدة الخلايا وإلحاق الضرر بها. وقد يتساءل البعض, ما هي الأسباب التي تؤدي إلي زيادة المؤكسدات في الجسم بحيث نتجنب مصادرها, وكيف نمنع هذه الزيادة كي نقي أنفسنا من الأمراض؟ وللرد علي هذا التساؤل أقول إن مصادر هذه الزيادة عديدة ومتنوعة, منها الضجيج وسماع الأصوات المزعجة والعالية, حيث تبين أن التعرض المستمر لهذه المؤثرات الصوتية يؤدي إلي زيادة المؤكسدات وتلف في الأذن الداخلية يترتب عليه أمراض السمع وفقدانه, وإصابات في الجهاز العصبي واضطرابات في الهرمونات وضعف المناعة ضد الأمراض. وتشمل مصادر المؤكسدات أشعة الشمس فوق البنفسجية التي يزداد نفاذها إلي بعض مناطق الأرض بسبب ثقب الأوزون, كما تشمل الأشعة الصادرة من انفجارات القنابل والمفاعلات النووية, ومن المصادر الأخري ملوثات الماء والهواء الناتجة عن مخلفات المصانع وعادم السيارات, والمركبات والآلات التي تدار باستخدام وقود الديزل, كما تزداد نسبة المؤكسدات في الهواء بسبب كثرة الحرائق وتدخين السجائر والشيشة( الايجابي والسلبي), وتعاطي الكحوليات وبعض المخدرات, وقد تكون المؤكسدات داخل الجسم بسبب الإرهاق البدني والذهني الشديد, دون أخذ قسط وافر من الراحة, والتوتر والانفعالات العنيفة, والغضب الشديد والكراهية والضغائن. وتشمل أخطار المؤكسدات الشيخوخة المبكرة وأمراضها وعقم الرجال والنساء, وأمراض القلب والشرايين والكلية والكبد, والجهاز الهضمي والعضلات والمفاصل والعظام والعين( بخاصة المياه البيضاء), والجهاز العصبي والجلد, ومضاعفات مرض السكر وأمراض الأجنة وتشوهاتها. ومن أخطر ما تسببه المؤكسدات حدوث تلف في الحمض النوويDNA يترتب عليه ارتفاع نسبة الإصابة بالأمراض الوراثية والطفرات المسببة للأمراض الوراثية. أما الشق الثاني من التساؤل المتعلق بالوقاية فإن ما يفيد في منع أمراض المؤكسدات تناول الأغذية الغنية بمضادات الأكسدة واستخدام مكملات غذائية صيدلية تحتوي عليها, ويعتبر فيتامين بيتاكاروتين, الذي يتحول في الجسم إلي فيتامين أ من أهم مضادات الأكسدة, وهو متوفر في الجزر والتفاح والكمثري والفراولة والكرز والمانجو والكنتالوب والسبانخ, ولقد تبين أن هذا الفيتامين يساعد في تنشيط جهاز المناعة وفي الوقاية من تصلب الشرايين وأمراض القلب والسرطان, كما يعتبر فيتامين أ من أهم مقومات صحة الجلد والأغشية المخاطية وسلامتها, وهذا يساعد في وقايتها من الميكروبات والسموم, ومن مضادات الأكسدة أيضا فيتامين سي ومركبات بيو فلافو نويدBIOFLAVONOIDS, وهي موجودة بوفرة في البرتقال واليوسفي والجريب فروت, وتشمل مصادر فيتامين سي الأخري الجوافة والفلفل الأخضر والقرنبيط والطماطم والبطاطس, ومن فوائد فيتامين سي أنه يقلل من ظهور تجاعيد في الوجه بسبب الشيخوخة, كما يساعد في وقاية الحيوانات المنوية من التلف, وبخاصة في المدخنين, ومن الفيتامينات التي تحد من نشاط المؤكسدات فيتامين ه(E) وهو متوفر في زيت السمك والزيوت النباتية, مثل زيوت جنين القمح والذرة والزيتون, والخضراوات المورقة, مثل الخس, بالإضافة إلي البقول واللحوم والأسماك, كما يوجد في مكملات غذائية صيدلية, وتشير نتائج بحوث حديثة إلي أن فيتامين ه يساعد في الوقاية من أمراض السرطان الناتجة عن التلوث البيئي والتدخين, كما يساعد في تنشيط المناعة. وتشمل الأغذية الغنية بمضادات الأكسدة اللبن والزبادي وعسل النحل والثوم, وهي تساعد في الوقاية من أمراض المؤكسدات, كما أنها تساعد في تنشيط المناعة, وهناك بحوث حديثة تفيد بأن تناول الثوم يوميا يساعد في الوقاية من السرطان. وتستخدم بعض مضادات الأكسدة, مثل كوكيو 10(10-CO-Q) وجلوتاثيون في علاج عدد من أمراض المخ والأعصاب, مثل أمراض الزهايمر والشلل الرعاش والتصلب المنتشر. د. عز الدين الدنشاري