يبدو أن مخطط تقسيم الوطن العربي إلي دويلات صغيرة لمصلحة إسرائيل والقوي الكبري مازال نشطا, ويحاول استغلال الخلافات المحلية لتعزيز وجوده والتحول إلي واقع عملي. ولعل ما يحدث في ليبيا الآن أبلغ مثال علي ذلك, فقد سبق أن أعلن إقليم برقة شرق ليبيا قيام اتحاد فيدرالي في الأقليم المنتج للنفط, تمهيدا لمحاولة الانفصال عن ليبيا, لكن الحكومة المركزية في طرابلس رفضت الاعتراف بذلك, فصعد المسئولون في الإقليم من نشاطهم, وحاصروا المواني النفطية في شرق ليبيا, ليتوقف إنتاج النفط الخام وتصديره منها, حتي تلبي حكومة طرابلس شروطهم. وهذا التصعيد يمكن أن يؤدي إلي عواقب وخيمة, لأن الجيش الليبي لايستطيع الدخول في مواجهة عسكرية مع الإقليم قد تنتهي بكارثة للطرفين, وفي الوقت نفسه لن تنتظر أسواق النفط الخام طويلا لإنهاء الأزمة, وقد يكون التدخل العسكري الدولي هو البديل الوحيد في النهاية. لقد أدي تدخل حلف الناتو وآخرين لمساعدة الليبيين علي إنهاء حكم معمر القذافي إلي كارثة أخري, فهناك عشرات الميليشيات المسلحة التي تسيطر علي عدد كبير من المناطق الليبية, إلي جانب القبائل التي تحاول حماية أراضيها ومصالحها, والدعم الخارجي الذي يقدم إلي بعض الأطراف السياسية لتعزيز موقفها في مواجهة الآخرين. وتحولت ليبيا التي تعد من أكبر منتجي النفط إلي مطمع للجميع, وتعالت النعرات الانفصالية في بعض المناطق, رغم أن الكل يدرك أن إقامة دولة مركزية ديمقراطية قوية يحقق مصالح جميع اللييبين, وينقلهم إلي مستقبل أفضل جدا, لكن يبدو أن رواسب الماضي وتدخلات الحاضر ستطيل أمد المأساة في ليبيا. لمزيد من مقالات راى الاهرام