جهاز الأمن الوطني أوأمن الدولة سابقا, من الأجهزة المهمة والحساسة, التي تلعب دورا رئيسيا في حماية وتأمين البلاد, خاصة في مجال مكافحة الإرهاب, وتوجيه الضربات الاستباقية للعناصر الإرهابية والتكفيرية, التي ترفض الدولة, وتجعل من أفراد الجيش والشرطة هدفا رئيسيا لعملياتها, وقد تعرض الجهاز لحملة شرسة لتقويضه, بحجة الحفاظ علي حقوق الإنسان, واليوم وفي ظل تصاعد الإرهاب يبرز الدور الخاص لهذا الجهاز في حماية المواطنين والدولة من عمليات القتل واستهداف الأبرياء والمنشآت. اللواء محمد صادق وكيل جهاز أمن الدولة الأسبق, يتناول في هذا الحوار الرد علي أسئلة عديدة, خاصة فيما يتعلق باستهداف الجهاز للهجوم ودوره في حماية أمن مصر. بداية هل ترون أن جهاز الأمن الوطني اختلف دوره بعد ثورتي25 يناير و30 يونيو عما قبل الثورة؟ بالتأكيد جهاز الأمن الوطني, هذا الجهاز جديد أنشيء عقب حل جهاز أمن الدولة بعد ثورة25 يناير, وخروج عدد كبير من الكوادر, الذين كانوا يعملون به وتعرض مبانيه للهجوم والتلف, أما بعد ثورتي25 يناير و30 يونيو فبالتأكيد يعمل بأسلوب مختلف عما كان من قبل, وبطاقة أقل, ولكنه كل يوم يتطور, وبدأ يستعيد عافيته, ويستعرض امكاناته لأنه لا يخفي عن الجميع أن جهاز أمن الدولة استهدف عقب ثورة25 يناير, لأنه قاعدة بيانات عن التطرف والجماعات الإرهابية. هناك من يقول إن اغتيال المقدم محمد مبروك جاء بناء علي تسريب معلومات من داخل الجهاز فهل الجهاز تم اختراقه بالفعل؟ هذا الكلام غير صحيح, ولايمكن أن يحدث اختراق لجهاز الأمن الوطني اطلاقا, لأن العاملين في الجهاز عندما يقع عليهم الاختيار يخضعون لاختبارات دقيقة جدا, ومعايير عالية جدا, ويتم انتقاؤهم, وبعد الانتقاء يحصلون علي دورات تدريبية حول الكفاءة والسرية الخاصة بالمنشآت والمستندات ولديه آليات متطورة جدا لمتابعة العاملين فيه, واذا استشعر الجهاز الشك بنسبة واحد في المليون في أحد العاملين داخله يخرج فورا الي خارج الجهاز. أما بخصوص واقعة الشهيد محمد مبروك فاستحالة أن يسلم ضابط زميله لقاتليه. وبالنسبة لكيفية معرفة خط السير والتتبع, أي معرفة خط سير الشهيد وتتبعه, فإن الجهاز عندما اقتحم في أثناء25 يناير أتيح لعناصر الإخوان وغيرهم الحصول علي معلومات عنه, كما أن لجنة الأمن القومي في مجلس الشعب في عهد الإخوان قامت بزيارة الجهاز وأطلعت علي خرائطه وحصلوا علي جميع المعلومات, بالإضافة الي أنه خلال فترة حكم المعزول, فإن جميع المعلومات التي ترفع الي وزير الداخلية في وقتها كان يرفعها الي الرئاسة, والرئاسة كانت من الإخوان بالتأكيد. وكذلك فإن الشهيد محمد مبروك من السهل جدا تحديد خط سيره, حيث أنه كان ضابطا في شبرا الخيمة والجيزة, ثم الجهاز, وبالتالي كان معروفا للناس. بماذا تعللون حل الجهاز عقب ثورة25 يناير بناء علي قرار من اللواء منصور العيسوي؟ حل الجهاز لم يكن بإرادة اللواء منصور العيسوي, وكان مفروضا عليه, وينبغي أن نعترف بالواقع أن الشارع كان في وقتها ضد جهاز الشرطة, نتيجة لبعض الممارسات التي ارتكبت في أواخر عهد مبارك, وكذلك جميع وسائل الإعلام, طالبت بحله وأرجو ألا تعم التهم علي جميع أعضاء الجهاز, كما أن هذا الجهاز وقتها تدخل في السياسة بناء علي الإرادة السياسية, وتجاهل دوره الأساسي في وقتها وهو أمن الدولة, وليس لحماية نظام سياسي بعينه, لكنهم أقحموه في مجالات أخري ليست له, ونظرا لأن وزارة الداخلية جزء من السلطة التنفيذية فلابد من تنفيذ الأوامر. بعد إلقاء القبض علي غالبية قيادات الجماعة, هل مازالوا يشكلون خطرا علي الأمن القوي واغتيال الضباط والجنود؟ يعتقد البعض أنه عند القبض علي قيادي بالجماعة ينتهي دوره الإرهابي, وهذا خطأ, فعندما يقبض علي قيادي معروف يحل محله نائبه فورا ليكمل خطاه, إذن المنهج مازال موجودا, وكذلك الفكر, ففي الواقع وجدنا الإخوان مارسوا كل هذا العنف بشراسة اعتقادا منهم بأنهم يستولون علي الساحة, ولكن الاخوان خسروا كثيرا عندما خسروا الشارع المصري حين شاهد ممارساتهم الحقيقية علي الطبيعة. ماذا عن محمود عزت نائب المرشد الأول, هل مازال يلعب دورا في التحريض علي العنف في الأحداث الحالية؟ بالتأكيد قيادات الإخوان الهاربة في الخارج لها دور رئيسي, أولا: استعداء المجتمع الدولي علي مصر, مع محاولة إظهار مصر بأنها في حالة فوضي دائمة وأن القائمين غير قادرين علي السيطرة علي شئون البلاد, وأن الاقتصاد ينهار وواضح أنهم لجأوا الي منظمات دولية متخصصة, وجميع العناصر الهاربة تمارس هذا النوع من الاستعداء وبالتأكيد لديهم الكثير من الأموال الهائلة, لكن الوضع في الداخل أن الشعب المصري علم حقيقة الأموال, كما أن جهاز الأمن الوطني حاليا بدأ يعمل من خلال جميع المعلومات التي حصل عليها وكشفها في الفترة الأخيرة. ماذا عن مرسي وتخابره في قضية الكربون الأسود؟ بالتأكيد هناك معلومات وأدلة دامغة وقاطعة في هذه القضية تثبت تخابره. الإسلام هو الإخوان هذا الفكر التكفيري القطبي وما يترتب عليه من أحداث ارهابية منذ الأربعينيات وحتي وقتنا هذا كيف يمكن مجابهته؟ أجهزة الأمن الحالية بذلت الكثير من الجهد ولكن أري أن يفسح المجال أكثر لرجال الدين الوسطيين والمعتدلين, حيث لا يخفي علي الجميع أن كل المسميات, وإن اختفلت من جماعات إسلامية وجهادية وغيرها, جميعها تخرج من عباءة الإخوان المسلمين. كيف ترون الفترة التي تولي فيها مرسي حكم البلاد وحصول الإخوان علي بيانات وزارة الداخلية وكذلك جهاز الأمن الوطني؟ وهل يتم اصلاح ومعالجة ذلك؟ بالتأكيد أرشيف أمن الدولة بخير, أما ما شاهدناه من حرق أوراق وفرم مستندات, فإنه ليس لها أي فائدة أو بالتأكيد ليس فيها شيء يؤثر علي الأمن القومي المصري, فالبيانات والمعلومات المهمة والأرشيف مازالت بخير ولم تتعرض للتلف أو الفرم. قيادات جماعة الإخوان كانوا يهللون كثيرا باضطهاد وتعذيب نظام مبارك لهم فما حقيقة ذلك؟ حسني مبارك عندما تولي سنة81, أول شيء فعله هو إصدار قرار بالإفراج عن الذين وضعوا تحت التحفظ في22-9-1981, وكانوا كل رءوس التيارات السياسية المختلفة من أقصي اليسار الي أقصي اليمين, وقام بالإفراج عنهم,بل واستقبلهم في القصر الجمهوري, بالإضافة الي أنه أعطي تعليمات بعدم التعرض لهم اعتقادا منه في هذا الوقت, بأن المشكلة كانت مع السادات وليس معه شخصيا, الي أن بدأت هذه الجماعات تعمل علي الساحة السياسية وفوجيء بهم وفي الواقع نحن في جهاز أمن الدولة وقتها كنا نعلم ذلك ونستنكره, إلا أنه كان ينظر إلينا علي أننا متشائمون, ثم بدأ الصراع صراحة مع مبارك, صراع سياسي بينه وبين هذه الجماعات وتحديدا الإخوان, عندما طرح ملف التوريث وذلك لأن مبارك كان يريد تقييد جميع التيارات بما فيها الإخوان المسلمين, ولكن لم يكن هناك تعذيب أو ضرب أو اعتقال علي عكس ما كانوا يروجون لأنفسهم, ولهذا حدث في2005 أن أخذوا18 مقعدا في أول مرحلة ثم حدث بعد ذلك في المرحلة الثانية والثالثة, بأنهم لم يأخذوا أي مقاعد, أي أنه حدثت لهم عرقلة سياسية فقط لا أكثر, وليس هناك تعذيب ولا شيء ولكنهم تاجروا بذلك وعاشوا دور البطل تارة أو الضحية تارة لكسب استعطاف الشعب. جماعة الإخوان منذ هروب قادتها في التسعينيات الي الخارج ظهر بعضهم يملك الملايين فهل ترون أن ذلك هو سبب زيادة قدرتهم المالية؟ سبب زيادة قدرتهم المالية في الواقع, يرجع الي تعاطف الناس معهم بالإضافة الي أنهم استغلوا مواقف كثيرة جدا في العالم الإسلامي, وادعوا أنهم يجاهدون في سبيل الله وبدأ قادتهم أمثال عبدالله عزام في الأردن, وعمر عبدالرحمن في مصر, وفتحوا مكاتب تبرعات في الخليج تحت شعار جهاد في أفغانستان والبوسنة, وكذلك الصومال والفلبين وغيرها, حيث بدأوا جمع التبرعات بداية من حرب فلسطين48 وأخذوا يشيعون أنهم سوف يحاربون من أجل تحرير الأرض الإسلامية, وجمعوا أموالا طائلة من التبرعات وكذلك اشتراك أعضائهم, وأقاموا المشروعات الاقتصادية الخاصة بهم وعلي سبيل المثال فقط بنك التقوي, الذي أنشأه يوسف ندي بالاضافة الي أنه لا يخفي عن الجميع دعم المخابرات الأمريكية لهم منذ نشأتهم وتأسيسهم في البداية. ماذا عن حماس, خاصة منذ تولي الرئيس المعزول الحكم واتفاقه مع أمريكا علي حل مشكلة غزة, من خلال تسليم جزء من سيناء.. وهل هذا سبب دعم المخابرات الأمريكية لهم ماديا وسياسيا؟ دعم المخابرات الأمريكية لهم كان له أسباب, من ضمنها حماية مصالحها في المنطقة وتصوروا أن هذا التيار منظم وله قوة علي الساحة, كذلك أنهم سوف ينفذون مطالبهم في رسم شرق أوسط جديد, أما فيما يتعلق بسيناء حيث حدث في فترة الرئيس المعزول مرسي, أنه منع الأمن المصري من الاقتراب مما يحدث في سيناء بما فيها من مجموعات مسلحة وكذلك التسليح الذي كان يأتي من الشمال والشرق والحدود الغربية, فنجد تهريب الأسلحة يتم من خلال الانفاق والسودان, بالإضافة الي تعمده إصدار قرارات العفو عن الإرهابيين والهاربين الي الخارج, فأخذوا يتجمعون في سيناء ويستعرضون عروضهم العسكرية علينا, بالاضافة الي التوسع في منح الجنسية للفلسطينيين حتي أننا نتذكر جيدا في هذا الوقت, عندما استشعرت القوات المسلحة الخطر من هذا أصدرت قرارا بمنع تملك الأراضي والكثير منهم بالفعل كان قد تملك الأراضي بها, وكذلك تم هدم الأنفاق لأنها هدف استراتيجي وذلك لمنع تهديد الأمن القومي المصري في ضوء حماية القوات المسلحة والدفاع عن سيناء. ما خطورة حماس علي الأمن القومي المصري وكيف يتم التعامل معهم وخاصة بعد أن قاموا بعمليات ارهابية داخل الحدود المصرية؟ في الواقع حماس لا يمكن النظر إليها بمعزل عن الإخوان, لأنها جزء منهم ولكن جزء له خبرة وتعود علي ممارسة الارهاب والتدريبات العسكرية وخيانة بعضهم لبعض وحرب العصابات ونجد مواردهم تكون من خلال تجارة السلاح والمخدرات والهجرة غير الشرعية, وأخذوا الكثير من الامتيازات في عهد الرئيس المعزول مرسي. هل ساهم جهاز الأمن الوطني حاليا في الحد من ارهاب حماس وتحجيم كتائب القسام؟ بالتأكيد نجح في هذا التحجيم بدليل كم المعلومات التي ضبطت وكم المفرقعات والأسلحة والذخائر, بالإضافة الي القبض علي معظم قيادتهم وافشال مخططهم. هل ترون اعترافات الظواهري الأيام الماضية باستخدام الإخوان35 قناصا خلال اعتصامي النهضة ورابعة وأنهم هم من اعتلوا البنايات وقاموا بتصفية الأشخاص, دليلا علي تبرئة الشرطة عما نجم من دماء وأنهم هم من قتلوا أنصارهم؟ بالتأكيد هم من يقتلون أنصارهم من أجل التجارة بهم والحصول علي مكاسب, وهذا ليس بجديد عليهم, حيث انه سبق لهم في الأربعينيات اغتيال عناصر تابعة لهم من الجماعة, وهم الآن يسعون الي ترهيب نظام وجهاز الأمن ولكن أجهزة الأمن لم ترهب ولن يردعها الارهاب عن تنفيذ الواجب الوطني.