احتدم الجدل مجددا بين الخبراء والمسئولين حول استخدام الفحم كوقود بديل للبترول في ظل الأزمة الحادة التي تشهدها مصر في الحصول علي موارد الطاقة البترولية . فمن ناحية عمد بعض قطاعات الصناعة إلي استيراد كميات كبيرة من الفحم حتي لا تتوقف مصانعه عن العمل, وأطلق وزير الصناعة تصريحا يؤكد فيه عزم وزارته علي تشجيع هذا الاتجاه, فيما أصبح استخدام الفحم أحد طلبات العمال المتظاهرين في شركة الحديد والصلب بحلوان, كي لا تتوقف عن العمل, ومن ناحيتها تصر وزارة البيئة علي رفض استخدام الفحم, استنادا إلي الأثر البيئي السلبي لاستخدامه علي الصحة العامة, ووضع مصر في موقف محرج دوليا لالتزامها بتخفيض الكربون طبقا للمعاهدات الدولية. الدكتورة ليلي إسكندر وزيرة البيئة تؤكد أن الفحم يعتبر من أسوأ أنواع الوقود من حيث تأثيراته السلبية وأهمها المخاطر الصحية, بالإضافة إلي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري, وتأثيرها علي التغيرات المناخية, مشيرة إلي أن المعايير والضوابط البيئية تهدف إلي خفض الانبعاثات وآثارها. كما يؤدي استخدام الفحم إلي زيادة كبيرة في كمية الانبعاثات ذات المخاطر الكبيرة علي صحة المواطنين ليس فقط في المناطق المحيطة, ولكن أيضا في المناطق البعيدة, لذلك سيؤدي استخدام الفحم في الصناعة كطاقة بديلة إلي زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وأكاسيد الكبريت والنيتروجين والجسيمات الصدرية الدقيقة. وتضيف إسكندر أن الوزارة تسعي إلي استخدام تكنولوجيات الإنتاج الأنظف. أما عن التكلفة المجتمعية للفحم فأشارت بعض الدراسات الحديثة إلي أن تكلفة المخاطر الصحية بسبب استخدامه في توليد الكهرباء ببعض الدول تقدر بأضعاف قيمته السوقية, مع وجود الضوابط والمعايير الصارمة والالتزام بمستوي الالتزام العالي لدي المنشآت. من يسيطر؟ من جهته يقول د. مجدي علام رئيس اتحاد خبراء البيئة العرب إن الدول المستخدمة للفحم تملكه داخل أراضيها, ولا تستورده ما عدا باكستان, وإن مصر لا تملك السيطرة علي استخدامه داخل مصانع الأسمنت, لذا كفانا مصادر للتلوث. ويضيف: انظروا للأعداد الكبيرة من المسابك والمكامير ومصانع الطوب والورش العشوائية التي بنيت بعد يناير بالآلاف في غيبة الحكومة, وقولوا لنا: من يسيطر علي قطار وسيارة الفحم وهي تخرج من ميناء الدخيلة الي مصانع الاسمنت؟ ويشير إلي أن تكلفة إعادة هيكلة المصانع وخطوط التغذية لتتوافق مع استخدام الفحم عالية جدا ولن تقل عن500 مليون دولار لكل مصنع, وفي هذه الحالة فمن يتحمل تكلفة إنشاء الموانئ الجديدة؟ وهل سيقام ميناء فحم في العين السخنة ليقضي علي السياحة الواعدة في البحر الأحمر؟ ثم ألا تكفي كوارث التلوث علي البحر المتوسط لننقلها للبحر الأحمر, وألا يكفي البحر الأحمر التلوث من الفوسفات والألومنيوم والبترول؟ وهل تساعد الدولة قطاع الصناعة فتقضي علي استثمارات السياحة والإسكان؟ قرارات.. وخيارات د. مجدي يؤكد إن حكومة الدكتور كمال الجنروري الأولي أصدرت قرارين في صالح البيئة أولهما منع وجود الصناعات الملوثة في نطاق100 كيلو متر من المناطق السكنية وبسببه خرجت مصانع الأسمنت الجديدة للصحراء.. وثانيهما نقل المصانع الكبري إلي خارج المدن..العجيب أن الشركة الوحيدة التي التزمت هي الشرقية للدخان, فيما تجاهلت مصانع الاسمنت( المسنودة) هذين القرارين! وقال إن المصانع تحاول أن تخيرنا بين استخدام الفحم الملوث لأن ثمنه4 دولارات فقط أو استخدام الغاز غير الملوث وثمنه12 دولارا. وتنسي أن الحكومة تدفع للصحة سنويا650 مليون دولار بسبب الأمراض المتعلقة بتلوث الهواء شاملة الوفيات والغياب عن العمل وأمراض حساسية الصدر وأمراض القلب والأوعية الدموية المعروفة عند المصريين تجمع بين الأمراض الصدرية وأمراض الجهاز الدوري والقلب.أخيرا يقول د. مجدي إن السماح بدخول واستخدام الفحم في مصر يتطلب شروطا بيئية تكلفتها عالية, ولن يسمح به علي الإطلاق في المناطق السكنية, وله شرطان أساسيان: أن يستخدم في الصحراء فقط, وأن تنقل المصانع الحالية إلي خارج المدن, وعلي رئيس الوزراء د.حازم الببلاوي- الذي عمل في الأممالمتحدة لحماية البيئة والتنمية المستدامة- تحمل مسئوليته التاريخية.