منذ أن وجه حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني اتهاما مباشرا للسعودية بالوقوف وراء التفجير الانتحاري الذي استهدف السفارة الإيرانية في بيروت الشهر الماضى وسيل الاجتهادات لايتوقف عن الدوافع التي جعلت نصر الله يخرج عن دوره ويوجه اتهامات علنية لدولة عربية بأنها وراء التفجيرات وقبل أن تنتهي التحقيقات أو أن تعلن جهات التحقيق الرسمية النتائج. نصر الله بدا كما لو كان خلع عباءة الشيخ وارتدي رداء المحقق الذي يملك الأدلة الدامغة والاتهامات علي كل ما جري قبل انتهاء التحقيقات في الحادث الإرهابي الذي ضرب محيط السفارة الإيرانية في بيروت الشهر الماضي. وتوقف الكثيرون أمام مغزي اتهامات نصر الله تلك التي تستبق نتائج التحقيقات وتلغي دور جهات التحقيق وتربك حسابات الحكومة اللبنانية مع المملكة العربية السعودية. وراجت التحليلات بأن نصر الله يحاول قطع الطريق أمام التقارب الإيراني السعودي الحاصل الآن وهي تحليلات أقرب إلي الخداع البصري منها للحقيقة, في ظل ثوابت الموقف الإيراني مع حزب الله وعدم وجود أدني أرضية لتوزيع الأدوار في علاقات إيران الخارجية, حيث تقرر طهران ما تريد من حزب الله سواء داخل لبنان أو خارجه, وعلي الحزب وقيادته الطاعة وفق مصالح السياسة وبواعث ولاية الفقيه, غير أن البعض اعتبر أن اتهام نصر الله هو بمثابة الانتقام من السعودية علي خلفية مواقفها من سوريا وهو اجتهاد أيضا قائم لكن كيف يتورط زعيم حزب الله في ذلك دون أن يضع في الحسابات المصالح وخط العودة مع المملكة. ويتساءل البعض: كيف يبادر شخص في وزن نصر الله بكيل مثل هذه الاتهامات في هذا التوقيت ومدي تأثير ذلك علي توازن العلاقات اللبنانية السعودية ومصالح الجاليات اللبنانية في دول الخليج ومصلحة لبنان في توافد الأشقاء العرب والسعوديين. هذا الاتهام الخطير الذي أعلنه نصر الله من خلال مقابلة تليفزيونية مع قناة أو تي في اللبنانية ربطه أيضا بأن' تفجير السفارة له علاقة بالغضب السعودي من إيران لأن المملكة' تحمل إيران تبعات فشل مشاريعها في المنطقة واتهم' كتائب عبدالله عزام' التي تبنت العملية بأنها مرتبطة بأمير سعودي وبالمخابرات السعودية. السعودية وقتها نددت بالتفجير ووصفته بال جبان, حسب تصريحات لمصدر سعودي مسئول. ومنذ اتهام نصر الله والانتقادات له في الداخل والخارج لا تتوقف وشنت الصحف السعودية حملات ضارية عليه وفتحت الباب واسعا لملفات نصر الله وحزب الله وطوت الاتهامات صفحة الحرص علي عدم سكب الزيت علي النار وبدأت رحلة جديدة لكنها سلبية علي علاقات الحزب بالمملكة وانصارها في الداخل اللبناني. وقال العماد ميشال سليمان الرئيس اللبناني إنه لا يجوز أن نفسد علاقاتنا التاريخية مع دولة عزيزة وشعبها, وهي المملكة العربية السعودية, في طريق توجيه التهم إليها جزافا من دون أي سند قضائي أو حقيقي أو ملموس لكن كانت أقسي التصريحات تلك التي أطلقها سعد الحريري رئيس تيار المستقبل حيث أصدر بيانا اعتبر فيه أن نصر الله خطا مرة أخري خطوات متقدمة علي طريق تحريف الحقائق وذر الرماد في عيون اللبنانيين, في واحدة من أعلي تجليات الاستقراء وأوهام الانتصار المزيف. وقال الحريري' لعل السيد حسن قد نسي أن حزب الله هو المتهم الرئيسي بأخطر تفجير شهده لبنان وذهب ضحيته الرئيس الشهيد رفيق الحريري, ونسي أن حزبه هو المسئول عن تفجير الحياة المشتركة بين اللبنانيين عموما وبين السنة والشيعة خصوصا'. وأشار إلي أن نصرالله استطاع أن يخرج من صدره كل عوامل الكراهية التي يكنها إلي السعودية وقيادتها, وأن يسقط في وحول لغة لا أفق لها سوي تخريب علاقات لبنان العربية وصولا إلي اتهام السعودية بخوض وتنظيم كل الحروب الإقليمية والعربية من باكستان إلي العراقوسوريا والبحرين ولبنان, وانتهاء باتهامها بتفجير السفارة الإيرانية. وأضاف أن نصرالله نسي أنه هو من أرسل جماعات إرهابية إلي الخبر في السعودية وإلي الأرجنتين وبلغاريا ونيجيريا والبحرين واليمن ومصر, وتناسي إلي ذلك كله أن تاريخ السعودية مع لبنان هو تاريخ مشهود بالبناء والخير والسلام, خلافا لتاريخ حليفه النظام السوري الملطخ بدماء اللبنانيين من كل الطوائف والمناطق. وحتي تنتهي التحقيقات الرسمية في الحادث, ستبقي العلاقات بين الحزب والمملكة في مهب الريح, بعد أن طالت السعودية أقسي اتهامات من الشيخ نصر الله دون مراعاة لقواعد الاتهامات في مثل هذه الحالات.