تعرف علي المبادرات التي أطلقتها الدولة المصرية لتدريب الشباب وتأهيلهم وتمكينهم    محافظ الأقصر يتابع إزالة 14حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية اليوم    سلطنة عمان تشدد على ضرورة الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار في غزة    اليونان تكافح حرائق غابات وحالة تأهب بسبب الحرارة المرتفعة    جالانت: الوضع شمال إسرائيل سيتغير بتسوية أو بعمل عسكري واسع    التشكيل الرسمي لمباراة إسكتلندا ضد سويسرا في يورو 2024    إسكتلندا وسويسرا.. التعادل يسيطر على الشوط الأول    أعضاء اتحاد شباب كفر الشيخ فى زيارة إلى دار المسنين بسخا    كولر يتخذ قرارًا بشأن «العريس» قبل مباراة الأهلي والداخلية    خبر في الجول – موديست يقترب من الرحيل عن الأهلي بنهاية يونيو    أخبار مصر: موعد استئناف امتحانات الثانوية العامة.. "الهجرة" تتابع موقف الحجاج المفقودين وإجراءات عودة الجثامين.. والأرصاد تعلن بدء فصل الصيف    لطلاب الثانوية الأزهرية، موعد استئناف الامتحانات بعد إجازة عيد الأضحى    روبي تختتم جولتها الغنائية بأمريكا وكندا الجمعة المقبلة    إحالة مديرى مستشفى "ساقلتة" و"أخميم" للتحقيق لتغيبهما عن العمل فى العيد    بخطوات سهلة.. طريقة عمل كفتة داود باشا    ديتوكس طبيعي يخلصك من دهون وسعرات لحوم العيد    وكيل صحة الإسكندرية تتابع سير العمل بإدارة برج العرب الطبية    موقف محمد صلاح.. الكشف عن تشكيل ليفربول للموسم المقبل مع آرني سلوت    موعد صرف معاشات شهر يوليو 2024 بالزيادة الأخيرة.. كيفية الاستعلام وطرق الصرف    رنا سماحة تعلق على نجاح أول ليلة عرض لمسرحية «العيال فهمت»    بعد انتهاء أعمال الحج.. علي جمعة يكشف عن آداب زيارة مقام النبي والمسجد النبوي    فيفا يخطر اتحاد الكرة المصري بإيقاف قيد مودرن فيوتشر    في أول مقابلة له كمدرب.. آرني سلوت: متحمس للتحدي الجديد الذي ينتظرني في ليفربول    المفوضية الأوروبية تقترح موازنة بقيمة 270 مليار يورو لعام 2025    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج بكالوريوس الطب والجراحة (الشعبة الفرنسية) جامعة الإسكندرية    إجازات شهر يوليو 2024.. تصل إلى 11 يومًا    حماس: سنعمل على تحرير كامل أرضنا وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس    اللحمة ب 250 جنيهًا عند الجزارة «أم سعيد»    حماس: 40 طفلًا قتلهم الجوع بغزة والمجاعة تتفاقم نتيجة حرب الإبادة الجماعية    الملحن محمد يحيى يشارك لأول مرة كموزع في أغنية تتحبي لعمرو دياب    النائب العام يلتقي نظيره الصيني على هامش زيارته للعاصمة الروسية موسكو    رؤساء لجان فى مجلس النواب ل«الشروق»: الحكومة الجديدة تواجه تحديات «جسامًا» تتطلب تغييرات جوهرية بأدائها    تفاصيل استراتيجية جديدة لقطاع الصناعية المصرية حتى عام 2027    «بالألوان هنكافح الإدمان» بالحدائق العامة    تداول 74 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحرالأحمر    اليوم العالمي ل الأنيميا المنجلية.. 4 أعراض تكشف الإصابة بالمرض    بسمة بوسيل تطرح أغنيتها الثانية هذا العام بعنوان "قال في حقي"    عيد الأضحى 2024.. "اليخت والبانانا والبارشوت" أبرز الألعاب المائية بشواطئ مطروح    ما حكم ترك طواف الوداع لمن فاجأها الحيض؟.. الإفتاء توضح    حج عن أمه وترك أبيه وحيدًا في مكة.. «صيدلي كفر شلشلمون» يلحق بأخيه المتوفى أثناء «المناسك»    مايا مرسي تستقبل رئيس الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي    هل ينتهي الغياب المتكرر دون إذن إلى فصل الموظف من العمل؟    وزيرة الهجرة: نتابع موقف الحجاج المصريين والتنسيق مع الجهات المعنية بشأن المفقودين وعودة الجثامين    النيابة تندب لجنة من حى بولاق أبو العلا لمعاينة العقار المنهار    3 أبراج فلكية تكره النوم وتفضل استغلال الوقت في أشياء أخرى.. هل أنت منهم؟    ما هي علامات قبول الحج؟.. عالم أزهري يجيب    تنسيق الثانوية العامة 2024.. تعرف على درجات القبول في جميع المحافظات    في رابع أيام عيد الأضحى.. جهود مكثفة لرفع مستوى النظافة بشوارع وميادين الشرقية    علي جمعة ينصح: أكثروا في أيام التشريق من الذكر بهذه الكلمات العشر    مصرع 11 شخصا جراء الفيضانات وسوء أحوال الطقس في الهند    تعرف على خريطة 10 مشروعات نفذتها مصر لحماية الشواطئ من التغيرات المناخية    إصابة 6 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بالقناطر الخيرية    ما هي الأشهر الحرم وسبب تسميتها؟    محمد رمضان يعلن غيابه عن دراما رمضان 2025 للموسم الثاني على التوالي    أول تعليق من اللاعب محمد الشيبي على قرار المحكمة الرياضية الدولية | عاجل    استشهاد 7 فلسطينيين فى قصف إسرائيلى على شمال غربى مخيم النصيرات وغزة    ناقد فني: أعمال عادل إمام توثق مراحل مهمة في تاريخ مصر    «بايدن» يستنجد ب«المستنجد»!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة الأسمدة‏..‏ عرض مستمر‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 01 - 2012

أجري المواجهة‏:‏ عبدالرءوف خليفة أرادت الزراعة وضع منظومة الأسمدة تحت تصرفها واتخذت بنك التنمية والائتمان الزراعي جسرا يتولي مسئولية التوزيع علي المزارعين, تعاونه في ذلك التعاونيات. وظلت قواعد التوزيع سارية وتعاقب عليها6 وزراء لم يتدخل أحدهم ليعيد صياغتها وينقذ الفلاح من براثن أزمة الأسمدة التي تؤرقه طوال العام. من وسط حدة الأزمة خرج القطاع الخاص يطرح رؤيته للخروج من دوامة استحكمت حلقاتها علي المزارعين ووضعها أمام وزير الزراعة رضا اسماعيل ربما يعيد الأمور الي نصابها الحقيقي ويتعامل مع ملف الأسمدة بمنطق مختلف, ولكن الأزمة لم تدفع بوزير الزراعة إلي سرعة التعامل مع جوانب القضية وباتت يداه مرتعشتين. عند التصدي للأزمة فطرح الأمر جانبا وتركه دون اتخاذ قرار. من جانبه وقف القطاع الخاص يدافع عن رؤيته كونها طوق النجاة للفلاح والحصن الذي يتصدي لانفلات سوق الأسمدة طوال العام وتمسك محمد الخشن رئيس شعبة تجارة الأسمدة باتحاد الغرف التجارية بموقفه الرافض لإبعاد التجار عن المشاركة في توزيع الأسمدة واعتبره اجحافا لدورهم. بينما وجد الدكتور محسن البطران رئيس مجلس إدارة بنك التنمية والائتمان الزراعي في مشاركة القطاع الخاص في توزيع الأسمدة تعميقا للأزمة. في هذه المواجهة نطرح أبعاد أزمة السماد طمعا في الوصول إلي الحل..
محمد الخشن رئيس شعبة تجارة الأسمدة:
منظومة الأسمدة مازالت تدار بفكر الوطني
حجم الاستهلاك في سوق الأسمدة لا يتعدي10% وبرغم ذلك هناك أزمة في توافرها وارتفاع أسعارها.
نحن أمام مشكلة أزلية وحلول عقيمة ومسئولين غير عابئين بالمصلحة العامة وعلي إثر ذلك بات الفلاح يدور في دائرة مفرغة للحصول علي الأسمدة بأسعار لا تلقي بأعباء مالية فوق عاتقه. ومن المعروف أن هذه الفترة من السنة ينخفض فيها الطلب علي الأسمدة علي اعتبار أن موسم الزراعة لم يأت بعد, ووفق قواعد السوق فإنه يفترض انخفاض الأسعار ووجود ما يلبي الاحتياجات الآنية للفلاح ولكن ذلك لم يحدث.. ارتفعت الأسعار ووصل سعر طن النترات إلي2800 جنيه واليوريا3000 جنيه. ما يحدث في سوق الأسمدة شيء لا يصدقه عقل ويدفع بالفلاح صوب حافة الهاوية ويضع المحاصيل الزراعية تحت حد الخطر ومع الأسف الشديد تقف الحكومة عاجزة عن التعامل مع مشكلة الأسمدة برغم وجود حلول عملية وجادة تقبل التطبيق علي أرض الواقع..
تتوقع تفاقم أزمة الأسمدة خلال شهري ابريل ومايو بداية الموسم الزراعي؟
التعامل مع أزمة الأسمدة ينقصه الجرأة والشجاعة والقدرة علي اتخاذ قرار حاسم للقضاء علي فجوة الانتاج وارتفاع الأسعار وما يحدث الآن في سوق الأسمدة في ضوء عدم السيطرة عليه برغم أننا لم نصل بعد إلي موسم الزراعة الحقيقي, يؤكد علي تفاقم الأزمة واشتداد وطأتها خلال شهرين أو ثلاثة علي الأكثر. وأتصور أن الانتاج الذي يخرج من المصانع سوف ينخفض الي مرحلة خطرة نتيجة لعاملين أساسيين: الأول حالة الاضرابات التي توجد بين العمال في مصانع الأسمدة والثاني تحرير أسعار الطاقة, وكلاهما يمثل عبئا علي الطاقة الانتاجية للمصانع وارتفاع تكلفة الانتاج.
في تقديرك أنه من الصعب إيجاد حلول جادة تقبل التطبيق علي أرض الواقع لأزمة الأسمدة؟
مازلنا نعمل بمنطق حكومة الحزب الوطني في إدارة المنظومة الزراعية بدليل أنه تعاقب علي الزراعة6 وزراء وفشلوا جميعا في إدارة أزمة الأسمدة ولم يستطع واحد منهم إيجاد منهج نستطيع السير علي دربه لنتصدي لتلك الأزمة ونخفف الأعباء فوق كاهل الفلاح.. كلهم اختار طريقا واحدا بوضع مسئولية الأسمدة في عهدة بنك التنمية والائتمان الزراعي يعاونه فيها التعاونيات. وأتصور أن النظام الذي تعتمد عليه وزارة الزراعة في إدارة منظومة الأسمدة لم يعد قادرا علي مواكبة متغيرات الواقع الذي نعيش فيه.. الفلاح يحتاج إلي وفرة في الأسمدة وإذا استطعنا تحقيقها فلن نجد جنون الأسعار التي نراها الآن وسيتم القضاء نهائيا علي السوق السوداء, المعضلة الأساسية أن المسئولين يصرون علي اتخاذ القرار دون دراسة ما يحدث علي أرض الواقع.. مما ينتج عنه مشاكل يصعب السيطرة عليها.
كان لدي مسئولي وزارة الزراعة أسانيد منطقية تجعلهم يرفضون حلول التصدي للأزمة؟
لدينا أزمة مستمرة في سوق الأسمدة ويتعين علي الجهات المعنية التعامل معها وإيجاد الحلول لها ومع الأسف الشديد اختارت وزارة الزراعة علي مدي السنوات القليلة الماضية التعامل معها بمفردها وفق التصور الذي يراه المسئولون فيها, وطرحوا في سبيل ذلك القطاع الخاص جانبا برغم أنه شريك فعال في إدارة الأزمة وايجاد حلول جادة لها. حاولنا كثيرا المشاركة في ايجاد حلول لأزمة الأسمدة والخروج بالفلاح من النفق المظلم الذي يعيش فيه طوال العام ولكننا لم نجد الآذان الصاغية التي تتعامل مع ما نعرضه من حلول, وقد استمع وزراء الزراعة الستة السابقون إلينا ولم يتحرك منهم.
التقيت وزير الزراعة الحالي رضا اسماعيل.. وجدت لديه ما يعينك علي تطبيق الحلول؟
الوزير استمع جيدا لكل المقترحات المقدمة للتصدي لأزمة الاسمدة ولم نتلق ردا نهائيا حول إمكانية تطبيق ما تم اقتراحه.. في تصوري أن الأزمة ليست في وزير الزراعة ولكنها تكمن في فريق العمل المعاون له.. فهؤلاء دائما يزرعون الألغام في طريق ما يتم اقتراحه لإرهاب الوزير وتخويفه من الموافقة علي الحلول المقترحة. كثيرا ما جلسنا مع الوزراء السابقين.. كان آخرهم أيمن أبوحديد.. فبعد أن وافق علي المقترحات عاد وحنث بها وعرفت ان معاونيه وضعوا أمامه معلومات خاطئة حول الأزمة وعلي أثرها أرجأ قرار الموافقة. لست متفائلا باتخاذ قرار عاجل يقضي نهائيا علي أزمة الأسمدة.. فمازالت هناك في وزارة الزراعة عقليات تشارك في إدارة المنظومة الزراعية وفق سياسات الحزب الوطني, وتتمسك بقواعد عفا عليها الزمن وندفع بها الفلاح صوب المجهول.
نضع القطاع الخاص جزءا أصيلا للتصدي لأزمة الأسمدة, بينما مسعاه في الأساس نحو تحقيق الربح؟
خروج القطاع الخاص من معادلة الأسمدة من البداية وضع فوق عاتق وزارة الزراعة مسئولية جسيمة في وقت لا تملك فيه الامكانيات أو الأدوات التي تعينها علي ادارة منظومة الأسمدة وفق قواعد حاكمة, مما أدي إلي عدم وصول الدعم للفلاح وشيوع ظواهر أسهمت في ظهور السوق السوداء للأسمدة واشتعال أسعارها طوال العام ووفق هذا الوضع كان يتعين علي الزراعة اعادة النظر في النظام المتبع.. لكنها لم تفعل وارتضت الوضع القائم بكل ماأفرزه من مشكلات تمثل عبئا شديدا علي كاهل الفلاح. وجود القطاع الخاص ضمانة حقيقية لوصول الأسمدة إلي المناطق الجديدة التي تبلغ مساحتها7 ملايين فدان, في حين لا توجد منافذ لبنك التنمية والائتمان الزراعي أو التعاونيات فيها, ويضطر الفلاح إلي شراء الأسمدة من السوق السوداء لتلبية احتياجاته, ولو حصل تجار الأسمدة علي فرصة المشاركة في تحمل المسئولية علي الأقل في هذه المناطق فلن نجد فيها أزمة. من الصعب القبول بمنطق ابعاد التجار الذين يبلغ عددهم5 آلاف تاجر حاصل علي تراخيص بمزاولة تجارة الأسمدة في وقت تبعدهم الزراعة عن التجارة فيها, وتلك أزمة أخري وقضية يجب التعامل معها برؤية واقعية.
اسناد مهمة ادارة منظومة للأسمدة لبنك التنمية والتعاونيات خلف وراءه آثارا سلبية؟
هذا النظام طالت آثاره السلبية الجميع, فالفلاح لم يستطع الحصول علي احتياجاته من الأسمدة, في الوقت المطلوب, ولم يتمتع بالدعم الذي تقدمه الدولة له وأوجدت حوله السوق السوق السوداء, والتجار تعطلوا عن العمل وأغلقت أمامهم الحكومة سبل المساهمة في توفير الأسمدة للمزارعين, والقضية الأخطر أن الزراعة تعرف الحائز للأرض وليس من يزرعها, وهذا الوضع أدي ببعض الفلاحين إلي الحصول علي الأسمدة, ومن ثم بيعها للتجار, وهناك نماذج صارخة تسهم في تعميق الأزمة.. ولا تملك الحكومة التصرف حيالهم. إدارة الزراعة لمنظومة الأسمدة علي هذا النحو دفع أصحاب النفوس الضعيفة إلي المتاجرة بقوت الفلاح وأسهم في شيوع الفساد داخل التعاونيات وبنك التنمية علي حد سواء, ولا يخرج لي مسئول ويقول لي كيف تصل الأسمدة المدعمة إلي التجار في المناطق الجديدة,. من المفترض أن تلك الأسمدة تصل إلي الفلاح بصورة مباشرة وفق القنوات المتبعة.. ولكن ذلك لا يحدث في أغلب الأحيان ويضطر المزارعون إلي الحصول عليها بأسعار السوق السوداء.
تنحاز إلي مشاركة القطاع الخاص في توزيع الأسمدة علي المزارعين لمواجهة الآثار الناجمة عن النظام المتبع, في حين تعتبر الزراعة مشاركة التجار تعميقا للأزمة؟
لايجب أن نشكك في مصداقية ووطنية القطاع الخاص علي هذا النحو لانه يساهم في دعم الاقتصاد الزراعي بما لديه من خبرات وامكانيات ومرونة في التعامل.. هناك رؤي وأفكار عديدة طرحت لتبديد المخاوف التي يتصورها البعض.. لكن الأزمة الحقيقية غياب القيادة القادرة علي اتخاذ القرار والدخول بجدية للتعامل مع أزمة الأسمدة التي باتت عرضا مستمرا منذ سنوات. تمسك الزراعة بموقفها حق يراد به باطل, ويعكس انغلاقا في السياسات الزراعية وترسيخا لمنهج الحزب الوطني المنحل الذي كان يتعامل مع الأزمة وفق قواعده.. القطاع الخاص يريد وضع يده مع الجهات المعنية للتصدي للقضية في ضوء قواعد نتفق عليها ودون فرض شروط مسبقة.
تتصور ان ما قدمته من اقتراحات لوزير الزراعة الحالي يكفي لايجاد حلول عملية للأزمة أم انه يعد بابا يدخل منه القطاع الخاص لتجارة الأسمدة؟
الأزمة تتلخص في عنصرين أساسيين الأول نقص شديد في احتياجات السوق يصل إلي مليوني طن سنويا والثاني عدم وصول الأسمدة إلي الفلاح في كل المناطق الزراعية, والطرح الذي طرحناه في هذا الصدد يتلخص في استيراد الكميات المطلوبة للقضاء علي فجوة الانتاج من الأسمدة, اما من المناطق الصناعية الحرة أو من الخارج وتشكل لجنة تضم خبراء من مختلف الجهات المعنية في الزراعة والصناعة والاستثمار والتموين والتجارة الداخلية لتوحيد صناعة القرار وتحمل كل جهة مسئوليتها في الأزمة, علي اعتبار أن القضية لا يناط بها الزراعة فقط, وتكون مهمة اللجنة تحديد سياسات انتاجية وتسعيرية للأسمدة.
د. محسن البطران رئيس بنك التنمية والائتمان الزراعي:
المقترحات كلام نظري ولا تقبل التطبيق
لديك مسئولية محددة بشأن الأزمة في سوق الأسمدة وعدم اتخاذ خطوات جادة لتدارك الموقف؟
بنك التنمية والائتمان الزراعي لديه دور محدد في التعامل مع الأسمدة ويؤديه علي نحو جاد, ويتحمل مسئوليته ويلبي احتياجات المزارعين ويبذل قصاري جهده لتحقيق الاستقرار في أسعار الأسمدة, ولكنه جزء من منظومة كاملة تؤدي دورها تجاه القضية ولذلك عندما تحدث أزمة لا يمكن القاء المسئولية فوق كاهل البنك.. فهناك شريك أساسي ممثلا في التعاونيات ولديه مسئولية لا تقل في أهميتها عن تلك التي تؤديها في هذا الشأن.
ورغم كل ما يقال عن وجود أزمة في سوق الأسمدة ونحن مازلنا بعيدين عن موسم الزراعة.. فإني استطيع القول.. إن هذه الأزمة يحاول البعض ايجاد دافع لها في وقت لا توجد فيه أزمة من الأساس.. ونحن نتحمل مسئولية توزيع الأسمدة في محافظات الصعيد ولا توجد هناك أزمة وكل شيء يسير وفق القواعد المعمول بها في توزيع الأسمدة وأتصور أن هذا الكلام مجرد بداية لافتعال أزمة وقت موسم الزراعة مع بداية شهر ابريل.
أداء سوق الأسمدة وفق الوضع السائد ينذر بأزمة شديدة عند بدء الموسم الزراعي؟
لم يتغير شيء من القواعد المعمول بها في تحقيق الانضباط داخل سوق الاسمدة وتلبية احتياجات المزارعين خلال الموسم الزراعي, وبالتالي لا يوجد ما يدعو للقول باشتداد حدة الأزمة.. خاصة وأن معدلات الانتاج في المصانع التابعة للدولة تعمل بكامل طاقتها ولا تعاني خللا يؤثر علي حجم الانتاج وتفي بالتزاماتها في ضوء القواعد المتفق عليها بالحصول علي كل ما تنتجه.
لكن المشكلة التي تمثل نوعا من القلق, الموقف الذي قد تتخذه مصانع القطاع الخاص الموجودة في المناطق الحرة والتي نحصل منها بالكاد علي600 ألف طن أسمدة سنويا وهذه الكمية تسد جزءا من احتياجات السوق ووفق اتجاه الحكومة لتحرير الطاقة المقدمة للمصانع.. قد تلجأ إلي الإحجام عن تسليم تلك الكمية كرد فعل تجاه تحرير الطاقة وهذا يتوقع ان يترك أثرا علي الكميات المتوافرة في السوق ويحتاج الامر في كل الأحوال الي اتخاذ التدابير اللازمة.
الحلول التي توضع للتصدي لأزمة الأسمدة تتصور أنها غير جادة؟
الأزمة الحقيقية في قضية الأسمدة ليست في النظم المتبعة والمعمول بها في هذا الشأن كونها واضحة وتحقق الهدف المطلوب في تلبية احتياجات الفلاح من الأسمدة المدعمة.. لكن المشكلة الأساسية تتمثل في الكميات التي تحتاج إليها السوق حيث توجد فجوة بين الانتاج والاستهلاك ما يقرب من2.5 مليون طن سنويا ونحن حتي الآن لم نستطع غلق تلك الفجوة للقضاء علي السوق السوداء ولدينا أيضا معضلة في سلوكيات الفلاحين في التعامل مع الاسمدة المدعمة.. حيث يلجأ البعض الي بيعها للتجار وأضف الي كل ذلك غياب الضوابط الحاكمة لتعامل التعاونيات مع توزيع الاسمدة وغياب معايير تحدوها الشفافية.. مما يؤدي إلي تسرب كميات من الأسمدة الي السوق السوداء ولذلك لا نجد تلك الظاهرة إلا في وجه بحري وتعد تلك المناطق المسئول عن عملية التوزيع فيها التعاونيات وأتصور أن المسئولية في التوزيع لابد من اخضاعها لقواعد شاملة وواحدة اذا كنا نريد القضاء علي جزء كبير من الأزمة.
القطاع الخاص حاول مرارا وضع خبراته للمشاركة في إيجاد حلول لأزمة الأسمدة لكنه لم يجد من يستمع إليه؟
القطاع الخاص له دور فعال وجاد في دعم الاقتصاد الزراعي وهذا دافع لا جدال فيه ومن حقه أن يؤدي دوره في هذا الشأن, أما قضية مشاركته في توزيع أسمدة مدعمة تحولها خزانة الدولة لصالح الفلاح.. فهذا أمر مختلف, سوق الأسمدة مفتوحة أمام الجميع دون قيد أو شرط وتعطيهم الحق في استيرادها وبيعها لمن يريد كيفما يشاء ولا أتصور أن القطاع الخاص قادر علي المشاركة في توزيع الأسمدة المدعمة.. علي اعتبار أنه من الصعب إيجاد الوسائل التي تضمن جدية أدائه والتزامه بالأسعار المقررة. في يقيني أنه إذا كانت هناك أزمة في توزيع الأسمدة وعلي نطاق معروف ومحدد في ظل القواعد المعمول بها من الممكن تداركها, لكن في حالة دخول القطاع الخاص فيها فإن الأزمة سوف تشتد وتتعاظم وتخرج عن نطاق السيطرة لغياب الوسائل التي تعين الحكومة علي تحقيق الرقابة داخل سوق الأسمدة..
شاركت في لقاء تجار الأسمدة مع وزير الزراعة بينما خرجوا منه ولديهم اعتقاد بأن معاوني الوزير يمارسون ضغوطا عليه للابقاء علي الوضع السائد؟
ليس لأحد مصلحة في الدفاع عن وضع خطأ يترتب عليه معاناة للفلاح.. فنحن جميعا نعمل من أجل تحقيق مصلحته, وبنك التنمية والائتمان الزراعي تحديدا لا يتكسب ماديا جراء قيامه بعملية توزيع الأسمدة.. لكنه يتحمل مسئوليته تجاه المزارعين من منطلق دور يتعين عليه القيام به. القطاع الخاص يريد الدخول شريكا في التوزيع.. لكنه لم يطرح الوسيلة أو الشكل الذي يدخل به, ولم يقدموا ضمانات كافية تصون حقوق الفلاح وتجعله يحصل علي الأسمدة وفق النظام المتبع. قطاعات وزارة الزراعة المعنية بقضية الأسمدة لن تضار في شيء إذا دخل القطاع الخاص.. شريكا في التوزيع. نحن نبدي ملاحظات ومخاوف والوزير المسئول أمام الرأي العام عن اتخاذ القرار والواجب يحتم أن تضع الحقائق كاملة
وفق تصورك القطاع الخاص لا يستطيع ايجاد حلول جادة لأزمة الأسمدة المستمرة؟
أزمة الأسمدة لا تتعلق بالتوزيع ولكنها وثيقة الصلة بالإنتاج ونحن لا نريد دخول القطاع الخاص في التوزيع علي اعتبار أن هناك جهتين تملكان من الامكانات والأدوات ما يعينهما علي القيام بتلك المهمة علي خير وجه ونستطيع الوصول إلي المزارع في أي مكان يوجد فيه,مادام من حقه الحصول علي الأسمدة المدعمة وليس كما يشاع بأن بنك التنمية والائتمان الزراعي لا يستطيع الوصول إلي الفلاح في المناطق الجديدة.. نحن لدينا فروع في مناطق عديدة تغطي خريطة الجمهورية وتضع الأسمدة في متناول يده. القطاع الخاص يريد أن يخلق لنفسه دورا في منطقة لا يستطيع الأداء فيها وفق المنهج الذي يعمل به بنك التنمية الزراعي. كونه يسعي من وراء ذلك إلي تحقيق الربح المادي من توليه مسئولية التوزيع وهذه قضية لا يمكن تحقيقها مع الأسمدة المدعمة..
إذا كنت تؤمن بأن دخول القطاع الخاص شريكا في توزيع الأسمدة يخلف وراءه أزمة خطيرة.. فإن التجار لديهم يقين بأن النظام السائد ساهم في شيوع الأزمة؟
لكل نظام عيوب ومميزات والنظام المتبع في توزيع الأسمدة لا أحد يستطيع اغفال بعض الآثار السلبية الناجمة عن تطبيقه.. لكنها في حقيقة الأمر يمكن تداركها والتعامل معها بنوع من الحكمة عندما نتمكن من زيادة الإنتاج وسد الفجوة الموجودة لو كانت الأزمة تتعلق بالتوزيع لكان دخول التجار مطلبا حيويا.. لكن التوزيع ليس المشكلة الحقيقية في الأزمة.. التجار يريدون المشاركة في التوزيع دون أسس عادلة تصون حقوق الفلاح. ما يفعله التجار في الوقت الراهن شجع بعض المزارعين علي بيع الأسمدة المدعمة وايجاد سوق سوداء ولو كانوا أحجموا عن التعامل عليها ما وجد الفلاح فرصة لبيعها والتزم باستخدامها في تسميد محصوله وأتصور أن التجار لديهم مسئولية جسيمة في شيوع تلك الظاهرة ويتحملوا العواقب الوخيمة في هذا الشأن. النظام السائد في توزيع الأسمدة لا يحتمل مشاركة القطاع الخاص برغم ما فيه من عيوب ولو استطعنا توفير الكميات المناسبة للاستهلاك فلن نجد لتلك الأزمة آثار تذكر..
مشاركة التجار في توزيع الأسمدة وفق الطرح الذي أعلنوا عنه لا يقبل التطبيق علي أرض الواقع؟
لو كان التجار جادين في عدم تفاقم الأزمة واستمرارها ماقبل المشاركة في صناعة السوق السوداء بشراء الأسمدة من المزارعين ولو كانت مصانع القطاع الخاص الموجودة بالمنطقة الحرة لديها الرغبة في دعم سوق الأسمدة المحلية بإنتاجها ما كان الفلاح عاني من المشكلة.. القطاع الخاص عموما لا ينظر إلي القضية إلا وفق ما يحققه لنفسه من مكاسب.. المصلحة العامة ينحيها جانبا ولا أتصور أنه يستطيع الأداء علي خلاف ذلك.
الواقع يكشف عن انفصال كامل بين الجهات المعنية بقضية الأسمدة؟
الواقع يقضي بأنه من الصعب استمرار أزمة نقص الانتاج إلي ما لا نهاية دون ايجاد تصور عاجل يلبي الاحتياجات وقد ترك التباين في الأداء بين التعاونيات وبنك التنمية والائتمان الزراعي بعض الآثار التي توحي بأن هناك انفصالا في التعامل مع قضية الأسمدة..ورغم ذلك نحاول تحقيق التكامل بين التعاونيات والبنك في ضوء مايوفرة نظام عمل الزراعة.
لكن دون جدال البنك يملك منظومة متكاملة تؤدي علي نحو جاد وأتصور أنه الأفضل لو تحمل المسئولية وحده في إدارة أزمة الأسمدة كونه يملك من الأدوات والامكانات ما يعينه علي أداء رسالته بصورة مختلفة بعيدا عن حالة الفوضي التي قد تشوب سوق الأسمدة.
د. مني البرادعي المدير التنفيذي للمعهد المصرفي:
تفاقم الأوضاع الاقتصادية سببه سوء إدارة المرحلة الإنتقالية.. والحكومة الحالية بدأت التصدي للتحديات
حوار أجراه: خليفة أدهم
قالت الدكتورة مني البرادعي العميد السابق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية والمدير التنفيذي للمعهد المصرفي أن اسباب الازمة الاقتصادية التي تمر بها مصر سياسية وليست اقتصادية بسبب سوء ادارة المرحلة الانتقالية, ورغم تشخيصها للأزمة بوضعها الحالي علي أنها صعبة وتحتاج الي خيال ومعالجة غير تقليدية لاخراج الاقتصاد من عنق الزجاجة, الا انها تراهن علي ان وضوح الرؤية في الفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية, واخلاص النية وتوافر الرغبة مع تحديد اولويات الحكومة الحالية لانقاذ الاقتصاد, وترصد هذه الاولويات وفي مقدمتها تقليص عجز الموازنة العامة, وثانيا: اتخاذ بعض الاجراءات الضرورية نحو تعزيز العدالة الاجتماعية من خلال وضع حد اقصي للاجور, والاهتمام بالرعاية الصحية والتعليم, وثالثا: كبح جماح الممارسات الاحتكارية والتي تراها السبب الاساسي في ارتفاع اسعار السلع بالاسواق والهاب ظهر المواطنين, من خلال تفعيل دور الاجهزة المختصة وبصفة اساسية جهازي حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية, وحماية المستهلك للقيام بدورهما بشكل جاد بعيدا عن الاستهلاك الاعلامي.
ولا تخفي مني البرادعي التي ظلت لسنوات تشغل المدير التنفيذي للمجلس الوطني للتنافسية, تعاطفها مع الحكومة الحالية في ظل وطأة المشكلات التي تواجهها وكذلك مع البنك المركزي وقدرته علي ادارة السياسة النقدية في ظل انخفاض الاحتياطي الاجنبي والضغوط التضخمية الناتجة عن السياسة المالية التي انتهجتها الحكومة السابقة, ولكنها لا تفقد شعاع الامل ليس فقط في الخروج من الازمة ولكن لبداية النهضة الحقيقية اذا تم وضع الاسس السليمة للديمقراطية, وفي الحوار تكشف ايضا عن ترحيبها بتطبيق الزكاة بشكل الزامي وتقنين ذلك من خلال تشريع, وتراهن علي ان هذا الامر كفيل بمعالجة مشكلة الفقر في المجتمع ولكن بشرط ان تدار من خلال المجتمع المدني ولا تقترب اليها يد الدولة لتعزيز الثقة وضمان الكفاءة وتخصيص الموارد... وإلي نص الحوار:
لماذا تفاقمت الاوضاع الاقتصادية بعد الثورة.. علي الرغم من التوقعات في البداية بالقدرة علي السيطرة علي التحديات خلال6 أشهر وبدء تعافي الاقتصاد ووضعه علي بداية الطفرة ؟
لاشك ان هذا امر مهم لانه من الضروري التشخيص السليم لاسباب الازمة لبدء معالجتها والخروج منها, واعتقد ان هناك شبه إجماع ان لم يكن اجماعا لدي الاقتصاديين علي ان اسباب تفاقم الاوضاع الاقتصادية ناتجة عن سوء ادارة المرحلة الانتقالية, لأن المستثمر بطبعه يميل الي الترقب والحذر في انتظار وضوح الرؤية, ولكن ماحدث ساهم في تعزيز الضبابية والالتباس, كما ان الحكومة لم تمتلك خطة واضحة في التعامل مع التحديات ولم تبادر بالتالي بالاعلان عن محاور وسياسات واجراءات لامتصاص حالة الاحتقان الاجتماعي والفئوي التي تراكمت اسبابها علي مدي ثلاثة عقود, وبدلا من ان تعالج الانفلات الامني ساهمت في تغذية التظاهرات الفئوية للمعالجة الخاطئة مما زاد الامور تفاقما.
وما هي الأخطاء من وجهة نظرك التي ساهمت في تفاقم الأوضاع الاقتصادية ؟
تحديد خطة ذات اولويات وسرعة استعادة الامن, والاستجابة لاهداف الثورة تعزز الثقة في سلامة الطريق, كما ان التعامل الجاد مع العدالة الاجتماعية باتخاذ خطوات ضرورية تمثل قيمة رمزية وخاصة تطبيق الحد الاقصي للاجور, وترشيد الانفاق الحكومي, ومظاهر الترف والبزخ بما يتماشي مع طبيعة المرحلة والصعوبات التي تواجه الاقتصاد, مع تدعيم الرعاية الصحية والخدمات الاساسية للفئات الفقيرة.
وماهي أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد والتي تحتاج الي اجراءات اسعافية عاجلة..وهل هناك اولويات محددة لحكومة الانقاذ الحالية.. من وجهة نظرك ؟
ما افهمه ان الحكومة الحالية هي انتقالية اي معنية بادارة هذه المرحلة ومن هنا فان اولوياتها يجب ان تركز علي الاجراءات العاجلة التي تعالج تفاقم الاوضاع, مع وضع اسس يمكن البناء عليها, ومما لاشك فيه ان زيادة عجز الموازنة العامة الي هذا الحد هو ابرز واهم هذه التحديات, والذي ترتب عليه زيادة عجز ميزان المدفوعات, وايضا ارتفاع معدل التضخم وارتفاع اسعارالسلع بالاسواق, الي جانب تفاقم المشكلات الاجتماعية الموجودة اصلا والتي تتمثل في انخفاض الاجور الحقيقية, وزاد الطين بلة انخفاض قيمة العملة المحلية مما ادي الي تفاقم المشكلة, واري ان اولويات الحكومة الراهنة تتمثل في اعادة تشغيل المصانع المتوقفة, واستعادة الطاقة الانتاجية القصوي بالمصانع, مع معالجة التشوهات بالاسواق الناتجة عن الممارسات الاحتكارية في الانتاج والتجارة والتوزيع وخلافه, لاستعادة الاسعار جانبا من ارتفاعها غير المبرر.. خاصة ان نحو90% من ارتفاع اسعار السلع بسبب هذه الممارسات, الي جانب منح حوافز لانعاش الاقتصاد والخروج من الركود. وأخيرا وليس أخرا انشاء صندوق لتمويل المشروعات الصغيرة لتوليد فرص عمل امام الشباب وامتصاص البطالة.
كيف تري تعامل الحكومة الحالية مع هذه الاولويات وتلك التحديات ؟
للانصاف هناك اختلاف في تعامل واداء الحكومة الحالية مع المشاكل الاقتصادية بشكل اكثر فعالية وبشكل سريع خاصة الاجراءات التي اعلن عنها رئيس الوزراء لترشيد الانفاق الحكومي وتوفير نحو20 مليار جنيه من عجز الموازنة العامة, وكذلك الاجراءات الكفيلة بزيادة الايرادات بنحو3 مليارات, وان كنت اري ان هناك امكانيات لترشيد النفقات اكثر من القدرة علي زيادة الايرادات العامة في ظل هذه الاوضاع التي تتسم بالركود, ولكن يحسب لهذه الحكومة انها بدات تتخذ اجراءات مهمة لمواجهة الازمة, كما انه لايقل اهمية عن ذلك توجيه رسائل مهمة وواضحة لاطراف السوق وخاصة المستثمرين بالسياسات الاقتصادية للدولة, والسعي الدؤوب لاستعادة بناء مؤشر الثقة في الاقتصاد.
وما الاجراءات التي تنتظري ان تتخذها الحكومة خلال الفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية ؟
اتوقع استكمال اجراءاتها في رفع الدعم عن الوقود خاصة للبنزين95, وورفع الدعم عن الطاقة للشريحة الغنية التي تستهلك معدلات مرتفعة, كما اطالبها بضرورة احداث تغير جذري في آليات رسم وتنفيذ السياسات الاقتصادية من خلال المشاركة الحقيقية للمواطن في صنع هذه السياسات لانه لا يعقل ان يستمر نفس النمط التقليدي الخاطئ السائد في الماضي والذي خلق فجوة بين الحكومة والمواطن ولم يتحمس لهذه السياسات خاصة عندما تكون هذه السياسات تهدف الي تعزيز العدالة الاجتماعية.
واطالب الحكومة الراهنة ايضا بوضع معايير واضحة لتولي الوظيفة العامة فلايعقل ان تستمر الاوضاع بنفس الوتيرة والاختيار وفقا لدائرة المعرفة الشخصية, وهو ما انعكس بشكل سلبي علي اداء الكثير من مؤسسات الدولة.
هل تري أن معالجة مشكلة البطالة من مهام الحكومة المنتخبة ؟
بالتأكيد هذه المشكلة ضخمة ولعلها من اهم التحديات التي تواجه المجتمع, و تحتاج الي رؤية وسياسات اقتصادية شاملة, ولكن لايجب تأجيل التعامل معها, وأري ان الحكومة الحالية لابد ان تبدأ في تنفيذ برنامج للتشغيل, من خلال تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة مع العلم ان هذه المشروعات مهمة لتحقيق نهضة اقتصادية وتنموية وليس فقط مهمة في امتصاص البطالة من خلال قدرتها علي توليد فرص العمل المنتجة, والمستقبل يجب ان يكون لهذه المشروعات التي كانت من اسباب نهضة كثير من الدول ومنها كوريا الجنوبية, وايطاليا, كما انها تمثل العمود الفقري للاقتصاد المصري وتقترب من نسبة90% من الاقتصاد.. وتتساءل هل يعقل ان تصل تكلفة وسعر الفائدة علي قروض المشروعات الصغيرة حاليا الي نحو26% من بعض المؤسسات والجمعيات.. ؟
وفي هذا الاطار فقد بدأ المعهد المصرفي وبدعم البنك المركزي واتحاد البنوك مشروعا لتنمية فكر العمل الحر وتنمية المشروعات الصغيرة من خلال عقد ورش عمل ولقاءات مستمرة مع اصحاب هذه المشروعات والمهتمين لتعريفهم بالحوافز الجديدة وحزم التمويل التي تخصصها البنوك لتسهيل اجراءات اقراض هذه المشروعات ودعمها فنيا.
هل تري أن صعود التيار الاسلامي والنتائج القوية التي حققها في الانتخابات البرلمانية لصالح تعزيز الثقة في مناخ الأعمال والاقتصاد خاصة لدي دوائر الاستثمار المحلية والخارجية ؟
الانتخابات البرلمانية في حد ذاتها خطوة مهمة في طريق بناء مؤسسات النظام الديمقراطي من شأنها تعزيز الثقة, واعتقد ان فوز التيار الاسلامي بالاغلبية ليس هو المحك في حد ذاته بل المهم الذي ينتظره المستثمر هو, ماهو البرنامج وماهي التوجهات الاقتصادية, والالتزام بقواعد الديمقراطية التي تعزز بدورها الشفافية وتمنع الفساد وبالتالي تعزيز التنافسية والاحتكام لقواعد متكافئة في المنافسة مما يوفر المناخ الداعم لنمو الاستثمار, وبالتحديد اقصد ان تكون الرؤية واضحة ولا تحتمل اللبس او تضارب الاراء من جانب هذا التيار الاسلامي ولذلك لابد ان يعلنوا بشكل واضح برنامجا مفصلا للتوجهات الاقتصادية يعبر عنهم لمنع التأويلات.
ما رأيك فيما اعلنه احد قيادات الاخوان بانه سيتم تطبيق الزكاة بشكل إلزامي من خلال اصدار تشريع يقنن ذلك.. ؟
اؤيد هذا الاتجاه طالما انه يحترم الاخوة الاقباط, خاصة ان الزكاة فريضة واعتقد ان هذا الامر سيكون اداة مهمة لمعالجة الفقر في المجتمع, ويسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية, ولكن حتي يكتب لهذا الامر النجاح يجب ان تبتعد الحكومة عنه تماما, بمعني إنشاء هيئة من المجتمع المدني لجمع هذه الاموال وادارتها بكفاءة وتو ظيفها بشكل امثل بما يعظم من منافعها ويحقق اهدافها.
هل انت متفائلة بقدرة الاقتصاد علي مواجهة هذه التحديات؟
نعم متفائلة واستند في تفاؤلي علي ركائز قوية في مقدمتها الثورة التي قادها الشباب والتف حولها الشعب, وكذلك مقومات الاقتصاد المتنوعة من الثروات الطبيعية الي عبقرية الموقع الجغرافي الذي لم يستغل بالشكل الامثل, الي الامكانات الضخمة في قطاع السياحة, الي فرص تنمية شريط قناة السويس, وصولا الي الامكانيات الهائلة لتوليد الطاقة الشمسية التي تكفي للاستهلاك ومشروعات التنمية الي جانب التصدير, حيث تمتلك مصر مزايا نسبية وتنافسية كبيرة في هذا المجال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.