ذهبت إليه غاضبا.. قلت له أعلم أنك بلا قلب وبلا مشاعر.. أنت كتلة جامدة من الحديد والنار ولا ترحم من يقف في طريقك. نظر إلي في سخرية قائلا: وما الجديد فيما ذكرته أنكم جميعا تعلمون ذلك علم اليقين, وبرغم هذا تتعاملون معي بمنتهي الاستهتار والغباء والسلبية واللامبالاة. أحرجني وبادرني بالسؤال.. أظنك جئت تسألني عن ضحايا حادث التصادم الذي وقع منذ أيام علي مزلقان دهشور بالجيزةقلت نعم.. الناس تحملك المسئولية عن تلك الدماء البريئة التي سالت علي القضبان ويصبون عليك اللعنات, أنت والخفير والسلسلة والحاجز الحديدي وكل المسئولين, الذين يقفون وراءك. سألني.. وما رأيك.. هل أنت معهم.. قلت له.. عندهم حق, فعندما يموت الأبرياء وتلتهب المشاعر تتوقف آلة التفكير تحت طوفان الحزن والدموع ولا يجدون أمامهم إلا أنت. قال: هذه بداية المأساة وليست نهايتها, لأنكم لا تعترفون بأخطائكم, فمن الممكن أن أقول كلاما يدغدغ المشاعر ويهدئ النفوس, وأعترف بالمسئولية التي تلقي بي إلي دوائر المساءلة القضائية, وتمضون أنتم إلي سبيل حالكم إلي أن نفاجأ بكارثة جديدة علي أي مزلقان. دعني أقول لك.. إنكم تنتحرون, تقدمون أرواحكم للموت مجانا بهذا الإهمال, الذي ليس له مثيل علي وجه الكرة الأرضية, كم من مرة تكررت حوادث التصادم علي المزلقان بنفس الأخطاء. ألا تعقلون.. ألا تتعلمون؟! ماذا لو تصرفتم.. كما يتصرف العالم المتحضر, ماذا لو انتظر سائق الشاحنة أو الأتوبيس أو السيارة دقيقة واحدة, أو حتي عدة دقائق حتي أعبر بأمان وسلام؟ ويتجنب المخاطرة والصدام وإزهاق الأرواح؟ أكتفي بهذا القدر من الحوار الذي دار بيني وبين القطار, المتهم البريء, في حادث مزلقان دهشور.. فاصل قصير: هيبة الدولة لا تعود فقط بمواجهة المتظاهرين ولكن بالتصدي لكل صور الانفلات بالشارع, وفي مقدمتها الفوضي المرورية والباعة الجائلون. لمزيد من مقالات هانى عمارة