التنمية المحلية تعتذر للزميلة هبة صبيح    المشير طنطاوي قال "أزمة وهتعدي".. نبيل نعيم يُفجر مفاجأة بشأن تهديدات أمريكا لمصر في 2012    بلومبرج: تركيا تعتزم رفع الضرائب بشكل طفيف لدعم جهود مكافحة التضخم    غدًا.. انقطاع مياه الشرب عن قرى شبين القناطر لأعمال إصلاح عاجلة    وزارة «العمل» تنظم الحد الأقصى لتواجد العاملين يوميًا بمنشآت القطاع الخاص    وزير الداخلية السوري: يد العدالة ستطال منفذي هجوم حمص    علي ناصر محمد: مشروع الوحدة في مؤتمر القاهرة 2011 نموذج لاستقرار اليمن والرخاء    صحيفة إسبانية تكشف آخر تطورات انتقال حمزة عبد الكريم إلى برشلونة    حسام حسن: أشكر الجماهير ودائمًا نلعب على أن كل مباراة نهائي كأس    "ولعوا في القهوة".. سقوط أطراف مشاجرة أشعلت الرعب في طوخ بالقليوبية    المتحف القومي للحضارة يطلق فعاليات «روح ومحبة»    علي ناصر محمد: اتفاق السعودية والإمارات وإيران مفتاح حل الأزمة اليمنية    مواعيد عرض برنامج دولة التلاوة على قنوات الحياة وCBC والناس    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    وكيل الطب العلاجي يتابع أعمال التطوير بالسنبلاوين العام ويؤكد على سرعة الاستجابة للمرضى    خلال 3 أيام.. التفتيش على 1135 منشأة يعمل بها أكثر من 11 ألف عامل    ما هي حساسية الشتاء؟ وطرق علاجها والوقاية منها بالمنزل    مزاد علني لبيع محال تجارية ووحدات إدارية بحدائق أكتوبر    الدولار يحافظ على استقراره أمام الجنيه في البنوك المصرية خلال تعاملات اليوم الجمعة    غرامة كبيرة| مخالفة القيادة بدون رخصة.. إحذر قانون المرور الجديد    تصعيد جوي إسرائيلي متواصل.. غارات تمتد من جنوب لبنان إلى الهرمل    وزير التعليم العالي يفتتح استوديو جامعة بورسعيد بتكلفة 21 مليون جنيه.. صور    اللجنة الطبية العليا والاستغاثات تؤمّن ماراثون زايد الخيري بمنظومة متكاملة واستجابة فورية للطوارئ    بالصور.. كواليس مسلسل «تحت الحصار» بطولة منة شلبي | رمضان 2026    مؤتمر جوارديولا: انتصرنا في 7 مباريات متتالية لكننا لسنا في وضع جيد    انطلاق الامتحانات العملية لطلاب برنامج الصيدلة الاكلينيكية بجامعة القاهرة الأهلية    الحكم على رمضان صبحي ومها الصغير والمتهمين بسرقة أسورة أثرية.. أبرز محاكمات الأسبوع المقبل    رئيس جامعة كفر الشيخ يفتتح المؤتمر السنوي السادس لقسم القلب بكلية الطب    وزارة العدل الأمريكية تكشف عن أكثر من مليون وثيقة مرتبطة بقضية جيفري إبستين وتأجيل الإفراج الكامل يثير جدلاً    ياسر ثابت: تحييد أوكرانيا والعلاقة مع الناتو أبرز عقد التسوية المحتملة للحرب    ضبط مناديَي سيارات لارتكابهما أعمال بلطجة بساحة انتظار بالجيزة    أوقاف الفيوم تفتتح مسجد الرحمة ضمن خطة وزارة الأوقاف لإعمار بيوت الله    الداخلية تنفي ادعاءات مرشحة بالجيزة    رسميا.. أحمد سامي مديرا فنيا لمودرن سبورت    وزارة الداخلية: ضبط عنصر جنائي بالجيزة تخصص في تزوير الشهادات الجامعية وترويجها عبر مواقع التواصل الاجتماعي    محافظ الجيزة: انطلاق 36 قافلة طبية علاجية بالمراكز والمدن بدءًا من 2 يناير    إصابة مواطنين إثر انقلاب سيارة ربع نقل على صحراوى جنوب الأقصر    عميدة طب بنات الأزهر في حفل تخرج الوافدين: كونوا نبراسًا للرحمة ببلادكم    الصورة الأولى للفنان محمود حميدة بعد مغادرته المستشفى    بعد 25 عاما.. إنعام محمد علي تكشف أسرار اختصار مسلسل أم كلثوم في 4 سهرات    الداخلية تضبط أكثر من 21 طن دقيق مدعم في حملات مكثفة على المخابز    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    النقل تناشد المواطنين المشاركة لمنع ظاهرة رشق الأطفال للقطارات بالحجارة    اتحاد السلاح يستعين بخبير بولندي لتبادل الخبرات الفنية في سلاح السيف    كوريا الشمالية تعلن خطة لتوسيع إنتاج الصواريخ وتعزيز قدراتها العسكرية في 2026    رئيس وزراء السودان: اللقاءات مع الجانبين المصري والتركي كانت مثمرة    خطوات هامة لسلامة المرضى وحقوق الأطباء.. تفاصيل اجتماع اللجنة العليا للمسئولية الطبية    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    «شيمي»: التكامل بين مؤسسات الدولة يُسهم في بناء شراكات استراتيجية فعّالة    وزارة الخارجية ووزارة الاتصالات تطلقان خدمة التصديق علي المستندات والوثائق عبر البريد    باكستر: جنوب إفريقيا فرصتها أكبر في الفوز على مصر.. ونجحت في إيقاف صلاح بهذه الطريقة    موعد مباراة المغرب ومالي في أمم أفريقيا 2025.. والقنوات الناقلة    مجلس جامعة القاهرة يعتمد ترشيحاته لجائزة النيل.. فاروق حسني للفنون ومحمد صبحي للتقديرية    تحذير رسمي من وزارة الزراعة بشأن اللحوم المتداولة على مواقع التواصل    مدير دار نشر: معرض القاهرة للكتاب لا يزال ظاهرة ثقافية عالمية    الكومي: صلاح أنقذ مصر أمام زيمبابوي.. وهدفنا صدارة المجموعة    الإفتاء تحسم الجدل: الاحتفال برأس السنة جائزة شرعًا ولا حرمة فيه    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكم مصر
وقال لك إيه؟!
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 11 - 2013

غلابة وحق الله أولادنا مع أنانيتنا, فغالبيتنا عشنا زمنا نستمتع فيه بصخب الشباب ومباهج العزاب, وحرية عدم الارتباط, والصرف بلا حساب, والترحال بلا أثقال
, والكذب في حالة الحرج, والرمادي بدلا من الأسود والأبيض, والتأخير في حالة التقديم, والإعجاب بلا رقيب, والتليفون بلا حسيب, والنذالة في حالة الرذالة, والوعد بلا ارتباط, والسمر بلا حدود, والسهر بلا رعود, والضحكة بلا انحباس, والمروق بلا تماس... وقبل قوسين أو أدني من بلوغ حافة المنحدر وغزوة جيوش المشيب سارع كل منا يبحث له عن شريك يكمل معه المسيرة العسيرة بعد الشبع والامتلاء ووجوب استكمال نصف الدين, والتمتع بالبنين زينة الحياة الدنيا.. وزغرودة للعروسين, وعقبال البكاري.. ويأتي البكاري من التقاء عروس مشارف الثلاثين بعريس وداع الأربعين, ليكون الناتج هش البناء, طفولته محاذير, ونضوجه بين يدي المقادير, التي قد تعصف أو تقصف بأي من الوالدين اللذين يكتب عليه, بحكم فارق السن, مصاحبتهما كليهما أو أي منهما لمسارات ومشاوير العلاج والترميم.. وتقضي البنت أو الولد شبابهما في الأجواء الأسرية المشبعة بأبخرة كافور المراهم واللبوسات والدهانات, وسيمفونيات التأوهات, يسندان كبار السن في صعود الدرجات والانتظار في صالونات العيادات وممرات المستشفيات ومعامل التحاليل والأشعات, والسونار والرنين والليزر والمسح الذري ونسب الهشاشة ومعدلات السكر وتوازنات الكوليسترول والمشي بالمجهود.. والبحث في مراكز التأهيل عن رقبة ترفع الذقن لفوق, وحزام لا يكتم علي الضلوع, وركبة تتعامل مع الخشونة, ومشد لا يحبس الدم, وكف يفرد الكف, وشبشب يريح ورم الزلال, وعصا لاتظهر للمارة تشوهات العرج, ولاصق لايرعش الطاقم داخل الفم, وسماعة لاتبدو للعين, ومنظم للدقات تخفيه الفانلة, وثدي صناعة ألمانية لملء الفراغ, ومخدة لا تشنج الفقرات, ومرتبة لا تلين العظام, وقطرة لاتغبش النظر, وشغالة تيجي بدري وتروح متأخر.. و..لا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما مع زهايمر يعيد سرد أحداث الحياة عشرات المرات, ويسأل إحنا فين؟!! خمسين مرة, ولابد معه للبحث عن مفتاح دولاب الوالدة الموجود في حجرها, والنظارة المعلقة علي أرنبة أنفها, وزجاجة الدواء الزاعقة أمامها علي الرف.. زهايمر ينسي معه البابا والماما أنه تناول طعامه من دقيقة وغسل يديه وكعانه وكعبيه من دقيقة وراح لدورة الميه من دقيقة وغير هدومه من دقيقة وخلع الطاقم ولبسه من دقيقة وغطي روحه باللحاف من دقيقة, ورمي اللحاف من دقيقة, وعدلوا له المخدة من دقيقة, ورفعوا له السرير من دقيقة, وولعوا الأباجورة من دقيقة, واطفأوا له النور من دقيقة, وأخذ المنوم من دقيقة, ورجع يقظان وتعبان وزهقان وهفتان ومرضان وروحه طالعة من دقيقة.. و..وأن الزوج رحل من زمان, وإن بكرة الاتنين, وإن عاشوراء كان الاسبوع اللي فات, وإن البلد غير البلد, وإن الغائب حجته معاه, وإن البنت كبرت, وإن عبدالناصر مات, وإن مبارك وقع في الحمام, وإن مرسي بالترينج الأبيض في السجن, وإن الببلاوي بيحدف شمال, وإن الإخوان طلعوا غير مسلمين.. وإن علي الابن إبلاغ الفريق السيسي إن والده حارب ع الجبهة زمان ودافع عن أرض الوطن التليد وأصابته شظية في الكتف.. وأنه يدعو له في صلاته, وأنه بيقول له ماتيجي بقي.... وقال لك إيه؟!.. وقلت له إيه؟!!.. وقال لك إيه؟!!.. و..
في عشق مصر
لكم أن تتخيلوا وتذهلوا من أن عشق مصر وترابها والافتتان بأحد مشايخها قد حول واحدا من الإنجليز خلال فترة احتلالهم لمصر للذود عنها, واحتضان زعماء الحركة الوطنية فيها, ودفع ثلاثة آلاف جنيه استرليني عام1882 من ماله الخاص وهو ما يساوي مئات الآلاف الآن لتوكيل المحامي الإنجليزي الشهير السير برادلي للدفاع عن عرابي ومحمد عبده وغيرهما من زعماء الثورة العرابية عند محاكمتهم بعد الاحتلال, وكان الخديو توفيق مصرا علي إعدامهم جميعا, ولولا جهود المستشرق الإنجليزي الفرد سكاون بلنت الشهير في التاريخ المصري الحديث باسمه الأخير بلنت وتضحياته المالية, والتأليب المستمر للرأي العام الإنجليزي لتحققت للخديو رغبته ولتم إعدام الثوار ومنهم الشيخ محمد عبده الذي التقاه بلنت في زيارته الثانية لمصر عام1880 وكانت الأولي في1875 حيث ارتبط بمصر والمصريين حتي وفاته في1924 لتتوثق بينهما أواصر الصداقة التي تدفع بالإنجليزي لتعلم العربية وإتقانها قولا وكتابة علي يد الشيخ الصديق, حيث يكتب عن يوم لقائه في حي الأزهر كنقطة تحول كبير في حياته بقوله: ذلك اليوم الذي تميز عندي عن سائر الأيام.. يوم فتح لي باب صداقة استمرت ربع قرن مع رجل من أعظم الرجال الذين عرفتهم في حياتي.. الشيخ محمد عبده الجدير بسؤال أستاذه جمال الدين الأفغاني له: بالله قل لي ابن أي ملك أنت؟! وحقيقة لقد كانت للشيخ محمد أخلاق الملوك.
بلنت سليل الأسرة الإنجليزية العريقة في الثراء والجاه المتزوج من حفيدة الشاعر الإنجليزي اللورد بايرون الذي افتتن بمصر وكفاح محمد عبده إلي حد أن يكتب في الصحافة الإنجليزية نفسها ضد الاحتلال الإنجليزي مقالات نارية منها علي سبيل المثال رسالة وجهها إلي زعماء الحركة الوطنية المصرية ونشرتها الصحف الإنجليزية يدعو فيها المصريين إلي مقاومة الاحتلال, ومن يقرأ رسالته تلك يستشعره مواطنا مصريا مخلصا من أبناء النيل وليس إنجليزيا من بلد الاحتلال أبناء التايمز.. يقول بلنت للمصريين: احذروا منا نحن الإنجليز فلسنا نريد لكم الخير, وأبدا لن نمنحكم الدستور ولا حرية الصحافة ولا حرية التعليم, ولا حتي الحرية الشخصية.. ومادمنا قد تربعنا علي أرض مصر فهدفنا من البقاء فيها استغلالها لمصلحة صناعتنا القطنية في مانشستر واستخدام مواردكم لتنمية مملكتنا الأفريقية في السودان.. ويهيب بلنت بأبناء مصر: لم يعد لكم العذر في انخداعكم الطويل في نياتنا, فقد اتضح الأمر, وأزيح الستار, فاحذروا الانسياق إلي الرضا والسكينة باستعباد بلادكم ودمارها واستنزافها, واطلبوا بلسان رجل واحد في كل مكان ومع أي فرصة متاحة أن يوضع حد لآلامكم, وأن نعود نحن الإنجليز لحظيرة القانون, وأن نسحب جنودنا من بلادكم, وأن نكف عن التدخل في شئونكم.. قولوها لنا: نكرهكم.. ارحلوا.. الجلاء التام.. اظهروها واضحة جلية بجميع الأساليب التي تلجأ إليها شعوب تنشد الاستقلال لتثبت للأجنبي الدخيل رفضها للاحتلال, ومن تلك الوسائل التي عهدناها نحن الإنجليز: مقاطعة المعاملات التجارية والرسمية, وحتي الاجتماعية لنا.. أعلم أن لديكم جاليات أجنبية كثيرة انصرفوا عنا واذهبوا إليها ووثقوا علاقاتكم بها.. سالموا الجميع ولا تسالمونا.. اعلنوا لنا العداء.. اظهروا لنا قمم الكراهية, فأية بادرة لحسن النية من جانبكم لا تعنينا في شيء, وكل نداء قد تفكرون فيه لتحفيز حقوق الإنسان والعدالة لدي ضمائرنا لن نقابله سوي بالسخرية, وليست هناك وسيلة لإقناعنا بالجلاء عنكم سوي أن تثبتوا لنا أن احتلالنا لبلادكم يمثل خطرا عظيما علينا إذا ما نشبت الحرب.. اقنعونا بذلك, ففي اللحظة التي يتفهم فيها الذهن الإنجليزي الثقيل أن الفائدة من احتلالكم لا توازي المتاعب والأخطار التي نبذلها في سبيل ذلك سندير ظهورنا لكم في اللحظة التالية دون أن نرفع لكم القبعة!.. و..في مسيرة عشق مصر وصداقة ابنها محمد عبده يبني بلنت بيتا في عين شمس ويقدم للشيخ نصف الأرض هدية ليقول في مذكراته: أهديته فدانا من أرضي فبني عليه بيتا ليغدو أقرب جار للقلب والعقل والسكن.. و..نقلب في أوراق مذكرات الإنجليزي لنجده بتاريخ5 ديسمبر1895 يكتب: ليس بين جميع الشرقيين, لا بل بين جميع الرجال الذين عرفتهم صديق أعظم من الشيخ محمد عبده.. المصري الحر الذي تم نفيه عام..1882 أقدر رجال مصر وأشرفهم وأنبلهم وهو الآن في عام1895 يشغل منصب مفتي الديار المصرية..
وسلاما علي بلنت الإنجليزي الذي رفع اسم مصر وأزهرها وعلمائها ولغتها وكفاحها ونضالها وشهدائها عاليا.. وبئس لمن ولد علي أرض مصر وقال طظ في مصر, وحرق علمها, وقتل جندها, ونهب زيتها, واغتال أمنها, وباع أرضها, وحالف عدوها, وخان عهدها, وكفر أهلها و..لطخ جدرانها!
ملفات مونرو!
أستاذي أنيس منصور.. حتي لو كان حيا لم يزل يسعي بيننا لما غير الأمر من رأيه في شيء, أو تزحزح عن إعجابه بها قيد أنملة.. حتي لو سعيت وجاهدت وصورت نسخة من تلك الملفات الطبية التي بيعت هذا الأسبوع في مزاد علني بولاية كاليفورنيا الأمريكية بمبلغ وقدره256 ألف دولار لما بدر منه بعد إلقاء نظرة سريعة عليها سوي هز رأسه بمقولته الساخرة: ده غير معقول والأمر لا يعدو أن يكون الغيرة الحريمي.. الملفات خاصة بأسطورة هوليوود الصاروخية مارلين مونرو التي انتحرت في شرخ شبابها, وظل الأستاذ يمجد جمالها بأقوال مأثورة تتناثر كأوراق الورد بين سطوره حتي ولو كانت كلماته في الوجودية والفلسفة, أو عن رواد الفضاء والذين هبطوا من السماء, أو حول رحلاته حول العالم, أو بشأن صولاته وجولاته في صالون العقاد, أو في ذكر حواراته السياسية مع السادات.. مارلين مونرو دائما عند أنيس منصور في جملة مفيدة, تفيد بكونها جميلة الجميلات, وساحرة الكون, وشلال الأنوثة, ومنبع خفة الظل, واكتمال النحت المثالي, وملهمة الخيال والأفكار والكلام المباح وغير المباح والليالي الملاح.. ولكن مع كامل الاعتذار للمعجب الكبير غفر الله له, فالتقارير الطبية لمارلين مونرو التي تهافت علي شرائها رواد المزاد خاصة النساء تضم صورا عديدة بالأشعة لوجه نجمة الإغراء قبل وبعد عمليات التجميل التي خضعت لها منذ عام1950 وهي لم تزل في الرابعة والعشرين, ومنها جراحة لتغيير مظهر ذقنها العريض إلي ذقن مدبب, وتصغير فتحتي أنفها المفرطح مع رفع طرفه إلي أعلي, وإزالة ندبتين إحداهما وسط الجبهة والأخري أعلي الكتف الشمال, وزرع وتجميل السن الثالث المكسور في الفك العلوي, إلي جانب ما يفيد بأن النجمة كانت قد حملت خارج الرحم في عام1957 وأجرت الجراحة الضرورية العاجلة لتلافي المضاعفات في نيويورك... و..أعود إلي أقوال أنيس منصور التي كان يخصص لها عمود الجمعة من كل أسبوع في الصفحة الأخيرة من الأهرام, والتي كتب فيها وكأن مارلين عالقة في قلمه: المرأة المخلصة هي التي تكذب بإخلاص.. والمرأة كولونيا: شمها ولا تشربها.. والظروف الوحيدة التي تجعلنا نري المرأة علي حقيقتها, هي عندما نكون نحن علي حقيقتنا. ومن النادر أن يكون الإنسان علي حقيقته, ولذلك من النادر أن نفهم المرأة.. ومن النادر أن نكون علي حق معها.. ربما نكون علي حقيقتنا فقط عندما نموت.. وعندما لا تكون لنا أجسام.. وعندما لا تكون لأجسامنا رغبات أو شهوات أو مخاوف.. أي عندما لا نحتاج إلي المرأة!..
ولا من شاف
ليس تأريخا للرجل فليست مهمتي ولا صناعتي, ولا أنا المؤهلة أكاديميا أو سياسيا أو حزبيا لها, ولا أنا من خريجات مدرسة الدكتور يونان لبيب رزق الراصدة لتاريخ صفحات جريدة الأهرام المئوية, وإنما مجرد غاوية في البحث عن مفاتيح الشخصية للقيام برسمها, وشخصية السادات علي مدي أيامه أنه لم يكن دمويا في صراعاته أو خلافاته مما جعله متهما في بعض الأحيان بالتراخي الأمني.. شخصية رجل منعم بطاقة فن التشخيص التي صنعت مجده ومأساته, والتي شعر بوطأتها في شرخ الشباب فأرسل صورته الفوتوغرافية للمنتجة آسيا في عام1939 عندما طلبت وجوها جديدة لغزو الشاشة, ونشرت مجلة الهلال الصورة كوجه مرشح للتمثيل.. وأراد السادات وهو علي رأس المؤتمر الإسلامي تجميع كل نسخ هذا العدد من مجلة الهلال لوأدها لكن عبثا, وربما من هذا المنطلق كتب بيجن في مذكراته عن السادات: السادات مثل علي الدور.. هذا الدور التمثيلي جعله في عام1932 يخلع ملابسه ويغطي نصفه الأسفل بإزار ويصنع نولا للغزل ويعتكف فوق سطح بيتهم في كوبري القبة لعدة أيام تشبها وانبهارا بالزعيم مهاتما غاندي إلي أن تمكن والده من إقناعه بالعدول عن دوره الذي لن يفيده أو يفيد مصر في شيء, بل علي العكس من المؤكد أنه سيصيبه بمرض صدري, وعندما زحف هتلر من ميونخ علي برلين ليخلص بلاده من آثار هزيمتها في الحرب العالمية الأولي قام بطلنا ابن القرية بجمع أقرانه وهو في الثانية عشرة ليتزعمهم مثل هتلر الذي يجيد تمثيل طريقة أدائه للزحف علي القاهرة من ميت أبوالكوم.. وأبدا لم يمثل للسادات لون بشرته الداكنة أية عقبة لتخطي السدود إلي قمم الأناقة والوجاهة والجاذبية, فقد نشرت مجلة لايف صورته إلي جانب النجم جريجوري بيك وأمير موناكو كواحد من أكثر رجالات العالم أناقة.. تلك الأناقة التي قد تكون جزءا من أسباب اغتياله علي يد الإخوان عندما رفض ارتداء الجاكت الواقي من الرصاص تحت البذلة العسكرية المحبكة ألمانية الطراز في حضور العرض العسكري ليظل محتفظا بوزنه المثالي ومظهر رشاقته التي داوم من أجلهما علي الريجيم والجبن القريش ليبقي قوامه حتي النهاية بدون كرش أو سنتيمتر زائد من الشحم.. ولا أنسي ما قاله لي يوما الزميل الراحل محمود أحمد المحرر البرلماني للأهرام عندما سافر ليغطي زيارة الوفد البرلماني المصري برئاسة أنور السادات رئيس مجلس الشعب وقتها إلي إيطاليا عندما اصطفاه ليصحبه لأحد المحال الشهيرة ببيع القماش الرجالي ففوجئ بشراء السادات لست قطع من نفس اللون والقماش, وعندما شعر السادات باندهاش الزميل همس له ضاحكا بأنه يوفر بذلك علي روحه وجع الدماغ من ملاحظات الرجل الكبير في قصر الرئاسة: والستة يا ابني بتبان كلها وكأنها هي هي البذلة الواحدة, ولا من شاف ولا من دري ولا من اشتري!
الفاكهة المحرمة
أنا رحت أقول له الأمر خلاص يا سيدي قد خرج من يدي, فمن أين بالله يكون في استطاعتي أن أضرب الأرض تطلع تفاح أذيقه لابني البالغ الخامسة من العمر ليستدل علي طعمه, ويتعرف علي اسمه علي الطبيعة, وليس من خلال صورة شجرته المثمرة الملتف من حولها الثعبان المدان بخروج أبونا آدم وأمنا حواء من الجنة والهبوط بهما من الأعالي لواقع الأرض, خاصة أن تلك الثمرة المحرمة لم تكن قد رأتها مصر بفعل الاشتراكية ما بعد ثورة52 بينما المحروس ابني من مواليد..65 شكوت للأستاذ الكبير أحمد بهاء الدين فعلة نجله الصغير زياد بهاء الدين زميل ابني في المدرسة الذي يحضر معه في الحقيبة المدرسية يوميا تفاحة حمراء ليجلس معها في الفسحة الكبيرة يؤانسها وتؤانسه, ويقضم منها علي مهل فتخروش القضمة بين أسنانه بترددات استفزازية تصطك معها وتضرس أسنان ابني علي الجانب الآخر مدرة في فمه لعابا خاويا محبطا.. يا أستاذ بهاء من فضلك وأنت أكثر المقدرين لآثار الإقصاء والمنع والتميز والصراع الطبقي إما أن تقول لنا من أين تفاحك لنأتي لأولادنا بمثله ولو بذلنا الغالي والنفيس, أو أنك تؤمم تناوله داخل جدران بيتك, أي أن تخصخصه لصالح ذريتك, ولا تعرضه للناظرين مادامت حيازته للصفوة وليست في متناول الجميع, وكفاية احنا مش ناقصين أكثر مما يفعله بنا أصحاب الشقة العلوية المفروشة بالمصيفين العرب الذين يملأون أرضية شرفتنا كل ليلة بقشر الفستق المحرم تناوله محليا, إلي جانب شباك الصالة الجهنمي البحري الذي لا تأتينا منه الريح فقط لنسده ونستريح, بل يقدم لنا عرضا صباحيا استفزازيا لجارتنا التي تنشر علي حبالها أكياس محلات السي آند إيه بعد غسلها دلالة علي سفر أحد أفراد أسرتها لبلاد بره, إلي جانب رشاشة قصاري زرعها التي كانت في الأصل تضم شامبو لشعرها كما هو مكتوب علي واجهتها بينما كان أقصي ما نصبو إليه وقتها لغسل جلدة رءوسنا نابلسي شاهين بزيت الزيتون.. نهايته اعتذر لي الأستاذ بهاء بتأثر شديد للغاية يعكس مدي تجاوبه للمحبطين والمهمشين والمستأنسين أمثالنا, شارحا أن تفاح نجله زياد لا يخرج عن كونه أحد مفردات صندوق تفاح صغير أهداه له شخصية لبنانية سياسية زائرة, وأنه سوف ينبه علي زوجته بألا تضع منه لابنها مرة أخري في حقيبة المدرسة.. وعموما يا ستي صندوق وراح لحاله...
لا.. لا يا سيدي لم يذهب الصندوق أبدا لحاله. لقد بقي خلفية نكدية لحياتنا ليغيظنا ويكدرنا ويطلع منافسنا.. يقول ويرجع في كلامه.. يمنح ويمنع ويقسط ويشطرويتشطر ويدس أنفه في أدق أمورنا الشخصية من أول سعر البنزين والملوخية إلي لزوم ما نرتديه تحت الفستان والجلابية.. ويضع ما بيننا علي المحك ثورة ولا انقلاب؟!! و..نسك عليه من بعد فيض الكريم ونخوة الإخوة.. وخلاص أخذ الشر وراح.. و..فجأة من تاني يسافر زياد نقول يا هادي, ويرجع زياد يقول لنا أبدا الصندوق مش راضي!!.. و..لم يزل نجل سيادتكم يا أستاذ بهاء يأكل التفاح في تصالح مع النفس والغير مع خروشة قضمات استفزازية, ورجعنا علي الجانب الآخر نأكل أظافرنا ومفلوقين من الغيظ.. وإن كان بالأمس فقط قد ساهم النجل العزيز في جذب90 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي للوجبة المدرسية بدون تفاح وتطوير العشوائيات وذلك عندما فكر خارج الصندوق!!
حكمت فعدلت
علي أطراف مدينة الأحلام وتحقيق شطحات الخيال علي أرض واقعها, والفوز بالأمس باستضافة معرض إكسبو الدولي2020 بغالبية116 صوتا متقدمة علي روسيا التي لم تحصل إلا علي47 صوتا فقط, مما سيجذب استثمارات ضخمة لدبي بالذات والإمارات بوجه عام.. ذهبنا للقائه... الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة وحاكم دبي... وفدا من الصحافة المصرية في استراحته المتواضعة التي تركن فيها سيارته الجيب بجوار المبني الصغير في حراسة عدد لا يزيد علي أصابع اليد الواحدة من رجال الأمن.. جلسنا ننتظر الحاكم الخاشع الساجد وحده بعيدا وسط الصحراء يؤدي صلاة المغرب ويرفع يديه للسماء داعيا إلي الله.. وجدت لحظتها صدي في النفس يردد ما قاله نائب كسري عندما جاء مع واحد من الصحابة يسأل: أين كسراكم؟.. فأجابه الصحابي: هو ذاك الرجل النائم تحت الشجرة.. فما كان من رسول كسري سوي قوله: حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر..
المهمة الصعبة
في مذكراته قال الرئيس محمد نجيب: حضر جمال وعبدالحكيم إلي بيتي طالبين أن تقوم الثورة يوم4 أغسطس.. سألت عن السبب؟! حتي يكون الضباط قد صرفوا مرتباتهم واطمأنوا علي عائلاتهم.. فكان ردي أن من يتصدي لعمل ثوري لا يهتم بمرتب شهر.. رفضت الانتقال لقصر عابدين مفضلا بيتي المتواضع في حلمية الزيتون متنازلا عن نصف مرتبي6 آلاف جنيه كرئيس للجمهورية تقديرا للأحوال الاقتصادية المتردية السائدة في البلاد.. بكيت للموقف الرهيب, ملك يخلع عن عرشه, لحظة خلع فاروق من سلطانه الذي ورثه أبا عن جد ومغادرته أرض بلاده بلا رجعة موقف مؤثر يهز الكيان وبالغ الأهمية. بكيت ولم أكن بلا شعور مثل أحد صغار الضباط الذي أمره الملك بخفض عصاه من تحت إبطه في حضرته, فرد عليه بأفظع السباب, لكن الملك المتربي لم يجب بشيء وأعطاه ظهره وانصرف.. طبعا بكيت. كان لازم أبكي... كانت آخر كلمات فاروق لي: إن مهمتك صعبة للغاية فليس من السهل حكم مصر!!..
لمزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.