التقييم الواقعي للحالة الاجتماعية في مصر.. وكيفية معالجتها ووسائل الإصلاح لتحقيق المعني الشامل للتضامن الاجتماعي بين جميع فئات المجتمع وطبقاته المختلفة بما يؤدي إلي العدالة الاجتماعية.. وإمكانية المصالحة بين الحكومة وجماعة الإخوان علي ضوء الأحداث التي يشهدها الشارع المصري حاليا. وعمليات الاغتيال ومدي تحولها إلي الاتجاه السياسي.. وموقف الوزارة من أموال التأمينات المستحقة لأصحاب المعاشات وحجمها الحقيقي وصحة ما يتردد عن ضياعها وإجراءات استعادتها.. ودور منظمات المجتمع المدني في المرحلة القادمة وعلاقتها مع الحكومة.. ومراقبة المعونات الأجنبية ومصادر التمويل للمؤسسات الأهلية ونوعية الأنشطة التي تمارسها بعيدا عن السياسة واستغلال الدين.. هذه القضايا وغيرها كانت محاور لحديث ذي شجون مع الدكتور أحمد البرعي وزير التضامن الاجتماعي والذي جاء علي الوجه التالي: ما تقييمك للحالة الاجتماعية في مصر.. وما مدي إمكانية تحقيق التضامن بين طوائف الشعب.؟ عندما نستعرض بعض الإحصائيات التي يتذكرها العقل نجد أن نسبة الفقر40% منها25% تحت خط الفقر و15% علي خط الفقر نفسه وهو دولاران في اليوم للأسرة.. والبطالة وصلت13.4% من قوة العمل.. ونسبة الأمية23% حسب الإحصائيات الرسمية و33% طبقا للمنظمات الدولية منها46% بالنسبة للمرأة, وهذه أرقام مخيفة كما أن النسبة المتعلقة بالتزايد السكاني اليوم تمثل مشكلة كبيرة جدا لأنها لا تقوي المجتمع وإنما تضعفه نتيجة لزيادة أعداد الفقراء, وعلي سبيل المثال المعاشات الاستثنائية التي تصرفها وزارة التضامن للمستحقين تصرف لارباب عائلات يتراوح عدد أطفالها بين5 و7 أطفال وهذا يكشف أننا نورث الفقر وليس الغني لأبناء هذا البلد الذي لن يستقيم الأمر فيه بهذه الصورة وعلينا أن نعمل بسرعة وجدية لأننا خارجون من دولة مجرفة تقريبا فميزان المدفوعات محمل بأعباء الديون والصناعات التصديرية تراجعت.. ولذلك فإن الحكومة الحالية. والتي تهاجم في كل وقت دون مبرر كان هدفها الأول محاولة النهوض بالاقتصاد والحمد لله أعتقد أن لديها ثلاثة مؤشرات تفخر بأنها حققتها في ثلاثة أشهر غير إنجازاتها الأخري الأول أنها تمكنت من تعديل المعدل الائتماني لمصر والمؤسسات الدولية تعيد حاليا الترتيب الائتماني للبنك الأهلي وبنك مصر وبنك الCiB والثاني استطاعت أن تجعل البورصة تعود إلي سيرتها الأولي والثالث انخفاض قيمة الدولار.. ولدي اعتقاد وتفاؤل بالقدرة علي تحقيق نهضة اقتصادية كبيرة جدا إذا استمر السير في طريق العدالة الاجتماعية والتي اتخذت فيها الحكومة خطوتين لم تجرؤ أي حكومة سابقة علي تنفيذهما وهما وضع حد أدني وأقصي للأجور وعدد من القرارات التي لم تكن ذات فاعلية جيدة لكن لها آثارها في معالجة الفقر كأن تتحمل المصروفات المدرسية كلها هذا العام ومصروفات المدن الجامعية للطلاب أيضا بالإضافة إلي زيادة المعاشات من نسبة ال5% التقليدية إلي10% وكلها محاولات بالقدر المتاح لأن تحقيق العدالة الاجتماعية مرتبط بالنمو الاقتصادي. علي ضوء ما ذكرتم كيف يمكن معالجة هذه الأوضاع في الظروف الحالية؟ ما تتطلبه الظروف الحالية إتاحة المناخ الذي يساعد علي الاستثمار والعمل, ولذلك أدعو الناس أن يعطوا انفسهم مهلة تمكن الحكومة من العمل لتنفيذ المشروعات الكبيرة التي بدأت في اتفاقية الإمارات ب4.9 مليارا دولار منها إنشاء ستين صومعة لتخزين القمح وإصلاح48 مصنعا من المصانع التي توقفت منذ عام2011 وهناك اتفاق مع الكويت لتنفيذ مشروعات تتجاوز تكاليفها17 مليار دولار والمملكة العربية السعودية بدأت تعد لحزمة من الاستثمارات في مصر وهذا بخلاف ما اتفق عليه رئيس الوزراء الدكتور حازم الببلاوي ورئيس هيئة قناة السويس مهاب مميش لطرح مشروع تنمية قناة السويس في مناقصة للتنفيذ وهذا يتطلب شيئا من الصبر لكن الناس قدرتهم قد ضعفت بعد3 سنوات والحقيقة أنه قد مرت20 سنة في انتظار العدالة الاجتماعية. ما حقيقة الموقف من أموال التأمينات وهل ضاعت بالفعل علي مستحقيها من أصحاب المعاشات؟! يوم11 الشهر القادم ستصدر المحكمة الدستورية حكما يتعلق بالقرار الذي أصدره يوسف بطرس غالي بضم أموال التأمينات للخزانة العامة عام2006 عندما كان وزيرا للمالية والتأمينات وذلك بناء علي الدعوي التي أقمتها شخصيا علي هذا القرار.. وتعود المشكلة إلي عام1981 عندما صدر قانون إنشاء بنك الاستثمار القومي ووضعت أموال التأمينات وديعة في هذا البنك.. وكانت الحكومة تحصل علي قروض من البنك لاستخدامها في مشروعات البنية التحتية والتجديد والإحلال في القطاع العام وذلك مقابل فائدة نسبتها2% فقط وبعدها طالب أصحاب المعاشات بصوت عال برفع نسبة الفائدة وتضامنت معهم بصفتي ناشطا في منظمات المجتمع المدني للحصول علي نسبة8% حسب السعر المعلن في البنك المركزي وبالفعل تحقق ذلك وعندما توليت الوزارة في هذه الحكومة اتفقت مع وزير المالية علي زيادتها إلي9% ونتيجة لتفهم الدكتور أحمد جلال وزير المالية هذه المشكلة أنشأنا لجنة حصر أموال التأمينات لتوضيح قيمة الأموال لدي بنك الاستثمار القومي ووزارة المالية. ما القيمة التقديرية لحجم هذه الأموال وهل سيمكن استردادها ومتي..؟! ليست لدي القدرة الآن علي تحديد حجم هذه الأموال ولقد أقمت الدعوي القضائية بمبلغ626 مليار جنيه ولم يكن لدينا علم بالمبالغ المحصلة والمنصرفة كما أن كتاب هيئة التأمينات الذي كان يصدر بإنجازاتها وبه هذه الأرقام سنويا قد توقف بعد صدور قرار يوسف بطرس غالي عام2006 بضم أموال التأمينات الاجتماعية والهيئة إلي وزارة المالية. وطبعا المبالغ كثيرة جدا ولا توجد حكومة تستطيع ردها دفعة واحدة وتحتاج إلي فترة زمنية تتراوح ما بين10 و15 عاما ولابد من القبول بأن يكون استرداد جزء من هذه الأموال عينيا أي شركات تشتغل أو أراض تمنح للتأمينات الاجتماعية.. ولكن عندما تنتهي اللجنة المشكلة لحصر الأموال وتحدد الحجم الحقيقي لها وخاصة الفترة المجهولة ما بين عام2006 إلي عام2012 عندما عادت التأمينات إلي وزارة التضامن وقد أقرت الحكومة بمديونياتها عن المبالغ التي أدرجت في موازنتها خلال تلك السنوات الست. وسوف ينعقد مجلس إدارة هيئة التأمينات بتشكيله الجديد الذي انخفض فيه ممثلو الحكومة من13 عضوا إلي5 أعضاء فقط لدراسة كيفية سداد المستحقات ويشارك فيها أصحاب المعاشات بصفتهم أعضاء بمجلس الإدارة والتسوية مع الحكومة. بعد استرداد أموال التأمينات هل سيتم دفع قيمة المعاشات لأصحابها؟ كل ما نفعله من أجل زيادة المعاشات لمستحقيها وهذا هو الأساس الذي نعمل علي تحقيقه لأنني صاحب معاش أقدر المطالب, وأصحاب المعاشات لهم حق مشروع في زيادتها لو كانت أموالهم قد استثمرت بصورة جيدة. وماذا عن عائد أموال التأمينات خلال تلك السنوات.. وهل سيتم وضع حد أدني للمعاشات أسوة بالأجور؟! طبعا هناك فوائد لكنها لم تحسب لأن قيمة المبالغ غير معروفة.. وعندما نسترد هذه الأموال سنطالب بفوائدها عن كل السنوات السابقة وطبقا للأسعار التي كانت سائدة أما عن الحد الأدني للمعاش فإن النمو الاقتصادي وتقدمه يحقق جميع مطالب العدالة الاجتماعية.. وكنت أتمني أن تسمح الموارد المالية بوضع حد أدني للمعاش أسوة بالأجور ولكن الظروف التي تعيشها صعبة جدا.. ولكي يعلم الجميع فإن تكلفة تطبيق الحد الأدني للأجور ستتجاوز18 مليار جنيه في حين أن ما سيوفره الحد الأقصي مبلغ3 مليارات فقط وبالتالي هناك فرق15 مليار جنيه.. كما أن زيادة المعاشات إلي نسبة10% سوف تكلف صندوق التعاون الخاص4 مليارات جنيه سنويا ما أوضحته تفصيلا يكشف أن العدالة الاجتماعية لن تتحقق قريبا.؟ لو تمكنا من التوصل إلي تسوية مع الحكومة حول استرداد أموال التأمينات جميعها وفوائدها فسوف نشرع فورا في تحديد كيفية استثمارها بما يؤدي إلي رفع المعاشات وإصلاح النظام والطريقة الخاطئة التي كانت متبعة فيما مضي, في إدارة أمواله, وهذا الأمر يحتاج إلي ما بين3 و4 سنوات. وما المشكلة الرئيسية في الجمعيات.. وعدد غير الحكومي منها ومدي جدية نشاطها.؟! هناك مشكلة واحدة نعمل علي إيجاد حل لها وهي المراقبة علي المعونات الأجنبية التي تحصل عليها بعض الجمعيات لأن الظروف التي تمر بها مصر ومكافحة الإرهاب تقتضي أن تكون هناك رقابة علي الأموال التي تدخل لهذه الجمعيات حتي لا نفاجأ بوجود جمعيات وهميه والمقصود منها دعم الإرهاب وشراء الأسلحة.. ونحن لغرض أمني فقط نراقب مصادر التمويل والتأكد من صرف هذه الأموال في أنشطة الجمعيات المشروعة وليست في أنشطة أخري لأن عدد الجمعيات غير الحكومية40 ألف جمعية والعدد الذي يعمل فعليا لا يتجاوز25% منها. والجمعيات التي تحصل علي معونات أجنبية هي التي تمارس أنشطتها والتي لديها هيكل قوي.. وهناك جمعيات تمر عليها الأعوام والسنون ولا تفعل شيئا.. وسنحاول في عملية توفيق الأوضاع للجمعيات علي ضوء القانون الجديد ألا نعطي الفرصة لعمل أهلي لغير الجمعيات التي تكون قادرة علي تقديم الخدمة للمجتمع وليس لمجرد جمعيات علي الورق فقط. ما تصرفكم بالنسبة للجمعيات التي أحيلت للقضاء لحصولها علي تمويل أجنبي لممارسة أنشطة مخالفة للقانون؟! هذه الجمعيات لم تكن لها أي علاقة أو ارتباط مع وزارة التضامن إطلاقا لأنها كلها جمعيات أجنبية وعندما تعمل في مصر فإنها تتقدم عن طريق وزارة الخارجية التي ترسل بدورها بعد موافقتها ملف الجمعية إلي وزارة التضامن للتعامل معها وفقا لقانون الجمعيات رقم84 لعام وبالتالي فلا يوجد لها ملف لأنها لم تحصل علي موافقة الخارجية أولا وهذه هي السياسة, وتأكد ذلك في أقوالهم أمام النيابة بأنهم كانوا في سبيل الحصول علي ترخيص من وزارة الخارجية وليست لوزارة التضامن علاقة بهم وهم يمارسون نشاطهم دون ترخيص رغم عددهم والفترة الزمنية التي أمضوها دون أن يكون لهم وجود طرف الوزارة. لماذا لم تكن صاحب المبادرة بإصدار قرار حل جمعية الإخوان قبل الحكم القضائي؟! كان هناك إجراءان لابد من اتخاذهما وهما الحصول علي موافقة الاتحاد العام للجمعيات ودعوة الجمعية للإدلاء بأقوالها وبعد الانتهاء منهما لم يكن يتبقي علي صدور الحكم القضائي سوي عشرة أيام وفضلنا في مجلس الوزراء الانتظار لحين الحكم القضائي حتي لا تكون أي شبهة في استخدام قرار سياسي ضد الإخوان. كما أنني كنت منتظرا الحكم حتي أصدر قراري في ضوئه بحيث لا يكون قابلا للطعن عليه لأني لم أكن أتحمل مهنيا أو سياسيا إصدار قرار به ثغرة قانونية تؤدي إلي بطلانه.