قلوب معلقة بالأمل في الشفاء, وأخري حائرة تنتظر مخرجا لفك الكرب, وثالثة تتألم في صمت لأنها لا تجد من يسمعها وغيرها ترتجف خوفا من مجهول قد يفوق احتمالها, ومثلها تائهة لا تجد يدا تلتقطها من كارثة. حكايات عجيبة تدمي القلوب وتدمع لها العيون و يتألم لها الوجدان و لكنها في النهاية ليست بعيدة, فهي جزء منا يعيش فينا لأنها ببساطة نماذج من الحياة . التوائم الثلاثة في انتظار مصدر للرزق ثلاثة توائم هم كل ما يمتلكه هذا الاب البائس من حطام الدنيا شاء القدر ان يأتوا الي هذه الدنيا وتصل معهم اتعاب والدهم محمد نصر الذي كان يعمل كهربائيا وسعيد بما رزقه الله من جنيهات قليلة او كثيرة فهي بالنسبة له الدنيا كلها لانها تكفيه ذل الحاجة ولكن شاء القدر ان يعيش هذا الاب مأساة المرض وكانه علي حد تعبيره اصابه الحسد بعد التوائم الثلاثة. قد تكون كلماتي هزلية بعض الشيء ولكن محمد الذي اصيب بورم في الرئة استدعي استئصال الفص الايمن منها ليرضي محمد بقضاء الله ويستمر في العمل ولكنه لم يستطع العمل بذات الكفاءة فقل الدخل ولكنه مازال راضيا ليصاب بجلطة في قدمه اليمني وكسر بساقه اليسري ويصبح طريحا للفراش لا يتحرك فتلتهم قرح الفراش جسده وكأن الامراض تفتح ممرا لها في جسده النحيل لتزيد همومه والامه لانه لم يعد يعمل ولم يبق له سوي ذل الحاجة والمرض. الموجع ان التوائم الثلاثة والابن الرابع في حاجة الي البان اطفال وغذاء وكساء وسكن فمن اين لهذه الاسرة الوفاء بكل هذه الالتزامات فقد حاول محمد كثيرا العمل ولكن لم يستطع وهو الن يبحث عن مصدر رزق لاسرته ويري ان شراء توك توك والعمل عليه قد يحل المشكلة ويكفيه ذل الحاجة حيث ان قيادته لن ترهقه وحتي اذا عمل عليه أحد وحصل منه علي دخل ثابت فسيكون فيه انقاذ من ذل السؤال والحاجة. أربعة آلاف جنيه تعيد نورهان لهمسات الحياة حكايتنا هذه المرة قد تتشابه مع غيرها ولكنها في النهاية آلام طفلة.. اسمها نورهان في الثالثة من عمرها لم تقترف ذنبا بعد ولكن قسوة الاعاقة جعلتها طفلا ناقصا في عيون البشر إلا ان براءتها وذكاءها يتحدثان بما لا تستطيع ان تنطق به وتلقي علي مسامع الناس كلمات من الرحمة والشكر لله لا تستطيع هي نفسها ان تسمعها. هذا ليس كل شيء فتأخر نورهان في النطق لم تلاحظه أسرتها مبكرا لضعف المستوي الاجتماعي وانشغالها بالبحث عن لقمة العيش, فوالدها مجرد نجار ارزقي يخرج باحثا عن قوت يومه ولا يعود إلا بعد عروب الشمس سعيا للرزق, ولكن مع انتهاء عام نورهان الاول مازالت غائبة عن عالم لا تسمع عنه شيئا ليبدأ عامها الثاني فتفطن الأم الي ان ابنتها لا تنتبه للمؤثرات الصوتية التي تسمعها, ومن هنا تبدأ رحلة شقاء الاسرة البسيطة بحثا عن علاج يعيد طفلتها الي أصوات الحياة ليكون قرار الاطباء ضرورة استخدام سماعات خارجية لفترة حتي ينتبه العصب قبل أن يضمر ويموت, ثم تأتي بعد ذلك عملية زرع القوقعة ولكن الأب تاه باحثا عن أحد يلتقط يده لشراء السماعات الخارجية التي لا يتعدي ثمنها أربعة آلاف جنيه حتي لا يفقد آخر أمل له في ان تسمع ابنته همسات الحياة من جديد. فهل من مجيب؟