الاتساق والتوافق المؤسسي هو في الحقيقة نتاج اتساق دستوري.., تشريعي..., لائحي حيث تكون المنظومة اللائحية متسقة مع المنظومة التشريعية, وهما متسقتان متوافقتان مع الدستور. والبحث عن صياغة جديدة لنظام إدارة المحليات والتي يمكن أن نستوضحها من خلال الدراسة والتطبيق لتجارب اللامركزية خاصة في ظل القانون43 لسنة1979 فإن المسألة أصبحت تتجاوز التعديلات إلي الولوج نحو تجربة جديدة تتلافي بالأساس وليست بتعديلات القانون, ويصبح من المفيد التركيز علي إيضاح النقاط الهامة والسالبة التي أفردتها التجارب حتي تكون نبراسا عند إعدادنا لتشريع جديد:- أولأ:- أقر القانون مبدأ المجلسين الشعبي والتنفيذي علي كل مستويات الإدارة المحلية تحت مقولة خادعة بأنهما جناحا الإدارة المحلية وهذا مفهوم خاطئ إذ لايستقيم الحال وكل جناح لهذا الطائر البائس رأس وإرادة وتوجه وهي فكرة لاتتفق مع كون التطبيق إدارة المحلية حيث إننا لسنا بصدد تشريع أو سياسة وأيضا لسنا بصدد فرض اليات أو اتحادات أو ما شابه من النظم واستطيع أن أقرر أن هذا الخلل التشريعي والتنظيمي أدخل الإدارة المحلية في متاهات من الخلافات والاختلافات ضيعت الوقت والجهد ولعل كل من عايش أو قيم تجربة المجلس الواحد في ظل القانون124 لسنة1960 وإن لم تكن متكاملة لكنها كانت أكثر التطبيقات فاعلية كان يمكن تطويرها. ثانيا:- نظرة الدستور للإدارة المحلية من مدخل شعبي إلا أن القانون أوجد تنظيمات مقابلة تنفيذية هي في النهاية صاحبة القرار, تعزز المركزية وأصبحت التنظيمات المحلية غير ذات مضمون وهي التي قصدها الدستور عند إعلان توجهه نحو تطبيق نظام محلي. ثالثا:- تعامل المشروع من الإدارة المحلية من منظور تنفيذي رأسي وليس من منظور تنظيم مجتمعي أفقي, فمدلول الإدارة المحلية نطاق جغرافي لمجتمع معين بكل تكويناته. رابعا:- أقر التشريع مبدأ تعيين القادات المختلفة بمعرفة الحكومة المركزية وليست اختيارا من المواطنين بالانتخاب المباشر أو من خلال المجالس المنتخبة قوض ذلك فكرة الإدارة المحلية من أساسها, وبالطبع ونحن في مجال مجالس شعبية منتخبة لابد و أن يكون الانتخاب هو المفرزة الوحيدة للقيادات المحلية. خامسا:- التنظمات الشعبية المحلية والمقابل لها تنفيذيا رغم فساد المبدأ الذي تأسست عليه فإنها تفترض في الصلاحيات والسلطات وصاية من المستوي الأعلي علي المستوي الذي يليه وأحيانا نجد أن المستوي الأقرب للمجتمع يفتقد إلي صلاحية رغم أن فلسفة اللامركزية هي أن يكون القرار قريبا من المجتمع المعني به. سادسا:- اللامركزية الإدارية إذا لم يقابلها تمويل محلي وافر ينظمه القانون يغطي الاحتياجات الأساسية تصبح التنظيمات القائمة فاقدة للاعتبار لا معني لها ولا تأثير, الوعاء المالي المحلي علي كل مستوي وثيق الصلة بقدرتها علي إعداد وتنفيذ خطة التنمية كما نص الدستور. سابعا:- القانون43 وتعديلاته خاطب المحافظات من خلال قواعد معممة ولم يأخذ في الاعتبار ظروف وطبيعة كل إقليم, وهناك محافظات ساحلية وصحراوية وإقليمية وسياحية وكل منها يحتاج إلي معاملة قانونية التي تطبق في القاهرة هي التي تطبق في سيناء الشمالية أو مرسي مطروح أو الوادي الجديد. ثامنا:- توجيهات الحكومة وقناعتها باللامركزية مسألة هامة للغاية بالنسبة لتطبيق أي قانون صدر وتشريع حيث مازالت الحكومة المركزية في ظل أي قانون صدر تفتئت علي صلاحيات المحليات وتتجاوزها بوصاية لا تبررها ضرورة ولا يحللها قانون أو دستور. تاسعا:- التقسيم الإداري الذي أقره المشروع في قانون43 للمحافظات كان تقسيما موروثا دون مراعاة لأي متغيرات سكانية أواجتماعية........ الخ, وليس متصورا أن تكون محافظة البحر الأحمر تتجاوز طولها1000 كيلو متر وبعمق إلي منتصف المساحة بينها وبين محافظات الصعيد والأوفق أن يعاد النظر في تقسيمات المحافظات ويمكن أن نتصور القدر البالغ من فرص الاستثمار والإعمار وإعادة التوزيع السكاني الذي سيترتب علي ذلك وأيضا فإن القاهرة ذات الملايين لا يمكن أن تدار بهذا التقسيم الإداري وهناك العديد من الحلول البديلة التي يمكن أن تطبق. عاشرا:- مستويات الإدارة المحلية تحتاج إلي إعادة نظر ولابد من إيجاد مستوي للقرية فلا يمكن أن تكون الوحدة المحلية للقرية شاملة القرية الأم وعديدا من القري التوابع علاوة علي النجوع والتجمعات المستجدة والأوفق أن يكون هناك مستوي محلي لكل قرية ثم لمجموعات القري التي تتقارب جغرافيا أو اجتماعيا أو ما شابه ينصرف ذلك الي أحياء المحافظات ذات المدينة الواحدة إذ من المنطقي ضرورة تقسيم هذه الأحياء الي مربعات سكنية أو شياخات يكون لكل منها مستوي محلي مسئول. الحادي عشر:- المناطق التخطيطية توجه جيد للغاية وإن كانت المعالجة القانونية غير محكمة كما أن التقسيم يمكن أن يتم بشكل أفضل, كما أن الجوانب المالية له غاية في الأهمية حتي يحقق النتائج المرجوة. الثاني عشر:- في التشريع الحالي العلاقات بين المحليات وفروع الوزارات غير محددة مما يشيع المسئولية وتبدو فيه ظاهره الولاء المزدوج هذا في القطاعات التي نقلت صلاحياتها الي المحليات فما بالنا بالقطاعات التي لم تنقل بعد فإن الوضع أنكي بكثير ولا يغيب عنا الآثار المدمرة لمرض شيوع المسئولية الذي يصيب العمل الإداري في مقتل. لمزيد من مقالات قدرى ابو حسين