أصبحت قضية تطبيق نظام اللامركزية هدفا تتجه إليه الدولة المصرية خلال هذه الفترة من تاريخها, وبعد أن وافق الشعب المصري في استفتاء عام7002 علي ضرورة وأهمية تطبيق نظام اللامركزية في مصر, تحقيقا لأهداف الشعب في الحياة الحرة الكريمة.. واليوم ومصر تنطلق لبناء مؤسساتها التشريعية والتنفيذية وصولا الي نهضة شاملة بإقرار دستور جديد.. يترتب عله إقرار قانون جديد للمحليات يحدد العلاقة بين السلطة المركزية والسلطة المحلية من خلال مواد واضحة تلتزم بها جميع أجهزة الدولة. إن المركزية في مصر نظام قديم أملته ظروف وتطورات منذ سالف العصور, وفرضته الحاجة الي إحكام السيطرة علي تدفق مياه النيل, حيث كانت الزراعة هي النشاط الأساسي للمجتمع والاقتصاد المصري, وسهل من ذلك قلة عدد السكان, أما اليوم فقد تغير الحال حيث ارتفع عدد السكان الي أكثر من58 مليون نسمة, واتسع نشاط المجتمع بين زراعة وصناعة وتجارة وسياحة وخدمات تتطلب إعادة النظر في نظام الحكم وتطويره, لاسيما العلاقة بين العاصمة ومختلف الأقاليم المصرية, وتقسيم المسئؤليات والصلاحيات بهدف أن يقترب صنع القرار وتنفيذه من موقع من سيتأثرون به في المقام الأول, وذلك من خلال ادارة محلية تمتلك سلطة وآليات حل المشكلات وإيجاد الفرص وتقديم الحوافز في إطار سلطات محددة تحال إليها, ينتخبها الشعب مباشرة ويراقبها ويحاسبها. إن هدف التحول الي اللامركزية إنما هو المساهمة في تحقيق الديمقراطية وترسيخ مبدأ السيادة للشعب, عن طريق القضاء علي المركزية المفرطة لعملية صنع القرار, وتفعيل المشاركة والرقابة الشعبية للمساهمة في الارتقاء بالواقع المحلي وتمكين المواطن من التحكم في مقدراته, وفقا لأطر ونظم واضحة.. ويساعد علي ذلك زيادة الشفافية والمساءلة والمحاسبة عن طريق ضمان رقابة الشعب المباشرة علي الأداء الحكومي علي مختلف المستويات. ويتم التحول الي نظام الحكم الجديد وفقا لخطة متكاملة ببرنامج زمني محدد يقرها البرلمان, ويمكن في هذا الاطار النظر في تطبيق اللامركزية علي أساس قطاعي أو علي أساس جغرافي لحين اتمام التحول الكامل الي الأسلوب اللامركزي, ليتضمن الدستور الجديد نصا يشير الي اللامركزية كنظام لإدارة الدولة ووضع قانون جديد للحكم المحلي, ينص علي التحول الي اللامركزية وآلياته ويحدد المسئوليات وقواعد المساءلة أمام البرلمان والمجالس المحلية, مع إجراء التعديلات التشريعية اللازمة علي القوانين القائمة لإتمام عملية التحول الي أسلوب الإدارة القائم علي اللامركزية, وعلي رأسها قانون إعداد الموازنة العامة للدولة, وقانون الوظيفة العامة, بهدف التحديد الواضح والمنضبط للعلاقة بين السلطة المركزية والسلطة المحلية, وكذا للحدود الفاصلة بينهما, بشكل يضمن استمرار تقديم الخدمات العامة بكفاءة وفاعلية خلال المرحلة الانتقالية, ثم سلاسة العلاقة بين الطرفين ووضوح مسئوليات كل منهما تجاه المواطن وتجاه بعضهما البعض في أعقاب تلك المرحلة, علي أن يشمل ذلك التحديد الواضح والصريح لحدود صلاحيات المستوي المحلي في إنشاء المرافق العامة, وفرض وتحصيل بعض الضرائب, وبالمثل الرسوم علي الخدمات العامة المحلية وفي التصرف وإدارة أراضي الدولة والموارد الطبيعية بالمحافظة. ويترتب علي ذلك التحديد الواقعي, والفعال لمستويات السلطة المحلية( المحافظات), وتعريف الوحدات المحلية المرتبطة بها( المراكز والمدن والأحياء والقري), مع تنظيم العلاقة الأفقية والرأسية بين هذه المستويات, بحيث يتم إعطاء الحق الأصيل لكل مستوي في اتخاذ قرارات بعينها ينص عليها القانون صراحة, مع ضرورة تصعيد قرارات أخري الي المستوي الأعلي في حالات معينة, كل ذلك ضمن إطار فعال يحقق التكامل والتوازن ويمنع التدخل والتضارب. وتجدر الإشارة الي ضرورة إحداث التوازن بين السلطات التنفيذية المحلية والمجالس الشعبية المحلية, بصفة خاصة عن طريق إقرار دور المجالس الشعبية المحلية المنتخبة في إقرار الميزانية المحلية وفي الرقابة والمحاسبة علي عمل السلطات التنفيذية, بما في ذلك عن طريق الاستجوابات وطلبات الاحاطة وسحب الثقة, فضلا عن إلزامية قراراتها للسلطات التنفيذية المحلية.. بهدف التمكين المالي للسلطات المحلية عن طريق النقل المؤسسي والمقنن للمسئوليات والصلاحيات المالية من الحكومة المركزية الي السلطات المحلية, بما في ذلك تحديد أولويات الإنفاق, ووضع الميزانية, وحشد بعض الموارد المالية المحلية للتمكين الإداري عن طريق نقل المسئوليات والصلاحيات الإدارية من الحكومة المركزية الي السلطات المحلية في كل ما يتعلق بالشأن المحلي, بما في ذلك الحق في تعيين وترقية وفصل الموظفين في أجهزة السلطة التنفيذية المحلية, بناء علي القدرات التخطيطية والمالية والإدارية علي المستوي المحلي. ..(وللحديث بقية) رابط دائم :