أمس الأول كان الاتراك علي موعد مع مناسبة غالية وعزيزة علي قلوبهم وأفئدتهم, بيد أنه مهما كانت شواغلهم وهمومهم الحياتية التي باتت لا تنتهي, لا ينسونها أبدا. ورغم أن توقيتها تصادف مع العطلة الاسبوعية الاحد, إلا شرائح عديدة منهم خرجت للميادين, إحتفاء واحتفالا, إنها ذكري وفاة مدشن جمهوريتهم الفتية مصطفي كمال أتاتورك, خمسة وسبعون عاما مرت علي رحيل الجسد غير أن الروح الأثيرة ظلت أبية لاتفارق الاناضول بنسائه ورجالا وشيوخه واطفاله. لكن هناك ما يمقتونه حتي وأن أظهروا عكس ذلك, وكان لافتا أن الشبكة الرئيسية بالتليفزيون الحكومي وعقب نقل جانب من مراسم التأبين الرسمية, أن بثت برنامجا تحرر مقدمه صاحب اللحية الخفيفة وضيوفه من رابطات عنق, وكان موضوعه أمجاد غابرة للإميراطورية العثمانية المنقضية, حقا أنه تزامن غريب ومريب فلابد من شئ ما يزاحم حتي لا ينفرد اتاتورك بعقول الشعب التركي. صحيح أن قادة العدالة الذين يحكمون منذ إحدي عشرة سنة اصطفوا جميعا فيأنك كبير' الضريح الذي يضم رفات المؤسس يتقدمهم الرئيس ورئيس حكومته الذي كانت مشاغله الممنهجة ومخطط لها سلفا تحول دون مشاركته في هذا الحدث السنوي لكن الأمر لم يمنع من محاولات خبيثة وحثيثة ومعاول هدم, مازالت تسعي, تحت مسميات وذرائع واهية بهدف طمس وإزالة مظاهر الكمالية. غير أن المواطنين وعوا وتنبهوا لما يحاك ضدهم وترجموه في الزحف إلي قبر الرجل بقلب العاصمة في مشاهد يتخيل معها أن أنقرة خرجت عن بكرة ابيها, وكان يعتقد أن تلك الظاهرة ذاهبة نحو أفول ولكن هيهات ففي كل عام تتضاعف الحشود لتشمل كل مدن البلاد. المبادئ جاءت لتعيش ولولا العلمانية لما كانت تركيا كبيرة وقوية, ولهذا يبدي مواطنوها استبسالا وعنادا دفاعا عنها, في المقابل نجد ببلادنا من يقوم بمحاولات صبياينة مبتذلة لشطب مصطلح مدنية من دستور من المنتظر وكأنه رجس من أعمال الشيطان. حقا ما أحوجنا إلي أتاتورك يأتي من ارض الكنانة, حتما سنجده لأنه ببساطة موجود بيننا. لمزيد من مقالات سيد عبد المجبد