كان يوما مشهودا ومثير في آن هذا الذي عاشته تركيا وهي تحتفل بالذكري السابعة والثمانون لميلاد الجهورية علي أنقاض رجل أوروبا المريض. فعبد الله جول قرر لأول مرة أن تشاركه زوجة المحجبة السيدة خير النساء المراسم الرسمية لتلقي التهاني بتلك المناسبة العزيزة علي الاتراك جميعا. ولأن الشعب الجمهوري المعارض رفض الأمر الواقع مؤكدا أن قضية الحجاب يجب أن تحل أولا دون الالتفاف حولها من هنا فقد قاطع دعوة الرئيس, وبطريقة مثيرة وجديدة في نفس فالعاصمة بدت وكأنها صارت ثلاث واحدة في القصر الجمهوري حيث حفل الاستقبال الذي اقامه رئيس الجمهورية بتلك المناسبة. الوقت خرج زعيم الحزب كمال كليتش دار أوغلو وهو يرتدي ملابس العادية يجوب شوارع المدينة ليلتف حوله مئات المواطنين وقد رفعوا الأعلام الحمراء وصور مؤسس البلاد مصطفي كمال أتاتورك يسيرون في صفوف لا عوج فيها أو إعوجاج ولا مجال للصرخات والتشنج فاليفرح الجميع بطريقته تلك كانت أنقرة الثاية. أما الثالثة فكانت هناك في قلبها حيث العسكر حفلهم البهيج, كانت تعليمات قد صدرت لا تعليق علي صخب أهل الساسة بشأن غطاء الرأس أو الطوربان وفقا للغة التركية ولينتبه الجنود إلي مهامهم الدفاعية لدرجة أن البعض خمن أن هيئة الأركان لم يعد يعنيها الأمر برمته ولكن هيهات فالمؤسسة العسكرية التركية فبدون أن تعلن موقفها أو أن تصدر تصريحات نارية فضلت الصمت وترجمت موقفها عمليا بصور لا يمكن أن تؤخذ عليها سلبا فقائدها أبدي لرئيس الجمهورية اعتذاره فابناد القوات المسلحة سيقيمون استقبالا اصا في نفس التوقيت وقد كان لهم ما أرادوا وها هي تركيا تظهر وكأنها قسمان. ربما يقول قائل ان جناح الرئيس له الغلبة فالحكومة باغلبيتها البرلمانية وكذا اليمين القومي معه أي أنه بحسبة بسيطة نجد400 نائبا علي الأقل من مجموع550 أعلنوا وقوفهم ضد العلمانية المتطرفة وأنهم الأكثر قوة بعد تراجع دور الجيش بعد الادعاءات التي طالته بتخطيط بعض ابنائه بالانقلاب علي العدالة والتنمية الحاكم زاد أن البكشك( القصر الجمهوري) والباشباكللنك( رئاسة الوزراء رفضا ترقيات جنرالات بعينهم محبذين آخرين وهو ما تحقق في النهاية كل هذا افترض أن الأمور في أيديهم لكن خاب الرهان فالجنرال الجديد الذي لا يتكلم ومعه جميع القادة كانت رسالتهم واضحة وهي لا تهاون مع أي مساس بمبادئ الكمالية العلمانية, وفي اسطنبول فلم تمنع السيول الجارفة أبناءها من الاحتفال يشاركون دون ترتيب علوييي تركيا الذين تجمعوا في مؤتمر حاشد بضاحية بوسطنجي يبحثون ويتساءلون تركيا الجمهورية إلي أين؟!