منذ أيام مرت الذكري ال40 لرحيل عميد الأدب العربي د. طه حسين, الذي حرمه الله نعمة البصر, ولكنه أغدق عليه من نعيم البصيرة, حيث أدرك ببعد رؤيته أهمية التعليم, ويعد أفضل تكريم له أن نتذكر ما نادي به من أن التعليم حق للجميع كالماء والهواء, لقناعته بأن التعليم بمكوناته من طالب ومعلم, هو أساس الثقافة والنهضة وتحقيق الديمقراطية للدولة الحديثة, وهي الرؤية نفسها التي انطلقت منها المجتمعات المتقدمة وحققت مكانتها الصناعية والعلمية والتكنولوجية, فاهتموا بالمنظومة التعليمية بأكملها, وقد بلغ تقدير الدول المتقدمة للتعليم أن راتب المعلم في ألمانيا يفوق راتب القاضي, وعندما أضرب القضاة وطالبوا بمساواتهم بالمعلمين في الرواتب, قالت لهم المستشارة ميركل رئيسة وزراء ألمانيا مستنكرة كيف اساويكم بمن علموكم. وهكذا يقدر الغرب المعلم لأنه حجر الزاوية بالعملية التعليمية, الذي تقوم علي أكتافه جودة المستوي الدراسي, ويتحمل عبء الارتقاء بالأجيال الجديدة. وفي التعليم المصري, سبق طه حسين عصره, وبدأ دوره في مجانية التعليم خلال توليأحمد نجيب الهلالي وزارة المعارف حيث عملا معا علي مجانية التعليم الأولي, حتي صدقت عليها الحكومة للعام الدراسي1943-.1944 وكانت الخطوة الثانية لطه حسين في مجانية التعليم عند تعيينه وزيرا للمعارف في يناير عام1950 في حكومة النحاس باشا, حيث أصر علي أنه لن يقبل الوزارة إلا إذا تم استكمال مشروع مجانية التعليم ليشمل مجانية التعليم الثانوي, وبالفعل استطاع د. طه حسين خلال توليه لوزارة المعارف, أن يطبق مقولته الشهيرة التعليم كالماء والهواء ونفذ سياسة التعليم المجاني للتعليم الثانوي والتعليم الفني, ودعم إنشاء منظومة تعليمية قوية تنافس مستويات التعليم الأوروبية, ووصل الأمر لتعاقد طه حسين مع أساتذة من فرنسا وإنجلترا لتعليم الطلبة اللغتين الفرنسية والإنجليزية بمستوي رفيع. ومن حكمة الخالق سبحانه أن د. طه حسين الذي عاش في ظلام البصر منذ طفولته, كتب الله علي يديه لملايين المبصرين فرصة الحياة في نور العلم. لمزيد من مقالات د. عبدالغفار رشدى