بعد48 يوما من قيام ثورة23 يوليو1952 أصدر مجلس قيادة الثورة أول قانون للإصلاح الزراعي بتحديد سقف للملكية الزراعية حيث كان2% فقط من الإقطاعيين يملكون كل الأراضي الزراعية وتحول الفلاح المصري من أجير يعاني السخرة الي مالك للأرض وتم تحديد حد أدني للأجر بمبلغ18 قرشا في اليوم وكان هذا المبلغ وقتها يشتري كيلو ونصف الكيلو جرام من اللحوم في الريف ونحو كيلو وربع الكيلو جرام من اللحوم في المدن. وأفترض أن العامل يعمل25 يوما في الشهر فيكون الحد الأدني للأجر الشهري في عام1952 ما يعادل وقتها في المتوسط ما قيمته24 كيلو جراما من اللحم في الشهر كحد أدني للأجر الشهري( تقدر بأسعار أيامنا هذه بمبلغ2000 جنيه) مما يؤكد أن أولي ثمار ثورة يوليو1952 كانت تحقيق العدالة الاجتماعية متمثلة في تمليك الأراضي للفلاحين وحد أدني لأجور العمال. ونحن الآن بعد ثورتي يناير2011 ويونيو2013 مازلنا محلك قف نحو تحقيق العدالة الاجتماعية الرشيدة للأجور ونحتاج الي قرار ثوري شجاع لإقرار الحدين الأدني والأقصي للأجور معا بمقدار ألفين من الجنيهات كحد أدني للأجر شهريا وثلاثين ألف جنيه كحد أقصي(15 مثل الحد الأدني) للأجر شهريا في جميع الجهات الحكومية وهذا لن يكلف الدولة أي أعباء مالية وأدلل علي ذلك بتحليل ما تم صرفه بالموازنة العامة للدولة2011/2010 لمكونات الأجور البالغة94 مليار جنيه للعاملين بالجهاز الحكومي كرواتب وحوافز وبدلات ومكافآت حيث تبين أن مليونا وثلث المليون موظف يعملون بالجهاز الإداري للدولة بالقاهرة فقط ويستحوذون علي41 في المائة من هذه الأجور بينما يتقاضي ثلاثة ملايين ونصف المليون موظف يعملون بالأجهزة الحكومية بالمحافظات46% من إجمالي فاتورة الأجور مما يدل علي الخلل الرهيب والتفاوت اللا أخلاقي بين أجور العاملين بالقطاع الحكومي للدولة, والأخطر من هذا أنه داخل الوزارة الواحدة والأجهزة المركزية بالقاهرة لا تتحقق المساواة أو التكافؤ في الدخل بين العاملين بها. إننا في أشد الاحتياج الي خريطة طريق لإصلاح منظومة الأجور وسد الفجوة الأجرية الصارخة بما يحقق التوازن بين الأجور والأسعار وتكلفة المعيشة من ناحية وتحفيز المجتمع علي الإنتاج والحفاظ علي السلام الأجتماعي بين أفراده مع مراعاة ما يلي: أن الحد الأدني للأجور المقرر للعاملين بالحكومة يجب أن يشمل المعاشات فأموال المعاشات لدي الحكومة تغطي تمويل دفع هذا الحد لذوي المعاشات. تطبيق الحدين الأدني والأقصي للأجور معا للعاملين بالحكومة لمدة عامين ويعاد النظر في زيادتهما وفقا للمعايير المنظمة لذلك مع مراعاة أن تكون الزيادة دافعا للحفاظ علي النمو الاقتصادي. إقرار الضرائب التصاعدية علي الدخل لغير العاملين بالجهاز الحكومي. إعادة النظر في رفع الأجر الأساسي بضم بعض المتغيرات له وما يتبع ذلك من زيادة المعاشات عند التقاعد. إعادة النظر في قيمة البدلات والحوافز والمكافآت حتي لا تكون ثقوبا لاستنزاف موازنة الأجور إذ لا يعقل وجود56 بدلا بمسميات متعددة مدرجة بأجور الجهاز الحكومي للدولة. إن الثورات الشعبية التي لا تغير واقع من قاموا بها ولا تحقق آمالهم في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية, لا تعدو إلا أن تكون كإلقاء قرص فوار في كوب ماء. د.حمدي عبدالسميع أستاذ بكلية الطب البيطري جامعة بنها