رفضت القيادات العمالية مشروع قانون الحدين الأدني والأقصي الذي وافقت عليه اللجنة التشريعية بمجلس الشوري الذي حدد 1200 جنيه كحد أدني للأجور، وحد أقصي 35 ضعفه، وأكد اتحاد عمال مصر أنه سيتقدم بمقترح للمجلس يطلب فيه مشروع القانون لدراسته وإبداء الرأي فيه. وأكد جبالي المراغي، رئيس اتحاد عمال مصر، تقدمه بمقترح إلي المجلس يطالب فيه بوضع حد أدني للأجور 1800 جنيه في ظل الارتفاع المستمر للأسعار، وأضاف أن 1200 جنيه لا تستطيع أن توفر الحياة الكريمة لشاب في بداية حياته العملية وأن تمكنه من الاستعداد للزواج. كان المركز المصري للحقوق الاقتصادية قد أصدر دراسة عام 2010 كشف فيها تطور الحدين الأدني للأجر الاسمي والحقيقي.. أوضحت الدراسة أن الحد الأدني للأجر بعد انقلاب 1952 كان 18 قرشاً في اليوم، كانت تشتري نحو 1.5 كيلو جرام من اللحم في الريف و1.2 كيلو في المدن، وبفرض أن العامل يعمل 25 يوماً في الشهر، فإن الأجر الشهري الحقيقي للعامل يعادل في المتوسط 34 كيلو من اللحم، أي ما يعادل 2040 جنيه في الوقت الراهن، بحساب 60 جنيهاً للكيلو في المتوسط وهو بقياس سلعة واحدة وهي اللحم. وارتفع الحد الأدني للأجر الأساسي الاسمي للعامل في القانون 47 و48 لسنة 1978 إلي 16 جنيهاً دون إضافة ما في حكم الأجر من حوافز وعمولات وبدلات ومكافآت وأرباح، وكانت تشتري في ذلك الحين 320 كيلو أرز، ثمن الكيلو وقتها 5 قروش «ثمنها حالياً 1700 جنيه» كانت القدرة الشرائية للحد الأدني للأجر الشامل عام 1978 فإنها توازي أكثر من ألفي جنيه في الوقت الحالي والسبب الواضح لهذا التدهور في الرواتب والأجور الحقيقية، هو ارتفاع أسعار السلع والخدمات بمعدلات أعلي كثيراً من معدلات ارتفاع الرواتب والأجور. وفي دراسة أجراها نبيل عبدالغني، أمين صندوق النقابة العامة لأصحاب المعاشات عضو المجلس الاستشاري لاتحاد عمال مصر الديمقراطي، أكد أن الأجر الأساسي للعامل في مصر يمثل 14٪ في حين تمثل بنود الأجر 30 إلي 40 بنداً، بالإضافة إلي الحوافز.. وأشار إلي أن الدراسة التي أجراها عام 2007 حول مشروع الحد الأقصي للأجور مع بعض القيادات العمالية بحسب احتياجات الأسرة من السلع الغذائية التي تمثل 20٪ من الدخل في الولاياتالمتحدة و30٪ في أوروبا، و40٪ في دول أخري، اختير نسبة 50٪ من الدخل بناء علي جداول الغذاء حول السلع الأساسية والضرورية، التي يحتاجها من يعيشون علي خط الفقر. كانت في عام 2007 تمثل ال 50٪ 600 جنيه شهرياً، أي يحتاج الموظف أو العامل المصري لأجر بحد أدني 1200 جنيه وبنفس الحسبة، يحتاج العامل إلي حد أدني يبلغ 1850 جنيهاً بحساب السلع الأساسية علي الأقل، بالرغم أن المصري يتحمل أعباء أعلي من تلك التي يتحملها العمال والموظفون في الدول الأخري من تأمين صحي وتعليم بسبب فشل السياسات في الجهتين، وتضيع أموال العامل علي الصحة والتعليم في مجال الدروس الخصوصية. وطالب «عبدالغني» بارتفاع حد الإعفاء الضريبي إلي 20 ألف جنيه ليواجه ضعف الدولة في مجال التعليم والصحة. وفي دراسة أجراها مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء منذ عامين أوصت بضرورة ارتفاع الحد الأدني لأجور موظفي الدرجة السادسة إلي 656 جنيهاً، وأوصت الدراسة باتباع المنهجية الدولية في تحديد الحد الأدني للأجور بما يوازي خط الفقر، بحيث يتم رفع الحد الأدني للأجور بما يعادل خط الفقر القومي الذي يشمل 20٪ الذي بلغ 1968 للفرد سنوياً بأسعار 2008. وانتقدت دراسة مجلس الوزراء عدم صدور قوانين تنظم الحد الأدني للأجور منذ عام 1984 حتي الآن، كان آخرها القانون رقم 53 لسنة 1984 الذي نص علي ألا يقل الحد الأدني للأجر عن 35 جنيهاً شهرياً، كما اكتفي قانون العمل الصادر عام 2003 بوضع حد أدني للعلاوات السنوية الدورية بحيث لا تقل عن 7٪ من الأجر الأساسي الذي تحسب علي أساسه اشتراكات التأمينات الاجتماعية. وأكدت الدراسة التي أجراها مركز المعلومات أن تدني الأجور في الخدمة العامة والوظائف الحكومية أدي إلي نمو الفساد البيروقراطي، كما طالبت بتفعيل الحوار بين القطاعين الخاص والعمال والحكومة للاتفاق علي أجر عادل في القطاع الخاص من خلال تكوين مؤسسات ديمقراطية فاعلة ممثلة للعمل. وبالرغم من تعدد الدراسات الاقتصادية حول ضرورة زيادة الحد الأدني للأجور منذ عدة سنوات وحتي الآن، إلا أن الحكومة المصرية منذ عهد «مبارك» وحتي يومنا هذا لا تزال تصر علي منح العاملين أقل من الحد الأدني المطلوب ليعيش الإنسان المصري حياة كريمة، فالحد الأدني المقرر ب 1200 جنيه الذي يناقشه مجلس الشوري كان مطلوباً منذ عام 2007 ولكنه بحساب التضخم فإن الحد الأدني المطلوب اليوم هو 1800 علي الأقل، أو علي الأقل رفع حد الإعفاء الضريبي إلي 18 ألف جنيه سنوياً لتحسين معيشة الإنسان المصري، واعتبر الكثير من القيادات العمالية أن تقديم مشروع القانون في الوقت الحالي له مغزي سياسي أكثر منه عمالياً ويستهدف تهدئة المواطنين في الشارع لاستغلاله في الانتخابات البرلمانية المقبلة كدعاية لحزب «الحرية والعدالة» وإلهاء العمال بقضاياهم حتي لا يساندوا القضاة في مطالبهم وإبعادهم عن حملة «تمرد».