بوادر أزمة جديدة تلوح في الأفق بين صفوف العمال بسبب ما تردد حول عدم تطبيق الحد الأقصي للأجور والتراجع عن تطبيق الحد الأدني للعاملين صاحبت التصريحات الأخيرة لوزير المالية. التي أكد خلالها أن الحكومة ملتزمة بتطبيق الحد الأدني للأجور في يناير مع ضمان قدر من التمييز التدريجي في رواتب الموظفين الأقدم وأن ما يتم التفكير فيه ليس التعديلات ولا التسوية في الرواتب بقدر ما سيكون نوعا من التمييز للموظفين الأقدم بما يشمل زيادات وان كانت قليلة لمن لم يستفيدوا من تطبيق زيادة الحد الأدني للأجور.. داليا موسي منسقة الملف العمالي بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تؤكد أن هناك تخبطا في قرار الحد الأدني منذ إعلانه, ونحن في المركز حاولنا الوصول لأي معلومة حول طريقة تمويل أو تنفيذ هذا القرار ولم نصل لشيء, بل لمسنا محاولات حكومية للالتفاف علي تنفيذ هذا القرار علي عمال القطاع الخاص بما تواتر من أنباء عن الاتفاق المحتمل بين الحكومة ورجال الأعمال علي تخفيض القيمة التأمينية علي العامل وإعطائها له في يده مما لن يحمل رجال الأعمال أي مبالغ إضافية وإنما ستكون له تأثيراته السلبية علي كل مستحقات العامل ومعاشه فيما بعد. وتري داليا موسي أن ما يثار حول آليات تنفيذ الحد الأدني بالنسبة للقطاع الخاص وبالنسبة للموظفين القدامي هو تفريغ له من مضمونه, وأنه لا يوجد حل مقبول سوي إعادة هيكلة كاملة للأجور وتسويتها لتتماشي مع الحد الأدني المعلن ولتراعي الأقدميات والخبرات والمؤهلات التي تتزايد معها المسئوليات والالتزامات, مضيفة أن جموع العمال الذين يتواصل معهم المركز تنتظر وضوح الرؤية لتحدد خطواتها المقبلة. ويعتبر الدكتور عبدالله شحاتة أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أن قرار تطبيق الحد الأدني غير مدروس, فموازنة منهكة بهذا الشكل لا تتحمل ضخ18 مليار جنيه سنويا في بند الأجور, وإذا كانت حكومة الببلاوي ستستخدم نحو9 مليارات جنيه من ميزانية الصناديق الخاصة لتمويل الأشهر الستة المتبقية من السنة المالية الحالية فمن أين لأي حكومة لاحقة أن تلبي هذا الالتزام ؟ أما ناجي رشاد صاحب القضية الشهيرة للمطالبة بتطبيق الحد الأدني والذي حصل علي الحكم بإلزام الحكومة بتطبيقه في مارس2010 فيري أن الحكومة بما أعلنته تحاول تصدير الأزمة إلي الحكومات التالية محذرا من حدوث( فتنة عمالية) بين العاملين الجدد والقدامي إن طبقت هذا التصور الذي طرحه وزير المالية; فكلما تقدم العامل في الخدمة والعمر زادت مسئولياته وأعباؤه مما يتطلب مراعاة ذلك عند تطبيق الحد الأدني الذي لن يقبل القدامي تطبيقه علي المعينين الجدد فقط وإهمالهم أو إعطاءهم زيادات عقيمة. ويرفض ناجي حجة نقص الموارد التي تسوقها الحكومة لتبرير تراجعها عن تنفيذ الحد الأدني فموارده يمكن توفيرها بإغلاق حنفية الفساد وبتطبيق الحد الأقصي علي كبار الموظفين بالدولة ووقف مكافآت المستشارين في مختلف الوزارات الذين وصفهم ناجي ب( القطط السمان) حيث تستنزف رواتبهم ومكافآتهم نصف بند الأجور في الموازنة والمقدر ب176 مليار جنيه. وإلي جانب الغضب العمالي المتوقع يؤكد ناجي سهولة الطعن قانونيا ودستوريا علي قرار الحد الأدني إن تم تفريغه من مضمونه بهذا التصور المطروح وذلك لمخالفته تعريف الأجر الموجود في قانون العمل وكذلك لتفرقته وتمييزه بين العامل الجديد والعامل القديم. وإذا كان هذا هو رأي المسئولين والمتخصصين فما هو رأي رجل الشارع؟ محمد حسين- موظف بوحدة محلية- وصف الموظف القديم بأنه( يتسول علي عياله) في لوازم معيشتهم ومدارسهم وكلياتهم ومن ثم فلا يجوز للحكومة أن تتجاهل هذه الأعباء خصوصا أنه وفور إقرار أي زيادة ستنفلت الأسعار المنفلتة أساسا, أما علي المالكي- مهندس بأحد الأحياء- فيستنكر أن يتساوي في الراتب مع عامل النظافة مثلا- مع تقديره له- في حين يكون راتب وكيل النيابة دفعته10 أضعافه فهذه ليست العدالة الاجتماعية التي ما زالت أحد أهداف الثورة.. بدوي علي يقول: من غير المعقول ان يكون راتب الخريج الحديث1200 جنيه وتوضع زيادات طفيفة للموظف أو العامل القديم صاحب المؤهل والخبرة وسنوات الخدمة ليصبح راتبه1500 جنيه مثلا ولذلك فلابد من الاستجابة بمنظومة مدروسة وليست عشوائية.