أكرمني الله بالحج هذا العام وكانت حجة أديتها لصديقي رحمه الله المهندس محمود طلعت وكانت حجة ذات طعم ومذاق خاص عما سبقها وذلك للظروف الصعبة التي يمر بها وطننا والتي انعكست علي معظم الحجيج المصريين في لهفة ودموع خلال الدعاء لمصر وخلال أيام مني العظيمة تذكرت أن الله جلت قدرته ذكر مشتقات كلمة الرحمة في القرآن الكريم(342) مرة, فأكثر من5% من آيات القران الكريم تتكلم عن الرحمة, والله رب العزة له تسعة وتسعون اسما اختار منها اثنين ليكونا فاتحة كل سورة وليرددهما كل مسلم قبل أن يبدأ أي عمل.. لقد اختار من أسمائه الحسني الرحمن الرحيم. فلم نسمع عن أحد يبدأ العمل قائلا باسم الله الجبار المتكبر رغم أنهما من أسمائه سبحانه ايضا ولكنها الرحمة المطلوبة في كل شيء. وتذكرت أيضا أن رسولنا العظيم الذي بعثه الله خاتما للأنبياء ومتمما لمكارم الأخلاق لم يستثن نفسه في دخول الجنة إلا أن يتغمده الله برحمته, فإذا كان نبي الله ومصطفاه محمد صلوات ربي وصلواته عليه يخشي علي نفسه العدل وينتظر الفضل من الله في دخول الجنة فماذا نحن فاعلون؟ لقد راجعت آيات الرحمة في القرآن فلاحظت ان الله لم يمن علي انسان بشيء إلا بفضل رحمته فقط, وكأننا جميعا قوم نوح حين أخبرهم الله عز وجل أنه لاعاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحين يعتقد ناقصو العقل والدين أنهم عظماء بعلمهم فليرجعوا إلي الآية7 من سورة غافر ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما وحين يظن الثري ان ماجمعه من مال بمجهوده فقط فليرجع الي الآية82 من سورة الكهف فأراد ربك ان يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وحين يتصور صاحب الخلق القويم ان تصرفاته تنبع مما تربي عليه من الأهل فليقرأ قول الله تعالي الآية53 من سورة يوسف ان النفس لأمارة بالسوء إلا من رحم ربي. والمزارع الذي يعتقد ان الأخذ بالأسباب هي ماوهبته ما خرج من الأرض لم يقرأ الآية50 من سورة الروم فانظر الي آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها. وهذا الزوج والزوجة اللذان اعتقدا أن السعادة في هذا القصر العظيم والسيارة الفارهة وجميع الأساسيات والكماليات لم يصل إلي عقلهما سورة الروم التي كتبوها علي كروت الزفاف ومن آياته أن خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة. خلاصة القول إن مابنا من نعمة فمن رحمة الله فقط فمن لحظة خروجنا إلي هذه الدنيا الي ان نتركها لنقف بين يدي الله ليس لنا سوي رحمته جلت قدرته.. وأقول ذلك لكل من طوعت له نفسه قتل بريء غدرا وخسة وندالة بسيارات مفخخة أو برصاص من الخلف.. لقد حرمهم الله من رحمته فاتبعوا خطوات الشيطان فأعمي ابصارهم واستحال عليهم رؤية العدو الحقيقي الذي طالما صدعونا به قبل وصولهم الي الحكم. لقد ازاغ الله قلوبهم بعد ان كانوا من المهتدين, ومع ذلك ومع القتل العمد اليومي الذي لا أجد له مبررا غير فقدان الرحمة فإنني اتفاءل كلما قرأت قوله تعالي في سورة الحجر آية56 ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون.. ولاعجب فالله يختص برحمته من يشاء وهو أرحم الراحمين. د. حسام أحمد موافي - أستاذ طب الحالات الحرجة قصر العيني