هل كانت مجرد مصادفة أن تتزامن استعراضات التوك توك في شوارعنا مع عروض التوك شو في إعلامنا وفضائياتنا؟ ألم يلفت نظرك أبدا هذا التشابه العجيب إن لم يكن التماثل في اللفظة والمفردات. أليست العشوائية هي ذاتها. أليس الانتشار السرطاني غير المنضبط هو نفسه؟ ألا يجمع بين الاثنين تكسير كل الخطوط الحمراء.. والسير عكس الاتجاه والوقوف في الممنوع؟ ألا يتصدر المشهد في كليهما إلا من رحم ربي هواة من غير حاملي رخصة القيادة المهنية؟ ألا يفرض كلاهما اسطواناته المشروخة ووجوهه الممسوخة علي جمهوره وضيوفه؟ أليس غياب اللياقة والذوق والكياسة والميل إلي الاستعراض والتهييج والاثارة هو ذاته؟ ثم أخيرا ألا يتسبب كلاهما في حوادث وحرائق وصدامات مفزعة وقد تكون مميتة في شوارعنا ومياديننا؟! هل مازلت عزيزي القاريء في حاجة للمزيد من الأدلة علي أنها لم تكن مصادفة أبدا إذن خذ هذه: ألم يعتبر الوريث أن التوك توك هو المشروع القومي لمصر وشبابها وتبناه في محاولة( صبيانية) للالتفاف علي قضية البطالة وترك شبابنا نهبا للضياع و(التوهان) والادمان تماما مثلما تبني( وزير تليفزيون) النظام البائد برامج( التوك شو) وأعتبرها أيقونة الإعلام وأنفق وأغدق عليها من دم الشعب الغلبان وخبزه اليومي في محاولة خبيثة لإلهائه وامتصاص الاحتقان السياسي والاجتماعي وضمن منظومة اعلامية فاسدة هدفت إلي شغل واغراق الناس في توافه الأمور وسفاسفها واشاعة ثقافة الابتذال والنميمة والجدل العقيم. والعجيب أنه برغم مرور قرابة العام علي سقوط النظام برءوسه ورموزه فإن معظم برامج( التوك شو) أو( التوك توك) شو وكلاهما صحيح مازال علي حاله من حيث استخدام التقنيات والأساليب نفسها, وتقديم المحتوي نفسه الذي كان سائدا قبل الثورة فالاثارة واشاعة البلبلة والشحن الطائفي والتحريض مازالت كما هي بل إن الطين ازداد بلة والمصيبة باتت أعظم بعد انضمام المزيد من الفضائيات إلي ساحة إعلامنا المفتوح علي مصراعيه لكل من هب ودب وكل من يتربص شرا بالوطن, حيث تم ضخ مئات الملايين ورصد الميزانيات بلا حدود لبعض القنوات والبرامج المشبوهة والمصممة علي إثارة الفتنة وتمزيق وحدة الوطن وتناغم المجتمع واستلاب عقول المشاهدين وتزييف الوعي والتأثير علي اتجاهات الجمهور في هذه المرحلة الحساسة والتي تبدو فيها مثل هذه القنوات والبرامج كمن يقود أو بالأحري وقود الثورة المضادة! المزيد من أعمدة هشام فهيم