وزيرا الأوقاف والعمل ومحافظ القاهرة في رحاب مسجد السيدة نفيسة (صور)    وزير الخارجية البريطاني: لا يمكن لإيران امتلاك سلاح نووي أبدا    لماذا لم يحضر ترامب حفل زفاف بيزوس؟.. الرئيس الأمريكي يكشف السبب    الأدب والحكايات الشعبية مفتاح للوحدة ويمنع الانقسام والتناحر في كتاب جديد    رغم الخروج المبكر.. مدرب العين فخور بمشوار فريقه في مونديال الأندية    فيديو يقود مباحث دار السلام لضبط "ديلر الاستروكس"    بوتين: العلاقات بين موسكو وواشنطن بدأت تتحسن    تعرف على موعد وفضل صيام يوم عاشوراء    بحضور النقيب.. افتتاح مصيف المهندسين بالمعمورة بعد تطويره في الإسكندرية    محافظ كفرالشيخ: انطلاق قافلة دعوية كبرى من مسجد الضبعة بالرياض    في أول جمعة من العام الهجري الجديد.. افتتاح مسجد "آل يعقوب" بقرية سفلاق بسوهاج    ثنائي الأهلي يزين التشكيل الأفريقى المثالى لمرحلة المجموعات فى مونديال الأندية    "القومي للطفولة" يحبط زواج طفلة 14 عاما بمحافظة قنا    نيوم يتوصل لاتفاق مع جالتييه لتدريب الفريق    الرقابة المالية تستعرض تجربتها الرائدة في إطلاق أول سوق كربون طوعي مراقب ومنظم أمام وفد ليبي يضم جهات حكومية    مصرع شابين وإصابة آخر في حادث مروري بقنا    جميعهن فتيات.. ننشر أسماء ضحايا حادث الإقليمي بالمنوفية    مجلس الوزراء يكشف حقيقة اعتزام الدولة خصخصة الجامعات الحكومية    السيطرة على حريق بمحول كهرباء في كفر شكر بالقليوبية    "البترول": نجاح أعمال الحفر ببئر "ظهر 6" وإضافة 60 مليون قدم مكعب يوميًا إلى الإنتاج    الإثنين المقبل.. انطلاق فعاليات معرض الفيوم للكتاب    عبد المنعم المرصفي: التمثيل مصدر رزقي الوحيد.. وعايش على السلف لحد ما يجي لي شغل    أحمد رزق يحتفل بتخرج نجله من المدرسة.. وإيمان العاصي تعلق (صورة)    الإثنين المقبل.. المحطة الأخيرة لقانون الإيجار القديم قبل إقراره تحت قبة البرلمان    خطيب المسجد النبوي: صوم التطوع في شهر المحرم أفضل الصيام بعد رمضان    شحنة جديدة من الأدوية و15 كرسيا متحركا لتوزيعها على المستحقين بأسيوط    صحة الغربية تحقق في واقعة تبدل جثتين في مشرحة مستشفى زفتي العام    «الصحة» تطلق حملة قومية للتبرع بالدم في جميع المحافظات    نجاح أول عملية تكميم معدة لطفلة بالمنظار بمستشفى جامعة أسيوط    إيرادات الخميس.. «المشروع x» يحافظ على صدارة شباك التذاكر    كأس العالم للأندية| تفوق جديد ل صن داونز على الأهلي    ضبط قضايا اتجار غير مشروع في النقد الأجنبي ب4 ملايين جنيه    الحكومة تنفي خصخصة الجامعات الحكومية وتؤكد: "مملوكة للدولة"    الرئيس اللبناني يدين التصعيد الإسرائيلي على منطقتي النبطية وإقليم التفاح    انخفاض أسعار الذهب عالميًا ومحليًا وسط هدوء التوترات الجيوسياسية    الحكومة تحدد ضوابط العمرة الجديدة لعام 1447    نيللي كريم عن «هابي بيرث داي»: فكرته لمست قلبي والسيناريو عميق    مستوطنون يعتدون على منازل جنوب الخليل.. وإصابة فلسطينية في مسافر يطا    محافظ الجيزة يعتمد المخططات التفصيلية لأحياء الدقى والعمرانية وبولاق الدكرور    السيطرة على حريق نشب فى ثلاثة سيارات ملاكى بحى شرق أسيوط    حصيلة الانزلاق الأرضي في كولومبيا ترتفع إلى 16 قتيلا    النواب يوافق على اعتماد إضافي للموازنة ب 85 مليار جنيه (تفاصيل)    طب عين شمس: توزيع المهام.. وإدارة غرف العمليات باتت جزءًا من تقييم الأطباء    المراجعات النهائية للغة الإنجليزية الثانوية العامة 2025    أسعار اللحوم البلدية اليوم الجمعة 27-6-2025 فى الإسماعيلية    الدورى الجديد يتوقف 5 ديسمبر استعدادا لأمم أفريقيا بالمغرب    محمد شريف ينتظر 48 ساعة لحسم مصيره مع الأهلى.. والزمالك يترقب موقفه    عادل إمام يتصدر تريند "جوجل".. تفاصيل    قتل 8 نساء ورجل.. اليابان تنفذ حكم الإعدام في "سفاح تويتر"    كريم محمود عبدالعزيز يتصدر تريند جوجل بسبب مملكة الحرير    ياسر ريان: طريقة لعب ريبيرو لا تناسب أفشة.. وكريم الديبس يحتاج إلى فرصة    "لازم واحد يمشي".. رضا عبدالعال يوجّه طلب خاص لإدارة الأهلى بشأن زيزو وتريزيجيه    قمة أوروبية.. الريال يضرب موعدًا مع يوفنتوس في دور ال16 بمونديال الأندية    حريق ضخم في منطقة استوديو أذربيجان فيلم السينمائي في باكو    الورداني: النبي لم يهاجر هروبًا بل خرج لحماية قومه وحفظ السلم المجتمعي    هل التهنئة بالعام الهجري الجديد بدعة؟.. الإفتاء توضح    الإيجار القديم والتصرف في أملاك الدولة، جدول أعمال مجلس النواب الأسبوع المقبل    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بصدق
السيسي رئيسا..وماذا قبل ؟

بدا واضحا, وبعد أن اهترأت الأوضاع في البلاد, أمنيا, واقتصاديا, وإعلاميا, وأخلاقيا, وتم فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية,
أن المتقدم الأول للترشح هو الفريق أول عبدالفتاح السيسي, وزير الدفاع, ومن ثم تراجع معظم المرشحين النابهين, إلا ما ندر, من هواة الشهرة, أو غواة العكننة!
وبعد السقوط المدوي لهؤلاء وأولئك, وتنصيب الفريق أول, أو الرئيس الجديد, وجد الرجل نفسه أمام هذا الكم الهائل من المشكلات, التي هي في حقيقتها تراكمات50 عاما من الفساد, بالإضافة إلي ما استجد في ثلاث سنوات من الانفلات, ناهيك عمن لا يأملون استقرار هذا الوطن, لأن ذلك الاستقرار سوف يغلق عليهم أبواب التمويل الخارجي, وهم من يطلق عليهم, الآن, الطابور الخامس.
ماذا يمكن أن يقدم الرئيس الجديد في ظل هذه الأوضاع المتردية؟.. وعلي من سيعتمد من مستشارين, ووزراء؟.. وكيف يمكن أن ينهض بالبلاد في ظل تحديات خارجية, إلي جانب التحديات الداخلية؟.. وإلي أي مدي يمكن أن يصبر الشعب علي هذه الأوضاع متفاقمة التردي, وخاصة إذا كان يبني آمالا عريضة علي رئيس, وجد فيه الزعامة, التي افتقدها طويلا, وانتظرها كثيرا, وها قد حانت لحظة تحقيق الآمال؟!
أعتقد أن الصدام, حينذاك, أمر محتم مع ذلك الطابور, الذي سوف يردد طوال الوقت يسقط حكم العسكر, والمواجهة سوف تصبح عنيفة مع الفاسدين من أصحاب رءوس الأموال, ومع بعض وسائل الإعلام مجهولة التمويل, ناهيك أيضا عن بعض فلول تنظيم الإخوان, حيث أعتقد أنهم سوف يتراجعون شيئا فشيئا مع اصطدامهم بالشارع الطبيعي.
إذن.. نحن أمام أزمات مرتقبة, ومؤكدة, أجد أن تسويتها, مبكرا, أهم من تنصيب الرئيس, وذلك لأننا سوف ننتظر, بعد التنصيب مباشرة, عملا, وإنتاجا, واستقرارا, وليس الدخول في مزيد من المناوشات, والقلاقل, والمواجهات, والتوتر, لأن ذلك سوف يكون خصما سريعا من رصيد الرئيس الجديد, الذي لن تتواني الجماهير عن مقاومته, وربما الإطاحة به, كما حدث مع سلفه.. ولذلك فإن الأمر يستدعي التعامل مع الموقف, من الآن, وحتي موعد الانتخابات, بإجراءات حاسمة, أري أنها تكون علي النحو التالي:
أولا: إن الرئيس الجديد لمصر, عبدالفتاح السيسي, يجب أن يعلن, من الآن, وعلي وجه السرعة, قبوله الترشح لهذا المنصب, نزولا علي رغبة الجماهير, وذلك حتي تشعر جموع الشعب بأن هناك أفقا للمستقبل, بدلا من حالة الضياع هذه, التي بلغت حدا لا يمكن قبوله.
ثانيا: لأننا علي أبواب مرحلة تتطلب الكثير من الحزم والحسم, ربما أكثر من أي شيء, أجد أن الرئيس الجديد مطالبا بالإعلان عن نائبه, ومستشاريه, ومساعديه من العسكريين, أيضا, دون النظر إلي أي لغط قد يصدر عن الطابور الخامس, المشار إليه, وذلك لكي يكون هناك انسجام داخل مؤسسة الرئاسة من جهة, ومن جهة أخري فإن هؤلاء العسكريين هم الأكثر قبولا لدي الرأي العام, لأسباب كثيرة, ومن ثم فإن ذلك اللغط لن يكون له أي تأثير في الشارع, من أي نوع.
ثالثا: تتحمل القيادة العسكرية في البلاد, من الآن, وحتي مرحلة الترشح, إلي جانب مواجهتها الإرهاب في سيناء وغيرها, حل المشكلات اليومية, التي يعانيها المواطن, والتي أصبحت شبه مستعصية, كالمرور, والباعة الجائلين, والانفلات الأمني, وذلك كبادرة تؤكد أن القيادة العسكرية هي الأكفأ, والأصلح, والأكثر تنظيما, وهو ما يتطلع إليه المواطن في هذه المرحلة.
رابعا: إبعاد الطابور الخامس, بأشكاله المختلفة, من الآن, عن مواقع صناعة القرار, ولتكن صناديق الانتخابات هي المعبرة عن تطلعات الشعب, وحين ذلك لن يكون لهم أي موقع في أي من مؤسسات الحكم, وذلك بعد أن اكتشف الداني والقاصي مآربهم ومؤامراتهم.
خامسا: إن خمسة أحزاب سياسية, في هذه المرحلة, هي عدد كاف لتحقيق هدف التعددية, أما أن يصل الأمر إلي90 حزبا, وأكثر من150 ائتلافا وحركة, كما هي الحال, الآن, فهو أمر غاية في الغوغائية, والتهريج, ومن ثم يجب حسم هذه القضية, إذا أردنا أن نبدأ مرحلة جديدة من العمل السياسي الجاد.
سادسا: تسوية سريعة, وعادلة, لحالات المعتقلين والمقبوض عليهم, من النظامين السابق والأسبق, الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء, بهدف فتح صفحة جديدة من العمل المشترك, في ظل النظام الجديد, الذي يجب أن يهدف, بالدرجة الأولي, إلي إعادة بناء مصر, بسواعد كل المصريين.
سابعا: أصبح الجدل الدائر حول قانون للمظاهرات, وآخر للإرهاب, ضربا من العبث, في ظل ما يجري في البلاد, الآن, من محاولات لتعطيل الدراسة بالجامعات, وعودة الوقفات الاحتجاجية, وتعويق الإنتاج بالمصالح, والشركات, ولذلك فإن الأمر يستدعي إصدار مراسيم حاسمة, في هذا الصدد, تأخذ في الاعتبار المصلحة العامة للوطن دون طبطبة, أو خضوع للابتزاز.
ثامنا: تحويل وقائع الإرهاب, وقطع الطرق, والبلطجة.. إلي محاكم عسكرية سريعة, علي مدي عامين, علي الأقل, وذلك حتي تستقر الأوضاع, وتنهض الدولة من كبوتها, ويجب ألا تتوقف أي قوي سياسية أمام هذا النوع من القرارات, إلا إذا كانت لها مصلحة مباشرة أو غير مباشرة مع ما يجري من أحداث مشابهة.
تاسعا: وضع حد للمهاترات الإعلامية, التي من شأنها تكدير السلم العام, وإدخال المجتمع في مزيد من دوامة الفوضي, وذلك بوقف كل ما من شأنه الازدراء للأديان, أو الأشخاص, أو أجهزة الدولة الرسمية, التي يجب أن تعمل في مناخ يتيح لها التطور والتقدم, ويمكن أن يتم ذلك من خلال لجنة متخصصة تراقب هذا الأداء.
عاشرا: مراقبة كل أوجه الدعم الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني, وأوجه إنفاقها, مع تأكيد أهمية فتح الملفات السابقة, في هذا الشأن, وإشراف الدولة علي عمليات التدريب في الداخل والخارج, التي يتلقاها أعضاء هذه المنظمات حتي الآن.
إن هذه القضايا مجتمعة, يجب ألا تكون, هي أو بعضها, برنامجا انتخابيا للرئيس الجديد, وإنما يجب أن تكون بمثابة عربون التصويت له, بمعني أن تكون مقدمة علي الترشح, أي يتم تنفيذها بنجاح تام, خلال الفترة القليلة المقبلة, وأعتقد أن الظروف, الآن, مهيأة لذلك تماما, وحينها لن تكون هناك منافسة علي هذه الانتخابات من أي طرف كان, أما إذا استمرت هذه الأوضاع, بشكلها الحالي, دون تقدم, فإنني أستطيع أن أؤكد أن رصيد المرشح يمكن أن ينفد شيئا فشيئا حتي موعد الانتخابات, وحين ذلك يكون المواطن قد فقد الثقة في الزعامة, وفقد الثقة في المستقبل, واستمرأ التعامل مع الحاضر بإخفاقاته, ومهاتراته, ناهيك عن أن السيئ يزداد سوءا, والمتردي يزداد ترديا, وتدارك الأوضاع سوف يصبح أصعب بكثير, مع تحفز المناوئين لإحداث مزيد من الفوضي, ومع مخططات واضحة لإفشال سير المحاكمات المرتقبة, وإرباك سير الاستفتاء علي الدستور, وعرقلة إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية, بل تعويق حركة المستقبل ككل.
ومن هنا.. فنحن في حاجة إلي تحرك فوري, يجب ألا ينتظر استفتاءات أو انتخابات, كما يجب ألا نضع في الاعتبار موقف هذه القوي أو تلك, أو حتي رد فعل خارجيا, من هنا أو هناك, مادام الأمر يتعلق بمستقبل مصر, ولنغلق الباب علي أنفسنا بعض الوقت علي الطريقة الصينية إلي أن نقف علي أرض صلبة, قوامها العمل والإنتاج, وحين ذلك سوف يصفق لنا العالم أجمع, وسوف ننال احترام الجميع, أصدقاء كانوا, أو أعداء, أما إذا ظللنا مترددين في وسط السلم, نهاب الصعود, ونخشي الهبوط, فسوف تنال منا المؤامرات الخارجية إلي ما لا نهاية, والمزايدات الداخلية إلي غير رجعة, وهو ما كانت عليه الحالة المصرية طوال عقود عديدة مضت, لم يعرف خلالها المواطن قيمة العمل, ولم تفطن القيادة خلالها إلي قيمة الكرامة الوطنية, وبالتالي فلم يعرنا الآخرون أي احترام, أو اهتمام, مما جعل المزايدين يرونها أرضا خصبة للتربح والمهاترات, وهو ما نحن فيه, حتي الآن, علي الرغم مما مرت به البلاد من تفاعلات خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
المطلوب إذن.. من رئيس الدولة, المنتظر, أن يعلي من قيمة العمل, والإنتاج منذ اللحظة, وذلك بوقف كل المظاهر التي تعوق ذلك, وأعتقد أن القوات المسلحة, فقط, هي التي يمكن أن تقوم بدور كبير, في هذا الصدد, وذلك بعد أن استطاعت بعض القوي السياسية أيضا أن تقف حجر عثرة أمام تحقيق هذا الهدف هو الآخر, بدعاوي حق الاعتصام, وحق الاحتجاج, وحق الإضراب, وجميعها حقوق مشروطة, بمعطيات القوانين الدولية, وليست المصرية فقط, وذلك لأن استخدامها لدينا كان, طوال الوقت, حقا يراد به باطل, وهو ما أسفر عن تردي الأوضاع الاقتصادية أيما ترد, وأوجد حالة من الفوضي أصبح من الصعب التعامل معها, فأصبحت البلاد طاردة, إلي حد الموت عطشا في صحراء ليبيا, أو الغرق في عرض المتوسط, أضف إلي ذلك تجاهل هذه القوي, طوال الوقت, لما يزيد علي25% من المواطنين, ممن هم دون خط الفقر, والتركيز فقط علي الفضائيات والميادين, فكانت النتيجة, الطبيعية, مزيدا من الفقر, ومزيدا من التطرف, في أوساط هؤلاء, الذين كان استغلالهم أمرا يسيرا من قبل جماعات التكفير, وعصابات الإجرام.
لم يعد الأمر يحتاج إلي مواءمات, وتوازنات, واختيار اللحظة المناسبة لإعلان موافقة الفريق أول السيسي علي الترشح, فذلك دليل ارتباك, وليس دليل تريث, كما لم يعد الأمر يحتاج إلي لافتات بالشوارع, وخروج الجماهير للميادين, فالتفويض قد حدث مبكرا, بل إن الأهم, من ذلك, هو أن اعتقادا ما قد شاع, لدي رجل الشارع, أن الفريق السيسي هو الذي يدير البلاد فعليا, ومن ثم كان من الطبيعي أن يلقي باللوم علي الفريق في إخفاق المجتمع, أوالإشادة به في أي إنجازات, ولكن لأن الإخفاقات أكثر وضوحا وعددا, فقد كان من المهم ألا تظل القوات المسلحة في موقع المتفرج علي ما يجري في البلاد, الآن, وألا يقتصر دورها فقط علي التدخل في حالات الكوارث والأزمات, بدعوي عدم التدخل في الشأن السياسي, أو الحكومي, فهي إن أرادت الفصل بين دورها, المنوط بها, ودور الحكومة, في هذه المرحلة, فلن تستطيع, ومن هنا لا يعقل أن تنتظر حتي تتدهور الأوضاع أكثر من ذلك.
ومن جهة أخري, فإن محاولات النيل من القوات المسلحة, سواء في بعض وسائل الإعلام, أو من خلال ما حدث مؤخرا في اجتماع لجنة الخمسين, المكلفة بتعديل الدستور, هو أمر يجب أن نتوقف أمامه طويلا, فلا يعقل أبدا أن يكون قادة جيش مصر مثارا للثرثرة في الفضائيات, كما لا يعقل ألا يتضمن الدستور نصا يساعد علي حماية الأمن القومي للبلاد, في الوقت الذي نطالب فيه القوات المسلحة بالانخراط بقوة في الجبهة الداخلية, بدءا من إنقاذ الجسور, وإنشاء الطرق, وانتهاء بحل الخلافات السياسية بين الفرقاء.. هي إذن قسمة ضيزي, يجب عدم الخضوع لها, أو التغاضي عنها, وخاصة أن الهدف هنا واضح, كما أن الهدف هناك أكثر وضوحا, وإذا كان الشعب لن يقبل أبدا بأوصياء هبطوا عليه في غفلة من الزمن, فبالتأكيد لن تقبل القوات المسلحة, أيضا, بذلك, إلا أن جميعها أمور تؤكد أننا أمام أوضاع تحتاج إلي مزيد من الحسم, والتعامل معها بما يتوافق وطبيعة المرحلة, التي اختلطت فيها الأوراق, بين المصالح الشخصية, والمصالح العليا للبلاد, وبين متطلبات الداخل, وإملاءات الخارج.
علي أي حال.. كان يمكن للقوات المسلحة أن تنحاز إلي الرئيس الأسبق في25 يناير2011, إلا أنها لم تفعل, وانحازت للشعب, وكان يمكن للقوات المسلحة أن تنحاز للرئيس السابق في30 يونيو2013, إلا أنها لم تفعل, وانحازت للشعب, وها نحن, الآن, نناشد القائد العام للقوات المسلحة استمرار الانحياز للشعب, وإخراجه من هذه الأزمة, وذلك بتحمل المسئولية كاملة, وعلي كل المستويات السياسية, والاقتصادية, والأمنية, وأعتقد أن سرعة إعلان الترشح للرئاسة هي بداية الحل الكامل, أما الحلول الوسط, كما هو الوضع حاليا, فلن تفيد المجتمع في شيء, وسوف نظل نؤكد أن عربون التصويت, سالف الذكر, هو الطريقة المثلي, التي سوف يستقبل من خلالها الشعب رئيسه الجديد بترحاب منقطع النظير, يحملونه علي الأعناق, ويقدرونه أيما تقدير, وهذا, في حد ذاته, حصانة, لا توازيها حصانة الدساتير, أو القوانين, وسوف تخرس, حينذاك, كل الألسنة, وسوف تتهاوي كل المزايدات, أما إذا استمرت هذه الأوضاع كما هي, دون حسم, حتي موعد الانتخابات الرئاسية, فإن كل شيء سوف يظل أيضا قابلا للنقاش, دون حسم.
ماذا حدث للأزهر؟!
منذ نهاية الاحتلال الأجنبي لمصر لم نسمع عن مظاهرات في جامعة الأزهر, وعلي مدي تاريخ جامعة الأزهر لم نشاهد طلابا يقومون بتخريب جامعتهم, وفي كل الأحوال.. لم نر في تاريخنا الحديث, علي الأقل, حصارا من العلماء لمكتب شيخ الأزهر, أو وقفات احتجاجية للدعاة من خريجي الأزهر أمام وزارة الأوقاف, كما لم يكن التنابز بالألقاب, أبدا, من شيم علماء, أو خطباء الأزهر.
إذن.. ماذا حدث للأزهر, وطلاب الأزهر, وعلماء الأزهر؟, نعم, نحن في مرحلة انفلات, في كل شيء, وأي شيء, إلا أنه من المفترض أن علماء وطلاب الأزهر هم المعنيون بالدرجة الأولي بتقويم ذلك الانفلات, أو هم الأكثر صلاحية لهذه المهمة, لكن العكس هو الذي حدث, البلاد تأخذ طريقها إلي التهدئة, وطلاب الأزهر هم الأكثر انفلاتا!
هل يصدق أحد في المستقبل أن طلاب الأزهر في سالف العصر والزمان قاموا بتخريب جامعتهم, وتدمير محتوياتها؟, أو أنهم سعوا إلي تعطيل الدراسة بها؟, أو أنهم خرجوا من الجامعة لقطع الطرق القريبة من الجامعة؟, وهل يصدق أحد في المستقبل أن إدارة جامعة الأزهر لم تستطع مقاومة الطلاب, فاستعانت بالأمن لحمايتها وتحرير رئيس الجامعة من قبضتهم؟, وهل يصدق أحد, الآن, أن طلاب جامعة الأزهر استعانوا ببلطجية من خارجها لتحقيق أهدافهم في التخريب والتدمير؟!
نحن أمام فاجعة, أبطالها الحقيقيون هم مجموعة من علماء الأزهر, الذين تطاولوا علي شيخهم, يوما ما, فكانت هذه هي النتيجة, ونحن أمام طامة كبري, كان وقودها الدعاة من خريجي الأزهر, الذين حاصروا مقر وزارة الأوقاف لطرح قضاياهم, ونحن أمام حقيقة مفزعة, وهي أن من كانوا القدوة الحسنة للمجتمع, يوما ما, أصبحوا أو بعضهم دعاة فتنة أحيانا, ويفعلون فعل البلطجية أحيانا أخري.
رحم الله زمانا كان يتغني فيه الشعراء: قم في فم الدنيا وحي الأزهرا.. وانثر علي سمع الزمان الجوهرا.. ورحم الله زمانا كان للعمامة هيبتها, وللقفطان جلاله.. ورحم الله زمانا كان لأستاذ الأزهر مكانته, ولعالم الأزهر إطلالته.. ورحم الله زمانا كان لحرم الأزهر قدسيته, وللالتحاق بالأزهر أفضليته.
أما حينما تخلي الأزهر عن دوره, المنوط به في التنوير والتثقيف, وحينما تخلي علماء الأزهر عن دورهم المسند إليهم في نشر الفضيلة, واتجهوا إلي الفضائيات, كنجوم هوليوود, بملابس الكاجوال تارة, والرأس المزركش تارة أخري, فكان من الطبيعي أن ينفر طلابهم, بل مشاهدوهم ومستمعوهم إلي التكفيريين أحيانا, وإلي مدعي الاجتهاد في معظم الأحيان.
تقويم أوضاع الأزهر, أيها السادة, يبدأ من النشء, ولا ينتهي عند التخرج, فلم يكن الأزهر, يوما ما, إلا وسطيا بعلومه الشرعية علي المذاهب الأربعة, ولم يكن الأزهر, يوما ما, موغلا في التطرف, أو التشدد, وبالتالي لم يكن أبدا ساحة من ساحات العنف في المجتمع, أو أداة للصراعات السياسية الدائرة, فلم يعمل طلابه لحساب فصيل سياسي, ولم يجنح علماؤه لأي توجه أيديولوجي, بمنأي عن مقررات الدراسة, بل كان دائما وأبدا مظلة للتقريب بين المذاهب, وعلامة بارزة في حوار الأديان.
هي رسالة نوجهها إلي القوي السياسية في بر مصر: ارفعوا أيديكم عن الأزهر.. وإلي أولياء أمور الطلاب: لا تدعوا أبناءكم فريسة للمتشددين والمتطرفين.. وإلي علماء الأزهر: كونوا قدوة حسنة يرحمكم الله.. وإلي أساتذة الأزهر: مسئوليتكم كبيرة في هذه المرحلة, ويجب ألا تدعوها تخرج من بين أيديكم.. وإلي إدارة الأزهر: انتقاء الطلاب منذ البداية أولوية قصوي.. وإلي شيخ الجامع الأزهر: دراسة الحالة من أول السطر, وليس بالقفز علي النتائج.
وتجدر الإشارة, هنا, إلي أننا قد حذرنا مرارا, وتكرارا, من استمرار هذه الأوضاع بالجامعات ككل, وطالبنا في الوقت نفسه بحظر التظاهر داخل الحرم الجامعي لأي سبب كان, وناشدنا أيضا المسئولين منح إدارة كل جامعة الفرصة كاملة في التعامل مع الحالة التي لديها بالطريقة التي تتناسب مع حجم الحدث, دون رقيب أو حسيب, وذلك لأن نتيجة الانفلات في الحرم الجامعي غير محمودة العواقب في كل الأحوال, وكانت نتيجة التباطؤ في التعامل مع هذه الأوضاع هي ما نحن فيه الآن, ودخول الأمن الحرم الجامعي مجبرا لتحرير رئيس الجامعة, ولكن من سيتحمل مسئولية عمليات التخريب, وتكلفة الإصلاح؟
هو نداء إلي المسئولين بالتحرك لمواجهة الموقف في كل الجامعات بقرارات حاسمة قبل فوات الأوان, فهناك أغلبية من الطلاب تذهب إلي الجامعة بهدف الدراسة والتعلم, ونخشي أن يصبحوا ضحايا للأقلية التي أرادت لهم الفشل, بتعطيل الدراسة, أو إغلاق الجامعات!
لمزيد من مقالات عبد الناصر سلامة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.