على مدى الأسبوع المنصرم شاهدنا حوارات تليفزيونية, وقرأنا مقالات صحفية تتحدث عن سيناريوهات ما بعد الثلاثين من يونيو, تتخيل في معظمها أن مظاهرات غاضبة قد نزلت إلى الشارع, حمل معها كل مسئولي الدولة أوراقهم وغادروا مكاتبهم, على اعتبار أن البقاء للأقوى في ظل غياب الأمن, وإن شئت قل: في ظل تخاذل الأمن, إلا أن السيناريوهات اختلطت في الإجابة عن سؤال هو:.. وماذا بعد؟! البعض رأى تشكيل مجلس رئاسي من فلان وعلان وترتان, وجميعهم للأسف لن يقبل بهم الشارع لأسباب عديدة.. والبعض الآخر رأى العودة إلى حكم العسكر, وجميعنا أيضا لن تخلو ذاكرته من تبعات ذلك في الماضي القريب وما عاناه العسكريون من تطاول وازدراء.. والبعض الثالث دعا إلى انتخابات رئاسية مبكرة, برغم ما في ذلك من فقدان للمشروعية, ناهيك عن أنه يؤصل لهذا النوع من العمل خارج القانون في المستقبل أيضا. إذن.. كانت كل الأطروحات مردودا عليها مع غياب رؤية واضحة للتعامل مع أوضاع كهذه التي يخطط لها أو ينشدها البعض, في ظل تراجع لغة العقل والحكمة, التي كان يجب أن تطرح مطالب محددة يمكن التعامل معها ما دامت هناك سلطة رسمية شرعية منتخبة, بما يجنب البلاد صدامات يراها المراقبون حتمية, ويستعد لها المتحفزون بالعدة والعتاد. بالفعل.. الاستعدادات تجري على قدم وساق داخل فصائل عديدة لمواجهة شبه عسكرية, بالتأكيد سوف تسفر عن ضحايا هنا, وإصابات هناك, ودمار على هذا الجانب, وتخريب على الجانب الآخر, ولم يضع أحد في الاعتبار, حتى الآن, أن مصر هي التي سوف تدفع الثمن; مصر البشر, مصر السياحة, مصر الاستثمار, مصر الأمن, مصر التاريخ, مصر الجغرافيا, مصر الحضارة, فالدماء التي تسيل هي في النهاية دماء مصرية, والخسائر مصرية, بأيد مصرية, على أرض مصرية. نحن نبحث في السيناريو الأسوأ, لأن ذلك هو ما بدا في الأفق حتى الآن, إلا أننا يجب أن نضع في الاعتبار أن هناك فرقا كبيرا بين نظام سابق آثر أن يترك الحكم تحت ضغط الشارع بعد أن ظل في الحكم ثلاثين عاما, ونظام حالي أتى إلى الحكم بطريقة ديمقراطية ولم يأخذ فرصته كاملة حتى الآن, وهو ليس في صراع مع الشارع بمعناه الحقيقي بقدر ما هو صراع مع فصائل سياسية وأيديولوجيات مختلفة رأت في تأليب الرأي العام وسيلة وحيدة للإطاحة بهذا النظام, بمنأى عن صناديق الانتخاب التي تنتهجها كل الديمقراطيات في العالم, إما لعدم ثقة في النفس, أو لعدم ثقة في الناخبين, وهذه آفة كبرى إن اعتمدناها حلا لمشكلاتنا وقضايانا المختلف عليها, وما أكثرها في الحاضر, وما أصعبها في المستقبل, وبالتالي سوف نرتد إلى الخلف عشرات السنين مع كل أطروحة من الأطروحات التي ذكرناها في البداية. وأخشى ما أخشاه أن تكون مثل هذه الأوضاع قد أصبحت بمثابة أسلوب حياة للبعض في الحياة السياسية تارة, وفي الارتزاق تارة أخرى, فقد أصبح لدينا الآن من يطلق عليهم أثرياء الثورة, وهم الذين ظهرت عليهم علامات الثراء السريع عقب الثورة مباشرة, دون سبب منطقي, ولم نجد من بين أجهزتنا من تكفل بالبحث في أسباب ذلك, كما أن هناك من ظهروا علي الساحة كنجوم سياسة وفضائيات دون سبب معقول أيضا, سوى أنهم استخدموا لغة الإثارة والتشكيك في أي شيء, وكل شيء, واستغلوا العاطلين تارة, وأطفال الشوارع تارة أخرى في إحداث مزيد من الفوضى في المجتمع, بينما ظل المواطن الطبيعي يدفع فاتورة يومية من المعاناة كان على الحكومات المتعاقبة أن تسددها في النهاية, مادامت لم تتعامل بحزم منذ البداية مع مثل هذه الأوضاع التي حذرنا مرارا وتكرارا من عواقبها الوخيمة. ولأن الأمر كذلك.. فقد كنا نأمل أن يتصدر المشهد بعض من ذوي العقول النيرة, المشهود لهم بالنزاهة وطهارة اليد, ليتوافقوا على كلمة سواء, حتى تثق الأجيال الجديدة في أن مصر معطاءة برجالاتها المخلصين, إلا أن الأمر ظل كما هو, بنفس الوجوه, والمزايدين, والمؤججين للفتن, والمشعلين للنيران, مادامت قد توافرت لهم جوازات السفر الأجنبية, وما دام هناك وطن بديل, وليذهب الكادحون إلى الجحيم, الذين من بينهم فقط يسقط الشهداء, ومن بينهم فقط نرى المصابين, ومن بينهم فقط يكون المتهمون, وهم عادة شباب في عمر الزهور, كان على الدولة أن تحتضنهم, وكان على مشروعات الدولة أن تستوعبهم, إلا أنه ميراث الفقر والتخلف الذي سوف يظل ينخر لسنوات طويلة في مفاصل الكبار والصغار على السواء. وسوف أتذكر هنا ما قاله لي الرئيس التونسي المنصف المرزوقي في حديثه, الذي نشره الأهرام قبل عدة أسابيع, من أن الثورات تحتاج في تحقيق أهدافها إلى نحو عشرين عاما, إلا أنه قال في الوقت نفسه: إننا يمكن أن نحاسب بعد خمس سنوات على العناوين الرئيسية للثورة.. وحينما نتحدث عن الرئيس التونسي فنحن نتحدث عن تجربة مشابهة للتجربة المصرية, على الرغم من الفارق الذي يتمثل في ذلك الهدوء بالشارع التونسي على مدى العام الماضي مقارنة بنظيره في مصر, وخاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن الشعب هناك لا يعاني الأمية التي يعانيها مجتمعنا, أو نسب البطالة نفسها, أو ذلك الاقتصاد المتدهور, فقد كانت نسبة التنمية هناك قبل الثورة مرتفعة إلى حد كبير مقرونة بسياحة واستثمارات بمعدلات مرتفعة أيضا, إلا أنها الدكتاتورية التي كان يعانيها الأشقاء هناك. فمن الظلم إذن أن يتصور البعض أنه عقب عامين ونصف العام من الانفلات, والغوغاء, وقطع الطرق, والاحتجاجات, والاعتصامات, يمكن للاقتصاد أن ينهض بوتيرة متسارعة, ومن الظلم أن يتصور البعض أنه في ظل هذا العداء من بعض دول الجوار, لأسباب خاصة بالثورة وبرجال النظام السابق, يمكن أن نحقق اكتفاء ذاتيا من كل شيء في فترة وجيزة, ومن الظلم أن يرى البعض في ظل تحفز دول الغرب للنظام السياسي لدينا أن يتعامل معنا هؤلاء بشفافية ودعم لمسيرتنا التي اخترناها بمحض إرادتنا, ومن الظلم أن يرى البعض أن عاما واحدا كافيا لتصحيح ممارسات نصف قرن من الفساد, ومن الظلم أن نتخيل أن البطالة يمكن أن تختفي بجرة قلم, أو أن العشوائيات يمكن أن تتوارى بمجرد قرار.. إلا أنه الترصد, والتحفز, وسوء النية, الذي بدا واضحا منذ اللحظة الأولى لأداء رئيس الدولة قسم اليمين, حينما قال أحدهم: مضى أربع ساعات على توليه الرئاسة.. فماذا فعل؟! نحن هنا.. لا نقصد أبدا الدفاع عن الرئيس أو عن النظام السياسي ككل, إنما فقط أردنا إعمال لغة العقل أمام محاولات إغراق الوطن في دوامة من الفوضى لا يعلم إلا الله وحده عواقبها, ونحن هنا لا نعفي الدولة من مسئولياتها تجاه أي إخفاقات في الممارسة السياسية, أو تراجع في الأداء الاقتصادي, أو ترد في الحياة اليومية للمواطن إنما فقط نضع الأمور في نصابها الصحيح, أو في حجمها الطبيعي, حيث لم يعد هناك مثلا من يتذكر أن قطاع الكهرباء كان يعاني إخفاقات كبيرة قبل الثورة, أو أن أنبوبة البوتاجاز كان يصل سعرها أحيانا إلى خمسين جنيها, أو أن قتلى قد سقطوا ضحايا الحصول على رغيف خبز, أو أن المياه الملوثة والمخلوطة بالمجاري في البرادعة وغيرها كانت حدثا شبه دوري, إلا أنه أيضا الصراع السياسي, الذي استغل معاناة المواطن ليزيدها تعقيدا بأزمات نفسية, اعتمادا على ضعف الذاكرة! وما نود الإشارة إليه هنا.. هو أننا على أبواب انتخابات برلمانية كان يجب على القوى السياسية أن تستعد لها لتكون هي المنطلق لأي تطور سياسي, إلا أن هذه القوى, لأسباب نعلمها, أبت الاحتكام إلى قواعد الديمقراطية, وإلى أصول الممارسة, فراحت تراهن على استنفار الشارع, ولو حتى على حساب أمنه واستقراره, وهو الأمر الذي لن يجد قبولا, بأي حال من الأحوال, لا على مستوى الأغلبية في المجتمع, ولا على مستوى العالم الخارجي, كما أن الرهان على توريط القوات المسلحة في ذلك الصراع أيضا هو رهان غير مقبول, وذلك لأن القوات المسلحة في أي مكان في العالم تنحاز دائما إلى الشرعية واحترام القانون, وإلا اختلطت الأوراق إلى ما لا نهاية, بما يصبح خصما من رصيد هذه القوات في الداخل والخارج على السواء, ولذا فإن القوى السياسية, في النهاية, ليس أمامها سوى الرهان على المواطن من خلال صناديق الانتخابات فقط, دعما للمسار الديمقراطي, وإلا فما جدوى قيام الثورة, وفي رقبة من كل هذه الأرواح التي أزهقت؟! لنا إذن.. أن نرى أن الثلاثين من يونيو هو صراع أيديولوجيات بعيدا عن طموحات الشعب ورغباته, ولنا أن نتخيل أن مظاهرات سلمية بمطالب شعبية سوف تصل إلى مسامع الحكومة أيا كانت, وليكن الأول من يوليو هو بداية العمل على تلبية هذه المطالب وتنفيذها على وجه السرعة, أما من يعد العدة لأن يكون الثلاثون من يونيو يوما لسفك الدماء, يعقبه في الأول من يوليو تغيير سياسي في المجتمع, فأعتقد أنه تصور لم يأخذ حقه من الدراسة والتأمل, وذلك لأن الوصول إلى سدة الحكم يجب ألا يكون على جثث المواطنين الأبرياء, أو من خلال دماء في الشوارع نحن في غنى عن سفكها, وإنما فقط بالحوار والجلوس علي مائدة مفاوضات يمكن أن يصل البشر إلى ما يريدون, فما بالنا إذا كنا أبناء شعب واحد, والخلاف فيما بيننا على الوضع الراهن أصبح داخل البيت الواحد؟! الدعوة إلى سلمية المظاهرات, أيها السادة, يجب أن تنطلق من الأزهر, والكنيسة, والقضاء, والجامعات, والنقابات, وقبل كل ذلك وسائل الإعلام, التي حمل بعضها للأسف على عاتقه تضخيم الأحداث وإشعالها مبكرا, لحساب أصحابها تارة, ولحسابات أيديولوجية تارة أخرى, غير آبهة بمستقبل وطن آن له أن يستقر بعد سنوات طويلة من المعاناة, كما أن الدعوة إلى الانسحاب من المظاهرات إذا خرجت عن الطبيعة السلمية يجب أن تنطلق من الأحزاب والائتلافات ومنظمات المجتمع المدني, وقبل كل ذلك من أصحاب العقول الرشيدة, أهل مصر الطيبين, الذين يأملون في مستقبل أفضل لهذا الوطن, كما أن الدعوة إلى احترام الشرعية والقانون يجب أن تترجمها بيانات واضحة وإجراءات محددة لوزارتي الدفاع والداخلية, تثبتان من خلالها أنهما حاميتا الأمن الداخلي والخارجي لأرض الكنانة, التي أثق في أن الله سبحانه وتعالى يحفظها من كل مكروه. بالفعل.. مصر التي تجلى فيها رب العزة سبحانه وتعالى دون غيرها لنبي من الأنبياء سوف تظل محفوظة من كل كيد ومكر, ومصر التي ذكرت أكثر من غيرها في القرآن الكريم, وغيره من الكتب السماوية, سوف تظل واحة للأمن والأمان, ومصر التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم: بها خير أجناد الأرض لن تركع أبدا, ومصر التي شهدت رحلة العائلة المقدسة لن يتصارع أبناؤها على متاع الدنيا, ومصر التي قهرت التتار لن تنحني أمام أهواء مستوردة, ومصر التي دحرت الغزاة الغربيين لن تستسلم لحفنة من هنا أو لمارقين من هناك, ومصر التي ألجمت الصهاينة لن تكون أضحوكة الأمم, ومصر التي أبهرت العالم بحضارة السبعة آلاف عام لن تتنازل عن القيادة والريادة في محيطها العربي والقاري, ومصر التي صنعت حضارات دول عديدة من حولها لا يمكن إلا أن تظل كذلك: صانعة الحضارات, مصدر التنوير والتعليم والتثقيف, ولم لا؟, وهي أم الدنيا. هذه هي الحقيقة, فعلى الرغم من كل ما سبق لن يستطيع أحد أن يكيد لمصر شرا, بفضل الله سبحانه وتعالى, وبفضل يقظة المصريين لما يحاك لهم.. وباستقراء التاريخ, وبإيمان بالله, أستطيع أن أؤكد أن المصريين يمكن أن يسطروا فصلا جديدا من تاريخهم المجيد في الثلاثين من يونيو, وذلك بتسجيل نموذج مشرف من الحضارة والرقي, لكي نثبت للعالم أننا بالفعل أصل الحضارة, ولكي نثبت أننا أمة تستحق الحياة الكريمة, ولكي نثبت أننا لسنا في حاجة إلى وصاية من أحد, وليكن الأول من يوليو هو البداية الحقيقية لليقظة من ذلك السبات العميق, تحت قيادة شرعية جاءت بإرادة واعية, وبمخاض عسير, ولنرفض كل المخططات التي يتم الإعداد لها بليل, وليس ذلك فقط, بل ربما خارج الجغرافيا المصرية. الاستعمار يطل برأسه..! ما إن صدر الحكم بسجن المتهمين في قضية التمويل الأجنبي, من مصريين وأجانب, حتى هاجت صحف الغرب, وماجت تصريحات المسئولين هناك بعبارات وجمل مستفزة, تعد من قبيل التدخل السافر في الشأن المصري المهموم أصلا بقضايا الداخل, ومن ثم فلم نجد ردا واحدا على ذلك التدخل الذي كان في الحقيقة بمثابة تطاول! وقد حدث ذلك على الرغم من أن ما حدث كان حكما قضائيا, ومن عادة الغرب أن يحترم أحكام القضاء, وإلا لما انحاز للقضاء لدينا في أزمته مع السلطة التشريعية, إلا أنه الكيل بمكيالين الذي اعتدناه في الممارسات الغربية, ومن جهة أخرى, فنحن في عداد دول العالم الثالث التي مازالت في نظر هؤلاء مستعمرات غربية يجب أن تنفذ تعليمات المستعمر من على بعد آلاف الأميال. وقد بلغ ذلك التدخل الحد الذي سمعنا فيه دعوات أمريكية بضرورة إلغاء ذلك الحكم, وألمانية حول اللجوء إلى الأممالمتحدة لإدراج مصر في قائمة سوداء خاصة بالإرهاب, واستنكار فرنسي, وشجب بريطاني.. وغير ذلك من الأمور التي كان يجب أن يكون الرد عليها مباشرا بأقسى العبارات. وما تجدر الإشارة إليه هو أنه خلال أحد اجتماعات لجنة التنمية البشرية بمجلس الشورى مؤخرا, التي كانت تناقش قانون الجمعيات الأهلية, حضر هذا الاجتماع عدد من السفراء الغربيين وطالبوا خلاله بتأجيل صدور القانون في الوقت الراهن, وبرغم موافقة اللجنة والمجلس على القانون من حيث المبدأ, فإنه لم يصدر حتى الآن, وأرجو أن يكون المانع خيرا. والمعلوم أن قضية التمويل الأجنبي هذه كانت مرتبطة بجمعيات ومنظمات كان يجب أن تعمل من خلال قوانين الدولة, إلا أنها ضربت عرض الحائط بالقانون والدولة في آن واحد, ودخلت البلاد أموال من عواصم عديدة أثرت البعض ثراء فاحشا, وأسهمت في قتل البعض الآخر, وإحداث الفوضى في ربوع البلاد, ولم تستطع هذه المنظمات إثبات أوجه الإنفاق لا قبل الثورة ولا بعدها, إلا أن المؤكد هو أن جزءا كبيرا منها استخدم في تمويل أعمال غير مشروعة, وهو ما جعل الأحكام تصدر على الجميع بالحبس مع الأشغال الشاقة. المهم, ولأننا في موقف الرجل المريض الآن, لم نستطع مجابهة ذلك الموقف الغبي للغرب, الذي يتفاقم يوما بعد يوم, إلا أن الغريب في الأمر أيضا هو أن القوى السياسية لدينا لم تستنكره هي الأخرى, وليس ذلك فقط, بل رأت فيه إدانة للنظام الرسمي, فراحت تزايد على تلك التصريحات, وتعمل على ترديدها, متجاهلة هي الأخرى أنه حكم قضائي كان يجب أن ينال الاحترام والتبجيل. أما إذا كانت هناك بعض القوى قد استفادت من تلك المنظمات, أو من ذلك التمويل, فيمكن أن نلتمس لها العذر, إلا أنه بالتأكيد هناك قوى لم يسعفها الحظ, فلماذا التزمت الصمت؟, هذا هو السؤال الذي يبحث عن إجابة حتى الآن. على أي حال.. ما حدث ويحدث الآن من رد فعل غربي وأمريكي على حكم المحكمة هو أمر غاية في الخطورة, حيث أعطت هذه الدول لنفسها حق الوصاية, وحضورها مناقشات الشورى كان أقرب إلى الرقابة على الممارسة البرلمانية, أما طلب تأجيل المناقشات أو إرجاء إقرار القانون فهو الاستعمار بعينه, الذي لا يمكن أن يقبله أي مواطن حر. نحن من هذا المنطلق ندعو مجلس الشورى إلى الإسراع بإقرار القانون دون تدخل من أي جهة, وفي الوقت نفسه نرى أن وزارة الخارجية على الأقل يجب أن تتصدى لمثل هذه التصريحات بأخرى لا تقل حدة, بينما نحيل القوى السياسية إلى ضمائرها في التعامل مع هذه الأزمة التي تمس كرامة المجتمع بقضائه الشامخ, وخاصة أن هذا الملف يجب ألا يغلق, حيث إن هناك المئات من الجمعيات والمنظمات المحلية لم يتم فتح ملفاتها حتى الآن, دون أسباب معلومة, ولعل المانع يكون خيرا أيضا, وخاصة أنه متخم بالأسماء الرنانة والأرقام الخيالية. نقلا عن جريدة الأهرام