جاء قرار الولاياتالمتحدة بتعليق بعض المساعدات الممنوحة لمصر منذ توقيع إتفاقية السلام1979 مثيرا للغط, من حيث الشكل والمضمون والتوقيت ومهما نفت الإدارة الامريكية وساقت الحجج والأسانيد الا ان أطرافا عده تعلم أن القرار جاء دعما لجماعة الإخوان المسلمين ودفعا لحالة الفوضي وإحداث القلاقل والأزمات في الشارع المصري, وانتقاما من الجيش المصري الذي اتخذ قراراته المصيرية دون العودة الي الولاياتالمتحدة. ولكن تداعيات رد الفعل طالت الحليف الاستراتيجي لامريكا وهو الدولة العبرية التي أعتبرت ان القرار سيضر بصورة مباشرة بمصلحة إسرائيل, لأنه سيدفع القيادة المصرية الي البحث عن مصدر آخر للتسليح, بما يخل بالتفوق النوعي لإسرائيل امام التفوق الكمي للجيش المصري والذي تعهدت به أمريكا مرارا, ويغيب الولاياتالمتحدة عن دورها كراع وضامن لمعاهدة السلام, ثم أعلنت الإدارة الأمريكية ان الوقف لم يطل سوي المساعدات المالية والنظم العسكرية واسعة النطاق مثل طائرات الإف16, ودبابات أبرامز, وصواريخ هاربون ومروحيات الأباتشي, علاوة علي مساعدات نقدية قيمتها260 مليون دولار, ولم يتم المساس بكل جوانب المساعدات الأخري سواء ما يتعلق منها بمكافحة الإرهاب أو المساعدات الاقتصادية وبذلك, فإن الحكومة الأمريكية علقت الجزء الأكثر أهمية للجيش المصري, والأقل أهمية للمصالح الأمريكية, وأوضحت وزارة الخارجية الأمريكية إنها لم تقطع المساعدات وستواصل الدعم العسكري فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب ودعم الأمن في سيناء. رد الجيش المصري وكان أبلغ رد علي القرار الأمريكي هو عدم الرد من القيادة العسكرية المصرية بما يعكس أنها كانت تتحسب القرار وتستعد بوجود بدائل, كما ان القرار يؤكد للشارع المصري ان الجيش لم يتفاهم مع واشنطن ولم يقدم تنازلات ولم يستجب للإرادة الأمريكية في مصر والمنطقة, ويعكس موقفا سياسيا سلبيا من الإدارة الأمريكية وجاء الرد الشعبي المصري علي الخطوة الأمريكية بالترحيب ورأي أنه الفرصة التي ينتظرها لجعل القرار المصري أكثر استقلالية وتحررا, كما سيدفع الي تفعيل الهيئة العربية للتصنيع في إنتاج الأسلحة والمعدات اللازمة للجيش والشرطة, ولطالما طالب الشارع المصري قيادته بالتنازل طواعية عن المعونة لأنه يري فيها تبعية لأمريكا وتدخلا سافرا من الإدارة الإمريكية في القرار المصري ظهر جليا منذ ثورة يناير إسرائيل تعرب عن مخاوفها وقالت شبكة إيه بي سي الإخبارية الأمريكية, إن إسرائيل تأمل ألا يؤثر قرار الإدارة الأمريكية بوقف جزء من المعونة العسكرية لمصر علي اتفاقية السلام المعقودة بين البلدين, وقالت إن إسرائيل تتمني أن تبقي العلاقات مع مصر حميمة للأبد, ونقلت عن جيلاد إردان وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي خلال حوار أجراه مع راديو إسرائيل.. إسرائيل انزعجت من التهديدات الأمريكية المتكررة الملوحة بقطع المعونة العسكرية عن مصر, لأن ذلك سيلقي بظلاله علي اتفاقية السلام, وأوضحت إيه بي سي أن المعونة العسكرية التي تقدمها واشنطن لمصر بشكل سنوي منصوص عليها في اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل كعامل مساعد علي ضمان استقرار المنطقة وأمنها. ولم تتمكن إسرائيل من إخفاء خيبة أملها من قرار الولاياتالمتحدة حجب المساعدات العسكرية عن مصر وعبرت عن مخاوفها من أن تقوض هذه الخطوة معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية, وانتقد مسئولون إسرائيليون تعامل الولاياتالمتحدة مع مصر منذ ثورتها الشعبية في يناير.2011 وكان وزير الحرب الإسرائيلي موشي يعلون, وعاموس جلعاد أحد أكبر خبراء الاستراتيجية بوزارته في الولاياتالمتحدة عند إعلانها قرار تجميد بعض المساعدات لمصر, وألمح جلعاد- مثل غيره من المسئولين- إلي خيبة أمل إسرائيل إزاء القرار الأمريكي, وقال أمام مستمعيه في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني رفضت الحكومة الإسرائيلية التعليق بشكل مباشر علي الخطوة الامريكية لكنها تأمل ألا تكون لها عواقب سلبية, وقال جلعاد إردان وزير الدفاع المدني لراديو إسرائيل: يمكن ان نؤكد انزعاجنا من الطريقة التي يمكن أن تفسر بها مثل هذه القرارات في مصر, وبالطبع من خطر العواقب علي العلاقات مع إسرائيل. وقال مسئول إسرائيلي كبير نحن قلقون من أنه إذا توقفت المساعدات سيضغط الشعب المصري علي حكومته للتخلي عن المعاهدة, وقال وزير الحرب السابق بنيامين بن اليعازر الذي كان قريبا من مبارك المفاجيء في هذه العملية كلها هي أن الأمريكيين يعملون بالضرورة وعن غير قصد ضد مصلحتهم,وأضاف يجب إدراك أنه للحفاظ علي استقرار المنطقة يلزم وجود قوة عظمي لتأمينها, وقال: لن نفاجأ إذا تحولت مصر نحو روسيا, ولن نفاجأ أيضا إذا تعاملت مصر مع الأمريكان في قناة السويس والأجواء المصرية بغير صفة الدولة الصديقة. قرار خفض المساعدات العسكرية لن يشعر مصر بالتضييق وفي سياق متصل قالت وكالة أسوشيتدبرس إن قرار الإدارة الأمريكية خفض المساعدات العسكرية لمصر, والتي تشمل تعليق تسليم الدبابات والهلكوبتر والطائرات المقاتلة, يعد صفعة رمزية أكثر من عقاب للحكومة الانتقالية. وتقول الوكالة الأمريكية إن الحكومة المصرية ليس من المرجح أن تشعر بأي تضييق جراء تحرك إدارة أوباما, وأشارت إلي تصريحات وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي قبيل إعلان القرار, حيث قال إنه بينما ترتبط مصر بعلاقات استراتيجية مع الولاياتالمتحدة فإنها لن تتسامح مع أي ضغوط. وقد علقت وزارة الخارجية المصرية علي القرار قائلة إن مصر ستعمل علي تأمين احتياجاتها الحيوية الخاصة بالأمن الوطني, وهو ما اعتبرته الوكالة تهديدا غير مباشر بأن القاهرة ستتجه لأي مكان آخر للحصول علي الأسلحة والمعدات العسكرية مشيرة إلي أن الحكومة الحالية تتمتع بدعم قوي من الدول العربية الرئيسية مثل المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت. وقالت شانا مارشال, زميلة معهد دراسات الشرق الأوسط لدي جامعة جورج واشنطن: لا أري أي سبب يمنع المصريين من شراء احتياجاتهم منF16 ودبابات إبرامز وصواريخ هاربون, من المملكة العربية السعودية أو تركيا أو أي مكان آخر, إلا إذا تمكنت للولايات المتحدة من الذهاب إلي الأممالمتحدة لإعلان حظر علي الأسلحة ضد مصر, وهذا مستبعد لأن من شأنه أن يكون خطيرا جدا. قرار أمريكا يدعم الإرهاب في سيناء ولم تكن شبه جزيرة سيناء غائبة عن تداعيات القرار الإمريكي حيث ذكرت شبكة فوكس نيوز الأمريكية, أن مصر ليست وحدها هي من تذمرت لقطع المعونة العسكرية الأمريكية, ولكن إسرائيل أيضا تخشي من قطعها, مشيرة إلي أنها من الممكن أن تعرقل الجهود المصرية في قمع الجهاديين في سيناء والذين يهددون بزعزعة استقرار المنطقة بأكملها. وأكد مسئول إسرائيلي ل فوكس نيوز أن الوضع في سيناء متدهور وأنه أصبح مصدر قلق بالغ, ليس فقط لمصر ولكن لإسرائيل أيضا, مشيرا إلي أن الجهاديين يزدادون قوة مع مرور الوقت ومع كل عملية إرهابية يقومون بها حيث إن هذه العمليات تشكل تهديدا حقيقيا للأمن القومي للمنطقة, وشددت الشبكة علي أن المسئولين الإسرائيليين يخشون من أن يكون قرار قطع المعونة قد شجع الجهاديين بالفعل إذ يمثل لهم دعما سياسيا لأنه يعاقب الجيش المصري الذي يكافحهم.