عندما ذهب رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي المدينةالمنورة كان للأوس والخزرج يومان يلعبون فيهما, فقال إن الله أبدلكم يومين خيرا منهما, يوم الفطر ويوم الأضحي, فأبدل الله هذه الأمة بيومي اللعب واللهو يومي الذكر والشكر والمغفرة والعفو.. يوضح ذلك الدكتور حلمي عبد الرءوف أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر, مشيرا إلي أن للمؤمنين في الدنيا ثلاثة أعياد: عيد يتكرر كل أسبوع, وعيدان يأتيان كل عام مرة من غير تكرار في السنة. وكلها يقترن الاحتفال بها بالطاعات والذكر والأعمال الصالحة, لأنها تأتي إكمالا للعبادات التي فرضها الإسلام علي أتباعه. فأما العيد المتكرر فهو يوم الجمعة وهو عيد الأسبوع, وهو مترتب علي إكمال الصلوات المكتوبات, فالله عز وجل فرض علي المؤمنين في كل يوم وليلة خمس صلوات, وأيام الدنيا تدور علي سبعة أيام, فكلما اكتمل أسبوع من أيام الدنيا واستكمل المسلمون صلواتهم فيه, شرع لهم يوم الجمعة وهو اليوم الذي كمل فيه الخلق وفيه خلق آدم وأدخل الجنة وأخرج منها, وفيه ينتهي أمد الدنيا, فتزول وتقوم الساعة, وفيه الاجتماع علي سماع الذكر والموعظة وصلاة الجمعة. وجعل ذلك لهم عيدا, ولهذا نهي عن إفراده بالصيام. وفي شهود صلاة الجمعة شبه من الحج, وروي أنه حج المساكين, قال سعيد بن المسيب رحمه الله: شهود الجمعة أحب إلي من حجة النافلة, والتبكير إليها يقوم مقام الهدي علي قدر السبق, فأولهم كالمهدي بدنة, يليه المهدي بقرة, ثم كبشا ثم دجاجة, ثم بيضة, كما ورد في صحيح البخاري. وشهود عيد المسلمين الأسبوعي( الجمعة) يوجب تكفير الذنوب إلي الجمعة الأخري إذا سلم ما بين الجمعتين من الكبائر, كما في صحيح مسلم. أما العيدان اللذان لا يتكرران في كل العام إلا مرة واحدة, فهما عيد الفطر بعد صوم رمضان وهو مرتب علي إكمال صيام رمضان( الركن الثالث من أركان الإسلام ومبانيه), فإذا استكمل المسلمون صيام شهرهم المفروض عليهم واستوجبوا من الله المغفرة والعتق من النار فإن صيام رمضان يوجب مغفرة ما تقدم من الذنوب, وآخره عتق من النار, يعتق فيها من النار من استحقها بذنوبه. فشرع الله تعالي لهم عقب إكمالهم لصيامهم عيدا يجتمعون فيه علي شكر الله تعالي وذكره وتكبيره وتهليله علي ما هداهم له.وشرع لهم في ذلك العيد الصلاة والصدقة. وهو يوم الجوائز يستوفي فيه الصائمون أجر صيامهم, ويرجعون من عيدهم بالمغفرة. والعيد الثاني هو عيد النحر وأكبر العيدين وأفضلهما, وهو مترتب علي إكمال الحج ركن الإسلام الرابع, فإذا أكمل المسلمون حجهم غفر لهم, وإنما يكمل الحج بيوم عرفة, والوقوف فيه بعرفة, فإنه ركن الحج الأعظم, كما قال صلي الله عليه وسلم الحج عرفة. فإذا كمل يوم عرفة اشترك المسلمون كلهم في العيد, وشرع الله للجميع التقرب إليه بالنسك وهو إراقة دماء القرابين, فأهل الموسم يرمون الجمار فيسرعون إلي التحلل من إحرامهم بالحج ويقضون تفثهم ويوفون نذورهم ويقربون قرابينهم من الهدايا ثم يطوفون بالبيت العتيق, واهل الأمصار يجتمعون علي ذكر الله وتكبيره والصلاة له ثم يذبحون الأضاحي بعد صلاة العيد. ويشير الدكتور حلمي عبد الرءوف إلي أن أحري ما نتأسي به ونحن نحتفل بعيد الأضحي أن نتذكر وصية النبي صلي الله عليه وسلم للأمة الإسلامية حين خطب في يوم عرفة في خطبة الوداع وقال: أيها الناس إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم إلي أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. ألا هل بلغت اللهم فاشهد. فعلي المسلمين في شتي بقاع العالم الاقتداء برسول الله صلي الله عليه وسلم في التعايش السلمي الآمن, والحفاظ علي النفس الإنسانية وعدم الاعتداء عليها بغير حق, وأن نعلم عظم حرمة الدماء وحرمة الأعراض والأموال.