تقوم بعض الجمعيات الخيرية باستيراد الأضاحي من دول أمريكا الجنوبية, حيث إن تكلفة الكيلو تنخفض عن التكلفة في مصر بما قيمته50 % ويكون الذبح في مجازر متقدمة بحضور أحد علماء الدين الإسلامي, وطبقا للشريعة الإسلامية. وفي هذه الحالة لا يمكن لصاحب الأضحية أن يشاهد الذبح ويحضره, ويتمسك بعض المضحين بحضور الذبح, وهذا مستحيل في حالة الاستيراد, كما يطالب بعض المضحين بأخذ الثلث وتوزيع الثلث علي الأقارب والأحباء, هل يحق أن يتنازل المضحي عن الشرط الأول وهو حضور الذبح من أجل فائدة أكثر للفقراء؟ وهل يحق للمضحي أن يتنازل عن أخذ الثلث لنفسه وتوزيع الثلث علي الأقارب والأصدقاء؟ أجابت دار الإفتاء المصرية, قائلة: إن الأضحية سنة نبوية يظهر من مشروعيتها عدة مقاصد شريفة, منها: التعبد بذبح الأضاحي, فالذبح عبادة شرعية يسترشد المسلم بآدابها, ليعرف طريق التعامل مع خلق الله من الحيوان, وهو مظهر من مظاهر شكر الله علي نعمه علي النوع البشري, إذ شرفه فوق البهائم وسخرها له, ويظهر هذا المعني واضحا من تقرير القرآن الكريم من أن مقصد سوق الهدايا للحرم وهي كالأضحية في هذا المعني ليس إلا تحقيق التقوي وشكر النعمة, وذلك في قوله تعالي: لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوي منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله علي ما هداكم وبشر المحسنين( سورة الحج), ولهذا المعني الشريف وهو التعبد لله ورجاء رضوانه ومغفرته سن للمضحي أن يشهد أضحيته وإن فاته ذبحها بنفسه, ولذا ندب رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: يا فاطمة! قومي إلي أضحيتك فاشهديها, فإنه يغفر لك عند أول قطرة تقطر من دمها كل ذنب عملتيه, وقولي: إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين قال عمران رضي الله عنه: قلت: يارسول الله, هذا لك ولأهل بيتك خاصة, فأهل ذاك أنتم, أم للمسلمين عامة؟ قال: لا, بل للمسلمين عامة رواه الحاكم في المستدرك وقال: صحيح الإسناد, وقد حمل الفقهاء هذا الأمر بشهود صاحب الأضحية لذبحها علي الاستحباب لا علي الإيجاب, فلم يجعلوا شهود الذبح من شروط صحتها, ونصوا كذلك علي أن شهودها لمن أناب في ذبحها مستحب وليس واجبا, قال العلامة الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع ويستحب أن يحضر الذبح وقال العلامة العدوي المالكي في حاشيته علي كفاية الطالب الرباني فإن لم يحسن يعني: ذابح الأضحية شيئا يعني من آداب ذبحها استناب, ويندب أن يحضر عند نائبه وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب وسن أن يذبح رجل بنفسه, وأن يشهد من وكل وقال الإمام بن قدامة الحنبلي في المغني: ويستحب أن يحضر ذبحهاس فإذا تعارضت سنة شهود الأضحية مع مقصد كفاية الفقراء وزيادة لحوم الأضاحي كما وكيفا مع توسيع نطاق الانتفاع بها, قدمت رعاية المقصد حينئذ, فإن النفع المتعدي أثوب من النفع القاصر, والمصلحة العامة مقدمة علي المصلحة الخاصة, ومن مقاصد مشروعية الأضحية إظهار التكافل الاجتماعي بين الناس, وهذا يتحقق بإهداء بعض لحوم الأضاحي, والتصدق ببعضها, والتوسعة علي الأهل ببعضها, ومن هنا سن تقسيم الأضحية ثلاثا, فإذا رأي المضحي التصدق بها كلها لحاجة الفقراء, فذلك مشروع له: قال الإمام النووي الشافعي في المجموع شرح المهذب: وإذا نحر الهدي أو الأضحية نظرت: فإن كان تطوعا فالمستحب أن يأكل منه, ولا يجب ذلك, لقوله عز وجل: والبدن جعلناها لكم من شعائر الله( سورة الحج), فجعلها لنا, وما هو للإنسان فهو مخير بين أكله وبين تركه, ومسألة شهود المضحي ذبح أضحيته, وتقسيم الأضحية غير المنذورة أثلاثا والأكل منها: إنها من جملة السنن الثابتة التي يندب إليها بالنص, والتي عللتها الشريعة بتطبيق مقصد الأضحية وتحقيق مصلحة الفقير, فالأصل استحبابها, لكن إذا اشتريت وذبحت في مكان آخر هو أطيب للحم وأنفع للفقير فإن ذلك هو الأولي, وإن كان في عدم فعل هذه السنن, فالسنة المتعدية أولي من السنة القاصرة, خاصة أن توكيل مثل هذه المؤسسات الخيرية لا يبطل سنة شهود الذبح, بل هي سنة قائمة في شرق الدنيا وغربها, وتركها في بعض الأحوال للمصلحة العامة لا يقر علي سنيتها بالبطلان, ويجب أن تعلم الجمعية المضحي بذلك عند التوكيل.