تجربة شخصية عاشها:عماد عريان تبقي التجربة الشخصية هي الأهم في رصد الحقائق علي أرض الواقع من خلال المعايشة وبعيدا عن القيل والقال, وتكمن أهميتها في أنها قد تفتح الأعين علي تفاصيل كثيرة غائبة رغم تأثيرها المباشر علي حياة المواطنين وابرازها لكثير من مكامن السلبيات في مجتمعنا وحياتنا اليومية, ولذلك هناك ضرورة ملحة لوضع مثل تلك السلبيات تحت دائرة الضوء بهدف إصلاح الأحوال وتجنب السلبيات وعلاج العيوب والتجاوز متي استطعنا إلي ذلك سبيلا, وعلي أية حال لاعلاج لأي مرض إلا بالتشخيص السليم ثم بشجاعة الاعتراف ليتسني للجميع تطبيق الاصلاحات. ربما لاتفي المقدمة النظرية السابقة شيئا كثيرا في تناول القضايا المألوفة, ولكنها ضرورية لإلقاء الضوء علي تلك الواقعة التي حدثت فوق هضبة المقطم صباح يوم الأربعاء17 مارس الجاري, وهي علي أي حال قد لاتهم قطاعات عديدة وعريضة من أبناء الشعب المصري, ولكنها تمثل نموذجا لكثير من حالات التجاوز الإداري والقانوني وربما الفوضي التي تضرب بجذورها في كثير من شئون حياتنا اليومية وأيضا هذه المقدمة ضرورة من باب اثبات حسن النوايا ليتأكد كل من يعينه الأمر أن الهدف هو الاصلاح والتخلص من السلبيات, وفي استعراضنا لتلك الواقعة لن نلجأ إلي استخدام كلمات من باب التلاعبات أو المحسوبية أو النفعية أو غير ذلك من قاموس الكلمات التي تحمل إدانة صريحة, وذلك بالقطع ليس دور الصحافة والإعلام بشكل عام, ولكن نكشف بسرد الحقائق والوقائع أمام من يعنيهم الأمر في وزارة الاسكان أو الرقابة الإدارية أو غيرهما من الجهات الرسمية الأخري حتي يكون حكمها هو الفيصل فيما حدث. بداية الأمر يخص شركة النصر للإسكان والتعمير التي أعلنت في الصحف اليومية عن طرح برج سكني في منطقة المعراج القريبة من الطريق الدائري للبيع بنظام التمليك, وهو البرج رقم6036, ويتكون من أحد عشر طابقا لاتنقصها الفخامة, وحددت الشركة يوم الأربعاء المذكور لاتمام بيع الوحدات السكنية بعد أن خصصت عددا منها للعاملين بها علي أساس أن ذلك أمر قانوني لاتشوبه شائبة, لاغبار علي ذلك, ولكن ماحدث قبيل البيع واثناءه كان هو العجب العجاب لما ارتكبت من تجاوزات قانونية وإدارية واضحة لكل ذي عينين حتي ولو كان جاهلا بأقل المبادئ القانونية والإدارية التي تنظم مثل تلك العمليات, وحتي لاتتوه الحقائق وتتداخل الوقائع نسرد ما نعتقد ونري أنه تجاوزات في النقاط التالية: أولا: رغم ان البيع الرسمي كان محددا له صباح الأربعاء بأسبقية الحجز إلا أن البيع الفعلي بدأ قبل ذلك بيوم كامل من خلال إعداد قائمة بمعرفة الشركة وبعض المشترين ضمت أربعين أسما, وقد جاء هؤلاء المحظوظون بمعرفة الشركة مبكرا في صباح يوم البيع بعد أن ضمنوا مكانهم في القائمة وتقدموا الصفوف للفوز بالوحدات السكنية المطروحة للبيع, ورغم أن عددا من الراغبين في الشراء حضروا إلي مقر الشركة في تمام الساعة السابعة والنصف صباحا بكل حسن نية علي أساس بدء عملية البيع في ذلك الموعد إلا أنهم فوجئوا بتلك القائمة وأضافوا أسماءهم في دور الكومبارس ولاشك في أن ذلك مخالفة قانونية فاضحة علي أساس أن عملية البيع كان يجب أن تتم صباح اليوم المحدد بتجميع الأسماء من الحاضرين, وليس إعداد قائمة مسبقة بطريقة مجهولة. ثانيا: نسفت الشركة مبدأ الشفافية والعلانية من جذوره وقامت باتمام عمليات البيع والتخصيص داخل غرف مغلقة من خلال استقبال كل فرد علي حدة, وطبعا كان لقائمة ال أربعين مشتريا أوفر الحظوظ للحصول علي مايريدون باعتبار الأسبقية في تسجيل أسمائهم والاختيار والدفع, ليس هذا فحسب وإنما نسفت الشركة أيضا مبدأ تكافؤ الفرص حيث كانت الفرص أمام قائمة الأربعين اكبر بكثير من الفرص التي أتيحت أمام الكومبارس بمعني أن الأشخاص الذين تقدمت أسماؤهم القائمة كان أمام البعض منهم خمسين فرصة اختيار بينما الآخرون كانت فرص الاختيار أمامهم شبه معدومة أو صفر فرصة, وبذلك انتفت صفة تكافؤ الفرص مع غياب الشفافية والعلانية. ثالثا: ارتكبت الشركة مخالفات إدارية جسيمة أخري حيث لم تقم بجمع طلبات الشراء الواردة في كراسات الشروط الرسمية داخل أظرف مغلقة كما هو المتبع عادة, علي أن يتم فض المظاريف بعد ذلك للتعرف علي رغبات المشترين من قبيل تحقيق العدالة بين المشترين, والغريب أنها لم تقم بتلقي أو جمع طلبات الشراء المحدد بها كل شئ من جانب المشترين, وقامت بدلا من ذلك بادخال كل فرد من أصحاب قائمة الأربعين إلي لجنة التخصيص وكراسة شروطه في يده, وحدث شئ غريب في الداخل, في مشهد غير مألوف, حيث كانت الشركة تقوم ببيع الوحدة السكنية وتخصيصها للمشتري ثم تطلب منه كتابة وتحرير طلب الشراء!! ؟ وهذه مخالفة جسيمة وفادحة حيث المعتاد جمع طلبات الشراء وفض المظاريف وتحديد رغبات المشترين ثم يتم التخصيص بعد ذلك, وكل ذلك يجب أن يتم في جلسة علنية أمام كل الراغبين في الشراء تحقيقا لمبادئ العدالة والشفافية وتكافؤ الفرص, وكل ذلك لم يحدث, بل إن بعض الراغبين في الشراء عادوا لطلبات شرائهم كما هي دون فحصها من الشركة, ولا تعليق! رابعا: لا يوجد لدي الشركة محضر رسمي عن جلسة البيع والتخصيص يؤكد اتباعها القواعد الادارية والقانونية السليمة وذلك إنطلاقا من كونها جلسات سرية وليست علنية ولم تكن هناك عملية متكاملة لجمع طلبات الشراء وفض المظاريف لتحقيق العدالة بين راغبي الشراء كما سبق الذكر. خامسا: وتلك نقطة أغرب من الخيال, حيث يتعلل المسئولون في الشركة بأن قائمة الأربعين هي من صنع الراغبين في الشراء أنفسهم وليس من جانب الشركة!! أليس ذلك أمرا مثيرا للضحك, كيف تعتمد شركة محترمة تتعامل بالمليارات مع مجموعة أفراد واقفين علي الرصيف ؟! كيف تضمن أنهم ليسوا سماسرة عقارات أو مستثمرين يرغبون في إستغلال الموقف لصالحهم ومصالحهم الشخصية ألم يكن أجدر بالشركة أن تجمع بشكل قانوني وإداري سليم طلبات الشراء بنفسها تجنبا للشبهات ؟ الغريب في الأمر أيضا أنه عندما تحدثنا مع بعض المسئولين بالشركة عن تلك المخالفات الواضحة وأن ذلك يمثل تجاوزا للإجراءات القانونية والادارية ردوا بمنتهي الاستهتار والاستهانة بالبشر من منطلق أعلي ما في خيلكم اركبوه وسخروا من فكرة اللجوء للرقابة الادارية والقضاء, وهذا ما حدث بالفعل في صباح ذلك الأربعاء, ما يستوجب وقفة عملية ورسمية لاعادة الأمور إلي نصابها والحد من التلاعب بمقدرات الشعب.