كعادتها دائما في التسابق علي الخير بادرت القوات المسلحة بسداد ديون أكثر من300 من الغارمين صدرت ضدهم أحكام بالسجن. وضربت أروع الأمثال لأجهزة وهيئات الدولة كافة بضرورة تكاتف الجهود والتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني من أجل رفع العبء عن كاهل المواطنين ومحدودي الدخل, انطلاقا من مسئولياتها الاجتماعية والوطنية تجاه أبناء الشعب المصري. وأكد علماء الدين أن الغارمين أحد مصارف الزكاة الثمانية الشرعية التي حددها القرآن الكريم ابتغاء التكافل والتعاون والتراحم بين أبناء الأمة من أجل أن يعم النفع والخير البلاد, مطالبين جميع مؤسسات الدولة والأغنياء بتبني مبادرة مماثلة لرفع المعاناة عن غير القادرين وتحقيق التكاتف الاجتماعي. يقول الدكتور حامد أبو طالب, عضو مجمع البحوث الإسلامية, عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق, إن سداد ديون الغارمين يؤدي وظيفة طيبة تعود علي المجتمع كله بالخير, فالغارمون مصرف من مصارف الزكاة الثمانية, كما جاء في قوله تعالي: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم سورة التوبة:.60 ومن هنا يجوز لكل مسلم أن يؤدي زكاته في هذا الباب, فهذا العمل يعود بالخير علي المجتمع بأكمله, فلا شك أننا عندما نؤدي ديون الغارم ننقذ أسرته التي يعولها من براثن الفشل, ونستنقذ هذا المدين من تعطيل مجهوده بالحبس أو نحو ذلك, فإذا ما استنقذنا هذا المدين من الحبس سيعمل ويجتهد ويؤدي بقية ديونه, ومن ثم يعود بالخير علي المجتمع, بالإضافة إلي أن هذا المدين قد يجعله السجن مجرما بعد تعرفه ومصادقته للمجرمين, وهذا يعود بالشر علي المجتمع, ومن هنا فإنني أقول إن من يدفع زكاته للغارمين كمصرف من مصارف الزكاة الشرعية يسهم في منع الشر عن المجتمع, ويقلل عدد المجرمين فيه, ومن ثم يعود بالنفع علي المجتمع. من جانبه يقول الدكتور نبيل غنايم, أستاذ الشريعة ورئيس مركز الدراسات الإسلامية بكلية دار العلوم, إن تلك المبادرة تعد قدوة أمام الأغنياء ورجال الأعمال أفرادا وشركاء للإسهام في هذا العمل النبيل, وبذلك يتحقق للجميع التكافل والتراحم والتعاطف فيكونون كالجسد الواحد وتتضاعف حسناتهم في الدنيا والآخرة, ويسهمون في تحقيق وحدة الأمة وتماسكها. قال تعالي: مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم سورة البقرة:.261 وليعلم الجميع أن الله تعالي سيخلف عليهم أضعافا مضاعفة لما قدموا وأنفقوا كما قال سبحانه: من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون سورة البقرة:245, وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا, ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا. فعلي الجميع أن يتنافسوا ويتسابقوا في تفريج كربات الغارمين, فمن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة, وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم إذ يقول مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي. فشكرا للقوات المسلحة وشكرا لمؤسسة مصر الخير وشكرا لكل من أسهم ويسهم في هذا المجال أو نحوه من مجالات الخير والتعاون وهي كثيرة وعديدة مثل مؤسسات كفالة اليتامي وإيواء المسنين ودور متحدي الإعاقة والعشوائيات والمؤسسات الصحية والتعليمية. ويؤكد الدكتور زكي عثمان, الأستاذ بكلية الدعوة الإسلامية, أن الزكاة فريضة يقام بها المجتمع النقي الذي يضرب أروع الأمثال علي التكافل والتعاون والتراحم, ومعالجة عقدية واجتماعية واقتصادية.. عقدية تنفيذا لأمر الله عز وجل, واجتماعية لأن الأقوياء ينظرون إلي الضعفاء ولا يتركونهم نهبا أو فريسة للضياع, واقتصادية لأنهم يعالجون مشكلة الفقر. فما أجمل أن ينتبه الناس إلي هذه المرتكزات من خلال هذا المصرف الذي تتطلع إليه مؤسسات متعددة من أهمها المؤسسة العسكرية ممثلة في القوات المسلحة التي بادرت وتبادر بمشاريع كثيرة متنوعة متعددة بتوفير الأمن السلمي, حينما تحل مشاكل الغارمين الذين ذهبوا إلي غياهب السجون بسبب ديونهم من خلال شيكات أو إيصالات أمانة.. وربما يتركون أولادهم لهم نهبا لهذه الحياة, فمن قبيل التكافل الاجتماعي علينا أن ننظر إلي هؤلاء الغارمين باذلين أموالنا في فك رقابهم من السجون.