انتخابات النواب 2025.. الحصر العددي للأصوات بدائرة قليوب والقناطر في جولة الإعادة    حمدى رزق يكتب:«زغرودة» فى كنيسة ميلاد المسيح    رئيس القومي للبحوث يستقبل وفدًا من جامعة ويست فرجينيا الأمريكية    صبرى غنيم يكتب:النبت الأخضر فى مصر للطيران    البنك المركزي الروسي يخفض سعر الفائدة إلى 16% لهذا السبب    أمريكا: لا مخاوف من التصعيد مع روسيا بسبب فنزويلا    الباحث الفرنسي لونارد لومباردي: أيدلوجية الإخوان أخطر من داعش وأمريكا أدركت ذلك| حوار    السعودية ترحب بقرار الولايات المتحدة الأمريكية إلغاء العقوبات المفروضة على سوريا    كأس عاصمة مصر، تعادل سلبي بين المصري وزد في الشوط الأول    حبس 3 متهمات بممارسة الأعمال المنافية للآداب في الإسكندرية    هو أنا هفضل سينجل، أحمد العوضي يعلن موعد زفافه قريبا    "تجارب منسية".. ياسر عبد الله يستعيد أرشيف السينما بمهرجان القاهرة للفيلم القصير    "اللي يضايق يضايق".. أحمد العوضي يعلن ارتباطه رسميًا بشكل مفاجئ    كيفية التخلص من الوزن الزائد بشكل صحيح وآمن    علي ناصر محمد: الاتحاد السوفيتي تدخل في الشأن اليمني الجنوبي واستهدف سياساتي الإقليمية    أول "نعش مستور" في الإسلام.. كريمة يكشف عن وصية السيدة فاطمة الزهراء قبل موتها    وزير الخارجية الأمريكي: واثقون من مشاركة دول في قوة الاستقرار الدولية ب غزة    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بالسوق السوداء بقيمة 4 ملايين جنيه    لافروف: المحادثات الأمريكية الروسية لا تحتاج إلى مساعدة أوروبا    انخفاض درجات الحرارة وشبورة كثيفة على الطرق.. "الأرصاد" تُحذر من طقس الساعات المقبلة    رئيس هيئة الرعاية الصحية يشهد ختام مشروع منحة FEXTE الفرنسية لتعزيز منظومة التأمين الصحي الشامل    مدبولي: برنامج مصر مع صندوق النقد وطني بالكامل وصيغ بإرادة الدولة    شراكة استراتيجية بين طلعت مصطفى وماجد الفطيم لافتتاح أحدث فروع كارفور في سيليا    اليوم.. ريم بسيوني تكشف أسرار تحويل التاريخ إلى أدب في جيزويت الإسكندرية    الداخلية تنظم ندوة حول الدور التكاملي لمؤسسات الدولة في مواجهة الأزمات والكوارث    الداخلية تضبط 3 سيدات بالإسكندرية للإعلان عن أعمال منافية للآداب    جوارديولا يحسم الجدل حول مستقبله مع مانشستر سيتي    حقيقة انتشار الأوبئة في المدارس؟.. مستشار الرئيس يُجيب    الصحة: إرسال قافلة طبية في التخصصات النادرة وكميات من الأدوية والمستلزمات للأشقاء بالسودان    شاب من مركز "قوص بقنا" يُعلن اعتناقه الإسلام: "قراري نابع من قناعة تامة وأشعر براحة لم أعرفها من قبل"    محافظ المنيا يعلن افتتاح 4 مساجد في 4 مراكز ضمن خطة وزارة الأوقاف لتطوير بيوت الله    تحرش لفظي بإعلامية يتسبب في وقوع حادث تصادم بالطريق الصحراوي في الجيزة    لقاء السحاب بين أم كلثوم وعبد الوهاب فى الأوبرا    تحذيرات أمريكية من شبكة تطرف على الإنترنت تستغل المراهقين    لقاء أدبي بفرع ثقافة الإسماعيلية حول أسس كتابة القصة القصيرة    وائل كفوري يمر بلحظات رعب بعد عطل مفاجى في طائرته    10 يناير موعد الإعلان عن نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025    المهندس أشرف الجزايرلي: 12 مليار دولار صادرات أغذية متوقعة بنهاية 2025    بعد توجيه الشكر لعلاء نبيل.. كيروش الأقرب لمنصب المدير الفني لاتحاد الكرة    عماد أبو غازي: «أرشيف الظل» ضرورة بحثية فرضتها قيود الوثائق الرسمية.. واستضافة الشيخ إمام في آداب القاهرة 1968 غيرت مساره الجماهيري    جامعة عين شمس تواصل دعم الصناعة الوطنية من خلال معرض الشركات المصرية    انطلاق مبادرة لياقة بدنية في مراكز شباب دمياط    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابه    حملات أمنية مكبرة تضبط 340 قضية مخدرات وتنفذ قرابة 60 ألف حكم خلال 24 ساعة    للقبض على 20 شخصًا عقب مشاجرة بين أنصار مرشحين بالقنطرة غرب بالإسماعيلية بعد إعلان نتائج الفرز    زراعة سوهاج: حملة إزالة فورية للمخلفات الزراعية بقرية الطليحات لمركز جهينة    اليوم.. الأهلي يواجه الجزيرة في دوري سيدات اليد    أطعمة تقوي المناعة.. كيف يساعد الغذاء الجسم على مواجهة الإنفلونزا؟    مصرع عامل وإصابة شاب فى حادثين بالجيزة    موعد مباريات المجموعة الأولى بأمم أفريقيا 2025.. والقنوات الناقلة    كأس عاصمة مصر.. الإسماعيلي يتحدى بتروجت بحثًا عن الفوز الأول    الدفاع الروسية: قواتنا سيطرت على 4 بلدات أوكرانية خلال الأيام الماضية    جامعة السوربون تكرم الدكتور الخشت بعد محاضرة تعيد فتح سؤال العقل والعلم    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية ومحافظ قنا يشهدون احتفالية بقصر الثقافة    أبو الغيط يرحب بانتخاب برهم صالح مفوضًا ساميًا لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة    المنتخب يخوض أولى تدريباته بمدينة أكادير المغربية استعدادا لأمم إفريقيا    فضل الخروج المبكر للمسجد يوم الجمعة – أجر وبركة وفضل عظيم    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 09 - 2013

رحم الله الرئيس الأسبق محمد أنور السادات, فهو صاحب هذا الشعار الذي أخذ يطلقه ويكرره,
بعد أن أدرك خطورة تحالفه مع الإخوان المسلمين, ويمثلهم عمر التلمساني سنة1971, بعد صدام السادات مع بقايا رجال النظام الناصري الذين أطلق عليهم مراكز القوة.
وقد تصور السادات الذي خانه ذكاؤه أن التحالف مع الإخوان الذين أخرجهم من السجون الناصرية يمكن أن يكون خير دعم له في مواجهة التيارات الناصرية والقومية واليسارية الكارهة له والمتشككة فيه, ومن ثم فتح الطريق المضاد للناصرية بمبادئها المعروفة. وخرج الإخوان من السجون, وأسلمهم السادات مفاتيح الجامعات المصرية, وخصص لطلابهم في هذه الجامعات من يغض الطرف عن اعتداء الأسر الإخوانية علي أي نشاط طلابي لا يروق لهم, ويخرج عن تصورهم للشريعة الإسلامية التي أصبحت شعارا لدولة العلم والإيمان, وحامية للرئيس المؤمن الذي لم يمنعه إيمانه من السكوت علي اعتداءات حلفائه الجدد من أنصار الإخوان وحلفائهم الذين أصبحوا أنياب الديمقراطية الساداتية الجديدة.
وكان من الطبيعي أن يشهد العهد الساداتي الولادة الجديدة للإخوان بدخول جيل عبدالمنعم أبوالفتوح, في موازاة مجموعات جديدة للتأسلم السياسي شجعها تحالف السادات والإخوان. ولم يكن هناك من بد أمام السادات سوي ألا يستمر التحالف رغم ما قدمه في مجال تديين الدولة; حيث لم يكتف حلفاء هذا التأسلم السياسي بتغيير المادة الثانية من الدستور لتنص علي أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للدستور, في موازاة لجان مراجعة نصوص القوانين لكي تتوافق مع الشريعة الإسلامية وتتطابق معها, فضلا عن السماح للتأسلم السياسي بأن ينشر ما شاء من الكتابات والأفكار, وأن تكون له منابره الإعلامية ودور نشر خاصة به. وقد أدرك السادات في السنوات الأخيرة من السبعينيات أن حلفاءه لم يكتفوا بما قدم لهم, وأنهم يريدون كل شيء في الدولة. وكانت النتيجة الجفاء الذي تحول إلي عداء, ولم يجد السادات مفرا أمامه سوي التراجع عن التحالف, ومن ثم الصدام مع الذين تكشف له خطرهم; فأخذ يعود إلي أفكار الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة, ويخفف من طغيان ما هو منسوب إلي الدين ومن اختزاله في ثنائية زدولة العلم والإيمانس. ولما لم تفلح صفة زالرئيس المؤمنس والختام القرآني للخطب السياسية, ظهر الإلحاح علي شعار زلا سياسة في الدين, ولا دين في السياسةس وظهر مبدأ الفصل بين الديني والسياسي علي النحو الذي أدي إلي النص علي منع إنشاء أحزاب علي أسس دينية. وكنا نتندر علي شعار السادات ونسخر منه, فقد عاصرنا بدايات خلط الديني بالسياسي في أول عهد السادات, وكنا نري صور التدليل التي كانت تلقاها الجماعات الإسلامية في الجامعة, وكيف كان أبناء هذه الجماعات يمنعون الحفلات الفنية, ويهاجمون المسرح وحفلات الموسيقي التي اعتبروها مجونا وزندقة وكفرا. وكان السادات راضيا عن ذلك كله, غير معارض له, وإلا أمر بإلغائه.
وعندما بدأت الطرق في التباعد, كان لابد من الخيار بين دوام الحكم وتعزيز التحالف التابع للولايات المتحدة التي أصبحت جميع أوراق اللعبة في أيديها, وهو ما دفع السادات إلي مراجعة كل مواقفه السابقة, ونقض تحالفه مع الإخوان المسلمين وحلفائهم, ومن ثم الإلحاح علي الفصل بين الديني والسياسي, وطبعا كانت المفارقة أن الذي دعا إلي هذا الفصل بعد معاهدة كامب ديفيد سنة1979, هو نفسه الذي تبني الموقف النقيض في الاتفاق مع عمر التلمساني سنة.1971 وكان من الطبيعي- ويا للأسف- أن تنتهي حقبة السبعينيات باغتيال السادات الذي دفع ثمن الخلط بين الدين والسياسة.
ولكنه لم يكن وحده الذي دفع الثمن, فلايزال الشعب المصري كله يدفع الثمن. وشهدنا العمليات الإرهابية في الثمانينيات والتسعينيات. ودخلت مصر في محنة فتنة طائفية لم تحدث منذ ثورة1919 ولا خلال الحقبة الناصرية. واستوعب مبارك درس السادات; فحاول أن يقوم بلعبة توازن خاصة, ولكن سرعان ما اختلط التوازن بالمنفعة مع تطاول سنوات حكم مبارك, فشهدت انتخابات2005 التحالف مع الإخوان الذين أعطوا أصواتهم لمبارك, مقابل ما يقرب من مائة مقعد في مجلس الشعب, فضلا عن غض الطرف عن النشاط العلني لجماعة الإخوان المحظورة؟!. وقد بدأت الصلة بالولايات المتحدة في زمن مبارك, وتوطدت هذه الصلة مع حكم أوباما, بعد أن انتهت المؤسسة السياسية الأمريكية إلي ضرورة التحالف مع نظام حكم إسلامي معتدل, في موازاة تكوين حزام سني لمحاصرة إيران الشيعية, شريطة أن تكون دول هذا الحزام في أحسن علاقة مع إسرائيل. وكان ذلك في السياق الذي انتهي بسقوط مبارك, وامتداد الفترة الانتقالية التي سمح فيها بتكوين أحزاب علي أساس ديني. وكانت النتيجة حكم الإخوان الكارثي بما ارتبط به من خلط كامل بين السياسي والديني, وتحويل الدين إلي تبرير لتحقيق مصالح سياسية ضيقة الأفق إلي أبعد حد; مما أدي إلي قيام جموع الشعب بثورة30 يونيو التي استردت الوطن من غاصبيه الإخوان الذين لم يكتفوا بمحاولة الأخونة الكاملة للدولة, بل أخذوا يعرضون أجزاء من الوطن للبيع, كما حدث مع حلايب وشلاتين من ناحية, وسيناء من ناحية موازية, فضلا عن الإفراج عن إرهابيين بدون وجه حق.
وعندما رحل مرسي, عاد الإخوان إلي تاريخهم الإرهابي القديم لتحقيق حلمهم السياسي في حكم مصر أولا واستعادة الخلافة ثانيا. وهذا الإرهاب الذي لايزال الإخوان يمارسونه باسم دين بريء من الإرهاب هو في ذاته درس مؤلم ودام, ينبغي ألا تنساه لجنة إعداد الدستور الجديد, ومن ثم فعليها الثبات علي مبدأ الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة, وهو مبدأ يصون حقوق المواطنة التي لن تكتمل إلا بتحريم قيام أحزاب علي أساس ديني, فلا دين في السياسة لأن الدين لله, وهو علاقة بين العبد وربه, ولا سياسة في الدين, لأن الدين مطلق والسياسة نسبية. والدين كلي والسياسة جزئية. والدين ثابت والسياسة متغيرة. ورحم الله الإمام محمد عبده الذي لعن الفعل ساس ويسوس وسياسة لأنه كان يعاني الظلم المصاحب لمشتقات الفعل ومصدره, معاناته الجهالة, والاستبداد الذي تحول إلي الاتجار بالدين في عالم السياسة, واتعظوا يا من تكتبون الدستور الآن.
لمزيد من مقالات جابر عصفور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.