الحصر العددي للدقهلية: تقدم عبدالسلام وأبو وردة والجندي ومأمون وشرعان    اللجنة العامة ببنها تعلن الحصر العددي لجولة الإعادة بانتخابات النواب 2025    اجتماع رفيع المستوى في ميامي.. ويتكوف يلتقي الوسطاء لبحث ملف غزة    الجيش اللبناني واليونيفيل يعثران على منشأة لحزب الله    واشنطن تفرض عقوبات على سفن وشركات شحن مرتبطة بإيران    اللجنة العامة للدائرة الثالثة بالإسماعيلية تعلن نتيجة الحصر العددي للناخبين    سامح مهران يحمل رسالة اليوم العربي للمسرح في يناير 2026    بعد جدل أمني، تيك توك تبيع أصولها في أمريكا    فوز «حسن عمار» في جولة الإعادة بالدائرة الأولى ب انتخابات مجلس النواب ببورسعيد    سفير مصر في المغرب يكشف تفاصيل معسكر منتخب مصر قبل كأس الأمم    بناء القدرات في تحليل وتصميم نماذج العواصف الرملية والترابية بالشرق الأوسط    اللجنة العامة للدائرة الثالثة بالإسماعيلية تعلن نتيجة الحصر العددي للناخبين    بالأرقام، الحصر العددي للدائرة الثامنة بميت غمر    نجاة الفنان وائل كفوري من حادث طائرة خاصة.. اعرف التفاصيل    كأس عاصمة مصر - إبراهيم محمد حكم مباراة الزمالك ضد حرس الحدود    أمم إفريقيا - منتخب مصر يخوض مرانه الأول في المغرب    مؤشرات أولية طبقا للحصر العددي، محمد زهران مرشح الغلابة يقترب من خسارة الانتخابات    قوات الاحتلال تقتحم وسط مدينة رام الله بالضفة الغربية    (اشتباكات الإسماعيلية) إهانات بين الكعب الأعلى: جيش أم شرطة؟.. وناشطون: طرفان في المحسوبية سواء    بالأرقام، الحصر العددي لجولة الإعادة بالدائرة الأولى بالمنصورة    وكيل فرجاني ساسي يصدم الزمالك: سداد المستحقات أو استمرار إيقاف القيد    تركي آل الشيخ ينفي مشاركة موسم الرياض في إنتاج فيلم «الست»    محافظ القليوبية يستجيب ل محمد موسى ويأمر بترميم طريق بهادة – القناطر الخيرية    كونتي: هويلوند يمتلك مستقبلا واعدا.. ولهذا السبب نعاني في الموسم الحالي    الزمالك يهنئ بنتايج والشعب المغربى بالتتويج ببطولة كأس العرب    جوتيريش يدعو إلى توظيف الهجرة لدعم التنمية المستدامة وتعزيز التضامن الإنساني    فلسطين.. قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف جباليا شمال قطاع غزة    الفريق أول عبد الفتاح البرهان: شكراً مصر.. شكراً فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى    محمد موسى عن واقعة نبش قبر فتاة: جريمة تهز الضمير قبل القانون    «لم يصلوا أبداً».. حكاية 7 أشخاص احترقت بهم السيارة قبل أن تكتمل الرحلة بالفيوم    رحلة التزوير تنتهي خلف القضبان.. المشدد 10 سنوات ل معلم صناعي بشبرا الخيمة    أكسيوس: تيك توك توقع اتفاقية لبيع عملياتها فى أمريكا إلى تحالف استثمارى أمريكى    ننشر المؤشرات الأولية لعمليات فرز الأصوات بالدائرة الثالثة بالشرقية    رئيس الوزراء يرد على أسئلة الشارع حول الدين العام (إنفوجراف)    تحرش وتدافع وسقوط سيدات| محمد موسى يفتح النار على صاحب محلات بِخّة بالمنوفية    مش فيلم.. دي حقيقة ! شاب مصري يصنع سيارة فوق سطح منزله مع "فتحى شو"    أزهر اللغة العربية    بميزانية تتجاوز 400 مليون دولار وب3 ساعات كاملة.. بدء عرض الجزء الثالث من «أفاتار: نار ورماد»    مصطفى بكري: الطبقة المتوسطة بتدوب يجب أن تأخذ حقها.. وننقد حرصا على هذا البلد واستقراره    رئيس غرفة البترول: مصر تستهدف تعظيم القيمة المضافة لقطاع التعدين    ترامب يوقع أمرا باعتبار الماريجوانا مخدرا أقل خطورة    الحصر العددى فى دائرة حدائق القبة يكشف تقدم المرشح سعيد الوسيمى ب7192 صوتًا    الداخلية تكشف تفاصيل واقعة إلقاء مادة حارقة على 3 طلاب بالقليوبية    هشام إدريس: تنوع المنتج كلمة السر في قوة السياحة المصرية    لوسى ل اليوم السابع: أنا بخير وفى بيتى وتعرضى لأزمة صحية غير صحيح    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل عليَّ إثم لو لم أتزوج؟.. أمين الفتوى يجيب أحد ذوي الهمم    سنن يوم الجمعة: آداب وأعمال مستحبة في خير أيام الأسبوع    اللجنة العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتفقد مطار الأقصر (صور)    7 أصناف من الأطعمة مفيدة لمرضى الأنيميا والدوخة المستمرة    تكريم مسؤول ملف السيارات ب«البوابة» في قمة EVs Electrify Egypt تقديرًا لدوره الإعلامي    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    وزير الأوقاف يكرم عامل مسجد بمكافأة مالية لحصوله على درجة الماجستير    فوز مصر بجائزتي الطبيب العربي والعمل المميز في التمريض والقبالة من مجلس وزراء الصحة العرب    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    قبل صافرة البداية بساعات.. بث مباشر مباراة السعودية والإمارات في كأس العرب 2025 وكل ما تريد معرفته عن القنوات والتوقيت وطرق المشاهدة    الأردن يواجه المغرب في نهائي كأس العرب 2025.. كل ما تحتاج لمعرفته عن البث المباشر والقنوات وطرق المشاهدة أونلاين    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدولة المدنية في زمن السادات
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 10 - 2012

كان من الطبيعي أن يرتبك مفهوم الدولة المدنية في موازاة مبدأ المواطنة في الوقت ذاته‏,‏ وذلك في سياق التحولات التي صاحبت زمن الساداتهكذا بدأ التعتيم علي شعار الدين لله والوطن للجميع في موازاة تحويل معني المواطنة واستبدال مسميات عقائدية به, وظهر أثر ذلك في صياغة الدستور المصري منذ السبعينيات الساداتية التي شهدت تحالف السادات مع تيارات الإسلام السياسي والإفراج عن معتقليها, كي ينصروه علي أعدائه من الناصريين واليساريين الذين تخلص منهم, فيما أسماه ثورة 15 مايو 1971‏.‏ وتوثقت العلاقة بين مصر الساداتية وخصوم التجربة الناصرية في الخليج وشبه الجزيرة. وشيئا فشيئا, استبدل السادات بالتحالف مع الاتحاد السوفييتي الصداقة مع الولايات المتحدة التي تمتلك أهم أوراق اللعبة في قضية الشرق الأوسط. واستقر له الأمر بوصفه الزعيم المؤمن ورب العائلة المصرية في دولة العلم والإيمان. وقام رجاله بتزويد شباب التيارات الإسلامية بمساعدات مادية ومعنوية للقضاء علي بقايا المتمسكين بالناصرية من الطلاب, فضلا عن أقرانهم من اليساريين والقوميين. وشهدت هذه الفترة أنشطة العنف ضد الطلاب الرافضين للإسلام السياسي.
وكانت أواخر السبعينيات نهاية التحالف بين السادات (الرئيس المؤمن) وتيارات الإسلام السياسي التي أخذ يقاومها بشعارات من قبيل لا دين في السياسة, ولا سياسة في الدين. ولكن رفع الشعار جاء متأخرا جدا, خصوصا بعد أن ساعد السادات تيارات الإسلام السياسي علي تحقيق التمكين الفعلي لوجودهم. وكانت إزاحته الدامية في السادس من أكتوبر 1981 هي الحل الأمثل لإسكاته بجريمة اغتياله النكراء التي ستظل جريمة مهما تغيرت أنظمة الحكم وأزمنة الهيمنة.
وكان السادات قد أعطي الضوء الأخضر, في سنوات التحالف مع تيارات الإسلام السياسي, لما أطلقوا عليه أسلمة قوانين الدولة. وجاء دستور 1971 إنهاء للحقبة الناصرية ونظامها, القائم علي الحزب الواحد. وارتفعت المادة الخاصة بالدين الإسلامي من الأحكام العامة التي تختتم بها أبواب الدستور إلي صدارته لتصبح المادة الثانية التي يكون لها موضع المبدأ الحاكم كله. هكذا أصبحت المادة الثانية: الإسلام دين الدولة, واللغة العربية لغتها الرسمية, ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر للتشريع.
وكان من الواضح أن المادتين الثانية والرابعة بمثابة إعلان قطيعة دستورية مع النظام الناصري, فالانتقال من واحدية الحزب إلي تعددية الأحزاب انتقال حاسم نحو الديمقراطية التي سرعان ما أصبح لها أنياب في زمن السادات, ولا يقل عنها حسما اختيار الاشتراكية الديمقراطية, وكان نموذجها الباهر في ذلك الوقت السويد.
أما المادة الثانية فقد كانت الزيادة التي أضيفت لها إرضاء للحليف الآخذ في الصعود من تيارات الإسلام السياسي. ومن الواضح أن هذا الحليف لم يرض تماما عن عبارة مصدر للتشريع. ولم يهدأ إلا بعد أن تعدلت الصيغة في تعديل 1980 لتصبح المصدر الأساسي للتشريع ليكتمل معني الحصر للإسلام وحده, والإقصاء لغيره. ولم يكن من الغريب أن تأتي المادة التاسعة عشرة بنص يقول: التربية الدينية مادة أساسية في مناهج التعليم. والحق أنها مادة عجيبة لا تدل إلا علي رغبة في إعلان حضور سياسي لتيار صاعد, وإلا فما فائدتها, وهي تحصيل حاصل, فأنا التحقت بالمدارس قبل دستور 1971 بأكثر من عشرين عاما, وكنت أدرس مع زملائي مادة الدين الإسلامي. وكان زملاؤنا المسيحيون يذهبون إلي فصول مغايرة لدراسة الدين المسيحي. وكان ذلك في مدرسة الأقباط بمدينة المحلة الكبري. وكانت الإجازة يوم الأحد حقا. لكن الدراسة كانت تتوقف بعد الحصة الثالثة ليذهب الطلاب المسلمون إلي الصلاة في المسجد المواجه للمدرسة مباشرة (كما سبق أن كتبت عن ذلك في هذه الصحيفة) ولا معني لوجود هذه المادة بعد المادة الثانية التي أهم ما فيها النص علي أن الإسلام دين الدولة. وهو نص كلي الدلالة يفضي ضمنا إلي ما يترتب عليه لكل من له عقل, وحتي جعله مصدرا للتشريع إضافة لا بأس بها. وهي صيغة تفتح الباب لميراث القيم الإنسانية السابقة علي الإسلام في مجالات الحق والخير والجمال. وهو الميراث الذي تمثلته الأديان السماوية السابقة علي الإسلام في الميراث الإنساني الأعم الذي لا يمنعنا إسلامنا من الانتساب إليه.
وجاء زمن مبارك الذي لم تنقطع فيه أشكال التعاون غير المعلن مع جماعة الإخوان المسلمين. وكان من نتيجة ذلك دخول ما يقرب من مائة عضو إخواني في مجلس الشعب مع انتخابات .2005 وهي السنة التي تم فيها تعديل الدستور مرة أخري لصالح مطالب مشروع التوريث بتعديل المادة 76 التي لا تزال وصمة عار في جبين من أسهموا فيها. وربما كان أهم ما ورد في تعديلات 2007 ما أضيف من احتراز دستوري لنفي الصفة الدينية عن الدولة, وهو احتراز كان تعبيرا عن مخاوف النظام من تصاعد نفوذ جماعات الإسلام السياسي.
والحق أن حكم المحكمة الدستورية, في زمن مبارك, كان انتصارا غير مباشر للدولة المدنية, ضد محاولات أنصار الدولة الدينية التي لم تنقطع لتديين الدولة المصرية ونفي الصفة المدنية عنها. وما لا أزال أراه أن التلاعب بالنص الأول في دستور 1971 (الشريعة الإسلامية مصدر للتشريع) والاستغلال السياسي لها, والتزيد عليه بالإضافة الموجهة لدلالته, كان الخطوة الأولي في اتجاه تديين الدولة وتقريب الوصول إلي الدولة الدينية أو دولة الخلافة. ولا غرابة أن السياق الزمني لذلك هو السياق الذي شهد الاحتقان الديني بين المسلمين والمسيحيين للمرة الأولي في تاريخ مصر الحديثة, وهو الذي أدي إلي التعتيم علي شعار الدين لله والوطن للجميع. وهو الذي أدت تفاعلاته بعد سقوط دولة مبارك الفاسدة إلي انفلات معايير التطرف الديني.
المزيد من مقالات جابر عصفور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.