تستحق لجنة الحقوق والحريات المنبثقة من لجنة الخمسين الشكر لاهتمامها بقضية حرية الصحافة والإعلام وتبنيها المطلب الذي ناضلت الحركة الوطنية الديمقراطية من أجله علي مدي عقود. وهو عدم توقيع عقوبة سالبة للحرية( الحبس) في جرائم النشر. غير أن النص الذي ورد في مختلف وسائل الإعلام أنها تبنته يستثني من إلغاء العقوبات السالبة للحرية جريمتين احداهما جاءت صياغتها منضبطة إلي حد كبير وهي( الطعن في أعراض الأفراد), بينما افتقدت الثانية مثل هذا الانضباط وهي( التحريض علي العنف أو التمييز بين المواطنين بسبب الدين أو الجنس). فمفهوم الطعن في الأعراض محدد وواضح ويصعب التلاعب به أو توسيع نطاق التجريم فيه. ولذلك فهو لا يثير قلقا من احتمال تفريغه من مضمونه و التوسع في تفسيره. أما الاستثناء الخاص بالتحريض علي العنف أو التمييز بين المواطنين فهو ليس كذلك لأنه قد يفتح بابا واسعا للتوسع في تفسيره بسبب صياغته المطاطة وغير المنضبطة0فليس صعبا تأويل أي رأي لاتهام صاحبه بالتحريض علي العنف أو التمييز حين تريد السلطة- أي سلطة ذ تقييد الحريات وإطفاء الأنوار ولذلك ينبغي ضبط صياغة هذا النص بطريقة تجعل التوسع في تفسيره صعبا. ونقترح أن تعاد الصياغة من هذا المنطلق كالتالي:( لا يجوز توجيه الاتهام في جرائم النشر بغير طريق الإدعاء المباشر, ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في هذه الجرائم باستثناء الطعن في أعراض الأفراد أو التحريض المباشر علي ممارسة العنف أو التمييز الواضح والصريح بسبب الدين أو الجنس). فلابد أن يكون التحريض علي العنف مباشرا وصريحا لا مجال فيه للاستنتاج أو الاستنباط أو التفتيش في النيات لكي يجوز تجريمه والمعاقبة عليه بالحبس. كما ينبغي أن يكون التمييز المؤثم واضحا لا يمكن الاختلاف علي أنه كذلك, ومباشرا حتي لا يستطيع أحد تأويل رأي من الآراء باعتباره تحريضا علي التمييز وهو ليس كذلك. كما ينبغي أن يكون التمييز المحرض عليه مؤديا إلي إخلال واضح بالمساواة بين المواطنين. ولذلك, وحتي لا يكون ما طرحته لجنة الحقوق والحريات خطوة جيدة ولكنها منقوصة, ولكي لا نبقي أسري حالة التقدم خطوة والتراجع أخري, ينبغي أن تكمل هذه اللجنة عملها وتسد ما فيه من ثغرات قد تفسد أحد أهم الانجازات في تاريخ حرية الصحافة والإعلام. لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد