في هذه الايام المباركة يلبي ضيوف الرحمن من كل فج عميق نداء الخليل ابراهيم, لتأدية مناسك الحج الاكبر في اطهر بقاع الارض حيث أرض الحرمين الشريفين, ومهبط الوحي, ومولد النور الذي أخرج الناس من ظلمات الجهل الي نور العلم والدين. ويوضح لنا الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق وعضو هيئة كبار العلماء, الحكمة من مشروعية الحج والعمرة وفضلهما,شارحا كيفية أداء مناسك الحج, ويقول: شرع الله الحج للناس سياحة لهم; تجردا لله, وتهذيبا وتربية لنفوسهم في طريقهم إليه سبحانه وتعالي, فقد روي أن رجلا قال: يا رسول الله ائذن لي في السياحة, فقال النبي صلي الله عليه وآله وسلم: إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله تعالي, والحج نوع من أنواع الجهاد, قال صلي الله عليه وآله وسلم: جهاد الكبير والصغير والضعيف والمرأة: الحج والعمرة, وروي عنه صلي الله عليه وآله وسلم أنه قال: الحج جهاد, والعمرة تطوع, كما روي أن رجلا جاء إلي النبي صلي الله عليه وآله وسلم فقال: إني أريد الجهاد في سبيل الله, فقال النبي- صلي الله عليه وآله وسلم ألا أدلك علي جهاد لا شوكة فيه؟ قلت: بلي, قال: حج البيت. واشار الي ان اركان الحج هي الاحرام والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة وهو الركن الاعظم للحج الذي لايتم الا به,ثم طواف الافاضة, اما الركن الأول وهوالإحرام فمعناه: نية أحد النسكين, أو هما معا, مفردا, أو قارنا, أو متمتعا, وهو ركن من أركان الحج والعمرة, لا يصحان بدونه, والإحرام بالحج له ميقات زماني وميقات مكاني:فالميقات الزماني: من أول ليلة عيد الفطر في شوال إلي فجر يوم النحر, أي يجوز لك أن تحرم بالحج من هذا الوقت, ويفوت الإحرام بالحج بعد فوات فجر يوم النحر. أما الميقات المكاني: فيختلف بالنسبة لمن يقيم في مكة( أو داخل حدود الحرم) ومن يقيم خارجه: أولا: المقيم في مكة: يختلف ميقات المكي باختلاف نوع الحج, فبالنسبة للمفرد والمتمتع: يحرم من مكة سواء كان من أهلها أم لا. وبالنسبة للمعتمر والقارن: يخرج المقيم في مكة للحل; ليجمع في إحرامه بين الحل والحرم, والسنة أن يخرج إلي منطقة التنعيم فيحرم منها, ثانيا: المقيم خارج مكة ويعنينا هنا اهل مصر فان سافر الي المدينة اولا فانه يحرم من منطقة آبار علي,اما اذا كان ذاهبا الي مكة مباشرة فميقاته من منطقة تسمي( الجحفة): ميقات أهل الشام, ومن جاء من قبلها كأهل مصر والمغرب, وهي قرية بين مكةوالمدينة ويحرم الحجاج من رابغ- علي بعد204 كم شمال غرب مكة- بدلا منها, وتقع قبل الجحفة إلي جهة البحر, فالمحرم من رابغ محرم قبل الميقات, وقد قيل إن الإحرام منها أحوط لعدم التيقن بمكان الجحفة, وله ان يحرم من مطار القاهرة, ومن تعدي الميقات بلا إحرام رجع إليه إلا لعذر, وإن كان دخل مكة فعليه العود إلي الميقات, وإلا فعليه هدي. ملبس الإحرام اما عن ملبس الاحرام فيقول الدكتور علي جمعة:عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم سئل: ما يلبس المحرم؟ فقال: لا تلبسوا القمص, ولا العمائم, ولا السراويلات, ولا البرانس, ولا الخفاف, إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين, وليقطعهما أسفل من الكعبين, ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران ولا الورس. ويحرم علي المحرم أشياء مخصوصة تسمي( المحظورات) هي ما يلي: لبس المخيط المحيط, وهو ما فصل علي قدر الجسم أو العضو بالخياطة; وتغطية الرأس أو جزء منه بالنسبة للرجل, وتغطية الوجه أو جزء منه بالنسبة للمرأة, إلا ما يحتاج إليه لستر الرأس فلا يحرم تغطيته, وحلق الشعر أو دهنه, واستعمال الطيب في الثوب والبدن, وتقليم الأظافر, وقتل الصيد, وعقد النكاح لنفسه أو لغيره بولاية أو وكالة, لقوله صلي الله عليه وآله وسلم: لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب, أما الخطبة فتكره, ومقدمات الوطء من اللمس والتقبيل بشهوة, فتحرم هذه الأشياء من أول الإحرام إلي التحلل, ومن فعل أي محرم منها وجبت عليه الفدية إن كان عامدا بالإجماع, وإن كان ناسيا فلا فدية علي الصحيح. ويسن للمحرم المكلف تلبية موصولة بالإحرام, وهي: لبيك اللهم لبيك, لبيك لا شريك لك لبيك, إن الحمد والنعمة لك والملك لك, لا شريك لك, وأن يبدأ الحاج والمعتمر بالتلبية بعد الإحرام إلي أن يدخل مكة ويري البيت الحرام, ويسن للحاج أن يستمر في التلبية إلي أن يرمي جمرة العقبة يوم النحر, أو يطوف طواف الإفاضة, ويشرع في التحلل يوم النحر( يوم العاشر من ذي الحجة), فيقطع التلبية عند ذلك, ويشتغل بالتكبير, ويسن الإكثار من التلبية, لا سيما عند تغاير الأحوال, كإقبال الليل, والنهار, والصعود, والهبوط, واجتماع الرفاق, والقيام, والقعود, والركوب, والنزول, وأدبار الصلوات, وفي المساجد كلها, ويستحب الدعاء بعدها, فيلبي علي كل حال قائما وقاعدا, وماشيا وراكبا, ومضطجعا, ونازلا وصاعدا, سواء كان متوضئا, أو غير متوضئ, وسواء كانت المرأة حائضا أو نفساء, ويسن للإحرام غسل متصل به متقدم عليه كالجمعة, ويسن لبس إزار بوسطه ورداء علي كتفيه ونعلين في رجليه, ويسن ركعتان بعد الغسل وقبل الإحرام ويجزئ عنهما الفرض, كما يسن للمحرم إزالة شعثه قبل الغسل بأن يقص أظفاره وشاربه ويحلق عانته وشعر إبطه ويهذب شعر رأسه.