يوسف زيدان يرد على أسامة الأزهري.. هل وافق على إجراء المناظرة؟ (تفاصيل)    «علام» يصل الكويت للمشاركة في افتتاح مقر «جمعية المحامين»    رئيس الوزراء يلتقي أعضاء المجلس التصديري وغرف الصناعات الغذائية    وزير التنمية المحلية: إنشاء 332 مجمعًا خدميًا في قرى «حياة كريمة»    تحقيق جديد في اتهام سائق بالتحرش.. وتوصيات برلمانية بمراقبة تطبيقات النقل الذكي    «بيطري المنيا»: تنفيذ 3 قوافل بيطرية مجانية بالقرى الأكثر احتياجًا    «الإسكان»: اعتماد المخطط التفصيلي ل3 مناطق صناعية في بني سويف    الرئيس السيسي يؤكد حرص مصر على وقف نزيف الدم بقطاع غزة    مراسل «القاهرة الإخبارية»: المجاعة تعصف بغزة بعد منع إسرائيل لدخول المساعدات    مكتب الإعلام الحكومي بغزة: الرصيف البحري لا يمكن أن يكون بديلا عن المنافذ البرية والمساعدات لم تصل حتى الآن إلى شمال القطاع والوضع كارثي    توني كروس يعلن اعتزاله رسميًا نهاية الموسم    أخبار الأهلي : فرمان جديد لكولر قبل مواجهة الترجي بدوري الأبطال    متحديا يوفنتوس.. رئيس بولونيا: سنعمل بكل قوتنا للحفاظ على موتا    «تعليم القليوبية» تحيل رئيس لجنة و4 طلاب بامتحانات الإعدادية للتحقيق    وزيرة التضامن تتابع حادث سقوط ميكروباص من أعلى معدية أبو غالب بالجيزة    أجازة 9 أيام .. تعرف على موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2024    ضبط طرفى مشاجرة بالقاهرة نتج عنها وفاة طفلة وإصابة آخر    بتهم القتل والبلطجة.. إحالة أوراق عاطل بالقليوبية لفضيلة المفتي (تفاصيل)    تأجيل 12 متهما ب «رشوة وزارة الرى» ل 25 يونيو    علي الحجار يحيي روائع عمار الشريعي بحفل دار الأوبرا    نقيب القراء: لجنة الإجازة بالإذاعة حريصة على اختيار من هم أهل للقرآن من الكفاءات    دعاء النبي في الحر الشديد: كيفية الدعاء أثناء موجة الطقس الحار    احذروا الشائعات.. مجلس الوزراء يكشف حقيقة بيع المستشفيات الحكومية ووقف الخدمات المقدمة للمواطنين    في اليوم العالمي للشاي.. أهم فوائد المشروب الأشهر    إجراء 74 ألف عملية جراحية لمواطني المنيا ضمن مبادرة «القضاء على قوائم الانتظار»    بورصة الدواجن الآن.. ارتفاع سعر الفراخ البيضاء اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024 وكرتونة البيض    لمواليد برج السرطان.. توقعات الأسبوع الأخير من مايو 2024 (التفاصيل)    للتوعية بحقوقهن وواجباتهن.. «الهجرة» تناقش ضوابط سفر الفتيات المصريات بالدول العربية    منها «التعرق الليلي والتعب».. ما هي أعراض سرطان الدم؟    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    «التضامن»: مغادرة أول أفواج حج الجمعيات الأهلية إلى الأراضي المقدسة 29 مايو    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    كرة اليد، ماذا يحتاج الزمالك لاقتناص لقب الدوري من الأهلي؟    الموعد والقناة الناقلة لقمة اليد بين الأهلي والزمالك بدوري كرة اليد    "مستقبله في الهواء".. الصحف الإنجليزية تُعلق على تغريدة محمد صلاح المثيرة    وزير التعليم: مدارس IPS الدولية حازت على ثقة المجتمع المصري    دونجا: ياسين لبحيري حماني من إصابة خطيرة.. وشكرته بعد المباراة    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    «ختامها مسك».. طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان اللغة الإنجليزية دون مشاكل أو تسريبات    رئيس جامعة بني سويف: مناقشة أول رسالة ماجستير بكلية علوم الأرض    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    تاريخ المسرح والسينما ضمن ورش أهل مصر لأطفال المحافظات الحدودية بالإسكندرية    خبيرة تغذية توجه نصائح للتعامل مع الطقس الحار الذي تشهده البلاد (فيديو)    لجان البرلمان تواصل مناقشة مشروع الموازنة.. التموين والطيران والهجرة وهيئة سلامة الغذاء الأبرز    داعية إسلامي: الحقد والحسد أمراض حذرنا منها الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-5-2024    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 49570 جنديًا منذ بداية الحرب    تعرف على سعر السكر والزيت والسلع الأساسية بالأسواق منتصف الأسبوع الثلاثاء 21 مايو 2024    مي عز الدين تُطلق مسابقة بين جمهورها على «التيك توك».. ما القصة؟ (فيديو)    حسام المندوه: الكونفدرالية جاءت للزمالك في وقت صعب.. وهذا ما سيحقق المزيد من الإنجازات    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    المقاومة الفلسطينية تستهدف قوات الاحتلال قرب مفترق بلدة طمون جنوب مدينة طوباس    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    عمرو أديب عن وفاة الرئيس الإيراني في حادث الطائرة: «إهمال وغباء» (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفكر مصري جديد‏2-2‏
د‏.‏علي مبروك‏:‏ العقلانية فريضة غائبة في ثقافتنا
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 01 - 2012


حوار‏:‏ محمد حربي
في الجزء الاول قدم علي مبروك رؤيته حول منهج الاشاعرة وفي الجزء الثاني من الحوار يقدم رؤيته حول تسرب الفكر الاشعري الي العقلانية العربية عند المعتزلة وعند ابن رشد علي مبروك المفكر المصري لايقرأ التراث ليهجوه او ليهدمه بل يقرؤه ليفهم لماذا ساد نمط من التفكير في ثقافتنا العربية منذ الاشعري حتي الان, ولماذا سادت الديكتاتورية العربية ولبست مسوحا دينية ؟ وكيف وظفت السلطة الخطابين الديني والفكري في الاسلام لمصلحتها سواء كانت السلطة اموية او عباسية او حتي حداثية ومن هنا لا يمكن وصف ما يقوم به الدكتور مبروك باعتباره تفسيرا يساريا للاسلام.
كيف نقرأ تاريخ العقل في الاسلام, وهل يمثل المعتزلة ذروة سنام العقلانية العربية ؟
لم يكن انشغالي بسؤال العقلانية بحثا عن نتاجات العقل في التراث, بقدر ماكان محاولة لفهم الغياب الراهن للعقل في عالمنا العربي. فأنا مشغول بالتراث لافهم الواقع, و ماهو سائد- حتي الآن- من طرائق التفكير وانتاج المعرفة. ولعل ذلك يرتبط بحقيقة أن الأزمة التي يعيشها العالم العربي هي رغم الثورات المشتعلة الآن إنعكاس لأزمة عقل بالأساس. وخلال الغوص في التراث لفهم العقل السائد في المشهد الاسلامي, تبين لي أن هذا العقل( اتحدث عنه كتكوين في لحظة تاريخية معينة) يحمل ملمحا أساسيا يتمثل في أنه عقل مقيد بسلطة النص; حتي لقد قال عنه أبو إسحاق الشاطبي: فالعقل غير مستقل ألبتة, ولا ينبني علي غير أصل علي الإطلاق, وإنما ينبني علي أصل متقدم مسلم علي الإطلاق. وإذن فإنه عقل التفكير بالأصل الذي تناسل منه العقل الذي يحكم طريقة تفكيرنا الراهن, والذي أسميه عقل التفكير بالنموذج وبصرف النظر عما إذا كان هذا النموذج من أصل( حداثي), أو( تراثي). هكذا يشتغل عقلنا بنموذج جاهز يعجز من دونه عن إنتاج أي معرفة. وهذا العقل الذي لا يعرف الإستقلال قام علي بنائه كل من الشافعي والأشعري( الرائدان الكبيران في علمي أصول الفقه والدين). ومع التقدير الكامل لما أنجزاه في الفقه والعقيدة, فإن لهما الدور الأكبر في بناء العقل الذي نفكر به حتي الآن.
ولكن قواعد التفكير في الاسلام بدأت قبل الشافعي والاشعري؟
تعمر بن الخطاب الغي حد السرقة في عام الرمادة لان حق الحياة مقدم علي حق الملكية
هذا صحيح, ولكن هذه القواعد التي يمكن وصفها بأنها كانت منفتحة إلي حد كبير, قد جري تهميشها وإقصاءها علي نحو كامل. فالصحابة كانت لهم طريقتهم في التفكير في الفقه التي إنفتحوا فيها علي كل معطيات الواقع والتاريخ, والثقافة, وإستوعبوها إستيعابا مبدعا راحت معه تلعب دورا حاكما في تشكيل المنظومة الفقهية. لا يبدو الأمر عندهم نزولا في إتجاه واحد من النص إلي الواقع علي النحو الذي تثبت به الحاكمية للنص, بل صعودا من الواقع إلي النص ثم نزولا إليه علي النحو الذي يثبت جدلية العلاقة بينهما. هكذا راح يفكر الصحابي الجليل عمر بن الخطاب في الفقه, وإلي الحد الذي راحت معه حركة الواقع تحدد مدي فاعلية الحكم الشرعي الثابت بالنص. حدث هذا عندما أوقف العمل بحد السرقة في عام الرمادة, إستنادا إلي أن حق الحياة( الذي يبرر للجائع أن يسرق حفاظا علي حياته) هو الأهم من حق الملكية( الذي شرع حد السرقة لحمايته). وهكذا فعل أيضا بسهم المؤلفة قلوبهم حين أدرك أن تغييرا حدث إنتقل معه الاسلام من حال الضعف إلي القوة, يستلزم وقفا لصرفه لهؤلاء الذين لم يكن من سبيل لضمان ولائهم للإسلام في أول عهده إلا بهذا السهم المدفوع لهم. ولابد من التأكيد علي أن النص, في هذا النمط من التفكير المنفتح, لا يكون سلطة قامعة مهيمنة, بل ساحة مفتوحة لإنتاج معرفة خلاقة مبدعة. او نقطة إبتداء لمعرفة مفتوحة, وليس أبدا نقطة إبتداء ومنتهي لمعرفة لا يمكن إلا أن تكون مغلقة بمثل سيصبح لاحقا مع الشافعي الذي أتحدث عنه هنا كمؤسس للأصول, وليس كصاحب مذهب فقهي.
وهكذا كان الأمر في العقائد أيضا التي إنفتح التفكير فيها, منذ البدء, علي الواقع السياسي, وذلك بحسب ما سيظهر في مجرد تسميات الفرق الأولي كالخوارج والشيعة والمعتزلة والمرجئة التي تكاد جميعا أن تكون إشتقاقات من مواقف سياسية, ثم جاء الأشعري, ليفعل في العقائد ما فعل الشافعي في الفقه; وأعني من حيث تدشينه لطريقة الإستدلال بالنص. وهكذا نقل الرجلان التفكيرمن مساراته المنفتحة علي الأبعاد كافة, إلي الإنغلاق علي النص وحده.
حركة الشافعي و الأشاعرة كانت حركة في الواقع تحت ضغط السياسة ذاتها دفاعا عن العقيدة ؟
لا يمكن إغفال دور السياسة,, في بناء الظاهرة الفكرية وفي كل ما يطرأ عليها من تحولات. وقد كان الشافعي كان في كتابه الأساسي الرسالة يتجاوب مع مطلب سبق أن طرحه ابن المقفع( المنظر الايديولوجي للخليفة العباسي ابي جعفر المنصور) عن ضرورة توحيد السلطة الفقهية في كل أمصار الدولة, لكي لا تكون التباينات الفقهية بين فقهاء الأمصار والمدن( حيث كان لكل مدينة فقيهها وفقهها) عبئا علي الوحدة السياسية للدولة.
وقد إقترح إبن المقفع أن يتم تعميم كتاب الموطأ للإمام مالك علي كل الأمصار. والغريب أن مالك نفسه رفض هذا التعميم لكتابه مؤسسا رفضه علي أن مدونة أحكامه الشرعية ترتبط بتقاليد وأعراف أهل المدينة; التي تختلف عن تقاليد وظروف البيئات الأخري. و أن هذه الأحكام التي تتجاوب مع ظروف أهل المدينة قد لا يكون من الميسور علي أهل البيئات الأخري التجاوب معها.. وإذ لا مجال في كتاب الشافعي الرسالة لواقع أو أعراف وتقاليد تؤثر في الحكم الفقهي الذي ينبني علي النص وحده; وعلي النحو الذي يحول دون تعدد وتباين الأحكام الفقهية, فإنه يبدو وكأن عمل الشافعي( الأصولي) هو بمثابة إستجابة لمطلب الدولة العباسية الخاص بتوحيد المنظومة الفقهية.
ولكن الفقه ظل متأثرا بمناطق انتاجه,؟
ظل الفقه دائما مرتبطا بالبيئات التي نشأ فيها; فالبيئات الصحراوية أنتجت فقها مختلفا عن ذلك الذي أنتجته البيئات الحضرية.. لكنه يبقي أن أصول الفقه- التي هي طريقة التفكير في الفقه- هي شيئ آخر غير الفقه; وهو ما يؤكده أن الشافعي لم يغير أصول تفكيره في الفقه رغم تغيير بعض أحكامه الفقهية بعد إستقرار المقام به في مصر. فقد ظل لا يري إمكانية للتفكير في الفقه بمعزل عن سلطة النص, وبالطبع فإن كون النص واحدا لابد أن ينتج حكما واحدا( وفقط يقع الخلاف- علي قوله- فيما ليس فيه نص لازم, وهو الذي نضطر فيه للقياس وللقياس عنده وجهين: أحدهما أن يكون الشيئ في معني الأصل المنصوص عليه, وهذا قياس لا يختلف بشأنه الفقهاء. إنهم فقط يختلفون فيما لا يكون في معني الأصل, بل تكون له فقط أشباه ونظائر في الأصول المنصوصة, وهنا قد يختلف الفقهاء في تعيين ما هو الأكثر شبها منها به ليتم إلحاقه به). وأعتذر عن إستخدام لغة الشافعي الثقيلة لبيان مدي هشاشة الإختلاف عنده; حيث لا يتعدي دائرة ما ليس له في الأصول إلا أشباه.
ولأنك أشرت في سؤالك إلي أن الأشعرية نشأت تحت ضغط السياسة فإني أوافق علي ذلك مؤكدا أن إنبثاق الأشعرية
كان إستجابة بالمثل لمطلب سياسي, يتمثل في إحتياج الدولة العباسية إلي غطاء عقائدي تغطي به ممارستها السياسية التي اتكأت في مراحل سابقة علي المعتزلة ثم الحنابلة ثم إصطدمت بهما, فصارت في حاجة إلي عقيدة تستند إليها وهنا جاءت الأشعرية.
تلح علي رفض التقيد بالنص ما قد يفسره البعض علي أنك ضد الأصل,او النص ؟
المشكلة ليست في الأصل, ولكن في كيفية حضوره; وأعني هل يحضر كسلطة ينبغي علي العقل أن يخضع لها, أم أنه يحضر كنقطة بدء ينطلق منها العقل في سعيه لإنتاج معرفة بواقعه. وبحسب ذلك, فإن الأمر لا يتعلق برفض الأصول والدعوة إلي إلغائها, بقدر ما يتعلق بالسعي إلي التفكير في علاقة جديدة معها; علي نحو تكون معه ساحة لإنتاج فهم ومعرفة فاعلة بالعالم, بدل حضورها الراهن كقيد يمنع العقل من التفكير فيها وفي العالم. وبالطبع فإن الأمر لا يتعلق بالأصول الدينية المقدسة فقط, بل بكل ما يتم وضعه كأصل يجب أن يخضع له الناس حتي ولو كان من صنع البشر.
ولعلي أشير, هنا, إلي أن نقد الشافعي والأشعري نقد لطريقتهما في بناء العلاقة مع الأصول, وليس نقدا للأصول ذاتها. وإذا كانت الأصول فوق النقد( بسبب مصدرها المتعالي), فإن كيفية بناء العلاقة معها تبقي أمرا قابلا للنقد( لأن صانعيها بشر). و هذا النقد الأخير واجب لفتح الباب أمام الأصول لتتجاوب مع المعطيات المتغيرة للواقع.
المعتزلة
المعتزلة فرسان العقل كيف قرات خطابهم ؟ وكيف تحولوا ليصبحوا سلطة تماهت مع سلطة الدولة العباسية ؟
ما يلفت النظر في المعتزلة إنتماؤهم إلي الشرائح المهمشة إجتماعيا; وذلك بحسب ما يظهر من الألقاب التي تضفيها كتب الطبقات إلي أسمائهم. فهم منسوبون الي مهن رقيقة; فمنهم الإسكافي والنظام والعلاف والفوطي والكعبي الامر الذي يكشف عن إنتماء إجتماعي للطبقات الفقيرة. ولعل ذلك هو السبب في إنحيازهم لفكر ينطلق من الواقع سعيا إلي تغييره.
وفضلا عن الإنسحاق الإجتماعي عانوا أيضا من الإنسحاق السياسي بوصفهم من الموالي الذين عانوا من نظرة الأمويين العنصرية ضد كل ما هو غير عربي( العروبة هنا بالمعني القبلي). ولعل هذا الإنسحاق الذي عاني منه المعتزلة( اجتماعيا وسياسيا) هو ما يقف وراء إلحاحهم علي قدرة الإنسان علي التحكم في مصيره, فقد أدركوا أن سعيا لتغيير الواقع يستلزم تصورا للإنسان مالكا لإرادته وخالقا لفعله; ما يعني أن تصوراتهم العقائدية إرتبطت بسعيهم إلي تغيير الواقع السياسي والإجتماعي. فقد كانت هذه التصورات هي الأساس الذي راحوا يدافعون به عن وجودهم وهويتهم; وهو دفاع يستند إلي موقف إسلامي يرفض العنصرية ويجعل الناس سواسية لا تمايز بينهم إلا علي أساس ما يصنعه الفرد بنفسه, وليس بما يوفره له حسبه ونسبه. إن المهم هنا هو أن الواقع- والسعي إلي تغييره كان محور تفكير المعتزلة; وعلي النحو الذي كانت معه الأصول-النصوص الدينية- نقطة بدء في مقاربة الواقع, ولم تكن سلطة تفرض نفسها عليه.
أما ما أشرت إليه من علاقتهم بالسلطة, فإنه ورغم الإتفاق علي التوظيف السياسي للمعتزلة في مواجهتهم مع خصومهم من الشيعة الباطنية بالذات, فإن الأمر الحاسم, في هذا الإطار, هو أن خطاب المعتزلة يبقي, في جوهره, بعيدا عن أن يكون سلطويا.
الادبيات التاريخية تعزو نشأة المعتزلة إلي خلاف فقهي حول مرتكب الكبيرة؟
لا يغير ذلك من حقيقة إرتباط نشأة الإعتزال, بالسياسة, لأن الخلاف حول مرتكب الكبيرة كان خلافا حول مسألة سياسية; حيث الكبيرة التي نشأ الخلاف حولها كانت كبيرة القتل السياسي الذي تسببت فيه المقاتل التي نشبت بين المسلمين. وكان الخلاف, حول الحكم فيمن إقتتلوا في حروب المسلمين; وهو حكم يستلزم تقييما للموقف السياسي لهؤلاء المتصارعين. و ما تتفق عليه المصادر من إعتبار المعتزلة أهل العدل والتوحيد كاشف- إذ يضع العدل( بدلالته السياسية والإنسانية) سابقا علي التوحيد( بدلالته الدينية), عن أن الإنشغال بالسياسي كان الغالب علي المعتزلة. فخطابهم خطاب العدل الذي يقدر معه المرء بما هو مالك لإرادته وصانع لفعله علي أن يحقق ذاته في عالم عادل تتكافئ فيه فرص البشر وتتعادل حظوظهم. فالدفاع عن العدل هو دفاع عن المساواة وعدم التمييز
ولكن المعتزلة تحولوا الي سلطة في ايدي العباسيين؟
أشرت قبل ذلك إلي أنه تم توظيف الاعتزال سياسيا لخدمة العباسيين. لم تكن للمعتزلة إرادة في هذا التوظيف, بل كان ذلك قرار دولة تري أن لها الحق في إستثمار من تشاء لخدمة مصالحها. وعلي أي حال, فإن ما يقصد إليه الإعتزال من بناء الفرد الواعي المالك لمصيره, والمحقق لذاته بما يمتلك من قدرة علي الإختيار والفعل قد يصعب قبوله والتجاوب معه من جانب الكثيرين الذين لا يقدرون علي تحمل التبعات الجسيمة لإختياراتهم, ويفضلون الإنخراط تحت إمرة سلطة قابضة تقرر لهم وتختار. وحين ندرك أن الشعوب لا تزال تمارس علي هذا النحو للآن, فإنه يمكن فهم الإستجابة الرافضة للإعتزال من جانب قطاعات واسعة من المسلمين في القرون الهجرية الأولي.
هل نحن امام احد تجليات نظرية الجام العوام ؟
لا يمكن القول أن الخطاب المعتزلي كان خطاب إلجام للعوام وإسكاتهم, لأنه, وبحسب ما تكشف نشأته بين طوائف المهمشين, كان يسعي إلي إحضار هؤلاء العوام المهمشين إلي الساحة. وعلي العكس, فإن مفهوم إلجام العوام إنبثق وتم تداوله بكثافة داخل الدوائر الأشعرية و لا يصح القول أن الخطاب المعتزلي يتعالي علي الجماهير التي راحت تقابل هذا التعالي بالنفور منه, وذلك لأن نفورها منه إنما يرتبط بعجزها عن تحمل التبعات التي يفرضها عليها تبنيه( من المسؤولية والوعي والإرادة والقدرة). وإذ لا مجال ضمن الإعتزال لإلجام العوام, فإنه لا تفسير لعدم تجاوب الجمهور معه إلا في سيكولوجية الجماهير التي تنفر من تكليف المعتزلة لهم بما لا يطيقونه
قد تصوغ خطابا يبغي تحرير العوام, ولكن العوام لا يتجاوبون معه, بسبب ما يفرضه عليهم من تبعات تحمل مسؤولية إختياراتهم; وبما يعنيه ذلك من ضرورة إمتلاك الوعي والإرادة. وهو ليس بالأمرالسهل; وخصوصا مع الترويج لهذا النزوع إلي إمتلاك القدرة علي الإختيار والفعل علي أنه خروج عن صحيح الدين, وهذا ما لابد أن يباعد العوام عن الخطاب الذي يسعي إلي تحريرهم بالأساس.
يبقي التأكيد علي أن توظيف السلطة العباسية للخطاب المعتزلي لم يجعل منه خطابا سلطويا; حيث ظل محتفظا بثوابته من التأكيد علي حرية الإرادة والقدرة علي الفعل. ولكن ما سيحيله إلي خطاب سلطوي حقا هو ما سيحدث لاحقا من إنسراب الأشعرية إليه, وإختراقها لنظامه وقد حدث ذلك متأخرا( في نهايات القرن الرابع الهجري) مع القاضي عبد الجبار; الذي يبدو متراجعا في الكثير من أفكاره عن سابقيه.
ما هي الامثلة علي هذا التراجع؟
كثيرة هي العلامات التي تؤكد هذا التراجع, ومن بينها ما أحدثه من قلب ترتيب العلاقة بين العدل والتوحيد. إذ فيما كان العدل يأتي سابقا علي التوحيد عند المعتزلة الأوائل, فإن القاضي عبد الجبار سيجعل التوحيد سابقا علي العدل; وذلك بحسب ما سيظهر في عنوان كتابه المغني في أبواب التوحيد والعدل. وفي ذلك كان متأثرا بأشعريته الأولي التي نشأ عليها ثم تحول منها إلي الإعتزال, ولكنها لم تفارقه فيما يبدو. ومن جهة أخري, فإنه إذا كانت عقلانية المعتزلة الأوائل تجلت فيما صاروا إليه بخصوص المعجزة مثلا, من أن النبي ليس في حاجة إلي معجزة حسية ملموسة يؤكد بها صدق نبوته, بل يكفي- سلامة شرعه وخلوه من التناقض. ويرفض القاضي عبدالجبار هذا التصور العقلاني للمعجزة, ليعيد إنتاج القاموس الأشعري بخصوصها. وبالطبع فإنه لن يكون غريبا أن يتجه االاعتزال, مع القاضي عبدالجبار وورثته, إلي المزيد من السلطوية; وبحيث تكتمل دائرة السلطوية التي لا تزال تعيد إنتاج نفسها للآن, وإن من تحت براقع الحداثة وإكسسواراتها.
ولعل قراءة لما جري آنذاك يمكن أن تساعد في ادراك آليات إختراق خطاب السلطة للخطابات المعارضة, وتحويلها إلي مجرد آدوات يستخدمها في تثبيت حضوره المؤبد. وقد تعدي إختراق الخطاب الأشعري للخطابات المعارضة الي الخطاب الشيعي أيضأ; الذي لم يفعل إلا أن راح يعيد إنتاج الاشعر ية, ضمن دائرة أخري.
الشيعة يقولون بولاية الفقيه, ويرفعون الامام الي مصاف الانبياء بينما الاشاعرة لم يقولوا بهذه النظرية؟
في الحقيقة لا فرق بين الشيعة والأشاعرة فيما يتعلق بسلطوية الخطاب, فإذا كان الشيعة جعلوا الإمامة إختيارا إلهيا لا دخل للناس فيه, فإن الغزالي- وهو الأشعري الكبير- يقول في كتابه فضائح الباطنية: لا ينبغي أن يتصور الشيعة أن أهل السنة لا يردون الإمامة إلي الله مثلهم, بل إن أهل السنة, متشددون أكثر من الشيعة في رد الإمامة إلي الله, وأنهم ينسبونها إلي البشر علي سبيل المجاز, وليس علي سبيل الحقيقة. بمعني أن البشر يختارون الإمام مجازا, أما في الحقيقة فإن إختياره يكون من الله. وهكذا فإن كل تدخل من البشر( ممثلين في أهل الحل والعقد مثلا) في إختيار الإمام, هو تدخل مجازي. إن الغزالي يستعير نظرية الكسب التي تجعل الفعل منسوبا إلي الله في الحقيقة, وإلي الإنسان مجازا, ويستخدمها في مجال الفعل السياسي;
النص الممكن
مشكلتنا مع المعتزلة أن خطابهم الأساسي مفقود وأن ما نقرأه عنهم منقول من الخطاب النقيض لخصومهم؟ كيف عالجت هذا الامر في دراستك لطروحات المعتزلة ؟
هذه مشكلة حقيقية, وخصوصا أنه ليس لدينا إعتزال واحد. فهناك المعتزلة الأوائل الذين تعرضت نصوصهم للتهميش والضياع, وهم يتميزون عن المعتزلة المتأخرين الذين تتوافر نصوصهم, ولكنهم أقل تعبيرا عن روح الإعتزال الأولي. بل إن نصوصهم تكاد تكشف عن الكيفية التي فقد معها الإعتزال بريقه وأصالته بسبب الإختراقات الأشعرية. وهكذا فإن المشكلة التي يعرضها سؤالك تتعلق فقط بكتابات المعتزلة الأوائل; ما جعل الباحثين يلجؤون لكتابات الخصوم للتعرف عليها.
وماذا فعلت في قراءتك للفكر الاعتزالي مع غياب النصوص؟
بدأت أطور ما أسميه مفهوم النص الممكن الذي يعني أن يمارس الباحث في التاريخ الفكري ويصادف مشكلة النصوص المفقودة, علي طريقة الباحث في التاريخ الطبيعي للكائنات الحية. فإذ يقوم هذا الباحث الأخير حين يعثر علي هيكل لأحد الحيوانات المنقرضة بإعادة تركيب هذا الهيكل, وبحيث أنه إذا حدث ولم يعثر علي بعض أجزاء هذا الهيكل, فإن بإمكانه تصور الهيئة التي كانت عليها تلك الأجزاء المفقودة, إبتداء مما يفرضه عليه البناء العام لهيكل الكائن من جهة, ومن إدراكه للهيئة التي أصبح عليها هذا الجزء المفقود في الكائن الحي الذي تطور عن الكائن المنقرض. وهكذا يقوم الباحث بتشكيل الجزء المفقود من الهيكل, لا علي نحو يتعلق بمزاجه, بل طبقا لشروط موضوعية تتعلق بما يفرضه شكل البناء الكلي للكائن, وبما يفرضه التطور اللاحق للكائن. وبالطبع فإنه يمكن القول عن الجزء المفقود الذي يقوم الباحث بتشكيله ليصبح هيكله مكتملا أنه الجزء الممكن. وعلي نفس الطريقة يمكن أن يعيد الباحث في تاريخ الفكر بناء النصوص المفقودة, في ضوء وعيه بالهيكل الفكري العام الذي ضاعت بعض نصوصه من جهة, وبالتطورات اللاحقة لهذا الهيكل الفكري من جهة أخري( حتي لو كانت تلك التطورات تظهر في نصوص الخصوم). وبالطبع فإنه لا يمكن القول أن هذا النص الممكن نص يختلقه الباحث علي هواه, لأن الباحث يكون مقيدا بشروط موضوعية تقوم خارج ذاته. إن النص يكون ممكنا بسبب توافقه مع الهيكل الموضوعي العام للخطاب المعتزلي, وليس بسبب إفتراض الباحث له.
نظرية النص المكن تحتاج الي استبيان طويل وجدل ليس مجاله هذاالحوار ولذلك نرجئها الي حوار اخر
قد افهم ما تقوله عن الاشاعرة ونسبهم, وتسربهم إلي المعتزلة لكن أن تقول في مقالك المنشور في مجلة الف إن خطاب ابن رشد كان أشعريا فهذا ما لا افهمه وربما لا أصدقه ؟ اعمل علي مشروع قراءة لتراث الفلسفة الأسلامية الذي تمثل في تراث الأربعة الكبار: الكندي والغزالي وابن سينا وابن رشد.. وهناك قراءة تميل إلي انقسام هذا الارث إلي مدرستين الأولي هي الافلاطونية نسبة الي افلاطون في صيغتها الاسلامية ويمثلها الغزالي وابن سينا, و الثانية تمثل الأرسطية( نسبة الي ارسطو) ويمثلها الكندي وابن رشد, وأنا ارفض هذا المفتاح اليوناني للقراءة واري أن المفتاح الاساسي هو القسمة بين منظومتي السنة والشيعة اللتين تربي عليهما الفلاسفة قبل ان يتعرضوا للفكر اليوناني
عندما تكلمت عن العقل الذي ساد في الإسلام بشكل أساسي وان السمة الأساسية الغالبة عليه إنه عقل تفكير بالنص) وهو ما تطور بعد ذلك مع مايسمي بحقبة الحداثة العربية إلي عقل تفكير بالنموذج الغربي الجاهز أو النموذج الليبرالي أو النموذج القومي أو إلي آخر النماذج اللي انشغل بيها العرب)
عند الكلام عن ابن رشد نكتشف انه لم يستطع ان يكسر هذا النموذج, ولكنه تحول من نموذج أو من أصل إلي أصل آخر فقد دشن ارسطو تحديدا باعتباره الأصل الذي تتأسس عليه عقلانيته
ولابد ان نميز بين العقلانية كنظام أو العقل كنظام و بين العقل كمضمون, ربما تجد هنا أو هناك بعض نظرات عقلانية في عمل ابن رشد لكن هذا سيظل من قبيل عقلانية المضمون. وهذه الشذرات العقلانية يمكن ان نجدها عند الأشعري نفسه وما أريد ان أوجه اليه هو ان النموذج الأساسي الذي اشتغل عليه العقل السائد في الإسلام هو عقل أشعري في بنيته وفي نظامه وهو نفسه العقل الذي اشتغل به حيث يتعامل مع ارسطو باعتباره اصلا وجعل قضيته الفلسفية بشكل أساسي تنقية ارسطو مما يتصور إنه تحريفات دخلت علي ارسطو و لابد من استعادة ارسطو الاصل وهذا منهج اشعري بامتياز كما ان ابن رشد يعتبر ارسطو اخر أو أعظم عقل حقق الكمال للإنسان فبماذا يختلف هذا القول عن قول سلفي علي الجبهة الأخري الذي يقول ان النص الاسلامي أعظم وارقي وأكثر النصوص عقلانية وهو الذي لابد ان يبدأ منه كل تفكير وينتهي اليه. بهذا الشكل نكتشف إن ابن رشد ربما لم يقدر علي كسر نظام العقل الذي ساد في الإسلام واحتفظ بنفس بنية هذا العقل
كيف تفسر اذا تقديم ابن رشد علي اساس انه رائد العقلانية العربية او الاسلامية ؟
اري ان ابن رشد او الاشعري تتم قراءتهما في الثقافة العربية المعاصرة بطريقة تجزيئية تهدر في الغالب السياقات التي كتبت فيها طروحاتهما تهدر مفهوما مهما في القراءة هو مفهوم كلية النصوص فالافكار بنية لها نظام لا يمكن الاحاطة بها عبر هذه النزعة التجزئية واللافت ان النظرة التجزيئية في القراءة احدي تجليات الفكر الاشعري الذي تقوم نظرته للعالم علي هذا التفتيت والانفصال بين ظواهره فعندما تحاول التفتيت إلي منهج في القراءة فكأنك تحول الاشعرية إلي ظاهرة تتخلل تقريبا كل مسعي انساني. وفي تصوري هذا امر خطر وفيما يقال عن عقلانية ابن رشد ينسي الدارسون انه تبني الهراركية اليونانية التي تقسم الناس إلي ثلاثة طبقات أساسية, طبقة العوام وطبقة الفلاسفة او اهل الجدل وهي طبقة ارقي من العوام وتقف بينهم وبين الحكام علي راس هذا الهرم, والطريقة التي تعامل بها مع العوام وحتي مع أهل الجدل قائمة علي شكل من أشكال الاقصاء والإستبعاد الكامل اذ دعا ابن رشد الي ضرورة حجب العوام والجامهم عن التأويل لان اشتغالهم بهذه المسائل ربما يكون ضارا بهم و أعتقد ان هذه المقولة ترددها كل الأنظمة العربية بلا استثناء اذ تعمل علي اقصاء الجماهير عن الإنشغال بالشؤون العامة. وفي ظني فان مسألة عقلانية ابن رشد تحتاج الي اعادة التفكير فيها بشكل عقلاني
سؤالي عن اسباب استدعاء ابن رشد من الذاكرة لاقامة نصب العقلانية دائما ؟
. أنا أقدر إن هناك مفكرين عرب يحاولون تدشين خطاب عقلاني في واقعنا الحالي ويتكئون في محاولاتهم علي نموذج رشد واريد ان انبه الي إن هذا الاتكاء قد لا يكون في محله اذ لابد ان نكون واعين علي الأقل بحدود هذه العقلانية الرشدية.
و هذه القراءة لعقلانية ابن رشد تعولمه اي تجعله جزءا من ظاهرة معولمة, لكنها تنسي شيئا مهما هو إن هذه العقلانية لها وظيفة اجتماعية وتاريخية و لا اتصور ان مهمة العقلانية ان تساعد السلطة علي الفهم وهذا هو الدور الذي كان مطلوبا من ابن رشد إن يلعبه ان يشرح للسلطة أو يفسرلها ما يغمض عليها وان يشرح لها ارسطو كرفاهية ثقافية. ومسألة ان ابن رشد حافظ علي العقلانية الاغريقية التي استلمتها منه اوروبا في وقت ما واستطاعت إن تبني عليها عقلانيتها تحتاج الي مراجعة لان اروربا بنت عقلانيتها ضد ارسطو وبتجاوز منطقه الذي حافظ عليه ابن رشد. والكتاب المشهور لابن رشد فصل المقال في ما بين الحكمة والشريعة من اتصال... نتكتشف عند قراءته إن ابن رشد يستعير من الغزالي استعارات واسعة جدا ليس من قبيل نقد هذه الأفكار وإنما يستعير هذه الأفكارليبني عليها و مازلنا في حاجة إلي ان نفتح قوسا حول العقلانية الرشدية ونعيد قراءتها من جديد
هل يمكن اعتبار ابن رشد نموذجا سياسيا لدور المثقف في خدمة السلطان ؟
الإتجاه السائد لدي قطاع عريض من المثقفين واقع في قبضة السلطان بشكل دائم و لا يجد لنفسه عملا إلاخدمة السلطان وفي درس ابن رشد بإعتباره نموذج للمثقف الذي خدم الدولة يهمني ان اعرف ماذا فعلت دولة السلطان مع مثقفها فبرغم ان ابن رشد قام بدوره بمنتهي الامانة ومنتهي الإخلاص ومع ذلك عندما اشتمت الدولة إن ارتباطها به يمكن ان يؤدي إلي مشكلة لها ضحت به بمنتهي السهولة
ويظل هناك اسماء علي مدي التاريخ الإسلامي من المثقفين و الفقهاء وجدوا لأنفسهم ادوارا غير خدمة الدولة وانحازوا لللجماهير ونشبير هنا إلي عمر مكرم الذي اراه ممثلا لنموذج المثقف المرتبط بالناس منذ قاد الثورة ضد الفرنسيين
ولكن مكرم الذي قاوم الفرنسيين هو احد اسباب تثبيت الطاغية محمد علي ؟
ان دوره التاريخي في تولية محمد علي كاشف عن الانحياز للجمهور في مواجهة الدولة العثمانية صاحبة السلطة في هذا الوقت والتي كانت لديها رغبة في تنصيب خورشيد باشا ولكن العلماء بمن فيهم عمر مكرم كانوا يرون ان هناك امكانية في تحقيق نهضة مصر لو تولي الحكم فيها محمد علي ودافعو عن هذا الاختيار وفرضوه علي الدولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.