استضاف بيت السناري العتيق بالقاهرة في الأسبوع الماضي ملتقي الشباب العربي السابع حول السياحة البيئية, والحفاظ علي المدن التراثية. وبين أحجار المبني التاريخي اجتمع عشرات الشباب من دول عربية وإفريقية عدةفي تظاهرة علمية وثقافية ليناقشوا أوضاع السياحة البيئية في المجتمعين العربي والافريقي, وتنمية الوعي بالحفاظ علي المدن ذات الطابع التاريخي, التي مازالت تزخر بالحياة لكنها تتعرض لمخاطر النسيان والإهمال, برغم ما تحفل به من كنوز, وآثار حضارية. انعقاد الملتقي بالقاهرة كان بمثابة تحد للظروف الراهنة التي تشهدها مصر وأدت إلي ركود السياحة وقلة اللقاءات العلمية الدولية التي اعتادت العاصمة استضافتها علي مدار السنوات الماضية. كما كان المؤتمر إعلانا عن رغبة الشباب العربي والافريقي في استمرار العاصمة المصرية منبرا للعلم والثقافة حتي في أصعب الظروف.. لذا اختاروا عاصمة المعز مقرا للقائهم بديلا للعاصمة التونسية التي كان مقررا لها أن تشهد المؤتمر. الهوية.. والرسالة نظم الملتقي الاتحاد العربي للشباب والبيئة, بدعم وتعاون من المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة( إيسيسكو) ووزارتي البيئة والسياحة. وأكد المشاركون في الملتقي ضرورة تضافر جهود المسئولين مع المجتمع المدني والشباب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من عناصر التراث الحضاري والبيئي, حفاظا علي الهوية الثقافية للمدن العربية ذات الطابع التاريخي, ومن بينها مدينة الفسطاط التي تشهد معدلات عالية في التلوث علي الرغم من أن جدرانها تضم أهم ثلاثة معالم دينية تاريخية في مصر وإفريقيا وهي مسجد عمرو بن العاص أول مسجد بني في إفريقيا, والكنيسة المعلقة أقدم كنائس العالم, والمعبد اليهودي القديم. في الافتتاح, أشار الدكتور ممدوح رشوان الأمين العام للاتحاد العربي للشباب والبيئةإلي أن الملتقي جاء في إطار برنامج ينفذه الاتحاد بالتعاون مع( إيسيسكو) والوزارات المعنية, ويشمل فاعليات عدة, وكان مقررا أن يعقد في دولة عربية أخري إلا ان الاتحاد وجامعة الدول العربية قررا نقله إلي مصر. لماذا؟! يجيب الدكتور مجدي علام رئيس اتحاد خبراء البيئة العرب: أردنا إرسال رسالة عربية مؤداها ادخلوها بسلام آمنين, وأن نشارك ولو بجهد ضئيل في مبادرة تنشيط السياحة المصرية, وإذا كان لدينا250 ألف غرفة فندقية وعدد كبير من المحميات, إلا أنه مازال أمامنا شوط طويل لتحقيق السياحة البيئية المستدامة, ولهذا قام الاتحاد عبر30 عاما بتدريب نحو14 ألف شاب عربي علي الانخراط في صيانة البيئة, وتحقيق التنمية. مبادرات.. ومخاطر وحول دور المجتمع المدني قال الدكتور عماد الدين عدلي: لابد من احترام المبادرات التي تقدمها الجمعيات الأهلية من قبل الحكومات, فليس المعيار عدد الجمعيات الأهلية, وإنما المساحة التي تعمل فيها. وقال الدكتور عبدالعزيز صلاح ممثل( إيسيسكو) إنه علي الرغم من أن الوطن العربي يملك تنوعا تراثيا ثقافيا وطبيعيا فإنه مهدد بمخاطر مختلفة, لذا ينبغي تأكيد العلاقة بين التراث الثقافي, وإبراز دور المجتمعات المحلية في إدارته, واصفا وضعية التراث الطبيعي والثقافي بأنها مثيرة للقلق بسبب العنف المسلح, وغياب العناية الفعلية بهذا التراث الإنساني. ومن جهتها, أكدت الدكتورة ليلي اسكندر وزيرة البيئة أن السياحة البيئية مسئولة عن نسبة كبيرة من الناتج المحلي, وهي معطلة حاليا.. فمصر أصبحت بلد الأهرامات, والثورات الشبابية! وقالت الوزيرة: يجب أن نتوقف دقيقة للتفكير حول رؤيتنا لمستقبل السياحة البيئية, وأن نأخذ في الاعتبار المفهوم الثقافي للسياحة, فالبيئة لا تشمل فقط الموارد الطبيعية, ولكن تشمل أيضا الثقافة المحلية, لكننا لم نقم حتي الآن بإشراك السكان المحليين في ثمار التنمية, وهو أمر يجب أن نعمل علي تلافيه, لذا نراجع الآن مفاهيم المشاركة لتطبيقها بشكل حقيقي. وأشارت الوزيرة إلي أن السياحة البيئية تنمو حول العالم بنسبة15%, وفي مصر بنسبة4% فقط, مشيرة إلي أن زيادة هذه النسبة مرهونة بإشراك البسطاء في صيانة المحميات كما حدث في سانت كاترين, وهو الأمر الذي يمكن أن يتكرر في أماكن أخري مثل سيوة والفرافرة والواحات البحرية للحفاظ علي التراث بكل معانيه. جلسات.. وتوصيات تناولت جلسات العمل بالملتقي أوراقا بحثية مهمة أبرزها: الحفاظ علي المباني الأثرية للدكتورة ناهد عمران مديرة جهاز التنسيق الحضاري, والسياحة المستدامة للدكتور حسين أباظة مستشار الأممالمتحدة للتنمية المستدامة, ومشكلات التنمية البيئية للمناطق الأثرية للدكتور أحمد الجلاد أستاذ السياحة البيئية, وتغير المناخ ومدن التراث للدكتور مجدي علام. وفي الختام أوصي اللقاء بالاتفاق مع منظمة الايسيسكو ووزارتي الآثار والثقافة علي إعلان مدينتي الفسطاط المصرية وطرابلس اللبنانية ضمن التراث العالمي ونموذجا للعمارة الإسلامية, و تنفيذ برنامج مشترك لنظافة المناطق الأثرية يقوم بها الشباب العربي بمدن القيروان وفاس ومراكش وطرابلس والفسطاط, ومخاطبة الجهات المعنية في العالمين العربي والإسلامي بشأن الدساتير والتشريعات لاعتبار التراث المعماري والبيئي جزءا من التكوين الحضاري للشعوب العربية والإسلامية, وإعلان الحملة المشتركة لوقف مخطط تهويد القدس, بالاشتراك بين المنظمتين العربية والإسلامية للتربية والثقافة والعلوم.