في تعديل دستور2012 جذريا, يتوقف نجاح لجنة الدستور, في مهمتها المركزية, علي استيعابها أن الأمة المصرية لن تقبل بغير بناء نظام جديد, انطلاقا من دستور بوصلة مواده وصياغاته تأسيس دولة المواطنة وحماية كل حقوق المواطنة, مع حذف كل ما دسه الإخوان والسلفيون من مواد وصياغات; تهدر ما سبق بفرية حماية الهوية والشريعة وتأسيسا لدولة الفقهاء والطغيان. وعلي لجنة الدستور أولا, أن تستوعب أن الثورة تعني أن الشعب لن يقبل العمل بالأساليب, التي فجرت الثورة, وأن الشعب لن يقبل, وأن مؤسسات الدولة لن تتمكن من تكريس أوضاع القهر والظلم والفقر والذل, التي ولدت الثورة. وقد دفع المصريون ثمنا فادحا بثورتهم في25 يناير ثم30 يونيو, وسوف تتواصل موجاتها ما لم يطرح للاستفتاء دستور, يصدر باسم الأمة المصرية, باعتبارها عنوان الهوية والولاء والانتماء, وينطلق من أن مصر لكل المصريين; تحترم فيها جميع حقوقهم وحرياتهم السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها, دون تمييز أو تهميش أو إقصاء أو انتقاص, ويحمي دولة القانون وتداول السلطة وتوازن السلطات والفصل بينها, ويرسخ قيم ومؤسسات دولة المواطنة, بحيث لا يستطيع هدرها أو خطفها أي حزب سياسي أو تيار فكري يصل للحكم عبر انتخابات نزيهة. وعلي لجنة الدستور ثانيا, أن تحذف المادة219, والنص علي مرجعية الأزهر, وأن تضيف مادة تنص علي اختصاص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بتفسير مواد الدستور, ومادة أخري تحظر وتجرم تأسيس ونشاط أحزاب علي أساس ديني, حتي لا يبقي مصير الدولة والوطن والأمة والثورة مجالا للمساومة والمقايضة. فقد أصابني والكثيرين القلق من الموقف الملتبس للسلطة الانتقالية. أقصد دعوة رئيس الجمهورية المؤقت, رغم رصانته ووقاره, الي التوافق علي المادة219, التي دستها جماعات الإخوان والسلفيين والتكفيريين لتؤسس لدولة الفقهاء والطغيان; بجعل فتاوي جماعة الفقهاء فوق الدستور والسلطات المنتخبة, وهدر دور المحكمة الدستورية في تفسير مباديء الشريعة ونصوص الدستور. وأقصد حديث الحكومة المؤقتة عن المصالحة وحماية المسار الديمقراطي, مع تجاهل حتمية حل وحظر( تنظيم الإخوان), وترك أمر حل( جمعية الإخوان) للقضاء, وتجاهل حتمية حظر تأسيس ونشاط الأحزاب علي أساس الدين. وعلي لجنة الدستور ثالثا, إدراك أن أحزاب وجماعات المتاجرة بالدين كانت وستبقي دوما متاجرة بالدين, ومسيئة للإسلام, ومقسمة للإمة, ومقوضة للدولة, ومهددة للهوية, ومزدرية للوطن, ومنكرة للوطنية, ومضادة للثورة, ومخالفة للقانون, وسرية مسلحة, ومجسدة للفاشية, ومولدة للإرهاب, ومعادية للديمقراطية, ومكفرة للمخالف, وكارهة للآخر, ومحتقرة للمرأة, ومهدرة للخلق, ومدمنة للكذب, ومخالفة للعهد, وفاجرة الخصومة, وخائنة للأمانة, وطائفة منغلقة, وعصامية الجهل, وجاهلة مركبة, وعابدة لذاتها, ومقدسة للمظهر, ومهملة للجوهر, ومفارقة للواقع, ورجعية الفكر, وحشرية متطفلة.. إلخ. وأستدرك فأقول إن هذه صفات منسوبة الي تلك الأحزاب والجماعات, وخاصة تنظيم جماعة الإخوان غير الشرعية وغير الوطنية وشبه السرية وشبه المسلحة, وليس عن أفرادها, وغالبيتهم من المضللين والمخدوعين والواهمين. وأؤكد أن دعوتي الي حل وحظر وتجريم تلك الجماعات والأحزاب لا يعني إقصاء أي مواطن من أعضائها ومحبيها ومؤيديها ومناصريها طالما يلتزم باحترام دستور وقيم ومؤسسات دولة المواطنة. وعلي لجنة الدستور رابعا, في مواجهة لغو السلفيين عن حماية مواد الهوية والشريعة التي أقحمت في دستورهم والإخوان, استيعاب أن الأمة المصرية هي عنوان الهوية والولاء والانتماء, حين يتعلق الأمر بوضع دستور يحدد اختصاصات وينظم علاقات سلطات الدولة المصرية, ويحمي حقوق وحريات المواطنين المصريين, المسلمين والمسيحيين, في عيشهم المشترك علي أرض وطنهم. وأن المشروع الاسلامي, الذي يدعي الإخوان والسلفيون والتكفيريون رفع لوائه, قد تكشف عن متاجرة وشطط وشعوذة وإرهاب باسم الاسلام. وأن المصريين المسلمين يتحلون بمباديء الاسلام في بحثهم عن حلول لمشكلات دنياهم, التي هم أدري بشئونها, وسيضعون دستورا وتشريعات لتنظيم عيشهم المشترك مع المصريين المسيحيين. وإن المصريين ليسوا بحاجة الي وصاية أو تحكم المتاجرين بالدين كي يثبتوا أنهم مؤمنون, وهم الذين آمنوا بالله قبل دخولهم الإسلام والمسيحية بآلاف السنين. وعلي لجنة الدستور خامسا, أن تنطلق من أن المصريين, مسلمين ومسيحيين, قد توافقوا علي المادة الثانية في الدستور, وذلك طبقا لتفسير المحكمة الدستورية العليا لمبادئ الشريعة الاسلامية بأنها الأحكام الشرعية قطعية الثبوت والدلالة, والتي تمثل من الشريعة الاسلامية مبادئها الكلية وأصولها الثابتة التي لا تحتمل تأويلا أو تبديلا, ولا يجوز الاجتهاد فيها, وليسوا بحاجة لغلواء وتنازع سلطة الفقهاء, حتي لو كانوا من علماء الأزهر; مهما تكن مكانة الأخيرين رفيعة. وفي هذا قضاء علي صفقة التمكين مقابل التفكيك; أي تنفيذ المخطط الأمريكي للفوضي الهدامة, بتمكين الإخوان من استخدام الدولة لتقويض الدولة, كما أوجز الفريق أول السيسي, أي توظيف خديعة المشروع الإسلامي لتفكيك مصر بتقسيم المصريين الي فرق متناحرة: إسلاميين ومسلمين, ومسلمين ومسيحيين.. إلخ!! ويبقي يقيني ثابتا بأن مصر المحروسة والأمة المصرية ستهزم تآمر الإخوان وحلفائهم, وستتغلب علي المؤامرة الأمريكية التي نجحت في بلدان من حولنا. وعلي لجنة الدستور أخيرا, أن تحدوها حقيقة أن الأمة المصرية لم ولن ينطلي عليها إنكار جماعة الإخوان الكاذبة ما تقترفه وحلفاؤها من جرائم إرهابية توعدت بها, مدفوعة بمنطق نحكمها أو نحرقها; بعد أن سقط حكمها; جراء فشلها وجهلها, والأهم جراء انفضاح خديعتها باقامة شرع الله. وأن جماعة الإخوان, انطلاقا من فرية إعادة فتح مصر الكافرة; استدعت إرهاب الثمانينيات والتسعينيات المدحور, مع تصعيده بقتل جنودنا في سيناء; متحالفة مع حماس والقاعدة, وبترويع المصريين من أقصي البلاد لأدناها; متحالفة مع جماعات التكفير. وليدرك المرتعشون والمرجفون أنه لا مصالحة مع الإرهابيين والخونة, وأن غزوة الإرهاب ستلقي حتفها في مصر, التي كانت وستبقي مقبرة للغزاة. لمزيد من مقالات د. طه عبد العليم