ظهرت الآن.. نتيجة تنسيق رياض أطفال وأولى ابتدائي الأزهر| رابط مباشر    قافلة دعوية للواعظات في السويس للتوعية بمخاطر الغرم    مذكرة تفاهم بين جامعتي الأزهر ومطروح تتضمن التعاون العلمي والأكاديمي وتبادل الخبرات    اليوم.. البابا تواضروس يترأس قداس تدشين كنيسة القديس مارمينا العجائبي بالإسكندرية    «تعليم أسوان» تعلن عن فرص عمل للمعلمين بنظام الحصة.. الشروط والأوراق المطلوبة    مديرية الطب البيطري بدمياط تباشر أعمال المعاينة في مزرعة ملكوت للخيول    وزيرا الإنتاج الحربي والبترول يبحثان تعزيز التعاون لتنفيذ مشروعات قومية مشتركة    وزير العمل: وحدات تدريب متنقلة تجوب 100 قرية لتأهيل الشباب على مهن يحتاجها سوق العمل    الغربية: حملات نظافة مستمرة ليلا ونهارا في 12 مركزا ومدينة لضمان بيئة نظيفة وحضارية    إنفوجراف| أبرز ما جاء في بيان وزارة الخارجية المصرية بشأن ليبيا    وزير خارجية باكستان يبدأ زيارة إلى بنجلاديش    وزير تركي: سنعقد اجتماعا ثلاثيا مع سوريا والأردن بشأن النقل    مانشستر سيتي يتأخر أمام توتنهام في الشوط الأول    كمال شعيب: الزمالك صاحب حق في أرض أكتوبر..ونحترم مؤسسات الدولة    كهربا يقترب من الانتقال إلى القادسية الكويتي    ضبط صاحب مطبعة بحوزته 29 ألف كتاب خارجي بالمخالفة للقانون    طقس بالإسكندرية اليوم.. استمرار ارتفاع درجات الحرارة والمحسوسة تسجل 36 درجة    "سقط في الترعة".. مصرع شخص بحادث انقلاب دراجة بخارية ببني سويف    ضبط 382 قضية مخدرات و277 سلاحا ناريا وتنفيذ 84 ألف حكم قضائي خلال 24 ساعة    وزارة النقل تناشد المواطنين عدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه أثناء غلقها    البيئة تعلن الانتهاء من احتواء بقعة زيتية خفيفة في نهر النيل    حسام حبيب يصعد الأزمة مع ياسر قنطوش    وفاة سهير مجدي .. وفيفي عبده تنعيها    قلق داخلي بشأن صديق بعيد.. برج الجدي اليوم 23 أغسطس    الاثنين المقبل.. قصر ثقافة الإسماعيلية يشهد أسبوعا تثقيفيا احتفالا باليوم العالمي للشباب    تم تصويره بالأهرامات.. قصة فيلم Fountain of Youth بعد ترشحه لجوائز LMGI 2025    لماذا شبه النبي المؤمن بالنخلة؟.. استاذ بالأزهر يجيب    نجاح أول عملية إصلاح انزلاق غضروفي بمفصل الفك السفلي في مستشفى دمياط العام    قافلة حياة كريمة تقدم خدماتها الطبية المجانية لأكثر من 1050 مواطنا بقرية عزاقة في المنيا    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لمدينة الحوامدية بالجيزة    الصحة: حملة «100 يوم صحة» قدّمت 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يوما    تحرير 125 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات في مواعيدها    "اتحاد المقاولين" يطالب بوقف تصدير الأسمنت لإنقاذ قطاع المقاولات من التعثر    8 وفيات نتيجة المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة خلال ال24 ساعة الماضية    محاضرة فنية وتدريبات خططية في مران الأهلي استعدادًا للمحلة    نور القلوب يضىء المنصورة.. 4 من ذوى البصيرة يبدعون فى مسابقة دولة التلاوة    ضبط وتحرير 18 محضرا فى حملة إشغالات بمركز البلينا فى سوهاج    ظهر أحد طرفيها عاريا.. النيابة تحقق في مشاجرة بمدينة نصر    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    رغم تبرئة ساحة ترامب جزئيا.. جارديان: تصريحات ماكسويل تفشل فى تهدئة مؤيديه    محافظ أسوان يتفقد مشروع مركز شباب النصراب والمركز التكنولوجى بالمحاميد    انتهاء المرحلة الثالثة من تقييم جائزة جدير للتميز والإبداع الإداري لكوادر الإدارة المحلية    لا دين ولا لغة عربية…التعليم الخاص تحول إلى كابوس لأولياء الأمور فى زمن الانقلاب    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة ومعرض "عالم الذكاء الاصطناعي" فبراير المقبل    إسلام جابر: تجربة الزمالك الأفضل في مسيرتي.. ولست نادما على عدم الانتقال للأهلي    محافظ الجيزة يشدد علي التعامل الفوري مع أي متغيرات مكانية يتم رصدها واتخاذ الإجراءات القانونية    تفاصيل وأسباب تفتيش منزل مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق جون بولتون    ما أسباب استجابة الدعاء؟.. واعظة بالأزهر تجيب    مستشفى الأهلى.. 6 لاعبين خارج الخدمة فى مباراة غزل المحلة بسبب الإصابة    ثلاثة أفلام جديدة فى الطريق.. سلمى أبو ضيف تنتعش سينمائيا    "يونيسيف" تطالب إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها والسماح بدخول المساعدات بالكميات اللازمة لغزة    شباب في خدمة الوطن.. أندية التطوع والجوالة يعبرون رفح ويقدمون المساعدات لقطاع غزة    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    إعلام فلسطينى: مصابون من منتظرى المساعدات شمال رفح الفلسطينية    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر ربيع الأول اليوم    موعد مباراة النصر ضد الأهلي اليوم في نهائي كأس السوبر السعودي والقنوات الناقلة    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه بحماس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د‏.‏ طه عبدالعليم: الحق والباطل في مسألة هوية مصر
نشر في أخبار مصر يوم 31 - 07 - 2011

شهد ميدان التحرير يوم الجمعة الماضي ما شاءت له القوي السياسية‏ الاسلامية‏‏ أي مليونية الدعوة الي‏‏ الهوية الاسلامية والدولة الدينية‏‏ بدلا من مليونية التأكيد علي‏‏ الإرادة الشعبية ووحدة الصف‏,‏ كما أعلنت شتي أطياف القوي السياسية التي صنعت الثورة والتي لحقت بها.
ولن أتوقف هنا عند اتهامات القوي الديموقراطية للقوي الاسلامية بخيانة العهد والتنكر للتوافق, لأن الديمقراطيين لو تمكنوا من تحقيق حشد أكبر لربما فرضوا شعاراتهم علي الاسلاميين. فقد علمتني الخبرة والمعرفة أن افتراض حسن النية في محترفي السياسة نوع من السذاجة!
ولذلك سوف أتوقف عند الأهم; وهو الحق والباطل في مسألة هوية مصر. وفي هذا السياق, أشير هنا وباختصار الي قضايا: تطبيق الشريعة, والأحزاب الدينية, ودولة المواطنة, والدين والدولة, والتوافق الوطني, والمبادئ الحاكمة للدستور الجديد المنشود. وأسجل, أولا, أن الذين رفعوا شعار' الشعب يريد حكم الشرع', يتجاهلون واقع اتساع نطاق التشريع للمجتمع المعاصر والمتغير الي مجالات متعاظمة التنوع والتوسع.
وقد اعتبرت جماعة الإخوان حظر النشاط السياسي علي أساس ديني اتهاما للشريعة الإسلامية بالعجز! وتضييقا علي الذين يرون أن الإسلام هو الحل لكل القضايا والمشاكل; لأنه من لدن الحكيم الخبير; وتجاهلت حقيقة الأحكام تتعدد وتتباين بحسب اجتهادات الناس لحل مشكلاتهم, فينحدر منها مذاهب وفرق, وهي تحتمل, بل تفترض, قبول الاختلاف والتنوع والتغير بحسب الزمان والمكان'., كما كتب الفقيه طارق البشري.
وثانيا, أنه من الطبيعي أن يحتدم الجدال في مصر حول العلاقة بين الدين والدولة بمناسبة الاستعداد لاصدار دستور جديد, كما جري بمناسبة التعديلات الدستورية "سيئة الصيت" لعام.2007 وقد كتبت حينذاك أقول: إنني مع حق أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في تأسيس حزب سياسي, بشرط أن يكون: حزبا مصريا لا فرعا لتنظيم دولي, وعلنيا لا نصف سري, ومدنيا لا شبه عسكري, وبديلا لا ذراعا للجماعة, وبدون مسمي يوحي بأنه الناطق باسم الإسلام! وبعد ثورة25 يناير وبفضلها, ورغم تأخر لحاق الجماعة بها, فقد اعترفت الدولة بحزب العدالة والحرية; رغم بقائه مجرد ذراع سياسية للجماعة الأم! لكن مصير هذا الحزب, وما شابهه من أحزاب, يرتهن بما ينبغي أن ينص عليه الدستور الجديد من حظر لتشكيل أحزاب علي أساس ديني, ليس فقط من حيث العضوية والبرنامج, وإنما أيضا من حيث الأهداف والنشاط.
ولا يعني هذا حظر تأسيس أحزاب مدنية تستلهم برامجها من مقاصد الشريعة الاسلامية; طالما أن الدستور نصا وروحا يحول دون أن تفرض هذه الأحزاب تفسيرها للشريعة علي المجتمع, وطالما تتوافر آليات تحول دون تعديل أو تغيير الدستور وفق الإرادة المنفردة لمثل هذه الأحزاب إن وصلت الي الحكم عبر انتخابات حرة.
ولنتذكر ثالثا, أن المتحدثين باسم الإخوان المسلمين, عند مناقشة تعديلات الدستور عام2007, قد أثاروا إلتباسا لا يجوز بين الانتماء للوطن والولاء لمصالحه العليا والإيمان بالإسلام والالتزام بمقاصد شريعته! والأمر أن صيغة' إما الدين وإما الوطن' تبعث علي توجس مشروع من جعل الانتساب لإحدي جماعات الإسلام السياسي والانصياع لفقهائها يتعارض مع الانتماء للوطن والولاء لمصالحه العليا! وأما ما أثير بشأن النص علي مبدأ المواطنة, فقد كشف أن الإخوان لا يقبلون باجتهادات إسلامية أقرت بالمساواة بين المسلمين وغيرهم في الولايات العامة.
وكما يقول الأستاذ طارق البشري فإن المساواة بين المسلمين وغيرهم كانت متحققة في الفقه الإسلامي بالنسبة للحقوق الخاصة. وأما الولاية العامة- أي تولي المناصب الرئاسية في الدولة أو القيادية في الجيش أو القضاء- فان الفقه التقليدي يقبل بولاية غير المسلم للولايات التنفيذية. ويجتهد مستشارنا بأن الولاية العامة قد انتقلت من الأشخاص إلي الهيئات; ومن ثم صارت المساواة بين المسلم وغيره كاملة. فعلام الصراخ ضد دولة المواطنة المدنية إذن؟ ولا ينبغي رابعا, تجاهل حقيقة أن مواطني مصر ليسوا مسلمين فقط, وإنما يقاسمهم العيش المشترك مسيحيون, وليس مسيحيو مصر ضيوفا, وليس مسلمو مصر وافدين, كما يري البعض الجاهل. ولا جدال أن ما يتبناه' بعض شيوخ السلفية' من فكر يدعو الي تهميش بل وتحقير النصاري سوف يصطدم دون ريب بجدار الوحدة الوطنية المصرية العنيدة في صلابتها! بيد أن هذا يتطلب إعادة الوعي الي المصريين بأنهم قدموا نموذجا رائدا وفريدا للوحدة الوطنية.
ولنتذكر أن شعار المصريين العظيم' الدين لله والوطن للجميع' لم يكن وليد ثورة1919, بل كان أساس تكوين مصر منذ أن تشكل نسيجهم الوطني وأسسوا دولتهم المركزية وكونوا أمتهم الموحدة قبل آلاف السنين. وبينما لا ينبغي توهم إقامة جدار فصل بين الدين والدولة, فانه ينبغي النص في الدستور علي مبدأ المواطنة, وأن تأتي الصياغة بما يقطع الطريق علي دعاة دولة الفقهاء!
ومن الطبيعي, خامسا, أن تذكرنا جمعة' الهوية الاسلامية' بالمثل المصري القائل:' ما تروحش تبيع المية في حارة السقايين'! فلا مجال للصراخ باسم الدين وسط شعب مفطور علي التدين! ولا ينكر إلا جاهل أن مباديء الأديان كانت ولا تزال وستبقي مكونا جوهريا في منظومة القيم المرجعية للمصريين.
ولقد دعا قيادي اخواني الي آلية تضمن الالتزام بالمرجعية الإسلامية; لكنها لم تكن سوي سلطة دينية تجب السلطة التشريعية, ولا تبعد كثيرا عن مفهوم ولاية الفقيه, حتي وإن كانت الآلية, التي تقرر شرعية التشريعات من عدمها, هي هيئة كبار العلماء أو مجمع البحوث الإسلامية, وليس مفتي الإخوان المسلمين! وأما الزعم بأن الشريعة الاسلامية كانت تحكم طوال14 قرنا- مهما انحرف الحكم في تاريخ المجتمعات الإسلامية- فهو محض مغالطة تاريخية, فقد كان انحراف الحكم عن مباديء ومقاصد الشريعة الإسلامية هو القاعدة وليس الاستثناء. ولنعد زيارة التاريخ!
وأخيرا, فانه علي شركاء الحوار الوطني إدراك أن الضمانة الأهم لبناء دولة المواطنة هي النص القاطع الواجب في الدستور علي آليات حماية هذه الدولة. وعلي المجلس العسكري الأعلي, الذي شارك في الثورة والذي لا بديل له ولا غني عنه في قيادة فترة الانتقال, أن يتفهم جدية المخاوف من مخاطر الدولة الدينية, وأن يلتزم بما نصت عليه المادة الرابعة من الإعلان الدستوري من أنه' لا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية علي أساس ديني',
وأن يفي بوعد بيانه الصادر في14 يوليو بشأن' إعداد وثيقة مبادئ حاكمة وضوابط لاختيار الجمعية التأسيسية لاعداد دستور جديد للبلاد وإصدارها في إعلان دستوري بعد اتفاق القوي والأحزاب السياسية عليها'.
نقلا عن صحيفة الاهرام المصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.