جاءني صوته علي الهاتف مرحبا ودودا كعادته يبادر بالسؤال عن أصدقائه ومن هم في حكم تلاميذه مثلي قبل السفر إلي ألمانيا لرحلة علاج دقيقة نرجو الله أن يمن عليه فيها بالشفاء والمعافاة. لم أكد في واقع الأمر مدركا لطبيعة حالة المخرج الكبير الدكتور أحمد عبدالحليم الصحية ربما بسبب رغبته في تجاوز المحنة وعدم الحديث عن الألم الخاص كان أكثر كلامه معي قبيل السفر عن مشكلات المسرح المصري وضرورة دعم تجارب الشباب الذين صنعوا الثورة والوعي والاهتمام بشكل خاص بمسرح الطفل كما تحدث بامتنان شديد عن وقوف سمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة بجانبه في محنته الصحية والإصرار علي التكفل بمصاريف العلاج الطويل.. ثم أضاف في حماس تعرف بالطبع موقف الرجل الكريم عند حريق المجمع العلمي في مصر حيث أهدي مكتبته الخاصة التي تتضمن أكثر من أربعة آلاف وخمسمائة كتاب ومخطوط نادر لتعويض مصر عما فقدته من كنوز ثقافية مثلما قرر أن يبني52 مسجدا بأسماء الجنود الشهداء الذين قتلوا علي قارعة الطريق وهم مقيدون من ظهورهم دون أن تكون لهم أي علاقة بقتال أو اشتباك مسلح لمجرد الانتقام والتشفي بقتل النفس!! عدت اجذب الدكتور أحمد عبدالحليم من هذا الحديث المؤلم إلي حديث آخر يعشقه وهو التمثيل والاخراج ليقول إنه قد التحق بالمعهد العالي للتمثيل في عام2591 وتخرج منه في عام6591 ليبدأ مشواره مشرفا علي المسرح المدرسي بدمنهور ثم أوفد إلي لندن لاستكمال دراساته العليا بالأكاديمية الملكية للفنون الدرامية رادا ونال في عام6691 دبلوم التمثيل عن دور عطيل في رائعة شكسبير التي تحمل الاسم نفسه ثم عاد ليقوم بتدريس التمثيل والإخراج ثم ينال أول فرصة كبيرة وهي بطولة فيلم يوميات نائب في الأرياف عن قصة حكيم المسرح العربي توفيق الحكيم وسيناريو وحوار العملاقين الفريد فرج وتوفيق صالح ومن إخراج توفيق صالح كما قدم دورا كبيرا في فيلم ليلي ثم اختطفه فن الإخراج المسرحي ليقدم العديد من التجارب منها ليالي الحصاد والضيوف والبيانو لمحمود دياب والعمر لحظة لأمير الرومانسية يوسف السباعي وملك يبحث عن وظيفة للدكتور سمير سرحان ونادي الصاقرة لصلاح راتب وتحت المظلة لأستاذ الرواية العربية نجيب محفوظ في تجربة نادرة شملت ثلاث مسرحيات قصيرة له هي النجاة يحي ويميت والتركة وبالطبع لاتنسي الملك لير واحدة من أنجح التجارب المسرحية الحديثة والتي تألق فيها الدكتور يحيي الفخراني ونخبة من نجوم المسرح القومي قبل سنوات.. بالإضافة لسجل حافل من التجارب الفنية بدولة الكويت حيث عمل بها مخرجنا الكبير استاذا محاضرا لما يقرب من عشرين سنة قدم خلالها براكسا لتوفيق الحكيم ومغامرة رأس المملوك جابر لسعد الله ونوسي والرهائن لعبد العزيز حمودة بالإضافة لاعمال أجنبية مترجمة كثيرة كما قدم من تأليف سمو الشيخ سلطان القاسمي مسرحيات هي الإسكندر الأكبر وشمشون الجبار. بالإضافة لسجل حافل من مسرحيات الأطفال وتجارب عديدة في ذهن وقلب مخرجنا الكبير ننتظر عودته سالما إن شاء الله ليتمها لنا.