طرحنا الأحد الماضي مجموعة من الأفكار التي تمثل سياسات قصيرة الأجل تهدف إلي تحريك السوق ومساعدة الحكومة في تحديد أولوياتها خلال الفترة القصيرة التي لا تتعدي الستة شهور المقبلة. وبادرت الحكومة مشكورة من جانبها نهاية الأسبوع الماضي بطرح مجموعة من المبادرات التي تمثل حزمة إنعاش إقتصادي لعل أهمها زيادة الإستثمارات العامة بواقع22.3 مليار جنيه, والإهتمام بمشروعات البنية الأساسية, وإعادة النظر في منظومة الضرائب التي تم إقرارها العام الماضي بهدف التخفيف عن الأفراد والمستثمرين, ووعود بتخفيض عجز الموازنة من12% إلي9%. الأهم من هذه المبادرات هو تحديد الآليات والجداول الزمنية لتنفيذها علي أرض الواقع, فنحن لا نملك ترف الوقت, والتحديات الخارجية أكبر من تحدياتنا الداخلية, ومن ثم فإن القول لابد وأن يتبعه عمل, وبشكل فوري حتي لا نفقد الدفعة النفسية التي أوجدتها ثورة30 يونيو علي المستوي الشعبي. هذا هو وقت الإصلاحات العميقة خاصة فيما يتعلق بموضوعات الدعم والتعليم والصحة, فالإرادة الشعبية للتغيير موجودة, وبقي أن تقابلها عقلية إدارية قادرة علي تحريك الأمور. ونستكمل اليوم إستطلاع المزيد من آراء الخبراء حتي نزيد الصورة وضوحا. والبداية كانت مع حسين صبور رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين والذي حدد رؤيته حول السياسات قصيرة الاجل المطلوبة علي مدي ستة شهور مقبلة ولا يزيد علي عام في ثلاثة إجراءات الأول إقالة4600 مصنع متوقفة عن العمل من عثرتها بدراسة مشتركة وبخبراء متفرغين من وزارتي الصناعة والإستثمار بحيث نوفر حلا سريعا للمصانع التي تعاني من مشاكل بسيطة وتعود عجلة إنتاجها للدوران ونحمي العمالة القائمة بها. الإجراء الثاني الإهتمام بصناعة التشييد التي تجر خلفها مائة صناعة أخري, وذلك من خلال مشروعات إستكمال البنية الأساسية في الدولة, وإذا كانت الحكومة لا تملك الأموال للإستثمار في مجال البنية الأساسية فلا مفر من السماح للقطاع الخاص المصري بالعمل في هذه المشروعات وإقامة مدن جديدة, فنحن في حاجة لاستكمال وإقامة ما لا يقل عن12 مدينة جديدة. الأمر الثالث أننا نعاني من أزمة طاقة, وإحتياجاتنا للكهرباء تتزايد, فلا مفر من طرح مشروعات جديدة للطاقة ومنها إقامة محطات توليد كهرباء بنظام البي أو تي, حيث ينشئ القطاع الخاص أو المستثمر الاجنبي محطات الكهرباء ويبيع إنتاجها للدولة, ونحن في حاجة لما لا يقل عن6 محطات كهرباء جديدة. معتز الألفي رئيس الشركة القابضة المصرية الكويتية شدد علي أن موضوع الطاقة هو الموضوع الحيوي والأهم أمام الحكومة الحالية, وأن مصر لديها بترول وغاز بكميات كبيرة تحت الأرض يبحث عن شركاء للإستكشاف, ولكن الحكومة ليس لديها التمويل الكافي لمشاركة المستثمر الاجنبي في التنقيب, ومن هنا فإن المعونات الخليجية ورجال الأعمال من الخليج يمكن أن يساهموا بحصة مصر مع الشريك الاجنبي في التنقيب, حيث أن الطاقة هي أساس الصناعة. الأمر الأخر إعادة النظر في إدارة الطاقة بزيادة كفاءة محطات الكهرباء, والدراسات حول هذا الموضوع موجودة وتمت بمستشارين عالميين أكدوا أن حسن إدارة الطاقة في مصر سيوفر لها15% من الطاقة المهدرة بما يوازي3 مليارات دولار. الأمر الأخر في موضوع الطاقة البحث عن بدائل أرخص مثل الفحم من خلال تكنولوجيا جديدة تمنع التلوث حيث يمكن إستبدال المازوت الذي نستورده لصناعة الأسمنت بالفحم وتوفير المازوت لصناعات أخري. وأشاد الألفي بما أعلنته الحكومة من تخصيص22.3 مليار جنيه كاستثمارات عامة إضافية لاستخدامها في تحفيز الإقتصاد مطالبا بسرعة تفعيل القرار. واقترح إعادة تفعيل مشروع تحفيز القري المصرية الذي تم إقتراحه في نهاية التسعينيات بتخصيص250 ألف جنيه لكل قرية تخصص للمشروعات متناهية الصغر, متوقعا أن يكون لها تأثير فوري علي معدلات الفقر. صفوان ثابت رجل الأعمال ورئيس مجموعة' جهينة' يري أن الفترة الحالية صعبة علي أي حكومة, وأن التوافق المجتمعي والملف الأمني له الأولوية القصوي في المرحلة الحالية, والإقتصاد رغم خطورته يحتاج إلي الأمن أولا. وأكد أن الحكومة الحالية تعي خطورة الوضع الإقتصادي. ومن ناحية رجال الأعمال المصريين طالبهم بالإستمرار في العمل مؤكدا أن رجال الأعمال يجب أن يدركوا أنهم يستثمرون في أوطان وليس في أشخاص ضاربا مثلا بمجموعته التي عملت في ظل نظام مبارك ونظام مرسي وفي ظل النظام الجديد أو أي نظام سيأتي حيث أن لرجال الأعمال مهمة محددة وهي الإستثمار والإنتاج والتوسع والتشغيل وإتاحة فرص العمل وتحقيق أرباح ودفع ضرائب عنها. المهم من أي حكومة هي إتاحة مناخ ملائم للإستثمار وفرص إستثمارية جديدة. وأكد علي أهمية التوجه لتعمير الصعيد. المصارف أيضا لها رأي بداية يري هشام عكاشة رئيس البنك الأهلي المصري أهمية مشروعات البنية الأساسية لتحريك الإقتصاد وزيادة معدلات التشغيل, وأشار إلي أنه يمكن البدء بأربعة مشاريع كبري, والإستثمار متاح, والبنوك مستعدة للتمويل. أيضا يري فتحي السباعي رئيس بنك التعمير والإسكان ان قطاع التشييد هو حجر الزاوية لتحريك عجلة الإقتصاد, حيث أن السياحة في الوقت الراهن مرتبطة بالإستقرار السياسي والأمني ومن ثم فقطاع التشييد جاهز للعب دور مهم في تحفيز الصناعة. وأضاف بأن ما حدث في30 يونيو هو في حد ذاته محفز للإقتصاد حيث أن الفترات السابقة شهدت عمليات مطاردة للمستثمرين, وطالب الحكومة الحالية بضرورة توجيه رسائل طمأنة للمستثمرين بأنه لا توجد لديها نية لمطاردة المستثمرين الشرفاء المختلفين معها سياسيا, فالخلاف السياسي يعالج سياسيا وليس إقتصاديا. وأشاد بما أعلنته الحكومة من إجراءات لتحفيز الإقتصاد مطالبا بإجراءات واضحة لتحفيز المستثمرين بالإعفاءات الضريبية لفترات محددة للمشروعات الجديدة, وبسرعة إصدار التراخيص اللازمة, وتفعيل سياسة الشباك الواحد, وسرعة سداد الشريحة الأولي من مستحقات المقاولين مشيرا إلي أن هذه المستحقات وفق حسن عبد العزيز رئيس إتحاد المقاولين تصل إلي 13.5 مليار جنيه منها 4.5 مليار جنيه مستخلصات تمت مراجعتها ماليا وفنيا ولم يتم صرفها, و5 مليارات جنيه تمت مراجعتها فنيا ولم تنته مراجعتها ماليا, و4.5 مليار جنيه أعمال تم الإنتهاء منها وإنهاء مستخلصاتها وجهات الإسناد لا ترغب في إستلامها حتي لا تضطر لدفع المستحق عنها, ومن هنا فإن مبادرة وزير المالية بسداد شريحة أولي من هذه المستحقات كفيل بتحريك المياه الراكدة وإنعاش شركات المقاولات وسداد إلتزاماتها للبنوك. وأشاد السباعي بسياسات المهندس إبراهيم محلب وزير الإسكان الذي يطرح مبادرات جديدة منها بناء الدولة لوحدات سكنية بالإيجار لمن تصل رواتبهم ألف جنيه أو أقل شهريا, بحيث تدعم الدولة الإيجار, ويجري بنك التعمير والإسكان إعداد النماذج لهذا المشروع العملاق. الدكتور سمير رضوان وزير المالية الأسبق والخبير الإقتصادي المعروف يطرح مجموعة من الأفكار التي تشكل سياسات قصيرة ومتوسطة الأجل لتحريك الإقتصاد تبدأ بإجتماع بين الحكومة والعمال وأصحاب الأعمال تتعهد خلاله الحكومة بعقد إجتماعي جديد يبدأ بحزمة من الإصلاحات أولها الحد الأدني للأجور, وشبكة للحماية الإجتماعية, مقابل هدوء من جانب العمال لمدة لا تقل عن سنة من حيث المطالب والإضرابات. وخلال هذه السنة تبدأ الحكومة بحزمة متكاملة من التحفيز الإقتصادي, وحسنا فعلت الحكومة بالإعلان عن تخصيص 22.3 مليار جنيه إضافية للإستثمارات العامة, والمهم من وجهة نظره أن البدء بإقالة 4600 مصنع متوقفة عن الإنتاج من عثرتها منذ 25 يناير, ووضع خطة علي المدي المتوسط خلال5 سنوات للعودة لمعدلات نمو مرتفعة, ومصادر هذا النمو محوران الأول ملف التصنيع, والثاني مشروع قومي كبير مرشحا مشروع محور قناة السويس لتحويله لمنطقة لوجستية عالمية يتم طرحه للتمويل العربي والأجنبي علي أن تكون الإدارة مصرية.