في الوقت الذي تعاني عدد من الدول الافريقية مشاكل اقتصادية وسياسية وطائفية ينتظر نصف مليار مسلم يسكنون دول القارة السمراء عيد الفطر من العام للآخر ليجدوا مخرجا من مشاكلهم ولو بشكل مؤقت يتيح لهم الأحتفال وممارسة طقوسهم العامة والاستمتاع بها حيث تشترك فيها غالبية الدول مثل صلاة العيد وشراء الملابس الجديدة وإعطاء العيدية للأطفال وزيارة الأقارب والمقابر في حين أن لكل دولة بعض الطقوس الخاصة بها التي تميزها وتتفق مع عاداتها وتقاليدها.. فتتعدد مظاهر الاحتفال ولكن فرحتهم بالعيد واحدة. وبعد توغل الإسلام في دول القارة الافريقية أستطاع إنارة عقولهم من الجهل إلي التحرر من الخرافات والأساطير التي كانت تتحكم في عاداتهم وتقاليدهم وقد بدأت الشعائر الإسلامية تتوغل في ثقافاتهم واحتفالاتهم ومنها أحتفالهم بعيد الفطر حيث ان الاحتفالات الافريقية بها مزيج بين موروثاتهم القديمة وبين ما نص عليه الإسلام. فقد لعب التجار المسلمون دورا بارزا في نشر الإسلام بإفريقيا من خلال الطرق التجارية الموصلة بين المراكز الإسلامية في شمال القارة والبلاد الواقعة فيما وراء الصحراء والتي يرجع الفضل لها في إيصال مباديء الإسلام عبرها إلي قلب إفريقيا, وكذا الأمر بالنسبة للطرق التجارية علي طول ساحل المحيط الأطلنطي, والتي ساعدت في نشر الإسلام ببلاد السنغال وأعالي النيجر ومنطقة بحيرة تشاد, كذلك كان شأن الطرق التجارية التي تصل وادي النيل ببلاد السودان وشرق إفريقيا, ولقد ظهرت ممالك إسلامية عديدة في غرب إفريقيا كمملكة غانا بجنوب شرق موريتانيا, فيما بين الصحراء الكبري والغابات, التي لعبت دورا كبيرا في تجارة الذهب الذي ينتج في جنوبها وتشتريه قوافل بدو الصحراء التجارية لتحمله الجمال إلي شمال إفريقيا, وكانت مملكة غانا قد تحولت للإسلام علي يد القائد عقبة بن نافع حينما دخل منطقة الكاوار في صحراء النيجر ومن ثم شهدت دول غرب إفريقيا انتشارا واسعا للإسلام مع المرابطين بالمغرب في القرن الخامس الهجري أي الحادي عشر ميلاديا, حيث كون المرابطون دولة إسلامية حكمت شمال غرب إفريقيا والأندلس ما بين عامي448 و542 ه. وبعد فترة وجيزة شهدت القارة زيادة كبيرة في تعداد المسلمين حتي أصبحوا أحد المكونات الرئيسية لها بل إن كثيرا من البلدان الإفريقية عرفت بأنها دول مسلمة بعدما دخل غالبية سكانها في دين الإسلام عن تراض واقتناع وتشربوا أسسه ومبادئه وأتباعها وامتزاجها بعاداتهم وتقاليدهم الأفريقية الأصيلة تلك التي تبدو في مظاهر أحتفالهم بعيد الفطر ففي نيجيريا التي يشكل المسلمون بها50.4% حيث يجتمعون أول أيام العيد وسط الأدغال ليؤدوا صلاة العيد وهم يرتدون الأزياء الموحدة ومعهم أطفالهم ونساؤهم حيث يسود اتجاه بين الجماعات المهنية والتعاونية لتفصيل ملابس جديدة وموحدة الأشكال في الأعياد ثم يخرج الأطفال في مجموعات يجوبون بيوت الأقارب والمعارف طلبا للعيدية, ثم يذهبون للمشاركة في الاحتفالات الشعبية المختلفة التي تضم في بعض الأحيان كبار المطربين في البلاد, ومن بين المظاهر المميزة لعيد الفطر في نيجيريا مواكب الأمراء والسلاطين التي تنتظرها جموع الشعب بطوائفه; حيث يقفون قي الطريق لمشاهدة الموكب الرائع لأمير المدينة, وحوله عدد من وزرائه وأعوانه, كما تضم أيضا فرقة من الفنانين الذين يقومون بتسلية الأمير في طريقه إلي المسجد بأنواع من التواشيح والمواويل الشعبية. أما في إثيوبيا والتي يبلغ تعداد المسلمين فيها نحو نصف عدد السكان فإن من التقاليد في هذا اليوم إطلاق سبع طلقات مدفع في الصباح إعلانا عن العيد وطلبا من الجميع المجيء لحضور الصلاة ومن أشهر الأكلات الخاصة بالعيد لدي مسلمي إثيوبيا الموفو التي يفضلها أهل القري إلي جانب مشروب العيد الشعبي هو أباشي. وتختلف مظاهر الاحتفال بالعيد في جزر القمر بعض الشيء وذلك لطغيان الطابع الرياضي علي أحتفالاتهم حيث يقومون بالتحضير لعمل مسابقات ومنافسات في لعبة المصارعة الحرة فهي أكثر شيء يستمتع به أهلها, بالإضافة لسباق جري فخلال أيام العيد تقام المنافسات بين مصارعين مرشحين من مناطق ومجموعات واتحادات مهنية مختلفة للتنافس علي كأس بطل المصارعة علي مستوي الثلاث جزر, كما يرتبط العيد في جزر القمر بمناسبات اجتماعية, حيث تقام فيه حفلات الزواج والخطوبة وتسمح الآسر فيه كبناتها بالخروج علي غير العادة في أيام السنة كلها, حيث لا يسمح للبنت غير المتزوجة بالخروج من بيت أبيها إلا في العيد وللزواج. اختلفت الطقوس وتعددت وسائل الأحتفال من دولة لأخري لكن تجمع مسلمي القارة السمراء بل مسلمي العالم علي فرحة عيد الفطر.