التوكل علي الله من معالم الإيمان ولكن هل كل من قال توكلت علي الله يعد حقا من المتوكلين? لاشك أن القرآن الكريم قد تعرض لهذه القضية. وحولها يقول الدكتور مبروك عطية الأستاذ في جامعة الأزهر الشريف: التوكل علي الله بما لا غموض فيه ولا مراء يعني شيئا مهما وخطيرا ألا وهو(الإنجاز)فالمنجزون هم المتوكلون والذين لا ينجزون عملا لا يعدون من المتوكلين والدليل علي ذلك عرض حياتنا علي القرآن الكريم, فالله سبحانه يقول: فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل علي الله ان الله يحب المتوكلين أي يحب المنجزين الذين تشاوروا في الأمر وعزموا وأنجزوا ما وصلوا إليه من التشاور وإلا فما معني فإذا عزمت فتوكل علي الله؟ لاشك أن معناها ليس: ناموا أو أجلوا أو تكاسلوا, وإنما معناها أنجزوا ما وصلتم إليه من التشاور وارتضيتموه من الآراء الصائبة التي هديتم إليها واخترتموها وأدلي كل منكم بدلوه فيها ثم استخلصتم تلك الآراء وقلتم توكلنا علي الله وقرأتم الفاتحة تيمنا وتبركا عسي الله أن يعين سواعدكم ويضيء سبيلكم وتكملوا عملكم وتحصدوا ثمره. ويضيف الدكتور مبروك عطيه: أن الملاحظ أن كثيرا من الناس مع الأسف يتشاور ويحقق الآراء ويدقق ويصل إلي الخلاصة ويقول توكلت علي الله ثم ينام ملء جفونه قرير العين ولا يفعل شيئا مما وصل إليه من الآراء بعد التشاور ولا غيره واسأل أو تذكر من سألت من الناس الذين علمت بما نووا عليه وأقروه وعولوا عليه من الآراء ماذا فعلوا؟ إنهم لم يفعلوا شيئا فاذا سألتهم لماذا لم يفعلوا؟ اجابوك بأن شيئا ما قد عطلهم أو أجابوك بأن الله أراد بهم خيرا إذ باعد بينهم وبين هذا الذي كانوا قد قرروا أن ينجزوه فلو كان سفرا قالوا لك فقد سافر فلان وعاد إلي أهله ميتا في صندوق, وإن كان شراء سيارة قالوا لك فالذي اشتراها انقلبت به, وهكذا فهل مكتوب علي كل مسافر ان يعود إلي أهله ميتا في صندوق؟ وهل مكتوب علي كل من اشتري سيارة أن تنقلب به؟وهل اطلع أحد من الناس علي الغيب وعلم بأن ذلك سيكون! لاشك أن هذا تعليل غير مقبول وهو تعليل من يريد التوكل قولا أو كلمة ينطق بها لسانه ثم يقف أو ينام وعلي السماء أن تنجز له أعماله وتوقظه من نومه أن هيا قم وانظر وشاهد وقل لنا رأيك فإن كان هذا هو ما تريد فبها ونعمت وإلا فعلنا لك ما تريد! ومن البداهة بمكان أن من أراد إنجاز شيء كان عليه أن يمسك بأدوات إنجازه ومن ثم قال العلماء من قديم إن التوكل علي الله معنا الأخذ بالأسباب مع الثقة واليقين بالله عز وجل.